ثالوث «حرب المياه» في المنطقة: العراق المتضرر الأكبر والسدود تخنق إيران وتركيا تحتفظ بـ «حقها السيادي»!!
بقلم : إسماعيل جمال ... 18.07.2017 يبدو أن محصلة سنوات طويلة من الإجراءات والمشاريع المرتبطة بالمياه في المثلث الذي يجمع دول إيران والعراق وتركيا بدأت بالظهور على شكل خلافات وتحذيرات واتهامات متبادلة بين هذه الدول التي يخشى البعض أن تتصاعد لتتحول إلى «حرب على المياه» بين هذه الدول وغيرها في المنطقة.
وبينما بدأت إيران تشتكي وتحذر من مخاطر السدود التي تبنيها تركيا على ممرات المياه التي تصل إلى أراضيها، يشتكي العراق الذي يبدو أنه المتضرر الأكبر من الإجراءات الإيرانية والتركية التي باتت تشكل خطراً كبيراً على أمنه المائي، في حين تتمسك تركيا بما تعـتبره «حقـها السـيادي» في بنـاء الـسدود.
إيران التي انعقد فيها قبل أيام مؤتمر كبير حول المياه و»عواصف الغبار» الناجمة عن جفاف بعض الممرات المائية وسعت انتقاداتها لتركيا بسبب مشاريع بناء السدود التي تقوم بها على أراضيها وتقول طهران إنها سوف تشكل عليها خطراً كبيراً وسوف تتسبب في تناقص المياه التي تصلها بشكل كبير.
الرئيس الإيراني، حسن روحاني، انتقد دول جوار إيران ومن بينها تركيا، على إقامة مشاريع لبناء سدود على الأنهار، واصفا تأثير هذه السدود بالمدمر، وقال: «هناك بلد جار يفكر بإقامة 22 سدا على دجلة والفرات مما يترك آثارا سلبية على حياة العراقيين والإيرانيين».
ويقصد بهذا البلد تركيا التي تقوم بمشروع «غاب» الذي يهدف إلى تطوير وتنمية مناطق جنوب وشرق البلاد ويتضمن بناء 22 سداً على نهري دجلة والفرات اللذين يمتدان عبر سوريا والعراق وإيران وتقول هذه البلدان إنها سوف تتضرر بشكل كبير من هذا المشروع، بينما يساهم المشروع في زيادة المساحات الصالحة للزراعة في تركيا إلى جانب رفع الطاقة الكهربائية التي تولدها السدود.
ومؤخراً، بعث ناشطون بيئيون من إيران رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة طلبوا منه أن يستعرض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية في «عدم مراعاتها حقوق المياه العراقية والسورية مما أثرت سلبا على نظام البيئة لدى هذه البلدان وتجفيف الأنهار والأهوار وبروز ظاهرة الأتربة والغبار في إيران»، بحسب الرسالة. كما تجري محاولات لتقديم شكوى إيرانية ضد سد «ايليسو» التركي في محكمة العدل الدولة.
وتقول طهران إن مشروع «غاب» التركي خفض تدفق المياه في حوض الأنهار بنسبة 34 في المئة، ما أدى إلى تجفيف 94% من بلاد ما بين النهرين وازدياد العواصف الترابية في سوريا والعراق، والتي تتجه إلى إيران وتشل الحياة في المحافظات الجنوبية الغربية والغربية، ويقول مسؤول إيراني: «تركيا تفاقم الوضع من خلال مواصلة بناء المزيد من السدود، ما يترك المزيد من أحواض الأنهار المتجمعة التي تصبح مناطق تكاثر جديدة للعواصف الترابية»، محذراً من وصول المنطقة إلى مرحلة الدخول في حروب من أجل المياه.
ورداً على التصريحات الإيرانية، قال السفير التركي لدى إيران، رضا تكين، إن بلاده لا يمكنها التخلي عن «حقها السيادي في مجال إقامة السدود، لأن المياه تعد في الوقت الحاضر أغلى من النفط»، في حين أكد وزير الغابات وشؤون المياه التركي ويسل أر أوغلو على أهمية التعاون بين دول العالم، للتعامل مع مشاكل المياه.
وتقول إيران إنها تنتظر أيضاً نتائج كارثية نتيجة بناء أفغانستان سد «سلما» على نهر «هريرود» الذي يؤمن الجزء الأكبر من المياه الإيرانية شرقي البلاد، وتتوقع طهران أن تخسر في حال تشغيل السد 73% من المياه التي تصلها عبر هذا النهر وسوف يشهد شرق البلاد أزمة مائية حقيقية، وذلك عقب تضرر إيران من مجموعة من السدود التي بنتها أفغانستان في السنوات الأخيرة.
وعلى الجهة الأخرى، يبدو العراق المتضرر الأكبر من مشاريع السدود التركية والإجراءات الإيرانية وخلال الأيام الماضية نشرت وسائل الإعلام العراقية سلسلة تقارير تحذر من الانخفاض الكبير في حصة البلاد من المياه وإمكانية دخول بعض المناطق في كوارث جفاف ونقص في الطاقة الكهربائية تؤدي لغرق هذه المناطق بالظلام.
والشهر الماضي، قطعت إيران بشكل مفاجئ مياه «نهر الزاب الصغير» الذي يغذي مناطق في الإقليم الكردي شمالي العراق، وقال وزير الزراعة والموارد المائية بالإقليم الكردي في العراق قال إن «قطع المياه بشكل مفاجئ أثّر بشكل سلبي على قرابة 80 ألف شخص»، معتبراً أن «إيران تحاول إظهار تأثيرها على المنطقة من خلال استخدام المياه كأداة ضغط».
وزير الموارد المائية العراقي، حسن الجنابي قال في تصريحات صحافية مؤخراً إن «ثلثي مياه العراق من دول الجوار، وأنه لا خيار غير التعاون معها»، لافتاً إلى أن الاعتبارات السياسية تلعب دوراً مهماً في هذه القضية ودعا إلى «ضرورة فصل القضية المائية عن السياسة».
وأكد الوزير على أن «تركيا أنشأت سدودًا على نهر الفرات تؤثر على العراق، وأدت إلى تقليل إيراداته إلى حوالي 40% من نهر الفرات، بالإضافة إلى سد إليسو الكبير الذي سيدخل حيز التشغيل قريبًا على نهر دجلة (60 كيلو مترا) من الحدود العراقية، منوهًا إلى أن العراق قدم ملاحظات على هذا السد».
ويقول خبراء عراقيون إن بلادهم واقعة بين فكي كماشة تركيا وإيران، حيث تعتبر تركيا مياه نهري دجلة والفرات مياه وطنية وليست دولية ولا تراعي احتياجات دول الجوار، فيما تقوم إيران ببناء السدود والأنفاق وحرمان العراق من جزء كبير من حصته من المياه، حسب تعبيرهم. المصدر : القدس العربي
www.deyaralnagab.com
|