
أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، عن خطة للاستثمارات العسكرية بمليارات الجنيهات الإسترليني، وهي الأولى من نوعها منذ نهاية الحرب الباردة (بين المعسكرين الشرقي والغربي)، لمواجهة ما وصفه التهديد الذي تتعرض له المملكة المتحدة، مشيراً بالتحديد إلى غزو روسيا لأوكرانيا وتعزيز موسكو تحالفها مع إيران وكوريا الشمالية.وجاء موقف ستارمر قبيل نشره مراجعة لقدرات بريطانيا العسكرية الاستراتيجية، وفي ظل محاولة المملكة المتحدة ودول في أنحاء أوروبا تعزيز صناعاتها الدفاعية بسرعة بعد أن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن على قارة أوروبا أن تتحمل المزيد من المسؤولية عن أمنها”. والتزم ستارمر بالفعل برفع الإنفاق الدفاعي إلى 2.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027 ثم العمل للوصول إلى مستوى 3 ٪ على المدى الطويل (بحلول العام 2034)، بينما ذكرت صحيفة صنداي تايمز أن الحكومة تريد شراء طائرات مقاتلة أمريكية الصنع قادرة على إطلاق أسلحة نووية تكتيكية.وقال ستارمر إن بلاده يجب أن تكون مستعدة للقتال والفوز في حرب ضد الدول التي تمتلك قوى عسكرية متقدمة، وأضاف: “بريطانيا مُهددة، لكننا سنواجه التهديد بأكبر رد فعل شهدناه في حياتنا (…) لقد حان الوقت لتعزيز قواتنا القتالية، وتجديد أمتنا في آنٍ واحد، باستثماراتٍ جديدةٍ تخلق فرص عمل في جميع أنحاء البلاد (…) سنبني ستة مصانع ذخيرة جديدة على الأقل في جميع أنحاء المملكة المتحدة، ما سيوفر أكثر من 1000 وظيفة في قطاع التصنيع المتقدم.وتبلغ تكلفة بناء تلك المصانع 1,5 مليار جنية استرليني؛ أي ما يعادل ملياري دولار أمريكي، وهو جزء من خطة ستكلف المليارات بما فيها تحسين ظروف عيش وسكن القوات العسكرية البريطانية بمبلغ يصل إلى7 مليارات جنية استرليني.كذلك أعلنت الحكومة بالفعل عن خطة بمليار جنيه إسترليني للاستثمار في الذكاء الاصطناعي الذي يمكن استخدامه لتعزيز عملية صنع القرار في ساحة المعركة.وأوضح ستارمر: “سنصنع أيضاً ما يصل إلى 7000 سلاح بعيد المدى لقواتنا المسلحة، ما يدعم حوالي 800 وظيفة دفاعية إضافية. وهذه مجرد البداية. وبموجب هذه الخطة الجذرية، سندفع عجلة الاستثمارات في بناء السفن، وتكنولوجيا الطائرات بدون طيار، والدفاعات السيبرانية، وغيرها – وهي تدابير جديدة للدفاع عن بريطانيا وتعزيز كل جزء من قواتنا”.وعن طبيعة تلك التهديدات، قال ستارمر في مقال لصحيفة ذا صن: نتعرض لتهديد مباشر من دول تمتلك قوات عسكرية متطورة، لذا يجب أن نكون مستعدين للقتال والانتصار (…) التهديدات التي نواجهها ليست سراً: حرب في أوروبا… ومخاطر نووية جديدة… يتعاون الكرملين يداً بيد مع حلفائه في إيران وكوريا الشمالية، كما أننا نواجه يومياً هجمات إلكترونية (سيبرانية)”.وأعاد رئيس الوزراء البريطاني التذكير بحوادث احتكاك بريطاني ـ روسي خلال الفترة الأخيرة عندما قال: “طاردت البحرية الملكية (البريطانية) سفن تجسس روسية تسللت إلى مياهنا… وسارع سلاح الجو الملكي البريطاني لاعتراض طائرات روسية كانت تُهدد سماءنا”.وشدد ستارمر على استخلاص دروس الحرب الروسية في أوكرانيا، “حيث شهدنا الوجه الجديد للحرب الحديثة. هذا يعني تجميع كل قدراتنا، من الطائرات المسيّرة إلى المدفعية، إلى الفطنة البشرية والذكاء، في آلة قتالية واحدة هائلة ومتكاملة (…) ولتحقيق ذلك، نعلن عن موجة من الاستثمارات الجديدة في قواتنا المسلحة براً وجواً وبحراً. ليس هذا وقتاً لبعض التعديلات الطفيفة هنا وهناك، بل لقد حان الوقت لتغيير جذري”.وقال: “لن نُخاطر أبداً بأمن بريطانيا القومي أو أمننا الاقتصادي، وبدلًا من ذلك، سنواجه هذه اللحظة بحزم، من خلال اتخاذ إجراءات لم نشهدها من قبل في معظم حياتنا (…) هذا العمل جارٍ بالفعل. لقد وضعنا الأمن القومي في صميم خطة التغيير التي وضعتها هذه الحكومة، ونحقق أكبر زيادة مستدامة في الإنفاق الدفاعي منذ نهاية الحرب الباردة (…) وفي نهاية المطاف، فإن أفضل طريقة لمنع الصراع هي الاستعداد له”.وعن ذلك الاستعداد، قال ستارمر: “لقد التقيت طيارينا المقاتلين الذين يخدمون في قبرص، وجنوداً يحمون الجناح الشرقي لحلف الناتو في إستونيا، وبحارة وغواصين يخدمون في بحر البلطيق وشمال الأطلسي وما وراءهما. سنستثمر في قوة قتالية أكثر تكاملاً وجاهزيةً وفتكاً من أي وقت مضى، مما يعيد بريطانيا إلى مكانتها التي تستحقها كقائدة في الدفاع وقائدة في حلف الناتو.وسنضع حداً لهذا التفريغ المشين لقواتنا المسلحة… لقد حققنا بالفعل أكبر زيادة في رواتب القوات المسلحة منذ 20 عاماً، ونستثمر الآن 7 مليارات جنيه إسترليني لتوفير مساكن أفضل لهم ولعائلاتهم، بعد أن تم إهمالها سابقاً. سنوفر معداتٍ أفضل لمحاربينا أثناء قتالهم في الخارج، ليتمكنوا من استخدام كامل القدرات التقليدية والتكنولوجية.وكان وزير الدفاع جون هيلي، قد أعلن عن برنامج الاستثمار في الأسلحة في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، واصفاً إياه بأنه “رسالة إلى موسكو” وكذلك وسيلة لتحفيز اقتصاد البلاد المتباطئ.
