أحدث الأخبار
الثلاثاء 10 كانون أول/ديسمبر 2024
النّقب ومخطط برافر..اليات النضال والتهديدات!!
بقلم : امل الصانع-الحجوج* ... 05.01.2012

يواجه النّقب اليوم قضية مصيريّة وان كانت القضيّة المصيريّة منذ قيام دولة إسرائيل. سياسات التّهجير والاقتلاع ومصادرة الأراضي ليست بالجديدة على أهل النّقب في البلدات السّبع وفي القرى غير المعترف بها. هذه السياسات أسفرت عن سن قوانين تنتزع ملكيّة الأرض من أهلها وعن عدم الاعتراف بالقرى وسياسة هدم البيوت المتواصلة يوميًا في جميع أنحاء النّقب.
قبل 3 أعوام تقريبًا عندما رأت الدّولة أنّ جميع ممارساتها لتضييق الحيّز على سكّان القرى لم يثني من صمودهم على الأرض ولم يقنعهم بالانتقال إلى البلدات المخطّطه, قررت الحكومة إقامة لجنة برئاسة القاضي المتقاعد إلعيزر جولدبرغ, كان هدف هذه اللّجنة تقصي الوضع بالأخص فيما يتعلق بقضيّة الأرض والقرى غير المعترف بها.. في حينها استمعت اللّجنة إلى 170 شهادة من أهل القرى بينهم مهنيّين/ات وناشطين/ات. وفي نهاية المطاف حرّر وثيقة باسم "توصيات لجنة جولدبرغ" وقدّمها لحكومة بنيامين نتنياهو. التّوصيات لم تكن مقبولة بكاملها على أهل النّقب لكنها كانت تمثّل فاتحة مداولات وحوار لحل القضيّة. وأهم المباديء الّتي ذكرت في التّوصيات والّتي رأى فيها أهل النّقب نقطة تحوّل في تعامل الدّولة – اذا تبنتها- مع قضيّة الأرض والقرى هي:
الاعتراف بحق أهل النّقب على أرضهم من منطلق علاقتهم وحقّهم التّاريخي عليها.
الاعتراف بالقرى الغير معترف بها قدر الامكان.
التّعامل مع اهل النقب بمنظور المواطن المتساوي الحقوق مثله مثل أي مواطن آخر في الدّولة.
بدء الحوار بالنسبة لملكيّة الأرض من عشيّة إقامة الدّولة أي الأرض الّتي كان يملكها السّكان عشيّة إقامة الدّولة.
بعد أن قدّمت وثيقة التّوصيات لحكومة نتنياهو رأت هذه الحكومة في التّوصيات مشكلة كبيرة, وان هذه التّوصيات تأتي لصالح أهل النّقب وليس لصالح الحكومة فشكلت طاقم برئاسة أودي برافرلاقتراح خطّة تنفيذيّة تعتمد على مصلحة الحكومة وليس بالضّرورة على توصيات لجنة جولدبرغ. وهذا ما رأينا ونبين لنا جليًا حين درسنا مخطط برافر حيث ان المخطط:
لا يعترف بملكيّة أهل النّقب للأرض نهائيًا ويعتبرها أراضي دولة.
التّداول حول ملكيّة الأرض يتم فقط مع من يدعي الملكيّة بعد عام 1979 أي كل ما تمّ مصادرته منذ قيام الدّولة حتى عام 1979 يعتبر أراضي دولة ولن يعاد فتح هذا الملف. أي أنّه تاريخيًا عندما تمّ ترحيل جميع عرب النّقب إلى منطقة السياج 1953 تمّ مصادرة جميع الأراضي آنذاك وتسجيلها باسم الدّولة بمعنى واضح أن من رُحّل في عام 1953 نكب بترحيله ونكبته الثّانية تأتي في أعقاب مخطط برافر مدعية أن لا ملكية له على الأرض الّتي تم ترحيله منها.
لا اعتراف بأي قرية غير معترف بها نهائيًّا وإنما يجب ترحيلهم إلى البلدات السّبع وتعويض البلدات السّبع ماديًّا لاستيعاب أهل القرى.
بطريقة عنصرّة واضحة يحدد مخطط برافر بأن لا اعتراف بملكيّة ولا باقامة أي قرية غربي شارع 40 أي تركيز الغالبيّة العظمى من أهل النّقب في منطقة " السياج " التّاريخيّة.
هذا التّوجه لا ينم فقط عن عنصريّة صارخة وانما عن توجّه أمني واضح بتركيز أهل النّقب وسهولة فرض الرّقابة عليهم. هذا البند هو تصحيح بند رقم 10 والّذي قام اليمين وعلى رأسه عامي درور باضافته إلى المخطّط ليصبح المخطط أكثر عنصريًّا وتطرّفًا. الجدير ذكره أن مخطّط برافر قدم لأول مرّة لحكومة بيبي في شهر 1 وتمّ المصادقة عليه حكوميًّا في 11.09.2011 .
آليّات النّضال:
في أعقاب المصادقة الحكوميّة على المخطّط تمّ تشكيل لجنة التّوجيه العليا لعرب النّقب بمركّباتها السّياسيّة والاجتماعيّة حيث تضم اللّجنة ممثلي الأحزاب العربيّة, الحركات الاسلاميّة, السّلطات المحليّة ومؤسّسات المجتمع المدني بما في ذلك مؤسّسات حقوقيّة عربيّة ويهوديّة. وكان القرار الأول للّجنة هو التّركيز على توعية السّكان والتّعبئة والتحشيد لقيادة نضال جماهيري واسع, وبذلك تمّ تنظيم مظاهرة 6 أكتوبر والتي تعتبر الأكبر في تاريخ أهل النّقب حيث شارك أكثر من 8000 شخص وكان ذلك تتويجًا لعمل ميداني في جميع القرى لشرح مخاطر مخطّط برافر. وكانت هناك مشاركة كبيرة واضحة للنّساء من جميع القرى. وعقبتها فعّاليّة الزّحف إلى المفارق الخمس الرّئيسيّة في النّقب, وتلتها مظاهرة نصرة النّقب والّتي نظّمت في القدس وكانت الأكبر في تاريخ المجتمع الفلسطيني في البلاد الّتي تنظم في القدس ليشارك الآلاف.
الفرص لإنجاح وتنجيع النّضال:
لا شكّ في أن وحدة الصّف الممثلة بلجنة التّوجيه بجميع مركّباتها خلقت وأعادت بناء الثّقة بين القيادة وأهل النّقب.
تبني لجنة المتابعة لقضيّة النّقب " الممثّل بتبني قرارات لجنة التّوجيه العليا لعرب النّقب والممثّل باضراب نصرة النّقب " جعل وبشكل فعلي قضيّة عرب النّقب قضيّة الجماهير العربيّة في البلاد.
نجاح مظاهرة 6 أكتوبر أعادت ثقة النّاس بأنفسهم وشحنهم نحو استمرار النّضال.
التّنظيم والعمل الميداني الّذي قامت جميع مركّبات لجنة التّوجيه وخاصّة الجمعيّات النّسائية لتجنيد النّساء وبشكل فعلي.
الادراك بأن مخطط برافر ليس مخطّط موضعي وليست قضيّة شريحةواحدة في النّقب وإنّما أتى للّتعامل مع قضيّة النّقب شاملة كاملة: القرى غير المعترف بها, الملكيّة على الأرض, البلدات المخطّطة والبلدات السّبع القائمة, فهي قضيّة الجميع.
المهنيّة, المتابعة والاستمراريّة: المتابعة في الفعّاليّات والاستمرار في التّحشيد على المستويات الأربع التّالية: القانوني, البرلماني, الميداني والاعلامي. نجح في تذويت وإدراك بأن إسقاط مخطّط برافر هاجس الجميع وقضيّة الجميع أفرادًا ومؤسّسات وقرى, وبأن هذه المرّة نحن في مرحلة " أن نكون أو لا نكون " وأنّ النّضال نضال ذاتي ويجب الاعتماد الكلّي على النّضال الجماهيري والتّحشيد الجماهيري.
النّضال مُؤطّر زمنيًّا خاصة وأن الحكومة الممثلة بالوزير بيني بيقن ملزمة بتقديم نص قانون خلال أسابيع قليلة وبذلك هذه فرصة لتكثيف النّضال في المرحلة الرّاهنة.
التّهديدات ونقاط الضّعف:
كون تبنّي المخطط وترجمته لقانون فيما بعد وعزم الحكومة على " دفن " قضيّة النّقب وإلى الأبد يشكّل خطورة كبيرة في أنّ هناك إصرار لدى الحكومة بأن تنهي القضيّة بكل الوسائل والطّرق.
فيما إذا وصل الأمر إلى البرلمان للتّصويت على قانون مخطّط برافر فإنّ الأمل يكاد معدومًا في أن يتم إفشال الخطّة من خلال البرلمان ( الكنيست ). حيث أنّ الجميع يعلم البرلمان الإسرائيلي تسوده وتحكمه قوى اليمين المتطرّفة الّتي حتمًا ستصوّت لصالح القانون.
ليست بالصّدفة وخلال ال 3 سنوات الأخيرة تصر الدّولة على " حل " قضيّة عرب النّقب -لا لسواد العيون ولا لمصلحة أهل النّقب ولا لوعيهم بأنّهم ظلموا واضطهدوا وفجأةً استيقظ الضّمير- وإنّما لسبب واحد ووحيد والّذي ربّما غاب عن الجميع هنا وهو بأنّ مشروع ما يسمى " تطوير النّقب " يقضي بنقل جميع القواعد العسكريّة من مركز البلاد إلى النّقب مثال: " مدينة هبهادم " هكرياه هموديعينيت " وإلى جانب ذلك إقامة 10 بلدات يهوديّة لإسكان عائلات الضّباط والجيش فيها. فبشكل واضح الدّولة بحاجة إلى الأرض لتدبير مصالحها ونحن في النّقب نعرقل عليهم ذلك. ومن هنا تأتي حالة الطّواريء لتركيز عرب النقب " وإزاحتهم عن الطّريق ". ليتسنى للدّولة تنفيذ مخطّطها. فبرافر ليس مخطّط الدّولة الاستراتيجي وهدفها الأسمى هو تهويد النّقب وتوفير عقارا وأراضي في تل أبيب من القواعد العسكريّة ونقلها إلى النّقب.
المنتفعون والمتعاونون: هناك مجموعات مرتزقة من المجتمع العربي في النّقب تسوّق مخطط برافر وتحاول أن تقنع السّكان بتبنّي المخطّط وهم الرّاقصون على جراحنا وهم من تقوم " مديريّة تطوير البدو " أو ما يسمى بذلك بتجنيدهم لصالحها واختراق وحدة الصّف في النّقب بواسطتهم وهم ما يسمى اليوم في قاموس الرّبيع العربي " الشّبيحة " وعلينا عدم استنزاف طاقاتنا في محاورتهم لأن في كل نضال هناك المنتفعون ومن يخدمون السّلطة. علينا تنبيه أهلنا منهم وبالمقابل أن لا نترك فراغ نضالي ليملأه المغرضون.
المشاحنات الدّخليّة والتّنافس على القيادة هذه أيضًا أحدى الظّواهر الّتي تهدد نضال الشعوب ونراها جليًّا كل يوم وهي ظاهرة يصاب بها من هم حريصين على القضيّة باخلاص ولكن اختلاف في وجهات النّظر, منافسة مراكز ومراتب تجعلهم يستنفذون جل طاقاتهم في المشاحنات فيما بينهم بدل من توجيه الطّاقة إلى القضيّة الأساسيّة لاسقاط مخطّط برافر. هذه السّلوكيّات تخلق بلبلة لدى السّكان البسطاء والسّكّان ينتظرون الحل فيفقدهم هذا السّلوك ثقتهم بالنّاس وبالنضال وبأنفسهم. فإن كانت طاقتنا 100% دعونا نستثمر 80% للنّضال من أجل إسقاط مخطّط برافر و 10 % لمحاربة المنتفعين و 10% للمشاحنة فيما بيننا ....قضيّتنا أهل لهذا النّضال فدعونا نستثمر مكاسب نضالنا منذ 11.09.2011 حتى اليوم وهي مكاسب رائعة لاستثمار نضالنا لاسقاط المخطّط.
في الأسابيع الأخيرة يقوم الوزير بيني بيغن كل يوم خميس بزيارة للنّقب للاستماع لرأي النّاس وفيما بعد سيقوم باستعمال ذلك ليقول بأنّ السّكان موافقون على هذا المخطّط. علينا إسماع كلمة واحدة صريحة مخطّط برافر نكبة جديدة نحن نرفضه وسنفشله ومطالبنا وضحه وصريحة:
الاعتراف بملكيّتنا على أرضنا, الاعتراف بقرانا غير المعترف بها والمطالبة بمساواة حقوقنا وتزويد قرانا وبلداتنا بجميع الخدمات, التّعليم, الصّحة, البنية التحتيّة وفرص العمل.

* النقب
1