قالت لويز كالاغان مراسلة صحيفة “صاندي تايمز” في تقرير لها من العاصمة بغداد أن التيار الصدري يحضر للفوز في الإنتخابات البرلمانية. وأشارت إلى أن مقتدى الصدر زعيم التيار الذي كان يوصف بـ “أخطر رجل في العراق” أصبح يقود حركة باتت موجودة في كل مؤسسات الدولة. وفي مقابلة مع السياسي صادق السليطي بمكتبه في المنطقة الخضراء تحدث فيها عن موضوع المفضل له وهو: “كيف سيقوم قائده الصدر بإنقاذ العراق من الفساد والفوضى والإضطراب؟”
فعندما احتل الامريكيون العراق قبل 18 عاما كان السليطي من الداعمين لـ “المقاومة” التي قادها الصدر ضد الأمريكيين وبعد ذلك شارك في الحرب الطائفية التي خلفت آلاف الموتى. ومنذ ذلك الوقت عاش العراق فترات من الإستقرار والنزاع الداخلي، بما فيها الحرب ضد تنظيم الدولة الذي سيطر على مساحات واسعة من البلاد عام 2014. واليوم يحضر الأمريكيون الذي سيطروا على العراق من المنطقة الخضراء لسحب قواتهم من البلاد بنهاية هذا العام، فيما تمكن رجال الصدر في كل مؤسسات الحكومة.
والإنتخابات البرلمانية هي السادسة منذ عام 2003 والأولى منذ الإحتجاجات الواسعة في 2019، والتي انتهت بقمع المتظاهرين وقتل المئات، والميليشيات قوية أكثر من الماضي والإقتصاد يترنح.
ويعتقد السليطي أن الإنتخابات الحالية ستكون في صالح الصدر حيث سيختار خليفة لمصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء الحالي. وقال السليطي “كنا قادرين على أخذ منصب رئيس الوزراء منذ وقت طويل”، وفشلت “بقية الكتل” في الحكم و “يعاني العراقيون نتيجة لهذا الوضع الفوضوي ونأمل بتشكيل حكومة قوية قادرة على أخذ الجميع تحت جناحها”، وأضاف “هذا من أجل العراق وليس من أجلنا”.
وتظل قاعدة دعم رجل الدين هي مدينة الصدر، مخيم واسع من بيوت الصفيح في جنوب بغداد، تنتشر فيه صوره مع والده. الشوارع قذرة والأطفال يلعبون وسط أكوام النفايات ولا تتوفر المياه الصحية أو الكهرباء إلا بشكل متقطع حتى في الصيف الذي تصل فيه درجات الحرارة إلى 50 مئوية. وقالت كالاغان، كان من الصعب العثور على أشخاص يدعمون رجل الدين، فمن بين عشرة أشخاص تم الحديث معهم، لم يعبر أحد إلا عن دعم غامض له. وعبر الكثيرون عن السخط والغضب من عقم وسوء إدارة أتباعه، وعبرت قلة عن نيتها لدعمه رغم كل هذا.
وقال حسين شامل، 54 عاما، مدرس الرياضيات العاطل عن العمل والذي يؤجر أدوات البناء “هناك فاسدون في كل الأحزاب بمن فيهم الصدريون، ولكن لو فازوا فقد يساعد هذا”. وقال “الأمور تزيد سوءا كل يوم، ولدي ابنتان وولد أكملوا دراستهم الجامعية لكنهم يجلسون بدون عمل” و “هذا أمر بائس. ونلوم الأمريكيين على أنهم جاءوا إلى هنا وتنصيب الاحزاب في السلطة ولكن علينا لوم السياسيين العراقيين لسرقتهم واستمرارهم بالسرقة”. وقال عادل أبو عباس، 40 عاما ويبيع المياه “يبدي الساسة طيبة قبل الإنتخابات ولكنهم يختفون بعدها”.
وبعد الغزو الأمريكي الذي أطاح بصدام حسين في عام 2003 جمع الصدر، 47 عاما من حوله الشباب الشيعة في مدينة الصدر وسلحهم في ميليشيات عرفت بجيش المهدي لقتال الأمريكيين. وبعد ذلك اتهموا بتنظيم فرق موت لقتل السنة العراقيين. وقتل الآلاف منهم ورميت جثثهم أحيانا في الشوارع وعليها آثار الرصاص.
وبحلول 2008 خفت وتيرة القتل، ومنذ ذلك الوقت لعب الصدر دورا محويا في السياسة العراقية، إما علنا او من الظل. وقال مسؤول عراقي “في بعض الأحيان اعتقد أنه يخرج ويتخذ قرارات لا سبب لها” و “لكن أتباعه يمشون وراءه”. ففي هذا الصيف أعلن الصدر أنه لن يشارك في الإنتخابات ثم عاد وعدل عن قراره وقال إنه سيشار من أجل إصلاح العراق. ويقول محللون إنه قضى السنوات الماضية لتقوية مواقعه في الحكومة ووضع رجاله في المؤسسات المهمة. ويرى نقاده أنه يتحمل جزءا من المسؤولية عن مشاكل البلد. وقال باسم خشان، المرشح البرلماني المستقل “يدعو إلى الإصلاح ولكن حركته وحزبه يسيطران على الوزارات” و “تولت الحركة الصدرية هذه المواقع والمناصب لعدد من السنين لكن الأمور ساءت بشكل كبير فيما يتعلق بالفساد وفي كل الوزارات التي شغلوها”.
وينظر الدبلوماسيون الغربيون إلى الصدر بأنه أفضل من الساسة المرتبطين بالميليشيات الموالية لإيران والمتهمة بالقتل وانتهاكات حقوق الإنسان. وقال دبلوماسي “هناك الكثير من الخيارات السيئة وهو واحد منها. وعندما تحصل (قوي موالية لإيران) على سلطة واسعة، يظل هو الشيطان الذي تعرفه”. وفي كل أنحاء العراق يقول العراقيون إنهم متعبون من كثرة انقطاع الكهرباء وعدم توفر الوظائف ومخاوف اندلاع تمرد جديد. وعبر الكثيرون عن عدم رغبة بالمشاركة وأنهم محبطون من الأسماء المعروضة عليهم للتصويت. وقالت كريمة جابر من بغداد “لمن أصوت؟ ولا أحد منهم ساعدني” و “لا أستطيع الحصول على الطعام لي ولأولادي إلا عندما يرسل أهلي المال”.
وأشارت الصحيفة إلى انتشار الخوف في بغداد التي تراجعت حياتها الليلية بسبب تهديد جماعات من الملثمين. وفي الوقت الذي يعد فيه الصدر ورجاله بعراق مستقر، يرى الذين عملوا مع القوات الأجنبية رعبا وتدهورا في الأوضاع القادمة. وأشارت إلى علي الذي عمل مترجما مع القوات البريطانية وتقدم بطلب نقله من العراق بدون نتيجة. وفي هذا الصيف وصل اسمه وعدد من زملائه الذين عملوا مع البريطانيين إلى قوات الأمن العراقية ومررت إلى الميليشيات حيث تم وضعها على الحواجز في بغداد. ويؤكد الجيش البريطاني أنه لم يحصل أي اختراق للبيانات. ولكن الخطر بالنسبة لعلي واضح، وفي كل يوم يخاطر بالخروج من البيت بحثا عن عمل لإعالة عائلته يخاطر بحياته.
صحافة : صاندي تايمز: الصدر يعد بإنقاذ العراق وحركته جزء من منظومة الفساد!!
11.10.2021