أحدث الأخبار
الخميس 03 تموز/يوليو 2025
1 2 3 48094
برصاصة غادرة... الاحتلال اغتال حلم عمار حمايل الطفل الذي أراد بلوغ العالمية ببطولة المواي تاي!!
03.07.2025

في الثالثة عشرة من عمره، حلم عمار حمايل بأن يصبح يومًا ما اسمًا لامعًا في عالم المواي تاي، ليس بسبب استشهاده، بل كبطل المواي تاي القادم على الصعيدين المحلي والدولي.لكن حياة الرياضي الصغير انتهت مبكرًا جدًا، وبات اسمه يتردد صداه في الحزن بدلًا من الاحتفال، حيث ترك استشهاده فراغًا عميقًا في قلوب كل من عرفه، خاصة مدربه وزملاءه الذين يتمسكون بشدة بكل ذكرى عاشوها معه.كان الطفل عمار في الثالثة عشرة من عمره، رغم جسده الصغير يحمل حلمًا كبيرًا، حلمًا بأن يصبح بطلًا في رياضة المواي تاي، أن يرفع اسم فلسطين عاليًا في المحافل، أن يُذكر اسمه في المحافل والانتصار، لا في الحزن والفراق.لكن الاحتلال، سرق حلم عمار برصاصة غادرة، أطفأ ضوءه فجأة، وأزهق روح البراءة في لحظة.
زملاء الشهيد عمار
في مساء الإثنين المنصرم، كان عمار ببراءته يركب دراجته في قريته كفر مالك، شمال شرق رام الله، عندما أطلق عليه جندي إسرائيلي النار. تُرك ينزف على الأرض ومنع الاحتلال أي إسعاف من الاقتراب منه حتى استشهد، واحتجز جثمانه لساعات قبل أن يُسلّم إلى عائلته.يتحدث مدربه، أحمد أبو دخان، عن عمار بلوعة وحب، بالقول: "كان عمار طفلًا استثنائيًا. دائمًا ما يبتسم ويضحك. لا أتذكر حتى لحظة بدا فيها حزينًا أو منزعجًا. كانت لديه قدرة نادرة على رفع معنويات من حوله. إذا كنت في مزاج سيئ، كان عمار قادرًا على تغييره في دقائق. كان يحب الحياة، شغوفًا وطموحًا، ولديه هدف واضح. والأهم من ذلك، كان مهذبًا جدًا".يضيف أبو دخان: "كلاعب، كان شجاعًا. كان يدخل الحلبة مع أي خصم، حتى إذا كان أكبر وأقوى منه، لم يتراجع. كان ملتزمًا بتدريبه وعازمًا على أن يصبح بطلًا عالميًا. فقدانه كلاعب مؤلم، لكن فقدانه كطفل أحببناه، ألم لا يوصف".يتذكر أبو دخان اللحظة التي علم فيها باستشهاد عمار: "كنت أتسوق عندما أرسل لي رسالة حوالي الساعة الثانية ظهرًا. ظننت أنه يسأل عن جدول التدريب، وقلت سأرد عليه لاحقًا. بعد ساعة، رأيت أنه حذف الرسالة. لا أعرف ماذا كان يريد أن يقول، وأنا أندم على تأخري في الرد".
توديع عمار حمايل
في الساعة الرابعة عصرًا، اتصلت خالة عمار وأخبرتني أن عمار أُطلق عليه النار وأنه محتجز، ولم يعرفوا مدى خطورة جراحه. تجمدت في مكاني، لم أرد على رسالته التي لم أفتحها، وقلت: "هل أنت متأكدة؟ لقد راسلني قبل ساعتين. دعيني أتحقق من الأخبار".تواصل أبو دخان مع والدة عمار وطمأنها، قائلًا: "لا أعرف ما حدث، لكن عمار قوي. مهما كانت إصابته، سيتعافى".بعد نصف ساعة، رنّ هاتف أبو دخان مرة أخرى. لم يجب. في قلبه تيقن أن الخبر المأساوي قد تحقق. فتح التلفاز وشاهد صورة عمار على شاشة الأخبار، ومعها خبر "استشهاد طفل فلسطيني برصاص الاحتلال مع صورة مرفقة للطفل عمار".يقول أبو دخان بصوت مكسور: "كان طفلًا صغيرًا. لم تكن هناك مواجهات. كنتُ غاضبا جدا، لماذا حدث هذا؟".يضيف: وصلت إلى النادي حيث كنت أدرب عمار وزملاءه، رأيت الفريق جالسا بصمت ووجوم قاتلين، والدموع على وجوههم، دخلت إلى غرفة أغلقت الباب خلفي، وانهرت بالبكاء كطفل، رغم أنه كان على أن أكون قويًا أمام أصدقائه الصغار الذين فقدوا رفيق حلمهم.أراد أبو دخان أن يذهب إلى قرية عمار، لكن قيل له إن جثمان الطفل نُقل إلى مجمع رام الله الطبي. يتذكر أبو دخان كل التفاصيل: "كنت أمشي نحو المستشفى، وذاكرتي تفيض باللحظات التي عشناها مع عمار. لم أصدق ما يحدث. لم يكن الأمر حقيقيًا حتى رأيت جسده الصغير مستلقيًا على سرير المستشفى".
لم يقترب في البداية، لكن أصدقاء عمار الصغار اقتربوا من الجثمان يبكون ويودعونه. وقف أبو دخان متجمدًا، في صمت ووجع.يقول أبو دخان الموقف الأصعب كان حين دخلت والدة الطفل إلى الغرفة في المستشفى حيث جثمان عمار، كانت تبكي، ثم نظرت إلي وقالت: "أحمد، أنت آخر من تحدث إليه. قال إنه يريد حضور خطوبتك، قال إنه سيعود للتدريب." في تلك اللحظة، انهار أبو دخان أمام والدة الطفل.كان أبو دخان يستعد لحفل خطوبته بعد يومين من استشهاد عمار. أراد تأجيل الحفل احترامًا لعائلة الطفل، لكن والدة عمار طلبت منه ألا يفعل. قالت له: "عمار اختار ملابسه للاحتفال معك. إذا ألغيت الحفل سيغضب منك".في اليوم التالي، ودع أبو دخان الطفل الذي أحب كابنه، وقبّل جبينه وهمس: "ليتك اتصلت بي".
في الجنازة، كان طلب والدة عمار مؤلما وحارقا، "لا تدعهم يضعوا التراب على فم ابني.. لا أريد أن يختنق".روى زملاؤه في النادي عن شجاعته وروحه المرحة، إبراهيم جاموس قال: "كان لطيفًا وشجاعًا. رغم أنه يعيش بعيدًا، كان يسافر معنا، ويواجه التحديات بشجاعة".أما ليليان عليص فوصفت ضحكته التي كانت تملأ الأجواء بالفرح، وقالت: "كنا نحبه كأخ صغير. لم نصدق رحيله".في نهاية حديثه قال أبو دخان: "عمار كان بطلًا، وهذا ما أخاف الاحتلال. كان يمثل فلسطين بفخر، ويتحدث عنها دائمًا.. حتى في صغره، رفع صوته عبر وسائل التواصل.. وفقدانه ليس مجرد خسارة طفل، بل هو فقدان حلم فلسطيني".وأضاف: "لا أملك رسالة للعالم، فقط أقول له: ارقد بسلام يا عمار، لقد كنت بطلنا، وستبقى كذلك. ونأمل أن يأتي يوم للعدالة، ويُحاسب من قتل طفلًا بريئًا".الاتحاد الدولي للمواي تاي أصدر بيانًا نعى فيه الطفل، وقال: "كان عمار أكثر من مجرد رياضي. كان ابنًا وأخًا وصديقًا، وحالما بشجاعة كبيرة ومستقبل واعد. فقدانه بسبب العنف مأساة لا توصف".وقرر الاتحاد تنكيس الأعلام وإيقاف الأنشطة خلال نهائيات البطولة الآسيوية حدادًا على ذكراه، مؤكدا أن روحه ستظل حية في قلوب محبي الرياضة وكل من عرفه.

1