أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41060
صحافة : نيويورك تايمز: منذ وصول مرتزقة فاغنر إلى مالي لم تتوقف المذابح!!
02.06.2022

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تحقيقا أعده كل من إيليان بيلتير ومادي كامارا وكريستيان تريبرت قالوا فيه إنه منذ وصول مرتزقة فاغنر إلى مالي لم تتوقف المذابح وأشهرها مذبحة آذار/مارس، في آخر يوم أحد قبل بداية شهر رمضان حيث تدفق آلاف التجار والقرويين على سوق مورا، في وسط مالي للتجارة في الماشية والمواد الأخرى مثل البهارات والخضروات في أزقة البلدة الرملية.
وظهرت فجأة خمس مروحيات وهي تهدر فوق رؤوسهم وأطلقت النار مما أدى لرد عليها. وحاول القرويون البحث عن مكان للاختباء، ولم يوجد هناك مكان، فقد كانت المروحيات تقوم بإنزال الجنود حول البلدة لمنع الخروج منها. وكان الجنود يلاحقون مقاتلين إسلاميين يعملون بالمنطقة منذ سنوات. وكان معظم الجنود من الجيش المالي، ورافقهم عدد من الأجانب البيض يرتدون الزي العسكري ويتحدثون بلغة ليست إنكليزية أو فرنسية.
والأجانب هؤلاء، حسب دبلوماسيين ومسؤولين ومنظمات حقوق إنسان هم مقاتلون مسلحون تابعون لشركة فاغنر للتعهدات الأمنية. وقام الجنود الماليون ومرافقوهم من شركة فاغنر بعملية نهب ورهن القرويين في مجرى نهر جاف وأعدموا الرجال حسب ثمانية شهود عيان من مورا و20 سياسيا ماليا وعاملين في منظمات المجتمع المدني وكذا عسكريين غربيين ودبلوماسيين. وقام الماليون والأجانب بقتل الرهائن من مسافة قصيرة وبدون التحقيق معهم، وذلك بناء على عرقهم وملابسهم، حسبما قال شهود عيان. وقام الأجانب بالتجول والنهب في شوارع البلدة والقتل بدون تمييز، واستهدفوا الناس في بيوتهم وسرقوا المجوهرات والهواتف النقالة لمحو أي دليل مرئي.
إلا أن “نيويورك تايمز” استخدمت صورا التقطتها الأقمار الاصطناعية واستطاعت تحديد مقبرتين جماعيتين، تطابقت مع وصف شهود العيان عن المكان الذي أعدم فيه الأشخاص ودفنوا فيه. ورفضت السلطات المالية والجيش التعليق.
وتقاتل مالي المتشددين الإسلاميين منذ سنوات وبمساعدة من الفرنسيين ودول أوروبا، إلا أن العلاقات مع فرنسا تدهورت عندما سيطرت النخبة العسكرية على الحكم في العام الماضي وهو ما أدى لانسحاب القوات الفرنسية وحلت محلها شركة فاغنر بمرتزقتها، وهي خطوة شجبتها 15 دولة أوروبية والولايات المتحدة وكندا. ويشير اسم فاغنر إلى شبكة من العملاء والشركات التي تخدم كما وصفت وزارة الخزانة الأمريكية كـ “قوة وكيلة” لوزارة الدفاع الروسية. ويصف المحللون الشركة بأنها امتداد للسياسة الخارجية الروسية عبر نفيها أي علاقة بنشاطاتها بما في ذلك استخدام المرتزقة وحملات التضليل.
ومنذ ظهورها في أوكرانيا 2014، ظهر عملاؤها في ليبيا وسوريا ودول الساحل والصحراء بما فيها جمهورية أفريقيا الوسطى وموزامبيق والسودان ومالي الآن. وهم يتحالفون مع القادة العسكريين والسياسيين الذين يعيشون في ورطة ممن لديهم المقدرة على دفع المال مقابل الخدمات أو يقدمون تنازلات في مجال المناجم مثل الذهب والماس واليورانيوم حسب مقابلات في الأسابيع مع عدد من المحللين والدبلوماسيين والعسكريين في أفريقيا والدول الغربية. واعتبرت السلطات المالية الهجوم على مورا بأنه انتصار في قتالها ضد الجماعات المتطرفة، وزعمت أنها قتلت 203 مقاتلين واعتقلت 50 آخرين ولكنها لم تذكر أي شيء عن الضحايا المدنيين. ونفت أي وجود عملاء فاغنر أو توقيع السلطات المالية عقدا مع روسيا لتوفير “المتعهدين”. لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال في أيار/مايو إن وجود فاغنر في مالي هو “بناء على قاعدة تجارية” وتقديم “خدمات أمنية”.
ويقول المحللون وشهود العيان إن عدد القتلى في مورا يتراوح ما بين 300- 400 على أقل تقدير. وقال الخياط حمادون “لم يتوقف القتل من الإثنين حتى الثلاثاء”. و”القتل تم على يد البيض والماليين”. وقال بارا، تاجر المواشي من مورا “قتلوا كل الشباب في هذه المنطقة”. وتعتبر حصيلة القتل في مورا الأعلى في سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان المتزايدة للجيش المالي، والتي زادت كما يقول الدبلوماسيون ومنظمات حقوق الإنسان المالية منذ بدء الجيش المالي عمليات مشتركة مع فاغنر في كانون الثاني/يناير.
وفي وسط قتل حوالي 500 مدني في عمليات مشتركة بما في ذلك بلدة مورا، حسب تقرير سري لبعثة الأمم المتحدة في مالي واطلعت عليه الصحيفة وبيانات أعدها هيني نسيبيا، الباحث البارز في مشروع تحديد أمكنة النزاع وبيانات الحوادث. ويمكن اعتبار بعض الانتهاكات بأنها جرائم حرب. وقالت بعثة الأمم المتحدة إن خروقات حقوق الإنسان التي ارتكبها الجيش المالي ضد المدنيين زادت عشرة أضعاف ما بين 2021 والربع الأول من العام الحالي. وفي مورا فإن القوات الأمنية “ربما اغتصبت ونهبت واعتقلت واحتجزت بطريقة تعسفية الكثير من المدنيين” حسب البعثة التي تعد تقريرا عن الحادث.
وطالما اتهمت القوات في منطقة الساحل بانتهاء أبناء بلدها بما في ذلك بعد تلقيها التدريب على يد مدربين أجانب. ولكن انتهاكات حقوق الإنسان في مالي تتناسب مع الأشكال المعروفة في الدول التي عملت فيها فاغنر بما في ذلك التعذيب والضرب والقتل الفوري. ويعتقد أن رجل الأعمال يفغيني بريغوجين، المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، هو المسؤول عنها. وفي أسئلة مكتوبة من الصحيفة، أثنى بريغوجين على القيادة المالية الحالية وجيشها وعملية مورا. ولكنه نفى وجود فاغنر في مالي قائلا “هذه أسطورة” عن وجود الجماعة و”في أي مكان يوجد فيه متعهدون روس، حقيقة أم خيالا فهم لا ينتهكون حقوق الإنسان”.
وفي كانون الأول/ديسمبر فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على ثمانية أشخاص، وليس بريغوجين، ربطتهم بالجماعة واتهمتهم بنهب المصادر الطبيعية وتغذية العنف وانتهاك القانون الدولي.
وفي مالي اليوم هناك حوالي 1.000 مرتزق تابع لفاغنر وتم نشرهم على حوالي 15 قاعدة ونقطة عسكرية وحواجز تفتيش، حسب عسكريين فرنسيين ودبلوماسيين بارزين في مالي. وتقول سورتشا ماكلويد، مسؤولة مجموعة العمل في الأمم المتحدة بشأن استخدام المرتزقة إن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب زادت في أي مكان نشر فيه المرتزقة و”ليس لديهم أي محفز لوقف النزاع لأن ما يدفعهم هو المال”.
وتقع مورا في دلتا النيجر وهي بعيدة يصعب الوصول إليها وفيها سوق معروف بـ جالبال، أي سوق المواشي والذي يجذب إليه المشترين والتجار كل أحد. وينتشر في المنطقة عدد من أصحاب المواشي والمزارعين من جماعة الفولاني الذين يعتبرون المصدر الأساسي الذي تعتمد عليه الجماعات المتشددة في التجنيد.
فمنذ عام 2015، تسيطر كتيبة ماسينا التابعة للقاعدة على المنطقة وتجمع الضريبة من السكان وتجبر الرجال على إطلاق لحاهم. وقال حمادو، صاحب المواشي الذي اعتقله الجنود “هم الحكومة في المنطقة”. وفي يوم الهجوم شوهد المتطرفون وهم يتجولون في شوارع مورا على دراجاتهم النارية، وعندما ظهرت المروحيات تسلق السكان إلى سطوح منازلهم لرؤية ما يجري، وحاول بعض المقاتلين الهرب وأطلق آخرون النار باتجاه المروحيات. واعتقل الجنود الماليون المشتبه بهم في مكانين واحد في الجنوب ليس بعيدا عن سوق البلدة وآخر في نهر جاف شرقها. وبدأ القتل في يوم الإثنين وكان الضحايا من المدنيين ومقاتلين لم تعرف هويتهم حسب شهود عيان. واختار الجنود 15 شخصا في كل مرة وفحصوا أصابعهم بحثا عن علامات لاستخدامهم السلاح وأطلقوا النار عليهم من مسافة قصيرة. وفي الوقت نفسه لاحق المرتزقة الناس في الشوارع. وقال بارا، تاجر المواشي “كان الجنود البيض يقتلون أي شخص يحاول الهرب”. وفي يوم الثلاثاء استخدم الجنود مكبر الصوت في المسجد وطلبوا من الناس الذين اختبأوا الخروج، وتأكد المرتزقة الروس أنهم فعلوا هذا.
وقال أحد سكان البلدة، مودي، 24 عاما، إن رجلين أبيضين أطلقا النار على باب بيته ونجا من الرصاص حيث انطلق نحو النهر الجاف على أمل أن يكون آمنا مع الجنود. وعندما غادر حمادو بيته يوم الثلاثاء اكتشف الجثث في كل مكان والرائحة المتعفنة ورأى الجنود يأمرون أصحاب العربات لجمع الجثث، وآخرين لجمع الحشيش اليابس. وقام الجنود برش بعض الجثث بالكاز وحرقوها أمام أعين الرهائن. وفي يوم الأربعاء استمر التحقيق الذي أجبر الأطفال والنساء على مشاهدته. ودفع الجنود الأشخاص الذين يرتدون أحذية أو بناطيل قصيرة تربطهم بالمتشددين جانبا وأمروهم بالمشي إلى بيت قالوا إن فيه آلة تتعرف على المتشددين، ولم يكن هناك شيء بل مجرد خديعة كما يقول شهود العيان.
وأعدم الجنود بعض الرجال وأجبروا آخرين على ركوب مروحيات. وغادر الجنود والمرتزقة يوم الخميس بعد قتل ستة أشخاص انتقاما لهروب أربعة من الرهائن. وقال جندي مالي للمعتقلين إن الجنود قتلوا “كل الأشخاص الأشرار” كما قال حمادو. واعتذر الجنود عن “قتل الناس الطيبين الذين ماتوا بالخطأ”. وتقول كورنين دوكفة، مديرة منطقة الساحل في هيومان رايتس ووتش إن العملية قد تدفع أعدادا كبيرة من الفولانيين إلى أحضان الجهاديين. ويقول عثمان ديالو، الباحث في غرب أفريقيا بأمنستي انترناشونال إنه لم يتم الالتفات للفرق بين المدني والمتشدد منذ بداية العمليات المشتركة بين الجيش المالي ومرتزقة فاغنر. وفي بداية آذار/مارس تم العثور على 30 جثة متفحمة قرب قاعدة ديابلاي حيث تم نشر قوات الجيش المالي ومرتزقة فاغنر. وفي بداية نيسان/إبريل أعدم الجيش والمرتزقة سبعة شباب وأطفال قرب بلدة باندياغرا. وفي منتصف الشهر نفسه قتل الجيش المالي 18 متشددا إسلاميا واعتقل المئات في سوق مواش ببلدة هومبوري. ومن بين الذين جرحوا ونقلوا للعيادات كان هناك أطفال ونساء، حسب شهود عيان.