أحدث الأخبار
الجمعة 27 كانون أول/ديسمبر 2024
1 2 3 45603
مصر : الإمارات تستحوذ على الاقتصاد المصري .. الفنادق التاريخية والقطاع الطبي وخدمات الوقود والموانئ والسجائر ضحايا سياسة الاستدانة!!
26.02.2024

لا يمكن النظر إلى النهم الإماراتي في الاستحواذ على الاقتصاد المصري بعيداً عن المواقف السياسية التي اتّخذتها أبو ظبي منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس المصري محمد حسني مبارك.فالدولة التي مثّلت ملجأ في كثير من الأوقات لرموز نظام مبارك، ودعمت المرشح المحسوب على العهد السابق في أول انتخابات رئاسية بعد الثورة الفريق أحمد شفيق، وزير الطيران المدني في عهد مبارك، واستقبلته بعد خسارته في الانتخابات، هي التي عادت ودعمت نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي.وكان خبراء اقتصاد ينتمون للمعارضة حذّروا من أن الودّ الذي أظهرتْه الإمارات في السنوات الأولى من حكم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي ظهر في إيداع مليارات من الدولارات في البنك المركزي المصري، سيكون سبيلاً للسيطرة على الاقتصاد المصري فيما بعد.ومثل استحواذ الإمارات على منطقة رأس الحكمة، شمال غرب مصر، في صفقة قدمت باعتبارها الأكبر في تاريخ الاقتصاد المصري، آخر حلقة في سلسلة من الخطوات التي اتخذتها الإمارات للاستحواذ على قطاعات اقتصادية مصرية، تنوعت بين القطاع الطبي والسياحي والصناعي والموانئ.خبراء اقتصاد معارضون حذّروا من أن الودّ الذي أظهرتْه الإمارات في السنوات الأولى من حكم السيسي سيكون سبيلاً للسيطرة على الاقتصاد المصري فيما بعد ووقعت مصر، الجمعة الماضي، عقداً لتطوير مشروع رأس الحكمة في مصر بشراكة إماراتية، على أن يستقطب المشروع استثمارات تزيد قيمتها عن 150 مليار دولار خلال مدة تطوير المشروع، تتضمن 35 مليار دولار استثماراً أجنبياً مباشراً للدولة المصرية خلال شهرين.وقال رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن الصفقة تعدّ أكبر صفقة استثمار أجنبي مباشر في تاريخ مصر، وإن هذه الصفقة تتم في إطار قوانين الاستثمار المصرية.وأضاف مدبولي أن المشروع يتضمن تنمية مجتمعات عمرانية متكاملة على الساحل الشمالي، وليس منتجعات سياحية.وأوضح أن الجانب الإماراتي سيضخ استثمارًا أجنبياً مباشراً لمصر بقيمة 35 مليار دولار خلال شهرين، يتم سدادهم على دفعتين، الأولى خلال أسبوع بواقع 15 مليار دولار، تتضمن 10 مليارات دولار سيولة من الخارج، بالإضافة إلى التنازل عن 5 مليارات دولار من الودائع الخاصة بالإمارات لدى البنك المركزي المصري.وتابع: الدفعة الثانية سيتم سدادها بعد شهرين، بواقع 20 مليار دولار، تشمل 14 مليار دولار سيولة من الخارج، بالإضافة إلى التنازل عن 6 مليارات دولار من الودائع الخاصة بالإمارات لدى البنك المركزي المصري.وبيّن رئيس الوزراء المصري أن حصة مصر من أرباح مشروع مدينة رأس الحكمة في الساحل الشمالي تقدّر بنحو35 في المئة، وأن مشروع مدينة رأس الحكمة هو شراكة استثمارية وليس بيع أصول، وسيتم في إطار مخطط متكامل لتنمية الساحل الشمالي بمدن ذكية.وتوقع مدبولي أن يحقق المشروع الاستقرار النقدي للبلاد، ويساهم في كبح جماح التضخم والقضاء على السوق الموازية للدولار، مضيفاً: “الاستثمارات المباشرة بقيمة 35 مليار دولار ستحلّ جزءاً كبيراً من الأزمة الاقتصادية الحالية”.وأكد مدبولي التزام مصر بتعويض أهالي محافظة مرسى مطروح الموجودين على الأرض المخصصة للمشروع نقداً وعيناً، لافتاً إلى أن مدينة رأس الحكمة الجديدة ستقام على مساحة 170.8 مليون متر مربع، وستوفر ملايين فرص العمل.وجاءت صفقة رأس الحكمة، بعد شهر واحد من استحواذ مجموعتين إماراتيتَين، هما “ايه دي كيو” القابضة، و”أدنيك”، على نسبة كبيرة من الفنادق التاريخية في مصر.واشترت المجموعتان 40.5 بالمئة من شركة “آيكون” التابعة لرجل الأعمال المصري طلعت مصطفى.وكانت الشركة المملوكة لرجل الأعمال المصري استحوذت، قبل أسابيع، على حصة 39 في المئة من شركة “ليجاسي” للفنادق الحكومية التي تمتلك محفظة تضم 7 فنادق تاريخية في مصر، هي سوفيتيل أولد كتراكت أسوان، وموفنبيك أسوان، وسوفيتيل وينتر بالاس الأقصر، وشتايجنبرجر التحرير، وشتايجنبرجر سيسل الإسكندرية، وماريوت مينا هاوس، وماريوت القاهرة، وكازينو عمر الخيام.ووصل حجم محفظة “آيكون”، بعد اكتمال هذه الصفقة، إلى 15 فندقاً وعقاراً فاخراً في قطاع الضيافة، تضم نحو 5 آلاف غرفة فندقية موزعة ضمن مواقع رئيسية في القاهرة والأقصر والإسكندرية وشرم الشيخ.لم يسلم قطاع السجائر من النهم الإماراتي، فأواخر العام الماضي، باعت مصر حصة في الشركة الشرقية للدخان (إيسترن كومباني)، في أول عملية بيع خارجية لأصول كبرى مملوكة للدولة منذ أن وافقت على برنامج خصخصة مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.وأعلن هاني أمان، الرئيس التنفيذي للشركة الشرقية للدخان وقتها، أن شركة غلوبال للاستثمار القابضة الإماراتية هي التي اشترت الحصة.واشترت غلوبال 30 في المئة من الشرقية للدخان، أو ما يعادل 669 مليون سهم، مقابل 16 مليار جنيه مصري.والعام الماضي أيضاً، وقبل أشهر من بدء الحكومة المصرية تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، الذي تسعى من خلاله إلى طرح عشرات من الشركات المملوكة لها وللجيش سواء في البورصة أو لمستثمرين، استحوذت شركة “الأصباغ الوطنية القابضة” الإماراتية نحو 81 في المئة من أسهم شركة البويات والصناعات الكيماوية “باكين” المصرية المملوكة للحكومة.وأثارت الصفقة جدلاً واسعاً، خاصة أن الشركة، التي تأسست عام 1958، كأول شركة صناعات كيماوية مصرية لإنتاج البويات، تمتلك 5 مصانع داخل مصر، وأكثر من 350 منفذ بيع خاصة بها، وامتد نشاطها خارج مصر، فقامت بإنشاء مصنع ضخم للدهانات في ليبيا، وتحقق أرباحاً من خلال تصدير منتجاتها.سبق صفقة “باكين” استحواذ صندوق الثروة السيادي المملوك لدولة الإمارات، الاستحواذ على نسب في 5 شركات مصرية، بينها الإسكندرية لتداول الحاويات، وأبوقير للأسمدة، ومصر لإنتاج الأسمدة.قطاع الموانئ المصرية كان واحداً من القطاعات التي شهدت محاولات السيطرة الإماراتية، في أواخر العام الماضي أيضاً، وقّعت الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر، وتحالف شركات موانىء أبوظبي، الأربعاء، العقد النهائي الخاص ببناء وتطوير محطة متعددة الأغراض (سفاجا٢) بميناء سفاجا البحري، حسب بيان لمجلس الوزراء المصري.موجب العقد، منح التزام لشركة سفاجا لتشغيل المحطات، بنظام المناطق الحرة الخاصة، والمؤسسة من تحالف شركات أبوظبي للموانئ (شركة مساهمة عامة)- جولدن انكور شيبس اوبريتور ليمتد – سيلفر أنكور فاسيلتيز مانجيمنت ليمتد)”.ومن المقرر أن تمتد مدة الالتزام الممنوح لشركة المشروع ثلاثين عامًا، تبدأ من تاريخ استلام أرض المشروع.وقال وزير النقل المصري إن المشروع سيجري تنفيذه على مساحة 810 آلاف متر مربع تقريبًا، مع رصيف بطول 1100 متر، وعمق 17 مترًا، وتم الانتهاء من حوالى 85% من أعمال البنية التحتية، على أن يتم الانتهاء من كافة أعمال البنية التحتية التي تنفذها شركات وطنية مصرية بحلول أبريل 2024، وأن يتم بدء أعمال البنية الفوقية في الربع الثاني من العام الحالي.ولفت الوزير إلى أن المشروع يستهدف أن تستوعب المحطة نحو مليون حاوية سنويًا، بالإضافة إلى استقبال بضائع عامة تقدر بحوالي 7 ملايين طن، كما ستسهم المحطة في تداول الحاويات وجميع أنواع البضائع العامة والصب الجاف والسائل.وسبق أن وقع تحالف شركات موانئ أبوظبي اتفاقات لتنفيذ مشروعات في عدد من موانئ البحر الأحمر، تشمل “إدارة وتشغيل أرصفة ومحطات السفن السياحية في موانئ شرم الشيخ والغردقة والسخنة بتشغيل خط بحري يربط بين موانئ حوض البحر الأحمر، وكذا نشاط سفن الدحرجة (محطات السيارات) لميناء السخنة، ونشاط الحاويات والصب الجاف النظيف وغير النظيف والبضائع العامة بمحطة سفاجا”، حسب بيانات الحكومة المصرية.لم يسلم قطاع خدمات الوقود من النهم الإماراتي، ففي سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلنت شركة “أدنوك” الإماراتية الاستحواذ على 50% من شركة “توتال إنرجيز” لخدمات الوقود، ما يعادل نصف محطات الوقود في مصر، بقيمة تقارب 186 مليون دولار.نقابة الأطباء المصريين طالبت بدور رقابي للدولة على صفقات الاستحواذ في القطاع الطبي، مثلما يحدث من رقابة البنك المركزي على صفقات القطاع المصرفيوقالت مصادر لـ “القدس العربي” إن هناك مباحثات تجري لبيع المحطات المملوكة للشركة الوطنية لخدمات البترول، وهي شركة مملوكة للجيش، والمالكة لعدد كبير من محطات الوقود بعد طرحها للمستثمرين من جانب صندوق مصر السيادي.ومن بين القطاعات التي شهدت هيمنة من المستثمرين الإماراتيين القطاع الصحي المصري، ما حذر منه أطباء وخبراء مصريون في مجال الصحة.وعلى مدار الأعوام الأخيرة، نجحت شركة «أبراج كابيتال» الاقتصادية الإماراتية العملاقة، والمتخصصة في إدارة الملكيات الخاصة، في إتمام أكثر من صفقة استحواذ لها على أكبر كيانات طبية داخل مصر، نقلتها من مجرد مستثمر إلى محتكر لهذا القطاع الطبي الذي يخدم الملايين من المواطنين.وشملت صفقات الاستحواذ للشركة الإماراتية شراء 12 مستشفى خاصًا، أبرزها مستشفى «القاهرة التخصصي» و«بدراوي» و«القاهرة» و«كليوباترا» و«النيل» بجانب معامل التحاليل الأشهر: «المختبر» و«البرج» وتأسيس شركة جديدة تضم المعملين، وإتمامها صفقة شراء شركة آمون للأدوية.تظهر المعلومات المتاحة عن الشركة الإماراتية، التي تأسست في 1999، أن قيمة الأصول التي تديرها الشركة تصل نحو 5.7 مليار دولار، عبر أكثر من 20 صندوقاً استثمارية، موزعة على أكثر من 30 دولة.وكانت منى مينا، وكيلة نقابة الأطباء المصريين السابقة، حذرت، في منشور لها على «فيسبوك» من الهيمنة الإماراتية، مشيرة إلى «سعي شركات إماراتية للسيطرة على النظام الصحي في مصر» واصفة هذا الأمر بـ«المرعب».وقالت مينا: الكارثة أنه في الوقت نفسه الذي يسعى مشروع خصخصة التأمين الصحي الجديد لفتح المستشفيات العامة للقطاع الطبي الخاص في مصر، تستولي شركة أبراج متعددة الجنسيات، مقرها في المنطقة الحرة بالإمارات، وقانون إنشائها يمنع الإعلان عن المساهمين فيها سواء أفراداً أو حكومات، واشترت حتى الآن سلسلتي معامل البرج والمختبر، ومستشفيات كليوباترا والقاهرة، وعقد مجلس النقابة مؤتمراً صحفياً، وقتها، أكّد فيه شراء شركة «أبراج كابيتال» لمستشفيات كليوباترا، والقاهرة التخصصي، ومعامل المختبر، والبرج، وبيو لاب، وألترا لاب، وشركة آمون للأدوية، في صفقات تقدر بمئات الملايين من الدولارات.وكانت نقابة الأطباء المصريين قد طالبت بدور رقابي للدولة على صفقات الاستحواذ في القطاع الطبي، مثلما يحدث من رقابة البنك المركزي على صفقات القطاع المصرفي.وشددت على أن سيطرة الشركة الإماراتية على القطاع الطبي ستؤدي إلى زيادة تكلفة العلاج بشكل كبير، وهو ما سيترتب عليه استحالة تطبيق منظومة التأمين الطبي الشامل التي تنوي الدولة تطبيقها خلال السنوات المقبلة.يخشى المصريون من زيادة النفوذ الإماراتي في بلدهم، خاصة في ظل التقارب بين أبوظبي وتل أبيب، بعد توقيع اتفاق التطبيع في عام 2020، ومن أن تكون الشركات الإماراتية مجرد واجهة للاحتلال الإسرائيلي.كما تؤكد المعارضة المصرية رفضها للسياسات الاقتصادية التي يتبنّاها نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والقائمة على الاستدانة، وأدّت إلى ارتفاع الديون الخارجية إلى مستوى غير مسبوق، دفع الحكومة المصرية إلى اللجوء لبيع أصول الدولة.!!

1