أحدث الأخبار
الثلاثاء 10 كانون أول/ديسمبر 2024
تجربة التوطين ومحاولات تطبيقها بالكامل على بدو النقب!!
بقلم : زهير بن عياد ... 04.01.2012

تجسد الدولة الاسرائيليه بسلوكها الحالي نحو بدو النقب سياسة إستعمارية تقليدية محضة ، سياسة لم تراعي خصوصية البدو كأقلية أصلانية مكافحه ، تتمحور هذه السياسة حول هدف رئيس وهو استئصال البدواة بكافة انماطها إجتماعيا وثقافيا واقتصاديا ، وتستهدف كل العوامل التي تشكل مجتمع اساسه البقاء والتراث البدوي ، وفي هذا السياق الخفي نشأت عندنا في النقب ما تسمى قرى وبلدات التوطين ، والتي لم تأتي بمحض صدفة أو إرادة ، بل تمخضت عن إستراتيجية موغله تحاكي الاسطورة الصهيونية المعروفه ، نطق حول ذلك موشيه ديان 1963 جهلا منه بأن جيلا بدويا مقبلا سيعي ما قال ويدرك نواياه ، قال : " ظاهرة البدو هذه ستختفي ، يجب توطينهم وجعلهم يعملون في مزارعنا وصناعتنا بأجور منخفضه ...وهذا سيؤدي لتغيير جذري بحت لن يستطيع بعده البدوي العيش بين قطعانه وأرضه وسيصبح مواطنا مدنيا يعود لبيته عصرا ويخلع نعليه ، سيعتاد اطفاله رؤيته بالبنطلون ولا يحمل شبرية ، لن يفلي رأسه من القمل ، وسيذهب اطفاله للمدرسه مسرحة شعورهم ... انها ستكون ثورة ..." ، أو هكذا قال وتلى ذلك اسقاطات وخيمة على البدو كان ابرز ما أضاعوه فيها الأرض .. تلك هي التجربة التي تحاول المؤسسة الاسرائيلية اليوم استيحاءها بل استنساخها ذاتها إزاء ال 45 قرية بدويه في النقب والذي يطلق عليها اسرائيليا قرى غير معترف بها ، بنفس الخطى تقريبا ، فكما ادعوا ان التوطين هو لعصرنة البدو ها هم يوهمون العالم اليوم ان ذلك من ذلك أيضا ، فاستنفروا الهيئات حزبيا واكاديميا وقوميا ، لتعمل على تشويش قضية النقب وإبقاءها ضبابية محليا وعالميا حتى يتم لهم الاستيلاء على الارض كل الأرض وسط متاهة التائه وحيرة الحائر ، فلهذا ومن مدة صاغوا تصورات مبهمة حول صحراء النقب فوصفوها بمكان قفر خال ، من تاريخها ان هناك بعض البدو الرحل كانوا يتنقلون فيها او بكلمات المهاجر الروسي ليبرمان غزاة " علينا منعهم من الاستمرار بالغزو غير القانوني لاراضي الدولة " .. اراضي الدولة هذا المصطلح الذي تحبذه الدولة وفي هذا المنحى لا نعرف كيف تبرر الدوله سلوكها ذو الثقافة الغربية بتجاهلها لعادات البدو وخاصيتهم في ملكية الأرض وارتباطهم الوثيق بها ، فبرزوا بنظامهم القضائي في مقابل أدبيات البدو الاوليه قديما والتي حدت بهم لعدم إمتلاك أية وثائق تثبت ملكيتهم للارض ، والامر ليس سيان كما هو واضح ، وعقلية المستعمر الانتدابية تحثة على إخفاء أي ملمح للمستعمر ...
تمدين البدوي أتى وفق تكتيكات وأجندة سرية ظاهرها عصرنته وتقديم الخدمات وبناء البنى التحتية وباطنها الاستيلاء على الأرض - العمود الاساسي لسيرورة الاقتصاد البدوي - والحد من التمدد العربي عليها ، فأقيمت القرى السبع التي غيبت عنها وما زالت الاطر والأنشطة الاقتصادية والثقافية في خطة ممنهجة مبرمجة لتكريس إعتماد بدو التوطين على المال والخدمات الاسرائيلة وبالتالي السيطرة عليهم سيطرة تامة ...
هذه إذا لمحة بسيطة عن نشوء واقع لم يلائم البته طموحاتنا وانماطنا ، واقع رسم الاحباط بأبشع صوره في وجوه العرب النقباويين ، وزاد من الهوه بيننا والاخرين ، حتى اننا نرد على بون شاسع يفصلنا عن إخواننا العرب ، وهذا من ترسبات الحكم العسكري الهادف الى عزل البدوي عن محيطة وطمس تراثه الحي ، ومن بديهيات القول أن غولدبرغ وخطة شارون كلها مخططات مستقاة من تجربة توطين البدو الأولى يحاولون في القرن 21 إعادة تطبيقها على بدو ال 45 قرية ، فلهؤلاء نقول شكرا شكرا على تحديكم المستميت لهذه العقلانيات المتحجرة ...

1