أحدث الأخبار
الأربعاء 27 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
النقب : عواقب التوطين والتهجين!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل  ... 17.04.2016

لايمكن لاي قوى استعماريه او ظلاميه وإن ملكت حتى القوه ان تسيطر على شعب او عرق اثني مالم تسيطر على حضارة وثقافة وهوية هذا الشعب او الاقليه العرقيه ومما لا شك به ان بدو جنوب فلسطين كانوا ولا يزالوا تاريخيا يشكلون قطاع من قطاعات الشعب الفلسطيني وجزء لا يتجزأ من هذا الشعب العريق والمناضل منذ عقود ضد الاحتلال والصهيونيه الاستيطانيه والاحلال والتهجير القسري,لكن ماجرى في النقب منذ مطلع سبعينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا هو ان عملية توطين البدو قسريا وطوعيا قد ادت الى تهجين جزء كبير من بين هؤلاء وخاصة شريحة الشباب التي ولدت وترعرعرت داخل مدن الملح والتوطين في النقب وبالتالي يخطأ من يظن ان مخططات السلطات الاسرائيليه لم تنجح في تطويع وتهجين العقل العربي النقباوي الى حيث شاءت ومتى شاءت وما جرى ان اسرائيل عبثت بحضارة وثقافة عرب النقب وقامت بتغيير جذري لقيَّم ومفاهيم ومعنى حياة البدو من خلال تحييد العقل البدوي عن الارض وارتباطه بها وجعله مجرد لاهث وراء الحياه والعيش من منطلق المفاهيم الاسرائيليه الهادفه الى نزع كل معالم ومقومات الهوية الحضاريه البدويه والفلسطينيه.. وهذا ما هو حاصل اليوم حيث خلقت اسرائيل واقع تغريبي وتجهيلي جل اساسه وكيانه مكون من الشريحه المتعلمه الباحثه عن وظيفه ومقام داخل منظومة التصهين والتهجين التي نجحت اسرائيل في فرضها كواقع له مقومات معيشيه يصبح فيها القدوه البدوي العميل والمتصهين الذي يشغل هذه الوظيفه او تلك وخاصة في سلك التربيه والتعليم احد اهم مراكز التهجين والتضليل والتغريب التي ترتكز عليها الدوله الاسرائيليه في عملية غسل دماغ الاجيال والاطفال البدو وجعلهم مجرد نموذج جاهل يسعى للعيش ويلهث وراء وظيفه وبيت داخل مشاريع التوطين في النقب لابل انه لا عيب في الامر ان يذهب استاذ مدرسه الى الخدمه في الجيش الاسرائيلي حتى يرقَّى ويعين مديرا لاحدى المدارس العربيه في النقب او حتى يحصل على دونم ارض للبناء مجانا او بسعر مخفض داخل نقاط التوطين القسري التي انشأتها السلطات الاسرائيليه...كثير من المدارس العربيه في النقب يديرها عملاء سلطه او مدراء مهتريين ثقافيا وعمريا ولكم ان تتصوروا حال الطلاب الذين سيتخرجوا من هذه المدارس...فلان وعلان يتخرجون من هذه المدارس ليتعلمون في الداخل او الخارج ويندمجون في منظومة العمل الصهيونيه ولا علاقه لهم بقضايا الوطن والارض والقرى الغير معترف بها في النقب..مبروك صار مهندس وصار دكتور يعمل في المؤسسات الاسرائيليه ويتكلم العبربيه..هذا هو حلم البدوي اليوم وهو حلم حققته اسرائيل من خلال تهجير البدو من ديارهم وتوطينهم قسريا وطوعيا وعجنَّهُم وجبلهُّم على منوال الوظيفه والمنصب والعيش... لامكان لا لحقوق البدو التاريخيه في عقول هذه الشريحه البدويه االمهجنه والمنزوعة الهويه..قوادها وقدواتها موجوده داخل منظومة المجالس المحليه والبلديه كبلدية رهط وغيرها من مراكز التهجين الذي يديرها عملاء السلطه.. هنالك فرق بين قواده وقياده..قوادها وليس قياداتها؟؟
العيب والخطأ لايكمن في وجود خطأ او خلل معين بحد ذاته لابل في انكار العيب والصمت عليه واتخاذه كواقع معيشي واجتماعي يتعايش ويتماشى معه الناس ولا عيب في الامر ان يتطور الانسان حضاريا وانسانيا من منطلق هويته الحضاريه لكن الجاري في النقب وبما يتعلق بعرب النقب هو بلدوزر تهجين وتغريب طال كل مجالات حياتهم وحضارتهم وهويتهم الى حد خلق بدوي جديد منزوع من شروشه وجذوره الحضاريه والتاريخيه ليصبح مجرد مصلي في مسجد او مجرد حجر في غابة من الحجاره لكنه يعيش ضمن معطيات الجهل والتجهيل والتهجين اللتي فرضتها السلطات الاسرائيليه ولا علاقه له لا بقضية الارض العربيه في النقب التي تستولي عليها سلطات الإحلال الاسرائيلي من جهه ولا علاقه له بمجرى الاحداث في محيطه الفلسطيني والعربي من جهه ثانيه وبالتالي يصبح مجرد مشاهد اخبار او مسلسلات والعاب كره "كلاسيكوانا" ولا علاقه له لا من قريب او بعيد بالبعد والوعي الوطني لما يجري من احداث...بدوي اسرائيلي ممسوخ ومهجَّن لايتفاعل مع اي قضايا وطنيه وهَّمه الاول العيش في اطار الفتات الاسرائيلي الذي يوزع او يلقى به إلى هذا القطيع التي خلقته اسرائيل ليأكل ويشرب ويتسول ويتوسل وظيفه او معونه ولا يهمه من اين مصدرها سواء كانت مؤسسه صهيونيه او جمعيات تطوعيه صهيونيه يديرها صهاينه عرب بهدف تخريب وتهجين عقل الشباب العربي النقباوي..هنالك بدو سماسره يعملون في مؤسسه صهيونيه تحمل عنوان تطوير واسكان البدو وهي مؤسسه صهيونيه مهمتها تطيير البدو من اراضيهم وتوطينهم قسريا وهؤلاء يعملون علنا في خدمة مشاريع التوطين والتهجين الاسرائيليه...بعض البدو يزعم الوطنيه وتجده يشارك في اعراس عملاء وجنود تحت لافتة العادات والتقاليد حتى يبرر ويمرر مسلكيته الانتهازيه والمخزيه وعن السماسره البدو الذين يسمسرون على اراضي اهلهم مقابل وظيفه او امتياز ما فحدث بلا حرج..؟؟
من هنا لابد لنا بفرض الواجب والتقدير ان نوجه ارقى التحايا الوطنيه والانسانيه لابناء وبنات ونساء ورجال واطفال القرى العربيه ال45 الصامدون في قراهم والقابضون على جمر ضنك العيش والمقاومون لمحاولات الدوله الصهيونيه لاقتلاعهم من قراهم وديارهم وهؤلاء هم بالفعل جنرالات صبر وصمود وقدوه يقتدى بها وطنيا وتاريخيا.. قدوه صامده ومتشبثه بالحق والارض وهم على عكس الموطَنون والمهجنون من بدو الرده وعملاء السلطه الذين يتسابقون ويعملون المستحيل لشراء قطعة ارض[دونم] للبناء والعيش في مدن وقرى التوطين القسري مثل رهط وتل السبع وحوره وكسيفه وشقيب السلام الخ.. اجيال كامله مهجنه ومضلله وجاهله نشأت في مدن وقرى التوطين القسري ولا يوجد لها اي علاقه بتاريخها وبديارها الاصليه لابل ايضا ان هنالك من يسكنون اليوم في مدن التوطين لم يكونوا بالاصل ملاَّكي ارض واصبحت حياتهم ومعيشتهم مرتبطه بمكان سكنهم الحالي ولا علاقه لهم بالواقع التي تعيشه القرى العربيه البدويه ال 45 اللتي لا تعترف بوجودها اسرائيل وتعيش في ظروف العصور الغابره دون ماء وكهرباء ودون بنيه تحتيه وخدمات صحيه وتعليميه لكنهم صامدون ويتدبرون امورهم وما رايته ان بعضهم اوصل الكهرباء عبر الواح الطاقه الشمسيه "السولار" الى بيته واستغنى عن كهرباء دوله عنصريه تمر خيوط كهرباءها من فوق بيوت البدو في طريقها الى المستوطنات الصهيونيه.. تمر خطوط الكهرباء الاسرائيليه في كثير من الاحيان من فوق بيوت القرى البدويه المحرومه من هذه الكهرباء !؟
احيانا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن واحيانا اخرى تشتهي السفن الرياح ولا تأتي واحيانا تحتاج الامور الى فلسفه او الفلسفه لامور داعمه حتى نستوعب امر ما يبدو فيه ان الضحيه المجلوده قد تقبل واقع فرضه عليها الجلاد وتعايشت وتتعايش معه كأمر عادي وجزء مهم من مكونات حياتها الجديده, وعليه يترتب القول ان ماجرى لعرب النقب على مدى عقود مضت وتحديدا منذ نشأت دولة اسرائيل وتخطيطها فيما بعد في بداية سبعينات القرن الماضي لتوطين البدو قسريا وطوعيا يجعل الفرد يتساءل اليوم عن نتائج تلك المخططات وما افرزته بعد ثلاثة عقود ونيف من دخولها حيز التنفيذ ونشأة عدة مدن وقرى عربيه في النقب اساسها وتطورها وواقعها اليوم يعود الى مرجعية التوطين والمخططات الاسرائيليه التي هدفت الى تجميع البدو على اصغر رقعه جغرافيه في النقب بهدف الاستيلاء على اكبر كم ممكن من اراضي عرب النقب وهذا ما حدث بالفعل حيث لم يتبقى في حوزة وملكية عرب النقب الا نسبة قليله من الاراضي في وقت نجحت فيه اسرائيل بتوطين اكثر من نصف عدد عرب النقب في نقاط ومدن وقرى توطين في الوقت الذي يحارب فيه سكان اكثر من 45 قريه بدويه يقطنها ما يقارب ال100000 نسمه في النقب على وجودهم وبقاءهم في قراهم التي لا تعترف بوجودها دولة اسرائيل بهدف ترحيل اهلها والاستيلاء على اراضيهم.. بمعنى ان عرب النقب اليوم اصبحوا فعليا وموضوعيا مُقسمين الى مجموعتين اساسيتين بما يتعلق باسلوب الحياه وعلاقة الناس بالارض, ففي حين يُعتبر من انتقلوا او وُطنوا قسريا في نقاط التوطين[ حددت اسرائيل في البدايه سبعة نقاط جغرافيه لتجميع وتوطين البدو في النقب] سكانا في مدن وقرى التوطين القسري والطوعي وجزء من مشروع التوطين الاسرائيلي, نرى انه في المقابل ما زال هناك سكان القرى البدويه الغير معترف بها الصامدون في قراهم وديارهم ويرفضون مشاريع التوطين الاسرائيليه!!
كانت وما زالت مشاريع التوطين والتهجين الصهيونيه نواه قسريه ومن ثم تحولت الى واقع جغرافي وديموغرافي يمارس حياته ضمن شروط الشرعيه الاسرائيليه اللتي تطلق على مدن وقرى التوطين القسري " قرى معترف بها" من قبل السلطات الاسرائيليه, بينما تطلق على اكثر من 45 قريه بدويه وديار بدويه اصليه " قرى غير معترف بها" من قبل اسرائيل على اساس شرعنة التوطين وشيطنة القرى الذي يصمد فيها عرب النقب ويرفضون مشاريع التوطين الاسرائيليه.....!!
هذا الكيان التوطيني الممسوخ حضاريا وتاريخيا وهذا المكان المسروق اصلا من اراضي عرب النقب كان اساسه مشروع اسرائيلي قسري وباطل صار كيان شرعي ومعترف به من قبل عرب النقب انفسهم ككيان ومكان سكناهم ومسقط راسهم ويدافعون عنه ليس كباطل لابل كحق مكتسب من مرجعية باطل.. حق وباطل ومن ثم حق بلا باطل.. بمعنى بسيط: اسرائيل نجحت الى حد بعيد بتمرير مشاريعها التوطينيه القسريه بمساعدة البدو انفسهم اصحاب الارض وملاكيها في النقب الذين انتقلوا للعيش في قرى ومدن التوطين التي انشأتها اسرائيل لا بل ان اكذوبة الكذب تتجلى في ان البعض المُتعلم او المثقف من بين ابناء وبنات عرب النقب او غيرههم من البدو من من عارضوا ويعارضوا عرضيا مشاريع التوطين القسري في النقب صاروا اليوم جزء منه وجزء من ادارته و مسؤولين داخل مجالس وبلديات مدن وقرى التوطين القسري ويتبوأوون مناصب اداريه في منشأات انشأتها اصلا اسرائيل ضمن مشاريع التوطين القسري.. كيف يطالب البعض بحقوق القرى الغير معترف بها ويدعي انه ضد التوطين وهو نفسه جزء لا يتجزأ من مشاريع التوطين وسمسار يسمسر على اراضي البدو بحجة توسيع الخارطه الهيكليه لمدن وقرى التوطين القسري التي انشأتها اسرائيل..؟؟..
السماسره في مجالس وبلديات مدن التوطين لايوسعون خرائط مُوطناتهُم الهيكليه على حساب القرى الغير معترف بها فقط لابل ينزعون شرعية وجود سكان هذه القرى عبر تسجيلهم في سجلات سكان رهط مثلا حتى يستفيدوا من اصواتهم في انتخابات البلديه..هنالك من السماسره الذين يعملون في بلدية رهط يزعمون انهم كانوا من مؤسسي "المجلس الاقليمي للقرى الغير معترف بها" حتى يبرروا تحولهم الى سماسره على ارض اهلهم لصالح مشروع توطيني مثل رهط او غيره....هنالك من سمسَّر على اراضي الناس لصالح بلدية رهط دون علمهم بالامر ويبرر الامر بإدعاءات كاذبه ستثبت فيما بعد انها كذب وخداع.. لاحظوا معنا هؤلاء السماسره المهجنون والجلاميد الفارغه فكريا ووطنيا والهالكه انسانيا تريد ضم اراضي الناس قسريا للتوطين بحجة تقديم بلدية رهط مثلا خدمات اساسيه لهم؟!.. هؤلاء الناس تعمل كعملاء سلطه واذرعه لمشاريع التوطين الاسرائيليه ويستغلون جهل الناس بحقيقة ماهم فاعلون؟
واخيرا ليس اخرا لابد من طرح سؤال جوهري وهو : هل كان بامكان مشاريع التوطين والتهجين الاسرائيليه ان تنجح دون مساهمة البدو انفسهم في هذا " النجاح"؟؟... الجواب: قطعا لا : ولولا مساهمة بعض البدو قسرا او طوعا او جهلا في مشاريع التوطين والتهجين الاسرائيليه لما نجحت اسرائيل في تثبيت اي من هذه المشاريع ..عواقب التوطين والتهجين الملموسه اليوم اخطر من خطيره والقادم اخطر واعظم في ظل نشأة جيل بدوي مهجَّن يعيش داخل منظومة الظروف المعيشيه اللتي خلقتها اسرائيل وعلى راس هذه الظروف قطع صلة البدوي بارضه ودياره وجذوره وتحويله الى عامل او موظف او عاطل عن العمل داخل نقاط التوطين همَّه الاول لقمة العيش والثاني الكلاسيكو الاسباني... الجيل البدوي النقباوي المهجَن والجاهل توالد وتكاثر واصبح يخرج جيش من المهجنين في قرى ومدن التوطين...الذين يريدون رؤية عواقب التوطين والتهجين بالعين المجرده ما عليهم الا زيارة بعض المدارس العربيه في النقب في رهط وحوره واللقيه وتل السبع والنقب بشكل عام..هذه المدارس بكل ادارتها وتركيبتها وطواقم تدريسها تحولت الى اوكار للتهجين والتغريب.. اللذين يريدون رؤية حال شريحة المتعلمين والمتعلم المهجَّن والمغرَّب عليهم بزيارة مجالس وبلديات مدن وقرى التوطين والاطلاع على انتهازية حاملي الالقاب الذين يشغلون مناصب مثل "المسؤوليه" عن قسم التربيه والتعليم وغيره من اقسام ومؤسسات تتعامل مع مؤسسات صهيونيه بحجة تعليم الطلاب البدو "روح التطوع" ..ولا ننسى ان ندعوكم لزيارة ما يسمى بالمراكز الجماهيريه "متناسيم" التي اكثر فعالياتها مرتبطه بالتهجين والتغريب.. عرب النقب : عواقب التوطين والتهجين اخطر من خطيره وفي النقب يوجد متعلمون الى حد ما, لكن المثقفون ما زالوا قله قليله وهنالك فرق كبير بين متعلم وممتهن مهنه وبين مثقف واعي يقاوم التهجين والتغريب..يا ذكر الله ولا تخيب على وسائل الاعلام العربيه في النقب ودورها في التهجين؟..صحافه واعلام يحمل كل اوصاف ومركبات الجهل والتهجين..ابواق التهجين والتغريب همهُم الاول الدعايه المدفوعة الاجر والباقي جهل وتجهيل..المطلوب : مقاومه حضاريه وثقافيه ووطنيه لللتوطين والتهجين ومشتقاته وادواته!!

1