قالت صحيفة “الغارديان” في تقرير أعده المحرر الدبلوماسي باتريك وينتور إن تركيا عضو الناتو ولم تفرض عقوبات الغرب على روسيا، لكنها تحظى بدعم الطرفين في الحرب. وأضاف انه من بين عدة دول تتنافس على التوسط في الحرب الروسية- الأوكرانية، ظهر تركيا كرابح وزادت من مكانة الدبلوماسية التركية، حتى لو بدت الجهود مسرحية بدون تحقيق نتائج قوية. ويواصل الرئيس إيمانويل ماكرون جولته من المكالمات العنيدة مع الرئيس فلاديمير بوتين، إلا أن وزارة الخارجية التركية هي الوحيدة القادرة على جمع الطرفين- الروس والأوكرانيين. وهو موقف غريب، فتركيا عضو حلف الناتو تواصل تزويد أوكرانيا بالسلاح وترفض في الوقت نفسه فرض العقوبات التي فرضتها أوروبا على روسيا، ومع ذلك فتحظى بالإحترام الكافي من الطرفين لعقد اجتماعات برعاية تركية. ويعرف الأتراك ما هو على المحك. ففي تصريحات لمستشار الرئيس التركي إبراهيم كالين بمنتدى الدوحة قال فيها ” بعد نهاية كل هذا، سيظهر معمار أمني عالمي جديد، والكيفية التي سيظهر فيها هذا المعمار سيشكل مسار الأحداث لعقود قادمة. وكل خطوة نقوم بها، وكل تحرك نفعله لإنهاء الحرب سيترك أثره على المعمار الأمني الجديد”.
وبعبارات مختصرة، فهذه ـ حسب الكاتب ـ مجموعة من محادثات السلام سيتردد صداها ليس بين المتقاتلين، ولكن العالم. وليس من الخطأ التفكير أن تركيا ليس لديها رأيها كما كالين “ما أدى إلى الحرب يحتاج لدراسة متأنية. وأدى اختلال التوازن الذي شكل النظام الدولي الذي برز بعد نهاية الحرب الباردة دورا مهما في ظهور الأزمة الحالية والحرب التي نحاول وقفها”. ومع أن الحرب ليست مبررة كما قال، إلا أنه أضاف “مهما كانت أسبابها والتظلمات أو مظاهر القلق الأمني التي دفعت روسيا للحرب، فهي غير مبررة ونحن بحاجة للحديث مع روسيا. ولو حرقنا كل الجسور مع روسيا فمن سيتحدث مهم في نهاية اليوم؟” ويشي كلامه ان عهد الهيمنة الأمريكية يجب أن ينتهي. وعبر وزير الخارجية التركي يوم السبت عن اعتقاده من أن أفضل مصلحة لاوكرانيا هي ممارسة سياسة خارجية متوازنة. واقترح ان تركيا قد تقدم مثالا ورفض الإختيار بين الشرق والغرب. وهو أمر أجبرت تركيا على اختياره بسبب موقعها الجغرافي. والحقيقة أكثر تعقيدا ومحاولة لخدمة النفس، فبعدما ضايقت الكثيرين في المنطقة، أجبرت تركيا لإصلاح علاقتها نظرا لما تعانيه من مشاكل اقتصادية.
ومهما يكن الأمر فقد قال تشاوش أوغلو “علينا أن نعثر على طريقة تحفظ الوجه وخروجا مشرفا لكلا الطرفين يمكنهما تسويقها محليا ودوليا”. وكانت أول مبادرة لتركيا قد جرت بداية الشهر الحالي على هامش المؤتمر الدبلوماسي بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأوكراني ديمتري كوليبا، حيث تم عرض فكرة تخلي أوكرانيا عن العضوية في الناتو وتبني موقفا حياديا مقابل ضمانات أمنية من عدة دول لم تسمى. ولم يكن لدى لافروف الإيجازات التي تجعله يقدم ردا على العرض. لكن لقاء اسطنبول يوم الثلاثاء قدم العرض بطريقة رسمية ومكتوبا. وقاد الوفد الأوكراني هذه المرة مستشار الرئيس ميهالو بودلياك وقاد الوفد الروسي فلاديمير ميدنيسكي. وكان كالين محوريا في تجميع القائمة.
وأظهر حضور مالك نادي تشيلسي رومان أبراموفيتش موقعه المهم الذي يحظى به. وقال بودولياك إن بلاده تريد دولا ضامنة تضم الصين وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا وإسرائيل وكندا. وسيكون دورها مشابها للبند 5 في التزامات الناتو وحماية سيادة أوكرانيا حالة تعرضها للتهديد. وهذا بمثابة إعادة صياغة لمذكرة بودابست عام 1994.
وزعم بودولياك أن قبولا من دول يريدها أن تكون ضامنة قد تم، مضيفا أن الأرضية موجودة للقاء تستضيفه تركيا وهو هدف إلى جانب المعابر الإنسانية قابل للتحقيق، كما قال تشاوش أوغلو.
وفي نبرة غير مشجعة من موسكو، قالت الأربعاء “لم يحدث أي شيء واعدا”. والهدف المقبل الذي تسعى إليه تركيا هي جمع بوتين وزيلينسكي في غرفة واحدة في خلال أسبوعين. وفي هذا الوقت لا يعتقد بوتين أنه غير خاسر أو انه سيخسر من هذا اللقاء. ويختم الكاتب بالقول أنه “لو استطاعت تركيا تحقيق ذلك فسيكون تحول مهم لأردوغان الذي كان مهددا بالعزلة بسبب نزعاته الأوتوقراطية”.
صحافة : الغارديان: تركيا هي الرابح في لعبة الوساطة بين روسيا وأوكرانيا والخطوة المقبلة هي لقاء بوتين ـ زيلينسكي!!
31.03.2022