في أعقاب نشر التقرير السنوي الأخير لمراقب الدولة (رقم 66ج) الذي تناول في أحد فصوله الخاصة قضية „توطين البدو في النقب“، لا سيما على ضوء المعلومات المذهلة التي كشف عنها التقرير بخصوص تقاعس السلطات الحكومية عن القيام بواجبها في صرف الميزانيات التي رصدت خصيصا من أجل تطوير ودعم السكان العرب في النقب، بيّن مركز „وجود“ أن ما ورد في التقرير من معطيات ومواد يُحَمّل فيها مراقب الدولة الوزارات وأذرعها المسؤولية المباشرة عن التقصير بالقيام بدورها تجاه السكان العرب وبلداتهم في النقب، وأنه يؤكد مرة تلو الأخرى تقاعسهم الصارخ عن تنفيذ المشاريع التطويرية والخدماتية التي تقرها وتصادق الحكومة عليها رسميا ورغم توفر ميزانيات كافية كانت الحكومة قد رصدتها خصيصاً من أجل ذلك.
وقال مدير مركز „وجود“، المحامي نبيل دكور، إن „نتائج التحقيقات التي أجراها مكتب مراقب الدولة كما أشار إليها في تقريره الأخير تؤكد أن الوزارات الحكومية تقاعست بشكل ممنهج متعمد وملحوظ عن تنفيذ خطة تطوير خمسية وضعتها الحكومة في عام 2011 تهدف تطوير ودعم السكان العرب وبلداتهم في النقب، وامتنعت الوزارات، دون مبررات معقولة، عن صرف ميزانيات كانت قد صادقت الحكومة عليها منذ سنين من أجل تنفيذ هذه الخطة وبالتالي عن القيام بمشاريع عمرانية تطويريه لصالح عرب النقب“.
وأكد أن „سياسة التقاعس الممنهج التي اعتمدتها الوزارات الحكومية وتوانيها المتعمد في القيام بالمهام الملقاة على عاتقها في الخطة الخمسية الحكومية لتطوير السكان العرب وبلداتهم في النقب، بارزة جدا في التقرير ويتجسد لك بالأساس، وفق ما ورد في تقرير مراقب الدولة، في قرار الحكومة رقم 3708 منذ عام 2011– تم إقرار خطة خمسية 2012-2016 (اجتماعية اقتصادية) لتطوير البلدات العربية في النقب الهدف منها دعم الوضع الاقتصادي للسلطات المحلية العربية في النقب ومن أجل تطوير البنية التحتية في البلدات العربية في النقب بما في ذلك القرى التابعة للمجلسين الإقليمين القسوم وواحة الصحراء (مجلس إقليمي أبو بسمة سابقا). تمت المصادقة أيضا منذ أربع سنين على ميزانية قدرها 1.26 مليارد شاقل لمدة خمس سنوات الهدف من أجل تطبيق الخطة، وعليه جرى تأليف لجنة توجيه من كافة الوزارات الحكومية ذات الصلة. كما تشكلت بناءً على قرار الحكومة أعلاه لجنة مهنية التي يجب أن يكون أعضاؤها من رؤساء السلطات العربية في النقب كي تعمل من أجل تسهيل عملية تنفيذ الخطة والتنسيق بين الحكومة ورؤساء البلدات العربية وكي تقوم هذه اللجنة أيضا برفع التقارير أمام لجنة التوجيه“.
وأضاف أنه „بموجب القرار الحكومي يجب على لجنة التوجيه أن تعقد جلسة تباحث ثلاث مرات كل سنة، إلا أنه وفق ما جاء في تقرير مراقب الدولة فإن اللجنة اجتمعت ثلاث مرات في عام 2014 وحتى الآن لم تعقد أي جلسة إضافية. أما اللجنة المهنية فوفق قرار الحكومة يجب أن تلتئم مرة كل ثلاث أشهر، لكن هذا اللجنة لم تجتمع إلا مرة واحدة لا غير وذلك في شهر تموز/ يوليو عام 2012 ومن ذلك الحين لم تجتمع. وتبين في تقرير حكومي حول تطبيق الخطة الخمسية أعلاه أن وزارة الصحة استخدمت فقط 57% من الميزانية المخصصة لها ووزارة الرفاه الاجتماعي استغلت 20% من الميزانيات المرصودة لها حسب الخطة. رصد مبلغ 12.1 مليون شاقل للخدمات الاجتماعية في القرى العربية التابعة لمجلس واحة الصحراء والقسوم ولمشاريع ترفيهية، لكن حسب التقرير صرف فقط 2.13 مليون ولم يتم استغلال الميزانية المتوفرة للخدمات الاجتماعية المتنقلة ومشاريع أخرى لازمة! وفي مجال الصحة جرى استغلال 6.85 مليون لا غير من أصل 12 مليون شاقل كميزانية مرصودة لإقامة عيادات صحية ولتنفيذ مشاريع أخرى في هذه القرى“.
وفيما يتعلق بإقامة مباني عامة، قال مركز „وجود“ إنه „حسب الخطة الخمسية التطويرية فيجب على وزارة الإسكان أن تبني في البلدات العربية بالنقب 47 مرفقا عاما مختلفا مثل برك سباحة، حضانات، قاعات رياضة وملاعب، عيادات أم وطفل، ورصد 89 مليون شاقل لهذا الغرض لكل من رهط، تل السبع، شقيب السلام، كسيفة، عرعور، حورة، اللقية وقرى مجلسي القسوم وواحة الصحراء. وجرى استخدام مبلغ 50 مليون شيقل حتى عام 2014، ولكن حسب معطيات زودتها وزارة الإسكان لمراقب الدولة حول وضع التقدم في بناء المباني العامة حسب الخطة اتضح أنه حتى اليوم لم يجر إتمام بناء مبنى عاما واحدا ! واتضح أيضا من تحقيقات مراقب الدولة أنه رغم مرور ثلاث سنوات ونصف منذ الشروع بتنفيذ الخطة إلا أن 75% من المباني العامة المطلوب بناؤها حسب الخطة لم تدخل بعد حيز التنفيذ!!؟ وغياب تخطيط مفصل نتيجة تقاعس مؤسسات التخطيط والبناء رغم مرور من 9- 16 سنوات على الاعتراف بالقرى العربية التابعة للمجلسين الإقليمين „القسوم“ و“واحة الصحراء“ إذ أنه حتى الآن ليس هناك مخططات هيكلية مفصلة في قرى أم بطين، أبو تلول، مولدة (الأطرش) وقصر السر“.
وأنهى أن „بعض توصيات التقرير تحث وزارة الزراعة المخولة منذ 2014 بإدارة شؤون تنظيم السكان البدو ومؤسسات التخطيط والبناء على التحرك لأعداد مخططات مفصلة، ووضع البنية التحتية في القرى العربية المذكورة أعلاه يعكس صورة مقلقة ومشوهة بعد أكثر من عشر سنوات على الاعتراف بها. القرى ما زالت تفتقر لبنى تحتية ولأبسط الخدمات من كهرباء مياه وشوارع“.
مركز "وجود": الحكومة تقاعست بمنهجية تجاه العرب بالنقب!!
بقلم : الديار ... 26.05.2016