يشكل الاتجار في البشر ظاهرة مثيرة للقلق بالمغرب، بعد سلسلة التقارير التي نشرت خلال السنتين الماضيتين وهي التجارة التي اعتبرها حقوقيون مغاربة ‘انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان’.ونظم فريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمجلس النواب مؤخرا ندوة حول هذه الظاهرة بهدف إقرار قانون خاص لمناهضتها، انطلاقا من كون الاتجار بالبشر يشكل ظاهرة عالمية أغلب ضحاياها من النساء والفتيات، والمغرب معني بذلك لما يشكله هذا الموضوع من خرق لحق الإنسان في الحياة والحرية والتحرر من العبودية، وذلك حسب الورقة التقديمية للندوة حيث يقع كل سنة مئات الآلاف من الضحايا في أيدي المتاجرين بالبشر لأغراض الاستغلال الجنسي والعمل القسري، وإزالة الأعضاء والتسول والعبودية المنزلية والزواج الإجباري.وحسب الورقة التقديمية، فإن التقرير الأمريكي لسنة 2011 كشف أنه يوجد 27 مليون شخص في وضعية العبودية في العالم، تمثل النساء والفتيات ضمنهم نسبة 80، كما يشكل الاستغلال الجنسي أكثر أشكال الاتجار بالبشر شيوعا إذ يبلغ نسبة 79 بالمائة. أما عمل السخرة فيبلغ 18 بالمائة وتقدر قيمة التجارة السنوية للمتاجرين بالأشخاص 32 مليار دولار، مما يساهم في تفعيل غسيل الأموال، وإهدار المواد الإنسانية والمادية، ودعم أنشطة الاقتصاد الأسود والفساد وتشويه الوعاء الضريبي، والتأثير على ميزان المدفوعات وموازنة الدولة وأسعار الصرف.واعتبرت الورقة أن المغرب بحكم موقعه الجغرافي كقبلة إفريقية متزايدة تحول من بلد مصدر وعبور للهجرة إلى دولة الاستقبال، وهذا أدى إلى خلق وتدعيم شبكات دولية للجريمة المنظمة والاتجار في البشر، إذ كشف تقرير الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان حول الاتجار بالبشر بالمغرب وبمخيمات تندوف حيث التجمع الرئيسي للاجئين الصحراويين، أن عدد شبكات الاتجار بالبشر بالمغرب والتي تمكنت مصالح الأمن من إلقاء القبض على أعضائها ما بين سنتي 2009 و2011 وصل إلى ما مجموعه 405 شبكات أغلبها ينشط بين الدار البيضاء والقنيطرة. كما أن التقرير نفسه أوضح أن الاتجار بالمغربيات واستغلالهن في الدعارة، استنادا لدراسة ميدانية نشرتها مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، تفيد أن 70 في المائة من المغربيات اللواتي هاجرن لبلدان عربية خليجية تم تهجيرهن عن طريق شبكات الدعارة. وأشارت دراسة أخرى إلى وجود ما لا يقل عن 20 ألف مغربية تعيش أوضاع استغلال جنسي بشع في بلدان عربية. وأشار تقرير لوزارة الخارجية المغربية الى أن العاصمة السورية وحدها بلغ بها ما يسمى بالفنانات المغربيات 2000 مواطنة مغربية. ورأى الفريق الاشتراكي أن تجريم هذه الظاهرة في المغرب لا يزال جزئيا رغم خطورتها، لذلك فالأمر يتطلب إخراج قانون خاص كالعديد من الدول التي لا تستهين بالظاهرة. ويضمن الوقاية منها ويحمي ضحاياها، ويضمن الزجر الملائم لمرتكبيها ويضع حدا للإفلات من العقاب ويرسي آليات لمتابعة التنفيذ.وقال محمد النشناش رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إن ‘المغربيات يهاجرن إلى بعض الدول على أساس مهنة فنية أو أي عمل من العمل الاجتماعي، إلا أن شبكات الاتجار بالبشر تستغل المغربيات، اللاتي يصبحن أسيرات المافيا ويتم استغلالهن في الدعارة بشكل قسري’، موجها انتقادات كبيرة للظاهرة خصوصاً في بلدان الخليج العربي، مشيراً إلى أنه ‘يتم استغلال الفتيات في الدعارة إجبارياً في هذه الدول’.وكشف رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، خلال الندوة بأن ‘بعض الفتيات انتحرن بعد رفضهن لهذا العمل، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول الظاهرة’، مشيراً إلى أن غياب القيم والأخلاق وتراجع دور الأسرة من بين أسباب الظاهرة.وانتقد النشناش، حسب موقع اليوم 24 ضعف الإجراءات الحكومية تجاه هذه الظاهرة، ودعا في نفس الوقت إلى اتخاذ إجراءات كفيلة بوضع حد للاتجار بالبشر.وأشارت نزهة العلوي، ممثلة اتحاد العمل النسائي إلى خطورة ظاهرة الاتجار بالبشر، معتبرة أنها ‘أكثر خطورة من الاتجار في السلاح’، موضحة أن ‘الاتجار في النساء ظاهرة مركبة، خصوصاً مع ظهور شبكات من المافيات المتخصصة’.وقالت العلوي إنه ‘يتم استغلال المغربيات في الاتجار بالبشر خصوصا في ظل الفقر والحاجة والرغبة في العيش الكريم’، وأضافت ‘لاحظنا أن هناك مافيا، ولكن لا نستطيع قياس حجم الظاهرة لكن لدينا فقط قضايا تأتي إلى مراكز الجمعية، إلا أن الضحايا لا يصرحن بأسمائهن ولا كافة المعطيات’، ولفتت الحقوقية المغربية إلى أن ‘الظاهرة بدأت تنتشر، وأن أماكن الحلاقة والتجميل، تعمل على استدراج الفتيات وإغرائهن للعمل في دول معينة بعقود ظاهرها مهن معينة وباطنها دعارة’.وقال أحمد توفيق، ممثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، إن ‘الاتجار في البشر انتهاك خطير لحقوق الإنسان لأنه يخرق حق البشر في الحرية، فضلا عن كونه يستغل الأطفال والنساء’.واعتبر أن الدراسة التي أنجزها المجلس الوطني لحقوق الانسان(رسمي) حول الاتجار في البشر، أكدت أنه على الرغم من أن الترسانة القانونية المغربية تتضمن مجموعة من المقترحات من أجل الحد من الاتجار بالبشر، إلا أن القانون الجنائي المغربي لم ينص على أن الاتجار بالبشر جريمة قائمة بذاتها!!
عشرون الف مغربية يعشن اوضاع استغلال جنسي بشع في بلدان عربية!!
بقلم : محمود معروف ... 06.02.2014