يُستدّلُ من معطيات نشرت في تقرير نصف سنوي 2020 أصدره مركز مساعدة ضحايا العنف الجنسي والجسدي في جمعية نساء ضد العنف، اليوم الخميس، حول الاعتداءات الجسدية والكلامية، أن هُوِيَّة المعتدي معروفة للضحية في 90% من الحالات، و18% من مجمل التحرشات الجنسية كانت داخل العمل من قبل مشغل أو صاحب سلطة.
وأصدر مركز مساعدة ضحايا العنف الجنسي والجسدي في جمعية نساء ضد العنف تقريره النصف سنوي الذي شمل معطيات حول توجهات نساء وفتيات من ضحايا العنف والاعتداءات الجنسية في الحِقْبَة الممتدة ما بين كانون الثاني/ يناير وحزيران/ يونيو للعام 2020.
وجاء في التقرير أنه في "أعقاب أزمة كورونا، الإغلاقات والحجر المنزلي الذي فرضته الحكومة تحولت العديد من المنازل إلى أرضية خصبة للعنف، خاصة ضد النساء، إذ تحول المنزل الذي كان من المفترض أن يشكّل حيزا آمنا وواقيا إلى جحيم، ليصبح مجرد البقاء فيه أكثر خطرا على حياة النساء والفتيات من خطر الفيروس نفسه، إذ إن الكثيرات منهن لا يجدن مكانا آخر للجوء إليه فيضطررن إلى البقاء في البيت على الرغْم من تعرضهن للعنف".
وذُكر أنه "منذ بداية شهر آذار/ مارس حتى هذه اللحظة، لم تتوقف مراكز الدعم عن استقبال توجهات نساء يعانين العنف خلال مدّة الإغلاق، كثيرات منهن يتوجهن أول مرة لمراكز الدعم. وذلك نتيجة للضغوطات النفسية والاقتصادية التي خلّفتها أزمة كورونا. وقد ساهمت هذه الضغوطات في تضييق الخناق على النساء والفتيات ضحايا العنف والاعتداءات الجنسية بالتواجد المكثف لساعات طويلة في البيت إلى جانب رجال معنّفين، إذ أظهرت المعطيات أن 76% من التوجهات كانت حول اعتداءات داخل البيت".
وقالت الجمعية إنه "وجب التنويه، قبل استعراض البيانات الآتية ذكرها، أنّ هذه المعطيات هي نتيجة لجرائم، تعانيها النساء فقط لكونهن نساء، من قِبل المفاهيم الذكوريّة التي يُرضعها مجتمعنا لأبنائه الذكور مذ ولادتهم، مما يؤثر على تنشئتهم الاجتماعيّة فيما بعد، ومنها تقسّم الأدوار الاجتماعيّة النمطيّة التي تشكّل جزءًا أساسيًا في تجذير العنف والتمييز ضد النساء".
ارتفاع بنسبة 40٪ مقارنة بالعام الماضي
وجاء في التقرير أن "جو العنف السائد في مجتمعنا لا يقتصر فقط على التوجهات التي وصلت إلى مركز المساعدة التابع لجمعية نساء ضد العنف، وإنما يظهر خصوصية مجتمعنا الفلسطيني في الداخل، إذ وصل عدد التوجهات إلى 619 توجها، مقابل 441 توجها في نفس المدّة الزمنية العام الماضي. أي إن هناك ازدياد بنسبة 40% في التوجهات خلال النصف الأول من 2020. واتضح أن الارتفاع الأكبر كان بنسبة العنف الجسدي والكلامي (يشمل العنف الاقتصادي والاجتماعي والنفسي) إذ وصل عدد التوجهات إلى 330 توجهًا، أي ارتفاع بنسبة 62% عن نفس المدّة الزمنية في العام الماضي حول حالات عنف جسدي تعرضن له النساء من قبل أحد أفراد عائلتهن خاصة الزوج، الأب أو الأخ، وهذا يطابق المعطيات التي أظهرت أن هُوِيَّة 90% من الأشخاص المعتدين معروفة للضحية. كما وصل عدد التوجهات حول العنف الجنسي إلى 289 توجهًا، أي ارتفاع بنسبة 21% عن نفس المدّة في العام الماضي".
وأشار التقرير إلى أن "ازدياد نسبة التوجهات نابع أيضًا من تعطيل النساء عن العمل في ظل وباء كورونا، إذ إن 70% من النساء يقعن في خانة البطالة. بالإضافة لذلك، حسب تقديرات مكاتب التشغيل هناك حوالي 15% من النساء العربيات يعملن دون علم الجهات الرسمية أي ما نسميه بالعمل الأسود وهن في الغالب يعشن قبل أزمة كورونا في دائرة الخطر، لكنهن مع بداية الأزمة وتوقفهن عن العمل لا يستطعن تلقي مخصصات بطالة أو أي تعويض من الدولة، ما أدخل عائلاتهن في دائرة الخطر ومضاعفة احتمال تعرضهن للعنف، القمع والسيطرة الذكورية".
جرائم الاغتصاب 46% من مجمل جرائم العنف الجنسي
وحسيب التقرير فإن "توجهات العنف الجنسي التي وصلت المركز أشارت إلى أنّ 46% من مجمل جرائم العنف الجنسي كانت جرائم اغتصاب، أي إجبار المرأة أو الفتاة أو الطفلة على عملية جنسية كاملة، وقد يرافقها استعمال القوة الفعلية أو التهديد. مهم الإشارة إلى أنه في الآونة الأخيرة ومع تطور الوسائل التكنولوجيّة برزت أيضًا التحرشات والاعتداءات عن طريق الشبكة والهاتف المحمول الذكي، غالبًا تكون هذه التحرشات بإرسال صور إباحية أو محادثات وتهديدات.
90% من المعتدين أشخاص تعرفهم للضحية
وتبين من المعطيات التي أوردها التقرير أنه "نلحظ في الأشهر الستة الأولى من هذا العام ازديادًا في نسبة التوجهات من قبل شابات تطرقن بحديثهن عن الاستغلال الذي تعرضن له من قبل صديق بعلاقة حميمية أو بمرحلة من مراحل الارتباط. وتبين أنّ 33٪ من الاعتداءات الجنسية كانت عبارة عن تحرش جنسي الذي تضمن التلميحات والإيحاءات الجنسية، أو طلب خدمات جنسية أو حتى مضايقة كلامية أو جسدية لها طبيعة جنسية. المشترك بين كل توجهات الشابات أنهن عبرّن عن تسلط وتحكم في حياتهن وإلحاحًا بإرسال صور بالتعري، إقامة علاقة جنسية قبل الزواج بالقوة يرافقها التهديد والإهانات الكلامية وغيرها من الأعمال المشينة بحق المرأة. هذا بالإضافة إلى خوفهن من مشاركة الأهل عن الأذى الذي تعرضن له لعدة أسباب من بينها، إلقاء اللوم عليها، التكتم والكبت بالمواضيع الجنسية وعدم فهم الصعوبات التي تمر بها. كما يجب التشديد إلى أن 67% من المعتدين في حالات الاعتداءات الجسدية والكلامية هم إما أزواج حاليين أو سابقين للمعتدى عليها بينما 21% من المعتدين كانوا من عائلة المعتدى عليها (يشمل الوالدين، الأخوة، الأعمام والأخوال)".
45% من المتوجهات أفدن بأنهن عانين الاعتداء وهن في جيل 19-25 عاما
ووفقا لتقرير جمعية نساء ضد العنف فإن "هناك تأثيرات وإسقاطات وتبعات نفسية بالغة الأثر للاعتداءات الجنسية على النساء والفتيات أبرزها: الصدمة، الشعور بالخوف والذنب بالإضافة لتهديدات من المعتدي. فقد تبين من المعطيات أن 45% من المعتدى عليهن توجهن بعد نصف سنة حتى سنة من يوم الاعتداء للمركز بطلب المساعدة. كما تبين أن 22% من المعتدى عليهن جنسيًا توجهن بعد خمس سنوات حتى عشر سنوات من لحظة الاعتداء. بالإمكان الادعاء أنه كلما طالت المدّة تحملت المعتدى عليها أعباء جسدية ونفسية أكثر تثقل كاهلها".
إغلاق 80% من الملفات التي وصلت للشرطة
وحسب التقرير فإن "هناك أعدادا كبيرة من التوجهات لنساء تتعرضن لعنف، ولكنهن لا يستطعن البوح لكونهن معرضات للتهديد بالسلاح من قبل أزواجهن. غالبًا ما تشاركنا النساء بموضوع تهديدهن بالسلاح وخوفهن على حياتهن، ولكنهن يرفضن الشكوى لأنهن لا يثقن بجهاز الشرطة لإخفاقه في توفير الأمن والأمان لحياتهن. فقط في 19٪ من الحالات قامت المعتدى عليها جنسيًا بالتوجه للشرطة إذ إن 10٪ من النساء توجهن للشرطة بعد التوجه للمركز و9% قبل التوجه. يجب التشديد بأن هذه النسبة ليست بقليلة مع أنه يجب على جميع المعتدين نيل عقابهم قضائيا وأن تأخذ أجهزة تطبيق القانون دورها من أجل تقوية أنظمة الردع إلا أننا نفهم صعوبة الأمر على النساء. وكذلك غياب أنظمة الردع والعقاب وانفلات المعتدين من المحاسبة يمنح شرعية لكل رجل يمارس العنف بالاستمرار في نهجه وهو إلى ذلك لا يمكن الإغفال عن الوضع السياسي والموقف العام للمجتمع العربي من جهاز الشرطة وأزمة الثقة المتفاقمة. ولوحظ وصول توجهات من قبل نساء مع إعاقات مختلفة حيث أفدن بأنهن واجهن صعوبة بالوصول للمراكز والأطر الخاصة بهن خلال مدّة الحجر مما زاد من تعرضهن للعنف في بيوتهن من قبل الأهل".وأوضحت الجمعية في تقريرها أن "ازدياد العنف ضد النساء وإخفاق السلطات والجهات المسؤولة في التعامل في أزمة كورونا جعل الجمعيات النسوية تطالب ببلورة سياسات تحمي النساء المعرضات لعنف داخل منازلهن بالرغم من ظروف الإغلاق في الوقت الذي توقفت فيه كل المؤسسات الرسمية والحكومية عن العمل من أجل تأمين إطار يحمي النساء المتوجهات لطلب الحماية. العنف الجسدي والنفسي معاناة تتعرض له نساء مجتمعنا لكونهن إناث، في تمييز وعنصرية واستضعاف لقدراتهن وانتهاك حقهن بالعيش حياة كريمة، ليخدم المصالح الذكورية ويحافظ على الثبات القمعي بين الفئات المختلفة. وعلى هذا فقد أصبحت كورونا حافزا لتطوير خِدْمَات جديدة وطرق تواصل حديثة مع النساء، إذ تم تطوير التواصل الكتابي (التشات) كخدمة إضافية من خِدْمَات مركز مساعدة ضحايا العنف والاعتداءات الجنسية التابع لجمعية نساء ضد العنف".وتوجهت جمعية نساء ضد العنف ومركز مساعدة ضحايا العنف الجنسي والجسدي بالتقدير والشكر لطاقم المتطوعات العاملات في المنصات المختلفة، اللواتي يواصلن الليل بالنهار من أجل خدمة النساء، بإنسانية ومهنية وعدالة لزرع روح الأمان والاحتواء لهنّ ودعمهن من أجل العيش الكريم، مؤكدة أن ظاهرة العنف ضد النساء هي ظاهرة منتشرة وما زالت مستمرة، آخذة بالازدياد في كافة المجتمعات، وللحد من هذه الظاهرة علينا كأفراد في المجتمع أن نؤمن بالعدالة والإنسانية والحياة الكريمة وأخذ المسؤولية.
فلسطين:نساء ضد العنف: هوية 90% من المعتدين معروفة للضحية!!
29.10.2020