بمجرد أن تخرج إلى ساحة منزلها أو تتنقل بين غرفة وأخرى تبدأ باستراق نظرات الحذر إلى الشارع المطل عليها من الشرق، إنها حنان صوفان أم أيمن صاحبة المنزل الأقرب على المستوطنات في قرية بورين.فتارةً تنظر من بين الأسلاك الشائكة المنصوبة على أسوار منزلها، وتراها تارة أخرى تذهب بخيالها من نوافذ بيتها الشاهد على المواجهات الشرسة التي صبر فيها المنزل وأصحابه، في وجه من ارتسم الحقد والكراهية في قلوبهم لأي وجودٍ فلسطيني كان، فنعم المثل الذي ضربته أم أيمن وأبنائها في رسم أجمل صور للثبات على هذه الأرض الذي عليها كل شي يستحق الحياة.تقول أم أيمن صوفان كانت بداية اعتداءات المستوطنين على المنزل مع بدايات الانتفاضة الفلسطينية والتي استمرت إلى يومنا هذا وتصف أم أيمن تلك الهجمات "بالشرسة واللئيمة " وتعبر عن مدى الحقد المزروع في عقول وقلوب هؤلاء المستوطنين وبالتالي دفعهم للاستمرار في تكرار اعتدائهم على هذا المنزل.لمنزل حنان صوفان قصة لا تنفصل عن قصة أصحابه فهذا هو أحد منازل قرية بورين ويقع بعيداً عنها في وسط جبل سلمان ويبعد عن القرية ما يقارب 900 متر ويعلوه أيضا على بعد 900 متر مستوطنة "يتسهار" والتي تحوي وكما تقول أم أيمن على مستوطنين هم الأعنف والأكثر تطرفاً بالضفة الغربية، ويلف المنزل شارع التفافي يوصل المستوطنين إلى بيوتهم ويقطع في ذات الوقت أم أيمن وأبنائها عن قريتهم.
للاعتداء فصول
بفخر كبير بدأت أم أيمن حديثها وهي توصف زوايا المنزل التي تعرضت للتدمير والتخريب على أيدي المستوطنين الذي لم يتركوا في أنحاء منزلها إلا بصمات الدمار والإرهاب، وتتابعها شرحها عن إحدى المرات التي قام فيها أحد المستوطنين برمي زجاجة على إحدى النوافذ مليئة بالدم الأحمر والرائحة الكريهة، لهذا قام أبنائها بوضع شبك حديد على كل النوافذ لانها تتعرض للكسر باستمرار.
وتروي أم أيمن كيف قام المستوطنون بالتسلق على جدران المنزل ومحاصرتهم في إحدى الغرف بعد أن قاموا بتخريب كل محتوياتهم ومقتنياتهم، وبعدها قاموا بحرقة المنزل حتى أنهم وصولوا إلى الغرفة التي تحصنت العائلة بها وقاموا بسكب البنزين من أسفل الباب ولكنا وكما تقول صوفان قمنا بسكب الماء ليواجه البنزين وننجوا من الحريق الذي كاد أن يلتهمنا .
وتتحدث حنان صوفان عن إحدى المرات قام المستوطنون فيها بمهاجمة المنزل بالسيوف والزجاجات الحارقة، وكيف بدأوا بالصراخ وشتم أهل المنزل بالألفاظ العبرية التي ترجمها أحد أبنائها "انتم عرب خنازير"، "أخرجوا من أرضنا"، وتصف أم أيمن كيف قاموا بسرقة 10 من رؤوس الماشية بالإضافة إلى رأس خيل كانت نربيه العائلة في ارض المنزل.
رحلة المدرسة وخطر الطريق
يسكن في منزل أم أيمن 15 فرداً وعند تعرض المنزل لأي هجمات من المستوطنين يسيطر الرعب على نفوس الأطفال، وهنا حكاية أخرى من حكايات هذا المنزل فأحفاد أم أيمن يتجهون كل صباح إلى مدارسهم يسيرون على طريق ترابية تمتد 300 متر قبل أن يصلوا إلى الشارع الالتفافي الذي يحول بينهم وبين مدرستهم وتصف أم أيمن حالة القلق التي تسود أوقات الصباح خشية على أحفادها من أن يمسهم أي مكروه.
وتتحدث أم أيمن عن وقوف أهالي قريتها إلى جانبها فعند أي هجوم للمستوطنين يخرج الأهالي لمساعدتها لان أهل القرية يدركوا أهمية بقاء أم أيمن في هذا المنزل الذي يعد خطوط الدفاع الأخيرة لتلك المناطق ففي حال تم الاستيلاء على ذلك المنزل فان الاستيطان سيضع يده على كافة أراضي القرية.
يكمن سر صمود أم أيمن وعائلتها وقبولها بالعيش في هذا المنزل البعيد إلى العزيمة القوية والصمود الذي تتحلى به هذا العائلة وكم يكن أهالي القرية لهذه المرأة كل الاحترام على هذا التحدي والمعركة التي تخوضها ضد المستوطنين في ظل غياب زوجها المتوفى منذ 10 سنوات.
ام أيمن.. امرأة فلسطينية حولت منزلها إلى سجن حصين !!
بقلم : بشار النجار ... 05.12.2013