قراءة في زيارة وزير الخارجية الإماراتي لسوريا!!
بقلم : راسم عبيدات ... 12.11.2021 في موضوع زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد الى سوريا مؤخراً..علينا أن نقرأ الأمور في سياقاتها والعوامل والظروف والمتغيرات التي قادت للقيام بهذه الزيارة ،نحن ندرك ونعرف ونتفق على أن الإمارات رأس الحربة في التطبيع مع دولة الإحتلال وتشكيل ما يعرف بحلف " ابرهام" التطبيعي، وهذا لا خلاف عليه،والإمارات لها أهدافها ومصالحها من تلك الزيارة...ولكن لا اعتقد بأن زيارة وزير الخارجية الإماراتي الى سوريا،تاتي في إطار لعب دور إماراتي في تغيير او تليين مواقف القيادة السورية من التطبيع والعلاقة مع دولة الإحتلال،او فك علاقتها بطهران أو ح ز ب ا ل ل ه،والإدارات الأمريكية السابقة قدمت مثل هذه العروص وأكثر للقيادة السورية ورفضت تلك الشروط والعروض،ولذلك زيارة وزير الخارجية الإماراتي لسوريا أتت،بعد انسحاب أمريكي مذل من افغانستان،وتراجع عامل الثقة عند المشيخات الخليجية،بأن امريكا ستبقى حامية لها ومدافعة عنها،وتجربة افغانستان ورئيسها اشرف غني خير شاهد ودليل،وكذلك هذه الزيارة أتت بعد نصرين ،نصر سوري ونصر يمني ومتغيرات اقليمية وعربية ودولية ناتجة عن التراجع في الدور والمشروع الأمريكي في المنطقة،بفضل وفعل تماسك محور ا ل م ق ا و م ة ،وأمريكا تسعى من بعد هزائمها في الميدان،وعدم القدرة على فرض شروطها وإملاءاتها وتحقيق أهدافها عبر الحروب العسكرية المباشرة او بالوكالة من أجل وقف مفاعيل هذه الإنتصارات عبر حروب اقتصادية ومالية ونشر الفتن المذهبية والطائفية والحروب الأهلية والتخريب الداخلي والسعي للتفكيك المجتمعي وغيرها ...ومن بعد قيام ح زب ا ل ل ه بإستجلاب النفط الإيراني عبر ميناء بانياس السوري الى لبنان،وكسره الجزئي للحصار الإقتصادي الذي فرضته أمريكا على لبنان وسوريا،شعرت أمريكا ومعها محورها العربي والدولي من خارج لبنان والقوى الداخلية المتحالفة معها في لبنان والمرتبطة بمشاريعها ومخططاتها،بأن سياسة الضغوط القصوى بالحصار والعقوبات المالية والإقتصادية والتجارية والدبلوماسية على لبنان وسوريا وايران تفقد فاعليتها وتأثيراتها ،وبدلاً من أن تدفع نحو تجريد ا ل ح ز ب وقوى ا ل م ق ا و م ة من حاضنتها الشعبية والجماهيرية،وتسهم في خلق خالة شعبية ضاغطة عليه،تحمله مسؤولية ما يعانيه لبنان من حصار وجوع وفقر وتدهور الأوضاع الحياتية والمعيشية،وكذلك شيطنته في أعين الشعب اللبناني الذي يعاني ازمات اقتصادية ومعيشية ومالية عميقة،جاء استجلاب النفط الإيراني،ليظهر بان هذا ا ل ح ز ب يسعى لإنقاذ لبنان من أزماته وحصاره،وليس فقط حمايته من الإعتداءات الإسرائيلية والحفاظ على سيادته وحقوقه،وبالتالي إرتفعت شعبيته وحضوره الشعبي والجماهيري،بعكس ما خطط له ..وكذلك قانون "قيصر" ل ق ت ل الشعب السوري بدأ يترنح ...ومن هنا وجدت أمريكا بأن الخيار الأنسب لوقف مفاعيل تحرك ح ز ب ا ل ل ه ومحاصرة تداعيات تلك الخطوة،يأتي من خلال اعطاء ضوء اصفر لعربان المحور العربي الأمريكي بإقامة علاقات وتواصل مع القيادة السورية،تحت سقف الأوامر والتعليمات الأمريكية...إستجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر عبر الأراضي السورية..واعادة فتح معبر نصيب - جابر الحدودي بين الأردن وسوريا ،والسماح بزيارة وفد لبناني وزاري الى الشام وكذلك الحال مع الأردن والإتصال الهاتفي بين ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد مع الرئيس الأسد،دون أن يعني ذلك تسليم أمريكا بتطبيع العلاقات مع سوريا ..ولكن التطورات الحاصلة في اليمن واقتراب جماعة انصار الله واللجان الشعبية من تحقيق انتصار مدوي على السعودية بتحرير محافظة مأرب ذات الموقع الإستراتيجي وصاحبة الثروتين النفطية والغازية..أفقدت النظام السعودي صوابه،لكي يفتعل معركة مع لبنان ظاهرها تصريحات سابقة لتولي وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي للوزارة،يعتبر فيها الحرب على اليمن عبثية وحق اليمنين بالدفاع عن أنفسهم،ولكن تلك الحرب المفتعلة مضمونها استمرار معركة النظام السعودي مع ح ز ب ا ل ل ه ومحور ا ل م ق ا و م ة خدمة للمشروع الأمريكي- الإسرائيلي ،بدلالة أن مساعد امين عام الجامعة " العربية" حسام زكي في زيارته لبيروت لنزع فتيل الأزمة بين لبنان والسعودية ،جاء كممثل للسعودية وليس لما يسمى بجامعة الدول العربية،حيث اشترط لحلها التعدي على كرامة وسيادة لبنان والتدخل في شؤونه الداخلية،بإقالة وزير الإعلام اللبناني قرداحي وسحب قوات ح ز ب ا ل ل ه من سوريا....السعودية المهزومة تكابر ولا تريد ان تعترف كما اعترف مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق "ديفيد شنكر" بان اليمنيين انتصروا وتحرير مأرب هزيمة مدوية للسعودية وأمريكا،ولذلك وجدنا بأن المشيخة الإماراتية قرأت المتغيرات جيداً،وهي التي لم تكن متورطة في تدمير سوريا كتورط السعودية وقطر،وحافظت على علاقات مع النظام السوري وأبقت على سفارتها مفتوحة في دمشق في أوج الأزمة التي عاشها النظام،والذي كان البعض يروج بأن رحيله مسألة اسابيع وعلى الأبعد أشهر،ولذلك سارعت الى تحويل الضوء الأصفر الأمريكي الى ضوء اخضر من أجل ان تحافظ على مصالحها ودور لها فيما بعد الإنتصارين اليمني والسوري وعودة امريكا للإتفاق النووي مع طهران وبشروط طهران وليس بالشروط الأمريكية.
ومن هنا اتفهم الهواجس ومشاعر القلق التي يعيشها أصدقاء وحلفاء سوريا،من أن مشيخة الإمارات لعبت دور كبير في قيادة حلف " ابراهام" التطبيعي مع دولة الإحتلال،وذهبت ابعد من ذلك مع مشيخات خليجية اخرى عضو في حلف " ابراهام" التطبيعي،مشيخة البحرين بإجراء مناورات بحرية مشتركة مع دولة الإحتلال وأمريكا في البحر الأحمر،وكذلك التدخل في ليبيا والمشاركة في الحرب على اليمن،الى جانب ما عرف بالتحالف العربي،ولكن كل ذلك لا يمنعنا من قراءة المتغيرات والتطورات الحاصلة في المنطقة والإقليم والعالم،والتي دفعت بالإمارات الى ترفع من سقف علاقاتها السياسية مع دمشق والسعي لعقد اتفاقيات تجارية واقتصادية والمساهمة في إعمار جزء من الدمار الذي لحق بسوريا،والذي تتحمل قسط فيه الى جانب بقية المشيخات الخليجية الأخرى وبالتحديد السعودية وقطر والبحرين.
www.deyaralnagab.com
|