علقت صحيفة “وول ستريت جورنال” على قمة النقب التي تشارك فيها أربع دول عربية في صحراء النقب بأنها أول قمة تستضيفها إسرائيل وتعبر عن عملية إعادة ترتيب جيوسياسي تهدف لاحتواء إيران.وجاء في التقرير الذي أعده ديفيد كلاود ودوف ليبر وستيفن كالين أن العلاقات الأمنية الجديدة تعيد تشكيل الشرق الأوسط، حيث يحاول أعداء الأمس احتواء إيران وإعادة التفكير في الدور الأمني الأمريكي بالمنطقة ومحاولة الصين وروسيا استغلال ما خلفته واشنطن. وقالت إن قمة النقب تلخص التغيرات في التحالفات وعمليات الاصطفاف التي جمعت المسؤولين العرب والإسرائيليين والأمريكيين معا ولأول مرة في إسرائيل للتفاوض وتوسيع شراكتهم المزدهرة.وقال المسؤولون العرب والإسرائيليون إنهم يناقشون شراكة أمنية غير مسبوقة وعلاقات عسكرية واقتصادية واستراتيجية مشتركة ضد إيران. وما يدفع عمليات ترتيب العلاقات في المنطقة المفاوضات غير المكتملة مع إيران بشأن ملفها النووي والصدع الجديد حول الحرب الأوكرانية ودعم دول المنطقة للموقف الأمريكي، في وقت تحاول فيه إدارة جوي بايدن إقناع كل من إسرائيل والسعودية دعم موقفها من المحادثات مع إيران وعزل روسيا.
وجمعت القمة وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن ووزراء خارجية إسرائيل والمغرب والبحرين والإمارات ومصر، وأضيفت الأخيرة لقائمة المشاركين في اللحظة الأخيرة كإشارة عن استعداد القاهرة لعلاقات أكثر دفئا مع إسرائيل. وعلق بلينكن يوم الأحد “منطقة مستقرة ومندمجة تعطينا قاعدة قوية لمواجهة التهديدات المشتركة مثل هذه”، وقال إن الاجتماع لم يكن ممكنا قبل سنوات.
وستشهد محادثات الإثنين مناقشات حول إمكانية تحويل اتفاقيات إبراهيم إلى تحالف عسكري رسمي والدور الذي يمكن للولايات المتحدة لعبه فيه. وقالت الصحيفة إن الموضوع الإسرائيلي- الفلسطيني، والذي أبعد إسرائيل عن جيرانها سيكون من ضمن البنود على طاولة النقاش، ولكنه لن يكون الموضوع الأهم للاجتماع.
ونقلت الصحيفة عن أمير حايك، السفير الإسرائيلي في الإمارات “أهم قضية هي الجلوس معا” و “قول للعالم إننا متحدون في المنطقة”.
وتقول الصحيفة إن إسرائيل وشركاءها العرب الجدد يقومون بتسريع المحادثات المتركزة حول أنظمة الدفاع الجوية والصاروخية التي تهدف لمواجهة إيران وترسانتها من الأسلحة متوسطة المدى والمسيرات القتالية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي قوله إن السعودية التي لم تقم بالتطبيع مع إسرائيل أقامت علاقات عسكرية سرية وثيقة مع إسرائيل. وراقبت السعودية والإمارات المنشآت النفطية في أراضيها تتعرض للهجمات من الجماعات التي تدعمها إيران في اليمن والمنطقة وبرد رمزي من أمريكا.
وتزامن اللقاء مع تدهور الوضع الأمني في إسرائيل، وهجمات في بئر السبع والأحد في الخضيرة، وسط إسرائيل. وشجب الوزراء العرب المشاركون في الاجتماع الهجوم الأخير عبر دائرة الشؤون الخارجية الإسرائيلية. وفي الأسبوع الماضي سافر رئيس الوزراء نفتالي بينيت إلى شرم الشيخ واجتمع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي، حيث ناقش المسؤولون التعاون الأمني والاقتصادي ومواجهة إيران حسب مسؤول على اطلاع بما دار في اللقاء.
وكانت العودة للاتفاق النووي أهم ملمح في سياسة بايدن الخارجية، إلا أن الموضوع مثير للانقسام في الشرق الأوسط، حيث تعارضه إسرائيل ومعظم الحكومات العربية. ويخشون من أن يؤدي رفع العقوبات عن إيران إلى تشجيعها على توسيع نشاطاتها في الشرق الأوسط، وفي أعقاب خروج بايدن المتعجل من أفغانستان. وسيقدم بلينكن للوزراء المشاركين إيجازا حول مسار المفاوضات في فيينا.
ويقول المسؤولون الإيرانيون والأمريكيون إنهم يقتربون من توقيع اتفاقية. ولكن ما يمنع التوقيع هو موضوع شطب الحرس الثوري الإيراني عن قائمة الإرهاب. وتقول الصحيفة إن العداءات القديمة والعلاقات تتغير بشكل يعيد تشكيل العلاقات الجيوسياسية في المنطقة. فقد عادت قطر إلى الحظيرة الخليجية بعد ثلاثة أعوام من الحصار الذي فرضه الجيران عليها. وعادت السعودية والإمارات للتواصل مع تركيا، بعد سنوات من العداء. وتقود الإمارات الجهود العربية لإعادة العلاقات مع نظام بشار الأسد، برغم وحشيته في الحرب الأهلية.
وفي علامة أخرى، هي تبني كل من إسرائيل ودول الخليج الحياد من الغزو الروسي لأوكرانيا، رغم الدعوات الأمريكية لها لكي تدعم جهودها. وتحدث وليا عهد السعودية وأبو ظبي مع بوتين ورفضا تلقي مكالمة من بايدن، قبل الغزو. ودعت الرياض الرئيس الصيني شي جين بينغ لزيارة السعودية ومناقشة بيع النفط لبيجين باليوان، كما كشفت الصحيفة. وعمقت دول الخليج علاقاتها مع روسيا وتعاونت معها في مجال الطاقة من خلال تحالف أوبك بلاص والذي لم يفعل أي شيء لمنع ارتفاع أسعار النفط. وفي الوقت نفسه طورت السعودية والإمارات علاقات دبلوماسية واقتصادية مع إيران في محاولة لرفع الرهانات في أي نزاع إقليمي. وتم تعليق المحادثات هذه بعد أكبر عملية إعدام جماعية في تاريخ السعودية وشملت عددا من الشيعة.
وقال ستيفن كوك، الزميل في مجلس العلاقات الخارجية “لم يعودوا يعولون على فكرة تقديم أمريكا الأمن لهم كما كانوا في السابق”. و “كل الحوافز تسير بالاتجاه المضاد على ما يبدو”. ويأمل المسؤولون الأمريكيون أن يخفف الاتفاق مع إيران من التوترات لكنه سيعود حالة فشل الطرفان بالتوصل لاتفاق أو زادت طهران وحلفاؤها من الهجمات على المنشآت النفطية في الخليج. وعندما تعرضت الإمارات لهجمات من الحوثيين، استخدمت البنتاغون مقاتلات أف-22 لإسقاط الصواريخ التي أطلقها الحوثيون وزار قائد القيادة المركزية كينث ماكنزي أبو ظبي لتقديم التطمينات للقيادة هناك.
وتصدى بايدن لمظاهر القلق الأمني أثناء زيارة لأمير قطر إلى البيت الأبيض حيث طلب من لويد أوستن، وزير الدفاع عمل كل شيء من أجل توصيل دعم الولايات المتحدة للإمارات والسعودية ودول الخليج.
لكن هذه الدول مع إسرائيل تخشى من تخفيف العقوبات على إيران بشكل تستخدم فيه موارد النفط للإنفاق على وكلائها في لبنان واليمن والعراق. وقال مسؤول أمريكي إنه بدلا من تخفيف المخاوف في المنطقة، فقد تؤدي الاتفاقية النووية إلى زيادة التوتر وجرأة المتشددين الذين سيزيدون من الضغط على شركاء أمريكا في المنطقة. وربما تبنت إيران مدخلا هادئا في الأشهر الأولى من توقيع الاتفاقية حيث تحاول إحياء قطاعها النفطي واقتصادها الذي شلته العقوبات القاسية. ولو كانت المحادثات ناجحة فقد تؤدي إلى مشاورات حول أمن الخليج تشمل إيران. ولم يستبعد المسؤولون الأمريكيون والإيرانيون مزيدا من المحادثات بعد توقيع الاتفاقية لحل القضايا العالقة. وترى الصحيفة أن التجمع في النقب يشير إلى تراجع فكرة ربط التطبيع مع إسرائيل بحل المشكلة الفلسطينية. ولكن الأردن الذي دعي للمؤتمر لم يرسل وزير خارجيته.
ويزور ملك الأردن عبد الله الثاني رام الله يوم الإثنين ويجتمع مع رئيس السلطة الوطنية، محمود عباس، وسيجتمع كلاهما مع السيسي في عمان، يوم الثلاثاء. ولخوفها من إغضاب حلفائها في المنطقة فقد التزمت السلطة الوطنية بالصمت حيال اجتماع النقب، ولم يرد المسؤولون الفلسطينيون على أسئلة الصحيفة.
صحافة : وول ستريت جورنال: اجتماع النقب لمواجهة إيران بغياب أردني وصمت فلسطيني!!
28.03.2022