أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
قبيلة التياها بفلسطين تنسف الحق التاريخي لليهود!!
بقلم : فيصل صالح الخيري ... 23.08.2017

لا نعدو الحقيقة إذا قلنا إن قصة العلاقة بين مصر وفلسطين، إن هي إلا قصة التاريخ نفسه، وتضطرنا المعلومات الي تزودنا بها المصادر الجديرة بالثقة أن نعتبر عهد الدولة القديمة في مصر، هو بداية هذه العلاقات، ذلك أن صحراء سيناء، لم تكن في أي يوم من الأيام عقبة أو حائلاً يمنع السفر أو الانتقال وخصوصاً أن سكانها من البدو، كانوا ولايزالون حتي اليوم فروعاً من القبائل التي تعيش وتتجول في المنطقة التي نسميها اليوم شمال الجزيرة العربية والأردن وجنوبي فلسطين.
علي هذه الشاكلة نلحظ هاهنا باختصار أن من القبائل العربية في سيناء جزءاً منها كان في سيناء وجزأها الآخر في النقب بفلسطين، وكانت تخضع بطون من القبيلة الواحدة لحكومة مصر، وبطون أخري من نفس القبيلة لحكومة فلسطين وقبيلة التياها نموذجاً.
التياها من أكثر القبائل العربية التي اختلفت في أصلها الأقوال وتباينت الآراء وقد سردها الأستاذ عارف العارف، في كتابه ـ تاريخ بئر السبع وقبائلها ـ نذكر أقربها إلي التصديق ومنها: إنهم من الأوس والخزرج من الأزد، وهم من بني زيد بن كهلان، وبنو كهلان من القبائل القحطانية الذين كانوا يتداولون ملك اليمن مع حمير.
كما أورد العارف عن الشيخ سلامة أبو شنار، أحد شيوخ التياها المعمرين، أن جد التياها يدعي سالم التيهي وهو من الخزرج وأن هذا كان قائداً لإحدي السرايا التي استعرضها النبي (ص) عندما انخرط أبوسفيان في الإسلام، ولقد خرج سالم التيهي مع قو مه من الحجاز، مع من خرج منها في أثناء الفتوحات الإسلامية الأولي، ونزلوا صحراء سيناء واستوطنوا التيه وهناك كثرت ذريتهم وانتشروا حتي احتلوا قسماً كبيراً من الأراضي المجاورة لهم.
وهناك فريق يزعم بأنهم لما جاءوا من الشرق كانوا بقيادة أميرهم رباب وأنهم بعد أن نزلوا بادية التيه، استوطنوا جبل الحلال، ثم أخذوا من هناك يزاحمون العزازمة والحناجرة ويحتلون أراضيهم، إلي أن أرغموهم علي النزوح إلي حيث هم الآن.
والبعض يزعم بأنهم فرقة من بني هلال من نجد تاهت عنهم وهي ظاعنة إلي بلاد المغرب، وقد جاء في ـ سبائك الذهب ـ أن هلالاً هو عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن لهبة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن حضضة، وحضضة بطن من قيس بن عيلان ومنازلهم في الحجاز، وقد قيل لهم التياها، لأنهم أقدم القبائل توطناً في التيه.
ولعل أفضل ما كتب في أصل قبيلة التياها، ما ورد عن الدكتور عباس عمار في كتابه ـ المدخل الشرقي لمصر ـ أن قبيلة التياها أخذت اسمها من اسم الهضبة التي تسكنها، وهي تسمية غريبة، لأنه يندر أن تغير القبائل العربية تسميتها بسهولة، لتنسب إلي المناطق التي تسكنها، ويجب أن نفرق هنا بين اسم التياها واسم الطوارة في هذه الناحية، لأن ذلك الاسم الأخير يطلق علي قبائل المناطق الجنوبية إطلاقاً عاماً، علي حين تحتفظ كل قبيلة باسمها الأصلي، أما اسم التياها، فلا نجد بجانبه أسماء القبائل الأصيلة، وإن كان ذلك لا يمنع من أن يقسم التياها إلي فروعهم المختلفة، وتصح الإشارة إلي أن هناك من الكتاب، من يعتبر هذه القبائل بقايا سكان سيناء الأصليين، وهذا كلام فيه شيء من الغموض، إذ إننا لا نفهم تماماً المعني المقصود بذلك، ولا ندري أي سكان أصليين يقصدونهم، علي أنه في الوقت ذاته، لا يمكن إنكار ما تمتاز به هضبة التيه في فقرها وجدبها من عزلة، تجعلها صالحة لأن تكون ملجأ لبعض القبائل التي تدفعها أمامها الهجرات الأخري، فتتلمس في هذه المنطقة التي لا مطمع فيها مأوي لها أمام القبائل القوية، علي ألا يكون معني ذلك التسليم بأن سكانها كلهم من بقايا ما سماه هؤلاء بالسكان الأصليين، ولا ينتفي معه وصول قبائل في فترات متعاقبة حديثة، يفهم من تسميتها بالتياها أنها فقدت أسماءها الأصلية لأسباب من الصعب التكهن بها مع قلة المعلومات التي بين أيدينا، واستحالة الاعتماد علي كلام البدو، لما فيه من بعض الخرافة التي لا تستساغ كثيراً.
والعرف في سيناء يجري بأن التياها أقدم من سكن هضبة التيه من القبائل، ويذكر شيوخهم أنهم من برية نجد هاجروا منها فراراً من قبيلة المعازة ومعهم الترابين فسكنوا هم بلاد التيه، وسكن قسم من الترابين في شرق بلاد الطور، ثم وقعت بينهم حروب انتصر فيها التياها، وفر الترابين إلي مصر، ثم عادوا فاصطلحوا علي أن تكون للتياها أرض الجلد وللترابين أرض الدمث.
توصل الدكتور عباس عمار في بحثه المهم إلي اكتشاف توزيع مساكن التياها، فذكر أن مساكنهم الحالية في منطقة التيه يحددها الاتفاق السابق بينهم وبين الترابين، علي أن تكون من منطقة نخل الشرقية إلي جبل حسن شرقاً وغرباً، ومن جبل الحلال إلي نقب الراكنة شمالاً وجنوباً، ومعني ذلك أنهم يمتلكون أهم مراكز السكني في بلاد التيه، إذ هم يضعون أيديهم علي غالبية حوض الجرافي ووادي العريش ويمتلكون أغني جهات التيه بالعيون والآبار.
ويدخل في حمي التياها بدو يعرفون بالبدارة، ويسكنون هضبة العجمة وأراضي التياها تمتد خارج حدود سيناء إلي فلسطين، ويذكر الأستاذ توفيق أبو معيلق في كتابه ـ النقب والقبائل البدوية في فلسطين ـ أن موطنها في فلسطين الأراضي الواقعة بين قضاء الخليل والبحر الميت، ويكثرون بوجه خاص حول بئر السبع بالنقب.
ولعله من المفيد أن نشير هنا إلي أن التياها في سيناء فروع من تياها فلسطين، وأن أصول هذه القبائل توجد غالبيتها هناك، ولا غرابة في ذلك إذا ما علمنا أن مساكن قبائل التياها كانت حتي أوائل القرن التاسع عشر، مركزة حول غزة وخان يونس والمناطق الأخري في جنوب فلسطين، ومادامت تلك الجهات أكثر صلاحية للسكني من جهات التيه ـ لملائعمة الظروف الطبيعية فيها ـ فمن الطبيعي أن تؤثر غالبية التياها البقاء فيها، وما ينتظر أن يكون قد هاجر إلي سيناء إلا أقلية ضئيلة منهم، قد تكون اضطرت إلي ذلك تحت ضغط شديد عليها، وقد تكون اندفعت إلي ذلك طمعاً في الاستفادة من وديان سيناء، لا سيما أنها لم تر في ذلك ما يمنعها من أن تتمتع بحق الاستفادة من الرعي في مساكنها الأصلية، لأن الحكومة هنالك لا تمانع في ذلك أبداً، ومن المحتمل أيضاً أن يكون التياها الذين سكنوا التيه هم من القبائل التي كانت تتردد مع الترابين في نقل المتاجر بين مصر والشام، والتي لم تجد أمامها بعد اضمحلال أهمية هذه الحرفة إلا تلك الوديان في هضبة التيه.
عدم سكناهم في وادي النيل
ومن الجدير بنا أن نذكر في هذا المعرض، أنه لا يوجد في وادي النيل، ما يمثل التياها بين القبائل المختلفة فيه، وذلك معقول أيضاً لأن التياها لم تصل هجراتهم إلي مصر، فقد كانت مناطق الجاذبية لهم هي بلاد فلسطين، وهم بحكم موقعهم في شبه الجزيرة بعيدون عن وادي النيل، يفصل بينهم وبين قبائله قبائل أخري، وحتي فيما يختص بعملهم في نقل المتاجر بين مصر وفلسطين، يظهر أن نصيبهم من ذلك كان قليلاً، كذلك أن الترابين هم الذين كانوا يستأثرون بالجزء الأكبر منه.
يذكر الأستاذ مصطفي مراد الدباغ، في كتابه ـ بلادنا فلسطين ـ أن عدد التياها في فلسطين حسب إحصاء عام 1913، حوالي 13,708نسمة وفي صيف عام 1946، بلغوا 25,153 نسمة، واستناداً إلي قول عارف العارف إن فرق التياها كثيرة تتألف من 26 عشيرة، منها ماهو يتيهي الأصل والنسب كالعلامات والحكوك والنتوش والبدينات، وأولاد عمري والشلاليين والشتيات والصقيرات والبنيات، ومنها ما ليس بتيهي، بل تابع أو حليف انضم إليهم كالظلام والرماضين وبني عقبة وبلي وغيرهم، وهذه الفرق كلها مشهورة بالكرم والوفاء والصدق.
وكان لرباب ـ عندما نزل بادية التيه ـ خمسة أولادهم، عمري، جد عيال عمري، وحك: جد الحكوك، وعلام: جد العلامات، ومصلح: جد البدينات، وقدير جد القديرات وعلي رواية أن قديراً وحكاً ليسا من أولاد رباب، وأن حكا من سلالة مضيان وأن مضياناً ورباباً كانا أخوين عندما نزلا هذه البلاد، فجاء الحكوك والبريكات من مضيان، وجاء من رباب أربعة أولاد: هم، علام جد العلامات والشلاليين وعمري، جد عيال عمري وصقير، جد الصقيرات وشتيه جد الشتيات.
الحكوك
وقد كانوا قديماً تحت قيادة شيخ واحد، وظلوا كذلك حتي مشيخة سليمان العيوطي من الهزيليين وكان هذا كريماً وظالماً في آن واحد، فانفصل عنه الأسد وأبوعبدون والبريقي، ثم وحدتهم الحكومة في ظل الحكم العثماني، وأقامت عليهم رئيساً من الهزيليين ولكنهم لم يطيقوا صبراً بعد أن ذاقوا طعم الاستقلال، فسعوا إلي الانفصال ونجحوا، وهاهم اليوم 1934عدة عشائر هي حكوك الهزيل شيخهم سلمان بن علي بن سلمان بن علي بن عزام الهزيل، وحكوك الأسد شيخهم سليمان بن سليم بن سالم بن عوده بن عواد الأسد، وحكوك البريقي وشيخهم سليم بن علي بن سليم البريقي، وحكوك ابن عبدون شيخهم عديسات بن حسن بن سليمان بن عديسات أبوعبدون.
وفي ذاكرة شيوخ الهزيل أن سطوتهم كانت في زمن سلمان بن علي بن عزام،وكان حكمه ممتداً من جبل الخليل حتي وادي العربة، وكان قسم كبير من الترابين والعزازمة ينضمون إلي الهزيليين في حروبهم، وقد وصل هؤلاء من النفوذ والسطوة إلي درجة أن العرب الذين كانوا يدخلون فلسطين من شرق الأردن في طريقهم إلي غزة، كانوا يحسبون لهم حساباً عندما تطأ أقدامهم وادي العربة.
وحكوك الهزيل تتألف من الهزيل وسعوديين وكواشفة وغرباء، أما الأسد فتتألف من الأسد ودبسان وغرباء، وحكوك أبي عبدون وأقسامها أبو عبدون وسمامرة وحجوج وبن جبرين وصبابحة وغرباء. وحكوك البريقي وأقسامها بريقيين وبحيري وحمامدة، وبلي وتضم العردات والقرينات وهروف وزبالة، والفرنجي، وتضم الفرنجي والطلاع.
العلامات
وجدهم "علام" من أولاد رباب جد التياها، ويتفرعون إلي علامات أبي لبة، وتضم المزاغيل والشلوح والغرباء. وعلامات أبي جقيم، وتتألف من جقيمات وزوايدة وحبابين وغرباء، وعلامات أبي شنار، وتضم أبو شنار وبواطلة وغرباء، وقد عرف العلامات بشجاعتهم، ومنازلهم في بطيحة وخويلفة وأبي سمارة والعراقيب، وكان شيخهم قديما عيادة بن حسن أبو شنار، ثم طليحان بن عيادة، ثم موسي بن طليحان، ثم حسن أبو علي، ثم سالم بن موسي، ثم حسن بن موسي، ثم علي بن حسن، ثم سلامة بن موسي، وعندما اتهم سلامة بن موسي أبو شنار بإيواء الأشقياء سجنته الحكومة الإنجليزية في أوائل الاحتلال الإنجليزي فقام الفريق الغاضب عليه من العلامات وطلب الانفصال ففصلوا. واشتهر من العلامات "سليم بن طليحان أبو شنار" الملقب بالعيوطي بالفروسية وضرب السيف، وكذلك "حسن بن عيادة أبو شنار" وكلاهما اشتهر في حرابة عودة وعامر.
الشلاليون
وتتألف من الشلاليين والغيوث والنواجعة وفنشان وقضاة وسعادنة وغرباء. وكان الشلاليون تابعين إلي ابن عطية، ثم انفصلوا عنه علي إثر حرابة عودة وعامر، وظلوا زمنا غير قليل معدودين من العلامات إلي أن انفصلوا عن هؤلاء أيضا، وكونوا لأنفسهم كيانا مستقلا، وأول من شيخوه عليهم "سلام بن كوينين أبو غيث" ثم عيد بن مطلق أبو غيث، ثم عودة بن عيد أبو غيث، فسالم الشراري بن محسن أبو غيث، فمحمد بن جمعة أبو غيث الذي كان معاصرا للعارف 1934.
القديرات
وجدهم قدير بن رباب، ويتألفون من قديرات أبي رقيق، وتضم الرفايعة وصلالية وعصبات وعبيد وغرباء. وقديرات الصانع، وتشمل الصناع ونباري وسبايتة وفيلي وزباركة وغرباء، وقديرات أبي كف، وتتألف من الكفوف والطرشان والبطون وغرباء، وقديرات الأعسم، وتشمل عثمان وهواشلة والسيديين وغرباء، والسيديون مصريون نزحوا من فاقوس، ونزل بعضهم قضاء بئر السبع، وآخرون استقروا في "سحاب" من أعمال شرقي الأردن، وجماعة ثالثة نزلت مرج بني عامر في شمال فلسطين.
والقديرات كثيرو العدد، متسعة الأراضي، ينزلون في وادي الخيل وعررة والمشاش وفي تربي والسر وفي حورة وأبي تلول وعوجان وحول الشريعة.
ومن رجالهم الذين اشتهروا بالكرم والفروسية والوفاء وسعة الصدر: سلامة أبو رقيق بالسجن بعد الاحتلال، لأنه أطلق الرصاص علي موظف مالي يدعي "صغير" وأراد أن يقتله، لأنه ظلمه في التخمين ولكنه هرب، وهرب معه أولاده وانخرطوا في سلك الخارجين علي الحكومة واصطدموا بجند الدولة، وعلي الرغم من ذلك فقد عفت الحكومة عنهم، واستخدمت اثنين منهم في سلك الدرك، وقد حكم علي "الشيخ جدوع الأعسم أيضا مثل هذا الحكم، ولكنه هرب، ولم يرجع إلي منازله إلا بعد أن عفي عنه، وهو اليوم 1934م، من المشايخ المعروفين برجاحة العقل ونفوذ القول والكرم.
الظلام
ويرجع نسبهم إلي قبيلة "بلي" بالحجاز، والتي هجروها لاقتتال حدث بينهم وبين فريق آخر من قبيلة "بلي" ويتألفون من ظلام أبي ربيعة، وأقسامهم: ربيعات والمحمديين والقرعان وغرباء، وظلام أبي جويعد، وفروعهم: رحاحلة وبدور ومعايدة وصرايعة وغرباء، وظلام أبي قرينات وأقسامهم: غولة وغناميين وأبو قرينات وعيال سليمان وغرباء.
ومن رجال الظلام المشهورين (الشيخ سالم أبو ربيعة) وعرف بين قومه بالكرم والفروسية وسعة الصدر والاطلاع علي العوائد وحل المشاكل، وقد كان ذا أرض واسعة، ومنحه العثمانيون أوسمة كثيرة.
الرماضين
نسبة إلي رمضان. وهو وارتيم جدد الرتيمات من الجبارات أخوان، وهما ولدا رجل من شمر نزلا هذه البلاد واستوطناها قبل جميع العشائر الأخري، ويتفرعون إلي: رماضين مسامرة، وتشتمل علي زغارية ونقايرة ومسامرة ودغاغمة وعجارمة وغرباء. ورماضين الشحور وتتألف من: الشعور والمليحات والزغارنة والدغاغمة وعجارمة وغرباء. ورماضين الشحور وتتألف من: الشحور والمليحات والزغارنة والدغاغمة والسواعدة وغرباء. ومنازل الرماضين في خويلفة والمقرح والشمسانيات، وكانوا قديماً تحت قيادة زعيم واحد هو "حسن الزغارنة" فسلمان أبو شعره، فسليمان المحدي، فإبراهيم بن عياد المسامرة، ويظهر أنهم بعد هذا انشطروا شطرين: مسامرة والشعور، المسامرة بقيادة علي بن مطلق، والشعور بقيادة سلمان المليحات.
بنو عقبة
وهم من "بني عقبة" القبيلة العربية المشهورة. وجدهم "علي بن منجدي" قد نزل النقب مع الوحيدي أمير الجبارات، وهنا تزوج وكثرت ذريته، فجاء منه النسل الذي انتشر في بئر السبع، وخالطوا التياها فصاروا منهم، ويتألفون من قريش وصبيحات وطورة وقطاطوة وغرباء وكانت منازلهم شرقي المحرقة والعراقيب. وكان شيخهم عام 1934م الحاج محمد بن سالم العقبي.
النتوش
ويقال لهم العطاونة، نسبة إلي عطية جدهم، وهو مدفون في تبوك، وعندما مات عطية خلف وراءه ولدا سماه "واكداً" وقد خلف هذا حسينا، ويظهر أن هذا أول من استوطن صحراء سيناء، ثم جاء سليم بن عواد فهبط فلسطين وهنا كثرت ذريته وازداد شأنه، حتي إن ولده "سالم" قاوم "إبراهيم باشا" نجل محمد علي باشا مقاومة عنيفة، وقتل في إحدي المعارك التي دارت بين الفريقين ودفن في "بيت جبرين".
والنتوش أو العطاونة يتألفون من العطاونة والشواربة والطلالقة والنعامين والسلالمة والحمادين والزوايدة والقطاطوة وغرباء. وأول من نصب شيخا علي النتوش "سليم بن عطية" ثم من بعده ولده سالم، ومن بعد هذا "عودة وعامر" اللذين ذاع صيتهما في فصل الحروب، ومن مشايخهم الذين كان لهم شأن يذكر "سليمان العطاونة" إذ كان من أشهر من أنجب النتوش من حيث الغني والكرم وحل المنازعات، ومن فرسانهم المعدودين اشتهر "جبر بن سالم" أما "الشيخ علي بن عطية" فقد اشتهر بالحلم والتقوي وبعد النظر. وكان حكام العثمانيين يزورونه ويسترشدون بآرائه في كثير من الأمور، وقد عهدوا إليه بكثير من الوظائف كعضوية المجلس العمومي بالقدس، ومجلس الإدارة بالسبع ورئاسة البلدية.
البدينات
وتضم الخطاطبة والربايعة والمرابين والعوانسة والعايدي والقريناوية والقطاطوة وأبو منصور، وهم من أعرق التياها أصلا، ومنازلهم في الفخاري وقنان بطيحة وأبي سمارة والعراقيب، وكان شيخهم عام 1934 عطية بن سلامة أبو خطاب.
العرور
ومعلوماتنا عنهم ناقصة، وكل ما نعرفه عنهم أنهم يتألفون من العرور والغرباء.
القلازين
ويذكرون أنهم أشراف مثل أبناء عمهم قلازين الجبارات، وتضم الغصينات والقطامين والمحمودات والصغايرة والدبابغة والقطاطوة وجعيثني. ومنازلهم في قنان بطيحة، وكان شيخهم عام 1934 عبدالله بن سالم أبو الغصين.
الجنابيب
وتضم الكشاخرة وجوج والجنابيب، ومنازلهم في المطردة وطوال الملاحي وقيطون، وشيخهم عام 1934 م كان عودة بن سعد بن سلامة الكشنحر.
الرواشدة
وتضم الرواشدة والزوارعة والغرباء.
عيال عمري وغرائبهم
وهم أعقاب "عمري" أحد أولاد "رباب" جد التياها.. وكان له فضل علي التياها، إذ مكنهم من الظهور علي أعدائهم المتحدين، فكسروهم شر كسرة، إلا أنهم أخذوا يكرهونه كرها شديدا فنراهم يغضبون لذكره، ويرمون علي قبره حجرا، كلما مروا بجانبه، كما أنهم يبولون ويتغوطون علي قبره، فإذا نهاهم أحد، فإنهم يعتقدون أنه سيصاب في الحال، إما أن يسقط عن بعيره، وإما يعثر به فتكسر يده أو رجله أو تفقأ عينه، ويقول الأستاذ (العارف) حكي لي بعض رجال عمري، أن آباءهم من مدة قد اهتموا بزيارة جدهم عمري، فجمعوا إبلهم وغنمهم وخيولهم، وظعنوا بعيالهم حتي دخلوا إلي الرجم وذبحوا قرابينهم، فما لبثوا برهة إلا وقد ثارت الرياح والزوابع وثار الغبار، وانكفأت القدور وهدمت الخيام، ونفرت الإبل والخيول، فانشغلوا بلم شعثهم وقبض إبلهم وخيولهم، ورجعوا عنه بحالة شنيعة من الغيظ الذي اعتورهم، فصاروا يسبونه ويلعنونه كباقي العشائر حتي الآن وقبره علي الضفة اليسري من وادي الأبيض، وإذا أراد أحد الفلاحين أن يغيظ أعرابيا قال له: الله يجعلك من عقد عمري، ويستطرد العارف قائلا: إن هذه الكره لعمري نشأ بعد مماته، ولم يكن له أثر في حياته.
ولع التياها بالتعليم
علي أن أعجب ما في حياة التياها الحافلة بالعجائب، أنهم اعتنوا بتعليم أبنائهم في زمان الانتداب البريطاني والخناق الصهيوني علي فلسطين، واللذين دفعا باتجاه نشر الجهل في جميع قري ومدن فلسطين، بيد أن التياها لم يألوا جهدا في مقاومة هذا الاتجاه، ومن المدارس التي أنشأوها علي نفقتهم الخاصة: مدرسة أبو الحاج، علي مسافة 25كم شمال غربي بئر السبع في منطقة تعرف باسم (الغزالة) وقد بوشر التدريس فيها عام 1945، وكان يتعلم فيها 16طالبا يوزعون في أربعة فصول، ومدرسة (الهزيل) وموقعها يعرف باسم (زبالة) وبوشر التدريس فيها عام 1933، وكانت تضم 60طالبا، يوزعون في أربعة فصول، ومدرسة الشلاليين، علي نحو مائة كم شمال مدرسة الهزيل، وموقعها يعرف باسم المنطرة، جنوب شرق تل مليحة، وبوشر التدريس فيها عام 1947، وكانت تضم 45طالبا في صفين، ومدرسة البها جنوب شرق غزة وعلي بعد 17كم منها، وبوشر التعليم فيها عام 1941، وكانت تضم 55 طالبا يوزعون علي أربعة فصول، ومدرسة (القديرات) في مكان يعرف بأم بطين شمال شرق بئر السبع، وعلي بعد 17كم منها، كانت تضم 83طالبا يوزعون علي أربعة فصول، ومدرسة الجمامة علي بعد 39كم للشمال الغربي من بئر السبع، وبوشر التدريس فيها عام 1944، وتضم 44 طالبا موزعين علي أربعة فصول.
ومدرسة حفيلفة شمال شرق بئر السبع، وعلي مسافة 42كم منها، وبوشر التدريس فيها عام 1941، وكانت تضم 95طالبا يوزعون علي أربعة فصول، ومدرسة (عرعرة) وتقع في خربة عرعرة جنوب شرق بئر السبع وعلي مسيرة 29كم منها، تأسست عام 1944، وكانت تضم 18طالبا يوزعون علي أربعة فصول، وقد بلغ عدد الملمين بالقراءة والكتابة بين أفراد قبيلة التياها عام 1947حوالي ستمائة رجل.
بعض المواقع الأثرية والتاريخية الواقعة في أراضي التياها
1ـ تل الملح: يقع في أراضي الظلام، للجنوب الشرقي من بئر السبع، وكانت تقوم عليه بلدة مولاة الكنعانية، وفي العهد الروماني كانت عليه مدينة (مالاتا) وهو تل اصطناعي عبارة عن مجموعة خرائب وآثار، وفيه قبور عربية وخرائب تدل علي أنها كانت مدينة عظيمة.
2ـ كرنب: تقع في أراضي القديرات والظلام، وعلي مسيرة 04كم من بئر السبع، وكانت تقوم عليها مدينة مامبسيس الرومانية، وكانت لها أهمية ذات شأن لوقوعها علي الطرق التجارية المؤدية إلي القدس وغزة والبتراء والعقبة، وخربة كرنب تحتوي علي أنقاض مدينة وكنائس وأديرة وحصن وقطع معمارية وسدود في الوادي، وللشرق منها كانت تقوم قرية تامارا الرومانية في جوار قصر الفرش، وهو يحتوي علي حصن علي أركانه أبراج وبوابة بقوس وثلاثة خزانات وبناء مستطيل، وإلي الشرق مقابر في الجوار وإلي الغرب سد في وادي ذانة، وفي جوارما تقع مستعمرة ديمونا.
3ـ تل المشاش: تقع في ظاهر بئر السبع الشرقي، ويري البعض أن مدينة صفاة الكنعانية كانت تقوم عليه، وكان يحتوي علي أنقاض عليه أساسات مبنية بحجارة الصوان، ومخفر متهدم وآثار مبان وحجارة مبعثرة وشقف فخار منتشرة علي مساحة واسعة، وفي جوار هذه الخربة تقع مستعمرة نيفاتيم.
4ـ حزبة زحيليقية: من أملاك بني عقبة تقع للشرق من غزة وعلي بعد 17كم منها، وفي العهد الروماني كانت تقوم بلدة سيسلا علي هذه الخربة، وكانت تحتوي علي صهاريج وبئر وشقف فخار علي مساحة ممتدة.
5ـ تل الشريعة: علي مسيرة 25كم من غزة، ويحتوي علي تل أنقاض وشقف فخار علي سطح الأرض.
6ـ تل أبي هريرة: يقع علي مسيرة 23كم من غزة، ويعتقد أن أصحابي له مقام علي ضفاف شريعة بئر السبع، وكان مبنيا في أراضي التياها، إلا أن للملالحة فيه اعتقادا كبيرا، ويقولون إنه جدهم فيزورنه في كل فرصة ويذبحون في مقامه القرابين، وبالطبع فإن ما ذكر عن أن هذا المقام للصحابي أبي هريرة قول لا يستند إلي أساس، فالصحابي المذكور مدفون في المدينة المنورة، وتل أبي هريرة يحتوي علي أنقاض وجدار مبني باللبن وتحصينات وسقف فخار.
7ـ خربة عرعرة: تقع في أراضي عرب الظلام، وكانت تقوم عليها بلدة عروعير الكنعانية، وتقع في الجنوب الشرقي من بئر السبع وعلي مسافة 19كم منها، ويحتوي التل علي أنقاض وبقايا سور مدينة وأساسات وإلي الجنوب الغربي سد يقاطع الوادي.
8ـ تل خويلفة: تقع شمال شرقي بئر السبع وعلي مسيرة 25كم منها، وكانت تقوم عليه بلدة صقلك التي أقامها الفلسطينيون في القرن الثاني عشر ق.م، وفي العهد الروماني عرفت هذه البلدة باسم ثلا، وكان لخويلفة شأن كبير في الحروب الصليبية، وتل خويلفة عبارة عن تل من الأنقاض علي تل طبيعي، وأما خربة خويلفة فإنها تحتوي علي جدران مهدمة وقطع أعمدة وعتبات أبواب عليا ومغر وصهاريج، وقد أقام الصهاينة علي بقعة خويلفة مستعمرتهم صقلاغ.
9ـ خربة غزة: تقع إلي الشرق من تل الملح السالف ذكره، وكانت مدينة حصينة لوقوعها علي طرق القوافل التجارية، وتحتوي هذه الخربة علي بقايا مدينة وجدران مبنية بالصوان وقاعدة تحصين وأساسات أبنية وصهاريج وتيجان أعمدة مربعة وشقف فخار.
10ـ خربة أم الرمامين: تقع في ظاهر خويلفة الجنوبي، وكانت تقوم علي بقعتها مدينة عين رمون العربية الكنعانية، وفي العهد الروماني ذكرت باسم الرمون.
11ـ خربة الجندي: تقع جنوب قرية المحرقة قرب طريق غزة ـ بئر سبع، وكانت تقوم عليها بلدة بيتا جيدا، في العهد الروماني، وتحتوي هذه الخربة علي أكوام حجارة وصهاريج مهدمة وشقف فخار علي سطح الأرض.
12ـ خربة فطيس: تقع في أراضي القديرات جنوب تل أبي هريرة، وكانت تقوم عليها بلدة أفتا الرومانية، وتحتوي هذه الخربة علي أنقاض ممتدة وصهاريج مبنية بالدبش.
13ـ خربة العراق: تقع للغرب من خربة فطيس، وكانت تقوم عليها بلدة أوردا الرومانية، العاصمة الكنسية والمدينة لهذه الجهات، وهذه الخربة عبارة عن كهوف منقورة في الصخر.
14ـ خربة زبالة: مر ذكرها، وكانت تقوم عليها بلدة سوبيلا الرومانية، وتحتوي علي بقايا جدران وصهاريج ومعصرة وقطع معمارية وبئر.
15ـ كسيفة: تقع شرقي بئر السبع وعلي بعد 30كم منها، كانت تقوم علي بقعتها قرية ملاسس أوبيديوم الرومانية، وتحتوي كسيفة علي أنقاض ثلاث كنائس وبئر مبنية وصهاريج.
16ـ خربة أبي التلول: في الجنوب الشرقي من بئر السبع، كانت تقوم عليها بلدة بعلة الكنعانية وتحتوي علي أساسات أبنية وتلول أنقاض وثلاثة صهاريج وجدران حبلات.
17ـ زيف: في الجنوب الغربي من كرنب، كانت تقوم عليها بلدة كنعانية، ويعرف موقعها اليوم باسم الزيفة.
18ـ قصر أم بافق: حصن روماني، ويحتوي علي أنقاض حصن، علي أركانه أبراج وخزانات وقناة.
19ـ حصر شوعال: يظن أن موقع هذه المدينة الكنعانية كان خربة الوطن الواقعة في أراضي قديرات أبو كف للشرق من بئر السبع.
20ـ بيت فالط: بلدة كنعانية أقيمت للشمال من خربة عرعرة المتقدم ذكرها.
21ـ قصر الزويرة: يقع في الجنوب من قصر أم باغق، كان قلعة رومانية تحافظ حاميتها علي الطريق التجاري الموصل بين العقبة ـ البتراء ـ فلسطين، وكانت الزويرة في عهد المماليك محطة من محطات البريد بين غزة والكرك، ويحتوي هذا القصر علي قلعة وحظيرة وخزانات وسد مبني بالحجارة.
22ـ جبل أسدم: وهو من أراضي القديرات والظلام ويقع في الطرف الجنوبي من البحر الميت، وعلي بعد 70كم شرقي بئر السبع، وهو عبارة عن جبل مؤلف من الملح الصخري، وأكثر ملحه جاهز للطعام لا يحتاج لأي تركيب أو مزج أو عناء.
23ـ خربة الجمامة: تقع في أراضي النتوش وتحتوي هذه الخربة علي صهاريج ومعصرة زيتون وقطعة أرض مرصوفة بالفسيفساء ومدافن وتاج عمود وحجارة عمود مستديرة.
24ـ خربة حورا: تقع في أراضي القديرات وتحتوي علي أنقاض مدينة وأكوام من الحجارة الساقطة وأساسات، وفي الخارج خمسة حصون وصهاريج.
25ـ خربة أم سربوط، ويسمونها خربة عمرة تقع في الشمال الشرقي من بئر السبع وعلي مسافة 6كم منها، وتحتوي علي صهاريج ومغارة منقورة في الصخر ونفق.
26ـ خربة البها: تقع في الجنوب الشرقي من غزة، تحتوي علي صهاريج وآثار قرية قديمة وشقف فخار.
27ـ خربة رويحة: أو أم التين، وهي عبارة عن أبنية متهدمة تقع في ظاهر كرنب الشمالي الغربي.
28ـ خربة زويرتا: تقع للغرب من خربة رويحة، تتألف من بناء مستطيل متهدم وصهريج.
29- قصر السر: أو خربة السر، تقع في الجنوب من خربة (عرعرة) تحتوي علي متهدمة وأساسات وبقايا بئر وجدران حبلة، وشقف فخار، وإلي الشمال صهريج وبرج فيه أقواس (قصر السر).
30- خربة براتا: تقع إلي الجنوب من زبالة عند بئر أبي منصور، تحتوي علي صهاريج متهدمة وحجارة مبعثرة وكهوف ومعاصر زيت.
31- خربة أبي سمارة: تقع إلي الجنوب الشرقي من خربة براتا وللشمال الشرقي من خربة فطيس. تحتوي علي آثار محلة وشقف فخار ومغائر وصهاريج منقورة في الصخر وقطعة عمود.
32- خربة أبورقيق: تقع عند البئر المسمي باسمها، تحتوي علي صهاريج مبنية من الدبش وحجارة مبعثرة وتلول أنقاض وكسر فخار علي سطحها.
33- خربة الراس: تقع في الشمال الشرقي من بئر السبع، وتحتوي علي بقايا مبان وأرض من البلاط وأعمدة وصهاريج وحجارة مقطوعة.
عروبة فلسطين
وتضطرنا المعلومات التي تزودنا بها المصادر الجديرة بالثقة إلي أن نعتبر ديار التياها متحفا مصغرا للتاريخ، يسهم بالأدلة الدامغة في إثبات عروبة فلسطين ودحض الحق التاريخي المزعوم لليهود في فلسطين عموما، ومنطقة النقب بوجه خاص، وهذا بدوره جدير بأن يفسر لنا هوس الصهاينة في إقامة مستعمرات لهم في تلك المنطقة قبل قيام دولة إسرائيل، وبالتحديد في عام 1934 ، وقد بلغ ما أقاموه من مستعمرات منها أكثر من ثمانين مستعمرة.
بعض صولات التياها القتالية
من أهم حوادث التياها أنهم وقبيلة الترابين هاجموا قافلة مصرية وسلبوا ما كانت تحمله من أموال كثيرة وأرزاق وغيره، و ذلك في عام 1811، ويقال إن الذي أوعز بذلك للقبيلتين هو محمد أغا أبونبوت، متسلم غزة ويافا، نكاية بسليمان باشا والي عكا.
وفي عهد الخديو توفيق، اندلعت ثورة الزعيم أحمد عرابي وكانت بريطانيا ترنو إلي احتلال مصر، لكن ثورة عرابي كان معناها قطع الطريق عليها، فدخلت بأسطولها وجيشها للقضاء عليها، وضرب الأسطول البريطاني الإسكندية، ثم خشي الإنجليز أن تحل بهم الهزيمة لأن العرابيين كانوا قد استعدوا باستحكامات كثيرة، فعولوا علي أن يدخلوا البلاد من طريق السويس، لكنهم كانوا يتوجسون من طريق السويس، لأنهم خشوا أن يردم عرابي قناة السويس، هذا إلي خوفهم من عرب سيناء علي طول القناة وحتي مديرية الشرقية، فقد كان من المعروف أنهم موالون للزعيم عرابي، وعددهم كان يزيد علي الثلاثين ألف فارس مدربين علي السلاح، وبالنتيجة أرسل الإنجليز المستر أدوين بالمر، إلي سيناء بغية استمالة عرب سيناء إلي صف الإنجليز، أو علي الأقل تحييدهم في الصراع الدائر بين القوات الإنجليزية وجيش الثورة العرابية، وثمة إشارات يستشف منها أنه تم تعزيز عرابي بقوة من التياها والترابين عام 1882، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أسهم أفراد من التياها في اغتيال بالمر في سيناء.
ومن حوادث التياها أيضا أنه عقب صدور أمر نظارة المالية بتسريح العساكر الموجودة بقلاع سيناء وشمال الحجاز، تم تسليم هذه القلاع لشيخ عربان التياها في بداية عام 1884، كما يعزي إلي التياها مشاركتهم في الحرب العالمية الأولي إلي جانب العثمانيين، كما كانت لتياها فلسطين مشاركة في إضراب عام 1936، فاستنادا إلي الأستاذ صبحي ياسين، في كتابه "الثورة العربية الكبري في فلسطين" أنه في 1936/5/19 قام رؤساء العشائر في منطقة بئر السبع بقيادة شيخ عشيرة الظلام بمظاهرة مسلحة داخل مدينة بئر السبع في رابعة النهار، إذ دخل مئات من الثوار الأحرار المدينة، وقاموا بمظاهرة مسلحة احتجاجا علي سياسة الحكومة الظالمة، وكانت بيوت التياها أكثر أبنية القبائل العربية عرضة لهدم العقوبات المشتركة، التي طبقتها السلطات البريطانية آنذاك.
الترانسفير الصهيوني
في عام 1948شرد الصهاينة معظم بدو النقب من أراضيهم ومساكنهم، وحين أجرت سلطات الاحتلال أول إحصاء رسمي لعرب النقب، كان عددهم عام 1951حسب البيانات الإسرائيلية حوالي 13ألف نسمة، ينتمون إلي 19عشيرة معظمها من قبيلة التياها، وعام 1980قدر عددهم بحوالي 40ألفا، ولم يكتف الصهاينة بتشريد عرب النقب وسلب أراضيهم، بل عملوا علي حصر من تبقي منهم في منطقة معزولة، وفرضت عليهم أنظمة الطوارئ الاستبدادية، وعملت حكومات إسرائيل المتعاقبة علي إيلاء أهمية بالغة لتهويد منطقة النقب والقضاء علي الوجود العربي فيها بجميع الأساليب وشتي الوسائل، ففي الفترة ما بين عامي 1945-1951أجلت السلطات الصهيونية ما تبقي من العزازمة والترابين عن مناطقهم، حيث أقيمت عليها مستوطنات إسرائيلية واختارت المنطقة الواقعة إلي الشرق والشمال الشرقي من بئر السبع - أي منطقة التياها - لتجميع عرب النقب فيها، واعتبرت هذه المنطقة عسكرية مغلقة، أما القبائل التي بقيت في النقب بعد عام 1984فمنهم عشائر الحكوك من التياها "الهزيل والأسد وأبوعبدون" ومن القديرات "الصانع وأبو كف والأعسم والهواشلة"، ومن الظلام "أبو جويعد، وأبو ربيعة وأبو قرينات"، ونزح إلي قطاع غزة القلازين والقطاطوة والرواشدة من التياها، ورحل البدينات إلي البلقاء في الأردن، وهاجرت جماعات من عشائر التياها "علامات، أبولبة، أبو شنار، أبوجقيم" وقسم من بني عقبة ومن البدينات والرماخين والشلاليين إلي منطقة الخليل، وبقي أن نعرف أن عرب النقب كانوا قبل عام 1984يملكون نحو ستة ملايين دونم، ويفلحون منها نحو 2.3 مليون دونم، ولم يتبق منها إلا نحو 12ألف دونم، ومازال مسلسل النهب للأرض والتشريد لأصحابها مستمرا، وما جري أخيرا ويجري الآن لقرية العراقيب نموذج.
التياها في أقوال رحالة الغرب
مرت الرحالة الكونتيسة دي جاسبارين، بأرض التيه، في زيارتها لسيناء في نهاية عهد محمد علي باشا، فوصفت تلك البقاع وسكانها بقولها: "وقد اقتسمت القبائل في شبه الجزيرة مهمة حراسة المسافرين، كما اقتسمت بينها المراعي والأرض ومناطق الاستغلال، فعند نقطة نخل تنتقل مهمة الحراسة من قبائل الطوارة إلي قبائل التياها، فيتقدم شيخهم ويتولي مهمته، ويتم تبادل الحراسة في قلعة نخل في وسط الصحراء، ومما لاحظته الكونتيسة أن التياها مسلحون أفضل من الطوارة، وأنهم أكثر دهاء ومكرا، ويذكر البعض أن التياها أفصح لسانا من بدو الطور والعريش، لأنهم لم يختلطوا بالعناصر الأجنبية.

1