مزارع الهيدرو في سيناء... استهلاك محلي وتصدير إلى الجوار!!
بقلم : محمد سليمان ... 07.08.2024 يكشف التحقيق عن خفايا زراعة وتصنيع مخدر الهيدرو في سيناء، والذي يعد أحدث وأكثر الأنواع المخلقة انتشارا، وتضاف إليه مواد سامة يصل عددها إلى 63 مركبا كيميائيا تزيد من أرباح المتورطين كما تفاقم مخاطره على المتعاطين.
- بالكاد تمكن العشريني المصري محمد (طلب الاكتفاء بذكر اسمه الأول تجنبا للمساءلة القانونية) من رفع رأسه بعد يوم عمل شاق في مجال المقاولات، لكنه تجاهل الإرهاق الشديد وجمع "يوميته" (أجره) حتى يشتري "كيسا من مخدر الهيدرو" الذي أدمنه قبل عامين، عندما قاده فضوله لتجربة سيجارة مخلوطة بالمخدر المنتشر بين أصدقائه.
"تلك كانت البداية، ومن بعدها أشتري الهيدرو من تجار ينتشرون في مدينتي، حسب ما يتوفر من مال، حتى بدأ دخانه يتغلغل إلى عقلي ويسيطر على فكري وأنفق عليه كل ما أملكه"، يروي محمد لـ"العربي الجديد" خلال لقائه في محل صديق له بمدينة العريش شمال شرق سيناء، عن محاولاته الكثيرة الفاشلة للعلاج من الإدمان، في أكثر من مركز مختص، للحفاظ على ما تبقى من صحته وماله المستنزفيْن، ولكن دون جدوى، في ظل سهولة الحصول على الهيدرو بسبب زراعته المنتشرة في سيناء، وتجارته التي تتنامى محليا، وخارجيا عبر تهريبه إلى الجانب الإسرائيلي في مقابل جلب الكوكايين والهيروين.
ويعد مخدر الهيدرو واحدا من المواد المهلوسة، إذ تحتوي خلطته على المادة الفعالة رباعي هيدروكانابينول والتي ينسب اسمه إليها وتستخرج من نبات القنب الهندي وتدخل في صنع الماريغوانا والحشيش، إلا أن الهيدرو يضاف إلى الأعشاب الجافة الداخلة في تكوينه مواد كيميائية سامة تصل إلى 63 مركبا مثل حمض إيزوفثالك المستخدم في صناعة المواد الكيميائية، والكافيين، والأسيتون وهو مركب كيميائي أيضا، ومبيدات الحشرات، ما يجعله ذا مفعول أكبر من الحشيش، ويسبب الإدمان بسرعة، وهو السبب الذي يجعله أكثر خطورة من غيره من المخدرات، بحسب ما يوضحه إسلام سعد، الطبيب المتخصص في علاج الإدمان في مستشفى دار الشفاء للطب النفسي (خاصة) بمحافظة الجيزة وسط البلاد.
زراعة الهيدرو
بدأ طارق عياد (اسم مستعار تجنبا للمساءلة القانونية) من بدو قرية البرث التابعة لمدينة رفح في محافظة شمال سيناء، زراعة الهيدرو بين أشجار الزيتون منذ عام 2021، ليحصد حوالي 200 كيلو غرام من المخدر عبر مساحة بسيطة يقول إنها لا تتجاوز نصف فدان وصغيرة بالمقارنة مع المزارع الأخرى، ويجري الحصاد تقريبا بعد 100 يوم من الزراعة، ويبيع الكيلو غرام بـ 7500 جنيه (الدولار يعادل 48.67 جنيها) يمنحه إياها تجار الجملة المتواجدون في محافظة شمال سيناء.
*يخلط التجار الهيدرو بمواد كيميائية لزيادة فاعلية المخدر وأرباحهم
وخلال عمله في مزارع الهيدرو على مدار عامين، يروي كريم الذي طلب الاكتفاء بذكر اسمه الأول لضرورات أمنية، أن النباتات المخدرة تزرع في المناطق ذات التربة الرملية شرق وجنوب شرق مدينة العريش، وتستخدم مياه الآبار الجوفية لري المزارع بالتنقيط، كما تصل سيارات نقل محملة بالسماد العضوي وأدوات الري عبر معدية "نمرة 6" بمحافظة الإسماعيلية، قادمة من محافظات الدلتا بتسهيلات مسبقة لا يعلم السائقون من وراءها ولكنها تضمن حركة مرور السيارات بعد إجراءات تفتيشية بسيطة، وهو ما يؤكده سبعة من العاملين في هذه التجارة قابلهم معد التحقيق.
ويمكن زراعة المخدر لكون "شبه جزيرة سيناء ممتدة على 61 ألف كيلومتر مربع، وهذه المساحة عبارة عن تضاريس متنوعة من سهول وهضاب وجبال، لهذا السبب توفرت ظروف مناسبة لزراعة وتصنيع الهيدرو، فالمنطقة شاسعة وتتميز النباتات المخدرة بأنها لا تحتاج لى مياه ري كثيرة، بالإضافة إلى ذلك تُعد تجارة رابحة بشكل كبير" بحسب ما يوضحه لـ"العربي الجديد" العميد السابق في القوات المسلحة المصرية سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية (مختصة بالدراسات الأمنية).
تجارة آخذة بالتوسع
ظهر مخدر الهيدرو وانتشر على مستوى البلاد عام 2018، لكن وجوده في محافظة جنوب سيناء سبق هذا التوقيت، وتحديدًا في المدن الحدودية مثل نويبع وطابا وشرم الشيخ، ثم بدأ في الانتشار تدريجيًا حتى وصل إلى غرب قناة السويس، ومن ثم إلى مدن القناة وبعدها بقية المحافظات المصرية، إذ ينتشر بين الشباب خاصة من تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاما، كما يقول الدكتور محمد غريب، مدير مؤسسة نحن معك للتأهيل النفسي ومكافحة الإدمان، بمحافظة الإسماعيلية شمال شرق البلاد، عبر ما رصده من خلال شهادات المتعاطين.
ويستخدم تجار الجملة وأصحاب المزارع المهربين لتمرير المواد المخدرة عبر نقاط عبور في قناة السويس من الجانب الشرقي (شمال سيناء) إلى الجانب الغربي حيث بقية محافظات مصر، ويصل سعر عبور 1 كيلوغرام من مخدر الهيدرو بواسطة قوارب تقطع قناة السويس أو أنفاق القناة الخمسة إلى نحو 3000 جنيه، وما يعادل 10 آلاف جنيه لشنطة تزن 3.5 كيلو غراما، ويتم إخفاء المخدرات في ملابس المهرب أو سيارته ويتسلمها موزعون في المحافظات لإيصالها إلى التجار الذين دفعوا مبالغ مالية مسبقا من أجل شراء المخدر، حسب ما يكشفه أحمد سليمان، وهو اسم مستعار لأحد العاملين في تهريب الهيدور.
ويقرّ الأربعيني سامي أبو عوف، اسم مستعار تجنبًا للمساءلة القانونية، بأنه جرّب المتاجرة بأنواع كثيرة من المخدرات لكنه استقر أخيرا على بيع مخدر الهيدرو، كاشفا عن تورط جميع التجار الذين يروجون لهذا المخدر ويبيعونه في استخدام مواد سامّة وخطيرة تزيد من درجة الشعور بالدوار والنشوة والإدمان على حد تعبيره، لزيادة تعلق الناس به وبالتالي أرباحهم، قائلا أن التاجر الذي يشتري كميات تترواح بين كليوغرامين وخمسة كيلوغرامات لن يحقق أرباحا جيدة ما لم يخلطها بمواد أخرى من شأنها زيادة مفعول المخدر وتؤدي إلى عملية الإدمان، وتكون عادةً عبارة عن أعشاب تشبه الهيدرو، مع إضافة مواد كيميائية لتمنح الخلطة النهائية مفعولا ووزنًا زائدًا وتعزز تأثيرها على المستهلكين.
طريق الهيدرو إلى إسرائيل
تُحمّل سيارات خاصة بتجار الهيدرو المخدر من مخازن داخل المزارع التي ينمو فيها، وتتجه صوب السياج الحدودي ليلا مع إغلاق أضوائها، ويسلك المهربون مدقات صحراوية وعرة وبعيدة عن الأعين تخترق الناحية الشرقية لقرية أم شيحان في مركز الحسنة بمحافظة شمال سيناء أو بالقرب من تجمع أبو جهامة، حتى لا يثيروا أي انتباه معتمدين على دراية السائق بخط سيره، وما أن يصلوا إلى السياج الحدودي بين مصر وفلسطين المحتلة، حتى يلقوا أجولة (أكياسا من الخيش بأوزان مختلفة) الهيدرو من فوق السلك الشائك، ليستقبلها أشخاص على الجانب الآخر ينتظرون عند نقطة محددة ومتفق عليها بتنسيق مسبق، وينقلونها بسيارات دفع رباعي سريعة عبر نقاط تشكل ثغرات رخوة يستغلها المهربون جنوب معبر العوجة الحدودي بين مصر وإسرائيل، ولا تستغرق العملية 15 دقيقة، ويتمكن المهربون عادة من اجتياز السياج بسهولة من الجانب المصري، حيث لا توجد صعوبات كبيرة، بينما تزيد المخاطر في الطريق إلى الجانب الإسرائيلي، إذ تنشر سلطات الاحتلال قوات أكبر وكاميرات مراقبة للرصد، كما يكشف لـ"العربي الجديد" سليمان المشارك في عمليات تهريب التبغ والهيدرو، مشيراً إلى أن معدلات التهريب تتفاوت بين فترة وأخرى، تماشياً مع الظروف المحيطة، إذ تهدأ الحركة مع إعلان الاستنفار الأمني في الجانبين المصري والإسرائيلي، أو في الأيام ذات الأحوال الجوية الصعبة.
الرواية السابقة، يؤكدها خمسة آخرون امتهنوا تهريب الهيدرو التقاهم معد التحقيق، ومن بينهم حسن محمد (اسم مستعار تجنبا للمساءلة القانونية)، ويسكن شرق العريش وعمل في تهريب مخدر الهيدرو بين عامي 2018 و2020، واصفا حركة التهريب إلى إسرائيل "بالنشطة"، بخاصة بين المزارعين في المنطقة الحدودية أقصى شرق شمال سيناء مثل قريتي مربع البرث ووادي العمرو التابعة لمركز الحسنة، إذ يقايضونه بمخدر الكوكايين والهيروين من الجانب الإسرائيلي، موضحا أن 20 كيلوغراما من مخدر الهيدرو يمكن استبدالها بكيلو واحد من مخدر الكوكايين، أو يبيعونه بالجملة لمروجيه على الجانب الآخر بأسعار متفاوتة تبدأ من 5000 شيكل للكيلو الواحد (1375 دولارا)، ويمكن أن يزيد السعر حسب نوعية وخلطة المنتج.
مكافحة الهيدرو
ينافس الهيدرو في سعره ورواجه داخل سيناء مخدري البانجو والحشيش ويقول عياد، الحشيش هنا مخلوط بمواد أخرى لزيادة وزنه وحجمه وأخرى عطرية كثيرة ويباع بمبالغ كبيرة إذ يصل سعر الغرام منه إلى 100جنيه تقريبا، والبانجو بات غير مرغوبا فيه لذا يقبل الشباب على الهيدرو الذي صار موضة، قائلا أنه لم يتعرض لأي مداهمة سابقا، على يد السلطات المحلية سواء الجيش أو الشرطة، ويمنّي نفسه بأن يبقى بعيدا عن أعينهم.
ويفسر العميد راغب استمرار الظاهرة قائلا بأنه "على الرغم من تنفيذ القوات المسلحة حملات موسعة لضبط وإعدام منتجات مزارع الهيدرو، إلا أنها لم تقضِ عليها تماما، نظرا لانتشارها في سفوح الجبال أو في وديان عميقة بخاصة في الظهير الصحراوي وسط وشرق سيناء، ما يجعل من الصعب إزالتها بشكل كامل أو الكشف عنها بسهولة".
*حملة مشتركة من الشرطة والجيش صادرت 10 أطنان من الهيدرو
لكن حملة نفذتها قوات الشرطة المصرية بالتنسيق مع القوات المسلحة استهدفت مروجي وتجار مخدر الهيدرو في مدن شمال سيناء، خلال الفترة الممتدة من إبريل/نيسان 2022 وحتى مايو/أيار 2024، أسفرت عن ضبط 640 بائع جملة، و1354 بائع تجزئة، و3000 متعاط، بينما صادرت 10.600 كيلو غرام من الهيدرو، وتم القضاء على مساحات واسعة من المزارع في مناطق وسط سيناء تعدت الـ 1000 فدان متفرقة، بحسب توضيح مقدم في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بمنطقة القناة وسيناء يحتفظ "العربي الجديد" باسمه، واصفا صعوبة الأمر بقوله: "غالبًا ما يلجأ من يزرعون المخدرات إلى إخفائها في أماكن لا تتوقعها القوات وهنا لا بد من دراسة أمنية حول مآلات مداهمتها، ما قد يمنحهم فرصة حصاد المخدر والهروب أو الانتقال إلى مكان آخر".
وأقر غالبية المقبوض عليهم من مروجي الهيدرو، بأنهم يستخدمون وسيلة مواصلات عملية مثل الدراجة النارية لتوصيل المخدرات إلى وكلائهم في القرى والأحياء، وغالباً ما تكون المضبوطات التي بحوزتهم كمية من مخدر الهيدرو وبعض المخدرات الأخرى بحسب نشاط كل مروج، بالإضافة إلى مبلغ مالي من عائدات البيع، وهواتف محمولة متعددة للتواصل مع الزبائن والوكلاء، بالإضافة إلى ميزان حساس لوزن الكميات المراد بيعها، ومن خلال المواجهة معهم يعترفون بأنهم يروّجون لبيع المخدر، بقصد كسب المال بسرعة، ويُحوّلون للجهات المعنية باستكمال التحقيق، بحسب المصدر الأمني السابق.
تأثيرات خطيرة
عندما يدخن الشخص الهيدرو، تنتقل مادة هيدروكانابينول الموجودة فيه بسرعة من الرئتين إلى مجرى الدم ثم إلى مستقبلات الخلايا في الدماغ والأعضاء الأخرى في جميع أنحاء الجسم، وتعمل على تنشيط مفرط لأجزاء الدماغ التي توجد فيها هذه المستقبلات بكثرة، ما يجعل المتعاطين يشعرون بالنشوة، وتغيير في وظائف الحواس ويتبع ذلك عدم الإحساس بالوقت وتبدل المزاج، لكن له تبعات سلبية خطيرة، أبرزها إعاقة الحركة الجسدية، وصعوبات في التفكير وحل المشكلات، ضعف الذاكرة، الهلوسة (رؤية أو سماع أشياء غير حقيقية)، الأوهام، الذهان، وتأثيرات ضارة على نمو الدماغ، خاصةً إذا استُخدم خلال فترة المراهقة المبكرة، بالإضافة إلى اضطرابات في الجهاز التنفسي، وزيادة معدل ضربات القلب، ما قد يسبب نوبات قلبية، مع تعرض كبار السن والمصابين بأمراض القلب لخطر أكبر، بحسب الكيميائي عبد الله محمد، الذي يعمل في مركز السموم بمستشفى العريش العام، مضيفاً أن تعاطي الهيدرو مرتبط بمشاكل الصحة العقلية الأخرى والنفسية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق والأفكار الانتحارية لدى المراهقين، أما المواد السميّة المضافة إليه كالأسيتون والمبيدات، فتسبب الالتهابات في الجسم، وتعد سببا لتكون الكتل السرطانية على المدى البعيد.
وهو ما يؤكده اختصاصي الصحة النفسية في مركز لعلاج الإدمان بمدينة العريش، فضّل عدم ذكر اسمه، مبيناً أن التأثيرات على سلوك متعاطي الهيدرو الخمسة الذين قام بمتابعة حالاتهم تشمل زيادة السلوك العدواني لديهم وجعلهم غير أسوياء نفسياً، إذ تتغيّر الحالات المزاجية بعد انتهاء نشوة التعاطي من شخص طبيعي عادي لشخص عدواني يختلق المشكلات مع أسرته وداخل مجتمعه، موضحاً أن العوامل المذكورة أعلاه تزيد من احتمالية الإصابة بالفصام الاجتماعي والجنون، كما أن تعاطي المخدر يؤدي إلى فقدان وزن المتعاطي بشكل لافت، وتسوس الأسنان وتآكلها، وفي جميع الحالات "الحكة الشديدة التي تؤدي إلى التقرحات، والقلق، واضطرابات النوم، والسلوك العنيف، والأوهام والهلوسة". ويصف الثلاثيني علي سلامة (اسم مستعار تجنبا للملاحقة القانونية) من سكان مدينة بئر العبد في محافظة شمال سيناء، حاله لدى بدء تعاطيه الهيدرو لأول مرة قبل ثلاثة أعوام، قائلا : "شعرت بأن هويتي سُرقت وانعدم انتمائي للعالم المحيط بي"، ورغم أنه كان يشعر بدوار وغثيان شديدين، لكنه زاد الجرعة من سيجارة خلال اليوم إلى اثنتين أو ثلاث، "ويشعر بأنه مغيب عن العالم المحيط به ، وتسيطر عليه شهوة الأكل بشراهة، وينسى ما يثقل كاهله من مشاكل"، على حد تعبيره.
ويترك إدمان مخدر الهيدرو آثاراً سلبية بعد التعافي، لكنها تختفي مع مرور الوقت (بعد ستة أشهر على الأقل من التعافي)، أبرزها إحساس المتعافين بعدم الرضا عن الحياة، وتراجع كبير في الصحة البدنية والنفسية، ويواجهون مشاكل في العلاقات الاجتماعية، وقد يتسبب لهم بمشكلات طبية كبيرة بخاصة إن كانوا يتعاطونه بنسب كبيرة، أبرزها أمراض الكبد والأمراض الرئوية والفشل الكلوي وقصور عمل خلايا المخ، بحسب اختصاصي الصحة النفسية السابق.
وبلغت نسبة التعاطي في مصر 5.9%، في حين كانت نسبة الإدمان 2.3%، وفق آخر مسح شامل لظاهرة تعاطي وإدمان المخدرات، نفذه صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، ووزارة الصحة، والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية التابع لوزارة التضامن في يوليو/تموز من العام الماضي، وشمل الشريحة العمرية بين 12 و60 عاما في 30 ألف أسرة. وعلى الرغم من عدم وجود تفاصيل بشأن نسب تعاطي الهيدرو تحديدا، إلا أن محمد عبد العظيم، أستاذ مساعد في دائرة علم النفس الاجتماعي بكلية الآداب في جامعة الزقازيق بمحافظة الشرقية شمالا، يؤكد على انتشار هذا المخدر بشكل كبير بين فئة الشباب، خاصة الأعمار الصغيرة، التي تقع في الإدمان لخفض التوتر، والهرب من الشعور بالألم والغضب، والضيق بحسب ما تظهره نتائج أبحاث النظرية السلوكية لإدمان المخدرات.
وسيلة للثراء
يتمنى عياد أن يستمر في زراعة النبات الذي يدخل في تصنيع الهيدرو تحديداً، نظراً لمكسبه السريع والمضمون، ولأنه مرغوب لدى تجار الجملة والتجزئة في جميع محافظات مصر كما يقول، متذرعا بأن لديه إعاقة في قدمه وليس له مصدر رزق آخر من أجل إعالة أطفاله!
أما الثلاثيني محمود عسيلة (اسم مستعار خوفاً من الملاحقة القانونية) فجاء من إحدى محافظات دلتا مصر، للعمل في حقول النبات المخدر بقرية مربع البرث، ويسرد تجربته لـ"العربي الجديد" قائلا: "جئت لأعمل في مزارع الهيدرو عندما سمعت من أحد أصدقائي الذي يعمل في تلك المزارع بأنه يتقاضى أجراً عالياً، يصل إلى 1500 جنيه في الأسبوع، فقررت الذهاب إلى هناك لأسدد ديوني التي باتت في ازدياد وأكفّ عائلتي عن السؤال".
ويصل عسيلة إلى المنطقة متخطياً حواجز أمنية عديدة، لكنه يخبرهم أنه يعمل في مجال المقاولات سبّاكاً، وهي وظيفته المثبتة في بطاقة الرقم القومي، ويصف طبيعة عمله في مزارع الهيدرو بأنه يُتابع الريّ عبر خراطيم التنقيط، وتسميد المساحة المراد زراعتها، كما يعمل على تنقية الحقل من الحشائش التي قد تضرّ النبات المخدر، ويعمل غيره على رشه بالمبيدات، وآخرون مهمتهم وزن وتغليف النبات عقب جنيه. ويؤكد: "كنت أتقاضى 700 جنيه أسبوعيا في بداية العمل، ووصل أجري إلى 2000 جنيه في الأسبوع بعد مرور ثلاثة أسابيع على عملي، نظراً لخبرتي بأمور الفلاحة".
ورغم أن عسيلة ترك العمل في مزارع الهيدرو قبل عام واحد، بعدما سدد جميع ديونه، لكنه ما زال يتعاطى المخدر الذي أدمنه خلال العمل في مزارع سيناء، ويشتريه من الباعة في قريته الواقعة بإحدى محافظات دلتا مصر بحوالي 300 جنيه للكيس زنة 12 غراماً. *المصدر : العربي الجديد
www.deyaralnagab.com
|