بينها أنظمة كانت تعمل حتى اللحظات الأخيرة.. هل تستطيع طالبان استخدام الأسلحة الأميركية التي استولت عليها؟
بقلم : الديار ... 01.09.2021 ترى دراسة نشرتها خدمة أبحاث الكونغرس أن هناك أسئلة مهمة يجب التعامل معها، منها: كيف سيؤثر وصول الأسلحة الأميركية إلى أيدي طالبان على مصالح واشنطن الأمنية في أفغانستان وحولها؟ وهل هناك إمكانية لنقل هذه الأسلحة إلى جماعات إرهابية تهدد مصالح واشنطن؟
واشنطن – قبل ساعات من استكمال القوات الأميركية انسحابها من مطار كابل أسقطت منظومة "سي رام" (C-RAM) الدفاعية الأميركية عدة صواريخ موجهة استهدفت المطار، وطُرحت تساؤلات حول مصير هذه المنظومة وغيرها من المعدات والأسلحة التي احتفظت بها القوات الأميركية داخل مطار كابل لحمايتها قبل إقلاع آخر طائرة عسكرية أميركية من المطار، وإضافة إلى ذلك طلب العديد من أعضاء الكونغرس إجابات بشأن مصير عتاد وسلاح وقواعد الجيش الأفغاني، وتداعيات سيطرة حركة طالبان عليها.
وخلال إعلانه عن مغادرة آخر جندي أميركي الأراضي الأفغانية رد قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي على سؤال بهذا الشأن، وقال "لقد اخترنا إبقاء تلك الأنظمة تعمل حتى اللحظة الأخيرة، إنه إجراء معقد، ومستهلك للوقت كي يتم تدمير تلك الأنظمة حتى لا يعاد استخدامها، لذا قمنا بنزع سلاح تلك الأنظمة حتى لا تستخدم مرة أخرى".
وتابع "قمنا أيضا بنزع السلاح من المعدات التي لم نتمكن من إخراجها من المطار، وتم إبطال ما يصل إلى 70 مدرعة مضادة للألغام، و27 عربة مدرعة من طراز "هامفي" (Humvee)، ولن يستطيع أحد استخدامها مرة أخرى".
وأضاف الجنرال ماكينزي "يحتوي مطار كابل على ما يقدر بـ73 طائرة، تلك الطائرات لن تطير مرة أخرى، ولن يتمكن أحد من تشغيلها، وبالتأكيد لن يكونوا قادرين على الطيران بها مرة أخرى".
ويشكل الاستيلاء على الأسلحة الأميركية -سواء التي غنمتها من مخازن الجيش الأفغاني أو تلك التي تركتها القوات الأميركية وراءها- انتصارا رمزيا لحركة طالبان التي حاربت لعقود بأسلحة بسيطة وعاشت تحت تهديدات القوة الجوية والتكنولوجية الأميركية المتقدمة، لكن الخبراء يقولون إن الحصول على أسلحة أميركية متطورة لا يعد انتصارا رمزيا فقط، بل ستكون له آثار عملياتية على الأرض أيضا.
وخلال مؤتمر صحفي عقد قبل أيام، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إن واشنطن "ليست لديها صورة كاملة عن عدد الأسلحة الأميركية المفقودة، لكن من المؤكد أن قدرا لا بأس به منها وقع في أيدي طالبان".
ودفع ذلك بالكثير من أعضاء الكونغرس للتعبير عن قلقهم من استيلاء حركة طالبان على معدات عسكرية أميركية تقدر بملايين الدولارات وربما مليارات الدولارات كانت في السابق تابعة للقوات الأفغانية.
مصير الأسلحة الأميركية
أشارت دراسة خدمة أبحاث الكونغرس إلى قيام البنتاغون خلال الأشهر الماضية بتعامل مزدوج مع العتاد والأسلحة الأميركية في أفغانستان، وذلك على النحو التالي:
إعادة ما يمكن من الأسلحة القيمة، سواء إلى الولايات المتحدة أو مناطق عمليات أخرى، أو قواعد أميركية عسكرية قريبة، وفي الأساس ترجع المعدات وتوثقها سجلات شعبة الشؤون المالية، للنظر فيما إذا كانت هناك حاجة لها أو أنها مطلوبة لتلبية الاحتياجات العسكرية الحالية والمستقبلية.
التصرف في هذه الأسلحة من خلال عملية تترك معها عدة خيارات، منها إعادة استخدام أو إعادة تدوير أو تحويل أو إعادة توزيع أو نقل أو التبرع أو البيع أو نزع السلاح أو المعالجة أو التدمير.
ووفقا للتقرير الفصلي للمفتش العام للبنتاغون والصادر في 30 يوليو/تموز الماضي، فقد أكملت القوات الأميركية إرجاع أكثر من 90% من عتادها وأسلحتها بحلول 5 يوليو/تموز الماضي، وتمت تلك العملية من خلال 984 رحلة جوية لطائرات النقل من طراز "سي-17" (C-17) من أفغانستان، وتم تسليم أكثر من 17 ألف قطعة عسكرية إلى إدارة الشؤون القانونية (وكالة لوجستيات الدفاع) للتخلص منها، كما تم تسليم 10 مرافق حيوية -بما في ذلك مطار قاعدة باغرام- إلى وزارة الدفاع الأفغانية.
احتفالات على ظهر مدرعات أميركية
أظهرت لقطات من المناطق التي استولت عليها حركة طالبان على مدار الأسابيع الماضية مقاتلي الحركة وهم يحتفلون بسيطرتهم على مدافع أميركية الصنع وعربات مدرعة، وحتى مروحيات وطائرات مسيرة من طراز "بلاك هوك" (Black Hawk).
وإلى جانب هذه المعدات القيمة يشعر بعض المعلقين بالقلق أيضا من أن تكون حركة طالبان استولت كذلك على أجهزة تكنولوجية متطورة، بما في ذلك الأجهزة البيومترية التي يحتفظ الجيش الأميركي في داخلها على معلومات وسجلات الأفغان الذين ساعدوا الأميركيين والحلفاء.
وتشير البيانات الحكومية الأميركية إلى إنفاق 83 مليار دولار على تسليح وتدريب الجيش الأفغاني، منها 18 مليار دولار قيمة معدات وأسلحة مختلفة، وفقا لتقرير لمكتب المفتش الخاص بوزارة الدفاع.
وذكر التقرير أنه قبل أن تسيطر طالبان على أغلب الأراضي الأفغانية كان لدى الجيش الأفغاني أكثر من 40 مروحية أميركية الصنع من طراز "إم دي-350" (MD-350)، وأكثر من 30 مروحية من طراز بلاك هوك "يو إتش-60" (UH-60)، كما كان هناك أكثر من 23 طائرة هجومية من نوع "سوبر توكانو إيه-29" (A-29 Super Tucano) صالحة للاستخدام، تم تحديث بعضها لإسقاط قنابل موجهة بالليزر.
وفي الربع الأول من هذا العام أشار تقرير مكتب المفتش العام بالبنتاغون إلى تزويد واشنطن الجيش الوطني الأفغاني بما قيمته أكثر من 212 مليون دولار من المعدات العسكرية.
كما تشير دراسة نشرتها خدمة أبحاث الكونغرس في يونيو/حزيران الماضي إلى امتلاك الجيش الأفغاني مجموعة واسعة من الأسلحة الغربية الصنع، بما في ذلك البنادق الهجومية الحديثة، ونظارات الرؤية الليلية، والمركبات المدرعة، والمدفعية، وطائرات الاستطلاع الصغيرة المسيرة.
وأشار التقرير إلى أن لدى سلاح الجيش الأفغاني الجوي أسطولا يضم 167 طائرة، من بينها مروحيات هجومية.
كما استولت طالبان على أسلحة ومعدات غربية الصنع زودت الجيش الأفغاني بها، بما في ذلك أجهزة الرؤية الليلية والبنادق الهجومية والمركبات، ولا يعرف بعد مصير 46 طائرة أخرى، حيث أعلنت أوزبكستان أن 22 طائرة عسكرية و24 طائرة مروحية من أفغانستان طلبت دخول مجالها الجوي عقب سيطرة طالبان على كابل.
العديد من الأسلحة التي كانت بحوزة الجيش الأفغاني سيطر عليها مقاتلو حركة طالبان (الأناضول)
هل ستتمكن حركة طالبان من استخدام هذه الأسلحة؟
لكن يبقى سؤال يتعلق بما إذا كانت حركة طالبان قادرة بالفعل على استخدام التكنولوجيا الأكثر تقدما، فالطائرات الأميركية على سبيل المثال غالبا ما تتطلب صيانة معقدة تعاني منها الدول الشريكة للولايات المتحدة، وقد تواجه الحركة نفس المشاكل التي واجهها الجيش الأفغاني، حيث لم يتمكن من استخدام الأسلحة الأميركية المتطورة إلا مع وجود دعم فني أميركي مباشر، وهو ما وفره المتعاقدون مع البنتاغون.
وترى دراسة خدمة أبحاث الكونغرس أن هناك أسئلة مهمة يجب التعامل معها خلال الأيام القادمة بشأن أسلحة الجيش الأفغاني، ومن تلك الأسئلة:
كيف سيؤثر وصول الأسلحة الأميركية إلى أيدي طالبان على مصالح واشنطن الأمنية في أفغانستان وما حولها؟
إلى أي مدى ستتمكن طالبان من استخدام المعدات الأميركية الصنع وصيانتها؟
هل هناك إمكانية لنقل هذه الأسلحة إلى جماعات إرهابية تهدد مصالح واشنطن؟
هل يقوم أفراد الجيش الأفغاني المدرب أميركيا بتحسين قدرات قوات طالبان القتالية؟
تقييم استخباراتي يشير إلى سيطرة طالبان على ما يصل إلى 40 طائرة أميركية في أفغانستان (الجزيرة)
لأول مرة منذ سيطرتها..
لأول مرة تشغل حركة طالبان مروحية عسكرية في مدينة قندهار منذ سيطرتها على المدينة، في حين يطالب أعضاء جمهوريون في الكونغرس الأميركي حكومتهم بالكشف عن كامل الأسلحة التي خلفتها قوات بلادهم في أفغانستان.
جمهوريون يطالبون بكشف الأسلحة.. طائرات وبنادق ونظارات ليلية غنيمة طالبان من الجيش الأميركي
طالب 15 عضوا جمهوريا بمجلس الشيوخ الأميركي وزير الدفاع لويد أوستن بتقديم كشف كامل بالأسلحة التي خلفتها القوات الأميركية في أفغانستان، وسط تقارير عن وصول أسلحة ثقيلة وخفيفة إلى مسلحي طالبان.
بعد انسحاب آخر جندي أميركي من أفغانستان ودخول حركة طالبان مطار كابل، اتجهت الأنظار إلى الأسطول الجوي الأفغاني وما غنمته الحركة من تقنيات جوية أميركية متطورة أثارت مخاوف واشنطن. *المصدر : الجزيرة
www.deyaralnagab.com
|