فضائيات لبنانية تبحث عن فضيحة هنا وعن دمعة نجمة هناك…ومذيعة الطقس تنسى ثيابها في المنزل!!
بقلم : ندى حطيط* ... 25.03.2016 الدموع لغة الحزن الصامتة، وهي أنبل لغة يمكن لأعيننا أن تتحدث بها، إذ هي بخار الروح، وتدريجيا تتحول في الكثير من شاشاتنا اللبنانية إلى حبر للترويج للمشاهير، والى صنارة لالتقاط الأسماك الجماهيرية، كالكثير من الإسفافات والابتذالات يسقط البكاء من خصوصيته ومن بخاره الروحي ليتحول إلى دموع لا تستحي من نفسها، وكأنها تتبرج بالإظهار والإفصاح والعلنية على طاولة البرامج المنوعة كحافز مضن لإستدرار العطف ومعه استدرار المشاهد .
هل تزداد نسبة المشاهدة كلما كثرت كمية الدموع؟
هل قرأت أمل حجازي، بعد طول غياب، نزار قباني عندما قال تلك الدموع الهاميات أحبها وأحب خلف سقوطها تشرينا. بعض النساء وجوههن جميلة وتصير أجمل عندما يبكين؟ وحرصت على تجميل وجهها بالبكاء؟
وهل يستدرج هذا البكاء المشاع أغلبية النجمات اللبنانيات، أم أنهن كائنات تطفو سابحة فوق نهر من الدموع تشابه حال هذا الإعلام اللاهث وراء إلتقاط أنفاس المشاهد، والغاية دائما تبرر الوسيلة بخرق كل الخصوصيات والمشاعر الإنسانية التي تشرع نوافذها للجماهيرة الغفيرة.
ألا تملك هذه النجمات غرفا مغلقة تبكي داخل جدرانها على اعتبار أن البكاء لا يجوز إشراكه مع المارة فهو كالذهب إن صار مباحا يصبح كالحديد؟
أيها الإعلام اللبناني أرهقتك بوارق الإستهلاكية، وأجهدتك قيود الربحية فصرت مهرولا تبحث عن فضيحة هنا وعن دمعة نجمة هناك.
تظهر أمل حجازي النجمة اللبنانية بعد غياب على شاشة «نيو تي في» وكأنها آتية بغرض البكاء وتبحث عن مكان ما يحتوي بحر دموعها.
يغرق الأستوديو بدموع أمل، التي يسارع المذيع لإخبارنا بأنه لا يحب رؤيتها قاصدا الضد، إذ تتحول الحلقة إلى مرثية بأن أمل يتيمة منذ صغرها وفقدت أمها مؤخرا، ذلك السند والحضن، وهذا حقها .
يتحول المذيع تمام بليق إلى مروج للدموع، التي هي موضوع الحلقة، وكأن فنانتنا جاءت لتبكي.
أمل تعود إلينا بدون جديد فني لتطرح دموعها بدلا من طرح ألبومها، وبليق يصر على الحفر بكل الأغاني التي تشطر القلب نصفين ويعود بعد كل واحدة منها منتصرا بالكثير من البكاء.
ثم وعلى الشاشة نفسها تطل علينا أيضا النجمة مادلين مطر في برنامج آخر لتبكي أيضا على وفاة أمها، وترثيها بالحزن الذي نجله ونحترمه، ولكن لا نجد له أي تبرير عندما يخرج من خصوصيته ومن عوالمه ليتصدر شاشاتنا ومنابرنا ويصبح سطرا جديدا يسطر في بنية البرامج المنوعة بهدف إستقطاب جمهور يهوى التفرج على إنهزامية واستسلامية مشاعرنا الإنسانية، فيصبح الحزن جسرا آخر من جسور الترويج والإعلان وهذا ما لا يجوز إطلاقا.
شذى حسون وعقدة نقص برجوازيي المدن
هي عقدة النقص إذن التي تأكل عقل بعض النخب العربية من مثقفين وفنانين وإعلاميين حقيقيين كانوا أو مدعيين، إذ يظهرون على الشاشات العربية مطلقين أصواتا ومفردات ولغة ليست عربية تماما، فلا تعرف أنت المشاهد العربي لماذا يطلقون حناجرهم بالعربية وبالإنكليزية وبالفرنسية، وإذا سلمنا بأن اللغة هي مستودع ضخم للمفاهيم التي بدونها يصبح التفكير مستحيلا، كما هي مخزون مجتمعي ثقافي فكري يعكس هويتنا ومواطنيتنا… فمن المؤكد أن استباحتها على أيدي الكثيرين تعكس ضحالة وتشوش العقل والفكر.
شذى حسون مطربة الجيل المقبلة من بلاد الرافدين، تسقط في امتحان إجادة الحديث والتواصل بنكران لغتها الأم، عبر إطلالتها التلفزيونية الأخيرة مع نسرين ظواهري، فهي لا تتقن أبسط المبادئ التي تجعلها مقبولة لدى الآخر من عدم التصنع أو التكلف وتجنب إفساح المجال أمام مركبات النقص الثقافية، لأن تطفو على الحديث الفارغ أصلا من أي مضمون.
قدمت لنا حسون مثالا صريحاً يمكن أن يتحول إلى محاضرة كلاسيكية في (كيف لا تتصرف في مقابلة تلفزيونية!) فالنجمة، العربية العراقية التي تخاطب جمهوراً عربياً على شاشة عربية اختارت أن تطعم حديثها – المهم دون شك – بجمل ومصطلحات إنكليزية لا تتقنها وفرنسية حيناً آخر تجهل لفظها فتصبح لغة هزلية مضحكة.
لقد غاب عن مطربة الجيل أن إصرارها في التواصل بلغة طبقة محدثي النعمة وبرجوازيي المدن يجعلها تتقاطع مع قبول أكثر من 65 مليون عربي يعيشون في أمية كاملة و 200 مليون لا يحسنون لغات أجنبية أو إحداهما.
الخطير هنا أن حسون لا تعرف بأن استخدام بعض المقاطع من لغات أجنبية هنا وهناك – بداع أو بدون داع ـ يجعل المعنى مقتصراً على فئات إجتماعية محدودة دون غيرها وهذه أصلاً تتطلع إلى النجوم الأجانب الذين لا يرتبكون بحضورها ولا يتنكرون للغتها، والتي تترك عادة الحبل لمركبات النقص للنجوم العرب .
وهكذا ظهرت حسون لجمهورها المنفض عنها لصعوبة التواصل – وكأنها لا تحسن أياً من اللغات التي تحاول الحديث بها على نحو مقنع وأنها لم تبذل جهداً حقيقياً في ترتيب حصيلتها اللغوية، ربما لأن ذلك يحتاج إلى تفكير وثقافة وإحساس بالهوية لا يمكن الحصول عليها من محلات مصففي الشعر المعروفين في بيروت!
اللغة ثقافة، وهزيمة العربية أمام اللغات الأجنبية في أحاديث الكثيرين من النخب المجتمعية في بيئتنا، تستدعي التصدي لها ورفضها نهائيا حتى يحين الوقت الذي نرى فيه نجوم هوليوود يطعمون لغتهم بالعربية، وهذا مستحيل أن يحدث ولا حتى في أحلام اليقظة.
إيلي سليمان أساء لبرنامجه ولم يضحكنا
إيلي سليمان إختار الترفيه على «أو تي في» من خلال السخرية والإستهزاء بـ «تيتا لطيفة». هذه «التيتا» لمن لا يعرفها إمرأة ثمانينية تقدم برنامجاً عن الطبخ – له جمهور لا بأس به ـ إسمه (على نار لطيفة) وهي سيدة لا تستحق إلا كل احترام، لأنها ما زالت تعمل وتناضل وتخدم جمهورها وتسحر الجميع بلطفها، ولربما كان عيبها الوحيد كبر سنها وشيب شعرها وتواضع مظهرها، ولكنها في كلمة حق تليق بما تقدم وليس المطلوب منها إطلاقا غير هذه الوصفات للكثير من الأطباق، التي تميزت بها مما جعل عددا لا بأس به من النساء في الكثير من المناطق العربية ينتظرونها بالورقة والقلم.
سليمان سخر من شكل وأداء وشخص «تيتا لطيفة»، الأمر الذي لا يستحق السخرية من حيث المنطق، وبلا أدنى شك قد أساء لنفسه ولبرنامجه ولشاشته، كما لم يفلح في إضحاكنا، وقد قطع الشك باليقين بأنه إبن الشاشة التي تظهر عليها مذيعة الطقس وقد نسيت ملابسها في المنزل! *إعلامية من لبنان..المصدر: القدس الغربي
www.deyaralnagab.com
|