أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41058
صحافة : واشنطن بوست: حكومة عمران خان لا تحتفل بانتصار طالبان وتريد إدارة الأزمة والتعاون مع واشنطن!!
25.08.2021

دعا مستشار الأمن القومي الباكستاني إدارة جوزيف بايدن للتعاون مع باكستان والتعامل معها كحليف وليس ككبش فداء. وفي تصريحات نقلها المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” جوش روغين عن معيد يوسف، مستشار رئيس الوزراء عمران خان لشؤون الأمن القومي أن المصالح القومية للبلدين تقتضي التعاون بينهما. ففي الوقت الذي بدأ فيه العالم يتعامل مع تداعيات سيطرة طالبان على أفغانستان، بدأ الكثيرون في واشنطن بتوجيه أصابع الاتهام لباكستان الحليف الأكبر من دول غير الناتو التي ينظر إليها أنها منذ وقت طويل بغير الحليف.
فالعالم يتغير بشكل سريع ولدى الولايات المتحدة وباكستان مصلحة لتجاوز المشاكل القديمة والعمل معا. فمجرد ذكر باكستان في الإعلام الأمريكي يعني توجيه تهمة لها بأنها الداعم الذي ظل يقف طوال السنوات الماضية وراء طالبان. والآن وقد سيطرت الحركة على أفغانستان فقد بدأ الخبراء في واشنطن من جديد بالحديث عن تواطؤ باكستان مع الجهاديين داعين لمعاقبتها، مثل قطع الدعم وفرض العقوبات على حكومتها.
لكن الحكومة المدنية في إسلام أباد لا تحتفل بانتصار طالبان، وتحاول بدلا من ذلك إدارة تداعيات الأزمة الجديدة. وقال يوسف إن عدم الاستقرار في أفغانستان قد يؤدي إلى مزيد من الإرهاب واللاجئين والمصاعب الاقتصادية لباكستان.
وقال إن الولايات المتحدة وباكستان لديهما مصلحة مشتركة للعمل معا في أفغانستان ولكن هذا بحاجة لإصلاح العلاقات الثنائية بين البلدين. وقال “في الوقت الحالي وفي الوضع الذي نواجه، كيف لا تتوافق مصالح الولايات المتحدة وباكستان” و “أنا لا أطالب بالتعاطف مع باكستان ولكنني أفكر من منظور المصالح القومية الأنانية الأمريكية. وكيف تساعد على إبعاد بلد بهذا الحجم والمكان والقوة؟”. وتعتقد الوكالات الاستخباراتية الأمريكية أن عناصر في الجيش الباكستاني ومنظومة المخابرات دعمت طالبان ولسنين طويلة، وهي تهمة تنفيها القيادة المدنية. وبحسب منظمة هيومان رايتس ووتش، فقد شمل الدعم على التمويل والدعم الدبلوماسي وتدريب مقاتلي طالبان وتزويد الحركة بالسلاح والدعم القتالي المباشر. وتتهم باكستان بتوفير الملجأ الآمن لطالبان على جانبها من الحدود. ويشير المسؤولون في إسلام أباد لآلاف الجنود الباكستانيين الذين ماتوا أثناء القتال ضد المتطرفين داخل البلد منذ هجمات 9/11. وقال يوسف “لا علاقة لباكستان بهجمات 9/11 وتعاونا مع الولايات المتحدة في القتال، بشكل أدى لحدوث ردة فعل سلبية داخل باكستان” و”لكن دعنا نتجاوز هذا، فنحن بحاجة للبحث عن طريقة للتقدم معا كشركاء لأن أيا منا لا يستطيع العمل بدون الأخر وفيما يتعلق باستقرار المنطقة”. واتهم يوسف الحكومة التي دعمتها الولايات المتحدة في كابول باستخدام باكستان ككبش فداء لتبرير عقمها وفسادها وعدم شعبيتها. وقال إن “باكستان ساعدت على دفع طالبان إلى طاولة المفاوضات بناء على الطلب الأمريكي وتم تهميشها عن المفاوضات ولكنها تحمل مسؤولية النتائج. وقال يوسف “هل طلبت باكستان من الجيش الوطني الأفغاني عدم القتال؟ هل أخبرت باكستان أشرف غني بضرورة الهروب؟” مضيفا أن “الدولة بكاملها انهارت في أسبوع، ولهذا كان هناك من يكذب ولا يقدم الأخبار الحقيقية أو أن هناك من أخطأ حول الواقع عندما يتعلق الأمر بإعلام دافعي الضرائب في العالم الغربي”.
ومن البيان الذي أصدرته حكومة خان في الأسبوع الماضي حول سيطرة طالبان، بدا أن هناك تداخل في أهداف سياسة إدارة بايدن. ودعت إسلام أباد طالبان العمل مع الجماعات الإثنية الأخرى وتشكيل حكومة شاملة في كابول. وحثت إسلام أباد طالبان على احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان. وتتفق باكستان مع بايدن على سحب القوات الأمريكية من أفغانستان. وجاء في البيان الباكستاني أن “استمرار الحضور العسكري لمدة أطول لن يؤدي إلى نتيجة مختلفة”. وتريد إسلام أباد من الولايات المتحدة زيادة مشاركتها الدبلوماسية والاقتصادية في أفغانستان والبحث عن طرق للتعامل دبلوماسيا مع طالبان. ودعا يوسف واشنطن عدم عزل أفغانستان عقابا لحكامها الجدد. وقال “الأن أصبحت طالبان تحكم كل البلد، وهم ليسوا بحاجة لإسلام أباد بعد الآن”. مضيفا “الدعم والاعتراف هو ورقة نفوذ ومن يملك هذا؟ لدى الدول الغربية المزيد من النفوذ في أفغانستان أكثر من باكستان”.
وكتب ريان كروكر، السفير الأمريكي السابق في باكستان بصحيفة “نيويورك تايمز” الأسبوع الماضي مناقشا أن الولايات المتحدة أخطأت بفك علاقتها مع باكستان في التسعينات من القرن الماضي وستكرر الخطأ لو أبعدت نفسها عن إسلام أباد الآن. وكتب كروكر “نريد التعاون مع باكستان بطرق لتقييم ومواجهة هذا التهديد المعزز” و “منظور عدم الاستقرار والعنف في بلد يبلغ تعداد سكانه 210 مليون نسمة وأسلحة نووية ليس رائعا”. وقال يوسف إن العلاقات الأمريكية- الباكستانية ليست منحصرة في أفغانستان فقط، فهناك مصالح مشتركة في العديد من القضايا ولكن على الولايات المتحدة تعلم دورس التسعينات من القرن الماضي عندما تخلت عن أفغانستان وإلا حصل نفس الشيء. و “لو تم ترك الفراغ الأمني بالتخلي عنها فإنك ستشاهد نفس الجماعات الإرهابية تعيد بناء جذورها وعلينا ألا نخدع أنفسنا”. وفي ضوء الخروج غير المنظم من أفغانستان وسيطرة طالبان على السلطة فلا مجال أمام أمريكا إلا قبول العرض الباكستاني للتعاون. وقد لا ينجح لكن لا مانع من المحاولة. وربما عثرت واشنطن وإسلام أباد على طريق للعودة كحلفاء حقيقيين وهذا منطق استراتيجي جيد للبلدين وهما بحاجة له أكثر من أي وقت.