
لم يخلُ أي من القوانين التي أقرّها البرلمان المصري في الأعوام الماضية من نص يتضمن تهمة “نشر أخبار كاذبة أو شائعات”، وهو ما تعتبره المعارضة والمنظمات الحقوقية محاولة لفرض مزيد من القيود على حرية الرأي ومنع أي محاولة لانتقاد السلطة من مهدها.آخر هذه القوانين وافق عليه مجلس النواب المصري، يوم الإثنين، وحمل اسم “قانون تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي”، المقدم من الحكومة، ويهدف إلى فتح المجال أمام مشاركة أوسع للقطاع الخاص في هذا القطاع.النائب أحمد البرلسي: هل سيجد الصحافيون أنفسهم متهمين بتكدير السلم العام إذا أجرى أحدهم تحقيقًا عن المياهوقد رفض المجلس اقتراح النائب أحمد البرلسي بحذف المادة 73 من المشروع، التي تنص على أن “يعاقب بغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تزيد على 500 ألف جنيه، كل من قام بترويج شائعات أو معلومات غير صحيحة بأي وسيلة كانت عن جودة المياه، بقصد تكدير السلم والأمن الاجتماعي لدى المواطنين بشأن حالة المياه وجودتها”.وقال البرلسي: “هل سيجد الصحافيون أنفسهم متهمين بتكدير السلم العام إذا أجرى أحدهم تحقيقًا عن المياه؟”.ودافع وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، المستشار محمود فوزي، عن المادة التي تُقرّ الغرامة، وقال: “النص لا يتعلق بالصحافيين، هناك قلة قليلة جدًا قد تقول كلامًا غير حقيقي يترتب عليه بلبلة في المجتمع، ومن مصلحة المجموع أن يكون النشر في هذه الموضوعات بحرص ومسؤولية”.وأضاف: “تقدير العقوبة وثبوت الجريمة يكون من جهات التحقيق وتحت نظر القاضي، الذي يحدد مدى توافر أركان الجريمة، ومن الصالح العام مواجهة هذا السلوك بالأدوات الجنائية وتحت رقابة القضاء”.كما انتقد البرلسي أيضًا نص القانون بشأن استخدام العدادات الذكية مسبقة الدفع.وطالب بتعديل المادة 64 التي تنص على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعظيم الاستفادة من المياه النقية بما يحقق سياسات وأهداف الدولة في ترشيد استهلاك المياه، بما في ذلك تعميم استخدام العدادات مسبقة الدفع أو الذكية.وأعرب عن مخاوفه من تأثير هذا النظام على محدودي الدخل، قائلًا: “لو شحنت العداد والرصيد نفد، وبنتي عطشانة، كيف أسقيها؟”.وعقّب وزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، على حديث البرلسي، قائلًا إن العدادات مسبقة الدفع تُصدر إضاءة أو أصوات إنذار قبل انتهاء الرصيد.وتسعى مصر إلى ترشيد استهلاك المياه، خاصة في ظل تصاعد أزمة سد النهضة الإثيوبي.وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إن الموقف بشأن سد النهضة الإثيوبي قد يؤدي إلى توتر جديد في المنطقة.وأضاف، خلال مشاركته في منتدى قادة السياسات الذي عقدته غرفة التجارة الأمريكية في القاهرة، يوم الإثنين: “مصر تعمل على الحفاظ على الاستقرار، وهناك نقاط توتر عديدة في المنطقة، مثل السودان وغزة”.وقد أوقفت مصر المحادثات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة منذ أكثر من عام، بسبب تعنّت أديس أبابا في المفاوضات ومحاولاتها كسب الوقت لاستكمال أعمال السد.
وكانت إثيوبيا قد أجرت الملء الخامس لخزان السد في يوليو/تموز الماضي.المعارضة والمنظمات الحقوقية: محاولة لفرض مزيد من القيود على حرية الرأي ومنع أي محاولة لانتقاد السلطة وفي أبريل/نيسان الماضي، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان رفضهما “الإجراءات الأحادية” في حوض النيل.واتفق الجانبان على مواصلة التنسيق والعمل المشترك لحفظ الأمن المائي للبلدين، ورفض الإجراءات الأحادية في حوض النيل الأزرق.وقد فشلت المفاوضات بين دولتي المصب، مصر والسودان، مع إثيوبيا، على مدار سنوات، في التوصل إلى اتفاق ثلاثي قانوني وملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، خاصة في أوقات الجفاف، بما يضمن استمرار تدفق حصتيهما من مياه النهر.وتعتبر إثيوبيا أن اتفاق إعلان المبادئ، الذي وقعته مع مصر والسودان عام 2015، كافٍ، وتكرر أن السد ضروري للتنمية، خصوصًا في ما يتعلق بتوليد الكهرباء، ولن يضر بمصالح الدول الأخرى.وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بدء تنفيذ الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، المعروفة باسم “اتفاقية عنتيبي”، واصفًا إياها بأنها “لحظة تاريخية وتمثل تتويجًا لرحلة طويلة نحو الاستخدام العادل والمعقول لمياه النيل”.وتؤكد مصر والسودان رفضهما لاتفاقية “عنتيبي”، وتمسكهما باتفاقية تقاسم مياه النيل الموقعة عام 1959، التي جاءت مكملة لاتفاقية 1929، وتمنع الإضرار بدول المصب، كما تقرّ لمصر بحصة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل، وللسودان 18.5 مليار متر مكعب.ويتشارك في نهر النيل 11 دولة، هي: بوروندي، رواندا، الكونغو الديمقراطية، كينيا، أوغندا، تنزانيا، إثيوبيا، إريتريا، جنوب السودان، السودان، ومصر.
