logo
حرب أوكرانيا: ساعة الصفر لمشاركة القوات الكورية الشمالية تقترب!!
بقلم : الديار ... 24.11.2024

بعد أسابيع من الكشف عن انتشار مجموعة من القوات الكورية الشمالية في مقاطعة كورسك الروسية، لمواجهة القوات الأوكرانية، ذكرت واشنطن، أمس السبت، أن هذه القوات ستبدأ مشاركتها في العمليات العسكرية "قريباً". ويأتي الانخراط المباشر لهذه المجموعات من القوات الكورية الشمالية تتويجاً لاتفاقيات بين موسكو وبيونغ يانغ، بلغت ذروتها في 19 يونيو/حزيران الماضي، بتوقيع البلدين "معاهدة شراكة استراتيجية شاملة"، تمت المصادقة عليها في المجالس المحلية في موسكو وبيونغ يانغ في وقتٍ سابق من الشهر الحالي، ومقابل أثمان حصلت عليها بيونغ يانغ على أكثر من صعيد.
انخراط القوات الكورية الشمالية في حرب أوكرانيا
وأمس السبت، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أن الولايات المتحدة تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك "قريباً" في القتال ضد القوات الأوكرانية. وقدّر أوستن أن هناك نحو عشرة آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي موجودون في كورسك الروسية، المتاخمة لأوكرانيا والمحتلة جزئياً من جانب الجيش الأوكراني منذ السادس من أغسطس/آب الماضي، وقد تم "دمجهم في التشكيلات الروسية" هناك. وأضاف أوستن في تصريحات صحافية خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ: "بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً"، في إشارة منه إلى القوات الكورية الشمالية. واستدرك أنه "لم ير أي تقارير مهمة" عن جنود كوريين شماليين "يشاركون بنشاط في القتال" حتى الآن.
وجاء كلام أوستن، بعد أقل من أسبوعين على توقيع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مرسوماً حول المصادقة على معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وكوريا الشمالية، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، بعد يومين على توقيع مماثل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إثر مصادقة مجلس الدوما ومجلس الاتحاد الروسيان على المعاهدة. وحلت المعاهدة الجديدة محل معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون الموقعة بين روسيا وكوريا الشمالية في عام 2000، وستكون سارية المفعول لأجل غير محدود. وجاء في بعض بنود المعاهدة أنها تنص "على توفير المساعدة العسكرية وغيرها من المساعدات فوراً، إذا تعرض أحد الطرفين لهجوم مسلح وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة".
وبالإضافة إلى ذلك "تهدف المعاهدة إلى تطوير شراكة شاملة تستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية والسلامة الإقليمية والمساواة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية... وأنها ذات طابع سلمي ودفاعي بحت، وليست موجهة ضد دول ثالثة ولا تهدد السلام والاستقرار". مع ذلك، فإن زيارة وزيرة الخارجية الكورية الشمالية تشوي سون هوي إلى موسكو في الأول من نوفمبر الحالي، أظهرت تجاوز البلدين البند المتعلق بأن معاهدتهما "ليست موجهة ضد دول ثالثة"، وذلك إثر قول تشوي إن بلادها ستقف بجانب روسيا حتى تحقيق "النصر" في أوكرانيا. وقالت بعد محادثات أجرتها مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف "لا شك لدينا إطلاقاً في أن الجيش والشعب الروسيين سيحققان انتصاراً عظيماً في نضالهما المقدّس للدفاع عن الحقوق السيادية وأمن دولتهما". وأضافت: "نكرر التأكيد أننا نقف على الدوام بجانب رفاقنا الروس حتى يوم النصر".
وسبق لكوريا الشمالية أن زوّدت روسيا وفق وكالة فرانس برس "بكميات كبيرة من القذائف، بالإضافة إلى مئات الصواريخ". وإرسال القوات الكورية الشمالية ليس بلا ثمن، إذ قال مدير الأمن القومي في كوريا الجنوبية الجمعة الماضي إن روسيا زودت كوريا الشمالية بصواريخ مضادة للطائرات مقابل إرسال بيونغ يانغ قوات لدعم موسكو في حربها على أوكرانيا. وصرّح شين وون-سيك، كبير المستشارين الأمنيين في سيول "لقد ثبت أن معدات وصواريخ مضادة للطائرات تهدف إلى تعزيز نظام الدفاع الجوي الضعيف لبيونغ يانغ، سُلّمت لكوريا الشمالية". وأضاف أنه "لم يتم إرسال قوات إضافية إلى روسيا".
في السابق، قال خبراء إن مقابل إرسال مجموعات من القوات الكورية الشمالية تسعى بيونغ يانغ بالتأكيد لامتلاك تكنولوجيا عسكرية، بدءاً من المراقبة عبر الأقمار الاصطناعية ووصولاً إلى تقديم غواصات وضمانات أمنية من جانب موسكو. ومن خلال إرسال قوات، تضع كوريا الشمالية نفسها داخل اقتصاد الحرب الروسي مورداً للأسلحة والدعم العسكري والقوى العاملة، ما قد يتجاوز حليفتها التقليدية وشريكها التجاري الرئيسي، الصين، بحسب ما تقول المصادر نفسها. وخلال الفيضانات التي ضربت كوريا الشمالية في يوليو/تموز الماضي، ذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية، أن الرئيس الروسي "أعرب عن استعداده لتقديم مساعدات إنسانية فورية لإعادة الإعمار بعد الأضرار التي سببتها الفيضانات". وشكر كيم بوتين، إلا أنه رفض العرض، وردّ بأن ثمة "خططاً موضوعة بالفعل وبأن هناك تدابير حكومية قد اتُّخذت في المرحلة الحالية". وأضافت الوكالة أنه "إذا كانت هناك حاجة للمساعدة في وقت لاحق، فإن (كيم) سيطلبها من الأصدقاء المخلصين في موسكو".
غير أن الثمن الأهم الذي تلقته كوريا الشمالية، تجلّى في استخدام روسيا حق النقض "الفيتو" في 28 مارس/آذار الماضي، من أجل عرقلة تجديد تفويض لجنة الخبراء في الأمم المتحدة المكلفة مراقبة تطبيق العقوبات على كوريا الشمالية، وتعتبر تقاريرها مرجعاً في الملف. وهي خطوة دانتها أغلبية أعضاء مجلس الأمن القلقين من تطوير برنامج بيونغ يانغ النووي. وعلق السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا في حينه قائلاً: "تواصل اللجنة تركيز عملها على قضايا غير مهمة لا ترقى إلى مستوى المشكلات التي تواجهها شبه الجزيرة". وأوضح أن "روسيا طلبت من المجلس تبني قرار بإجراء تقييم مفتوح وصادق للعقوبات".
وشدد على أنه "إذا كان هناك اتفاق على تجديد العقوبات سنوياً، فإن مهمة لجنة الخبراء ستكون منطقية"، مندداً برفض الولايات المتحدة وحلفائها قبول هذا التعديل. ومنذ عام 2006، خضعت كوريا الشمالية لعقوبات دولية مرتبطة بالخصوص ببرنامجها النووي، وتم تعزيزها عدة مرات في عامي 2016 و2017. ومنذ عام 2019، حاولت روسيا والصين عبثاً إقناع المجلس بتخفيف هذه العقوبات التي لم يحدد تاريخ نهايتها. وفي تقريرها الأخير الصادر مطلع مارس الماضي، أكدت لجنة الخبراء أن كوريا الشمالية واصلت "الاستخفاف بعقوبات مجلس الأمن"، لا سيما من خلال تطوير برنامجها النووي، وإطلاق الصواريخ البالستية وانتهاك العقوبات البحرية والقيود على واردات النفط. وأشار التقرير أيضاً إلى أنه بدأ التحقيق في "المعلومات الواردة من الدول الأعضاء بشأن قيام كوريا الشمالية بتزويد دول أخرى بأسلحة وذخائر تقليدية"، في انتهاك للعقوبات، لا سيما إلى روسيا بسبب حربها في أوكرانيا. وقالت السفيرة البريطانية باربرا وودوارد، في ذلك الحين، إن "هذا الفيتو ليس دليلاً على قلق على شعب كوريا الشمالية أو فعالية العقوبات. إنه يتعلق بروسيا من خلال الحصول على الحرية لانتهاك العقوبات بحثاً عن أسلحة لاستخدامها ضد أوكرانيا".
وفي ظل هذا التصعيد، أجاز الرئيس الأميركي جو بايدن لأوكرانيا استخدام الصواريخ الأميركية في العمق الروسي، وتم الربط في التحليلات بين الخطوة وانخراط القوات الكورية الشمالية في القتال ضد الأوكرانيين. وهو ما أدى إلى تدحرج التصعيد الميداني، وصولاً إلى إعلان روسيا أنها قصفت للمرة الأولى منذ بدء الحرب موقعاً لمجمع صناعي عسكري في دنيبرو بوسط أوكرانيا، الخميس الماضي، بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى فرط صوتي (يصل مداه إلى 5500 كيلومتر) وأطلق عليه اسم أوريشنيك واستخدم "بنسخته غير النووية". وأطلق الصاروخ من منطقة أستراخان في جنوب غربي روسيا. وأشاد بوتين بـ"قوة" هذا الصاروخ، أول من أمس الجمعة، خلال لقاء مع مسؤولين عسكريين بثه التلفزيون، وأمر بإنتاجه بأعداد كبيرة. وقال بوتين "سنواصل هذه الاختبارات، خصوصاً في الأوضاع القتالية، حسب تطور الوضع وطبيعة التهديدات التي تستهدف أمن روسيا"، ما يثير خشية من ضربات جديدة ضد أوكرانيا التي استهدفت الأراضي الروسية هذا الأسبوع بصواريخ أميركية وبريطانية.
تطوير الدفاعات الأوكرانية
ومساء أول من أمس الجمعة، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن بلاده تعمل على تطوير أنواع جديدة من دفاعاتها الجوية للتصدي "لمخاطر جديدة" عقب إطلاق روسيا لصاروخ أوريشنيك. وقال زيلنسكي، في كلمته اليومية: "إن العالم بحاجة إلى رد جاد على إطلاق الصاروخ حتى يشعر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالخوف من تصعيد الحرب ويدرك العواقب الوخيمة لأفعاله"، معتبراً أن "استخدام دولة أخرى لاختبار أسلحة جديدة يعد جريمة دولية". وكشف أن "وزير الدفاع الأوكراني (رستم عميروف) تواصل مع شركاء بلاده من أجل الحصول على أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديداً نوع من الأنظمة يمكنه أن يحمي الأرواح في مواجهة أخطار جديدة".
ويأتي هذا في وقت طلبت أوكرانيا فيه من حلفائها الغربيين تزويدها بأحدث جيل من أنظمة الدفاع الجوي لحماية نفسها. وأوكرانيا مجهزة خصوصاً بأنظمة باتريوت الأميركية، واعترضت العديد من صواريخ كينجال الفرط صوتية الروسية التي وصفها الكرملين بأنها "لا تقهر"، وبأنظمة "سامب تي" الفرنسية الإيطالية للدفاع الجوي، لكن بأعداد قليلة جداً لا تتيح حماية جميع مدنها. من جهتها، أعربت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا عن تأييدها لاستخدام أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى، في دفاعها ضد الغزو الروسي، قائلة إنه يتعين على ألمانيا تسليم نظام تاوروس الصاروخي بعيد المدى بسرعة إلى أوكرانيا.
وأجابت ميتسولا، في مقابلة نشرتها، أمس السبت، صحف مجموعة فونكه الإعلامية الألمانية بـ"نعم"، عندما سُئلت عما إذا كان يتعين على الدول التي تزود أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى أن تسمح لها باستخدامها ضد أهداف في روسيا، وما إذا كان يتعين على ألمانيا تسليم نظام تاوروس الصاروخي إلى أوكرانيا. وأضافت ميتسولا "نعم، هذا هو أيضاً موقف البرلمان الأوروبي. هناك دعم واسع لهذا الطلب. سنرى ما إذا كان هناك تغيير مماثل في هذه السياسة بعد انتخابات البوندستاغ (البرلمان الألماني)"، الذي لم يُحدد موعدها بعد، وسط ترجيحات بإجرائها في فبراير/شباط المقبل، على أن تتضح الأمور بعد التصويت على الثقة لحكومة المستشار أولاف شولتز، المقررة في 16 ديسمبر/كانون الأول المقبل.


www.deyaralnagab.com