قالت مجلة “إيكونوميست” إن حزب بهارتيا جاناتا (بي جي بي) يمكنه أن يتجاهل أمريكا وليس دول الخليج. جاء هذا في سياق كلامها عن الأزمة الدبلوماسية بين الهند، التي يحكمها الحزب الهندوسي المتطرف، ومواقف الدول الإسلامية في أعقاب تصريحات مسيئة للرسول صدرت عن مسؤولتين في الحزب. وقالت إنه عندما انتقد أنطوني بلينكن، الدبلوماسي الأمريكي الأول، تراجع الحرية الدينية في الهند، بالثاني من حزيران/يونيو، وتحسّر على “زيادة الهجمات على الناس وأماكن العبادة” في البلد، كان رد الحكومة متحدياً، وانتقدت كلامه بأنه لم يكن مدروساً، واقترحت على أمريكا أن تلتفت إلى بيتها وتعيد ترتيبه.
لكن الرد كان مختلفاً، بعد أيام عدة، عندما اشتكت عدة دول في الخليج من تصريحات مسيئة للنبي محمد من مسؤولتين بارزتين في بي جي بي.وأعلن الحزب سريعاً أن التصريحات من هاتين المسؤولتين لا تمثل موقفها الرسمي. وعندما فشلت في تخفيف المشاعر، تحرك بي جي بي ضد المسؤولتين، نبور شارما، المتحدثة باسم الحزب وعلّق عضويتها، وطرد المسؤولة الإعلامية للحزب بدلهي نافين جيندال.
وحاول الدبلوماسيون الهنود في الخليج التقليل من التعليقات، واعتبارها تمثل “الهامش”، ولا تعكس سياسة الحكومة. وتم استدعاء شارما إلى مركز الشرطة في مومباي، العاصمة التجارية لكي توضح تعليقاتها.
ظلت الدول الإسلامية على الهامش فيما يتعلق بمعاملة الهند لأقليتها المسلمة خشية اتهامها بالتدخّل في الشؤون الداخلية، لكن “الهجوم على عنصر أساسي في الدين جريمة من فئة مختلفة”.وترى المجلة أن الندم غير العادي يعكس أهمية العلاقة المادية للهند مع دول الخليج وغالبيتها من المسلمين.
وكان من الممكن تجاهل أمريكا وحلفائها، لأن اعتراضاتهم عادة لا تتعدى الكلام. وتعدّ الهند معادلاً جيوسياسياً للصين، ولهذا فهي مهمة للغرب.ولكن عندما يتعلق الأمر بدول الخليج “فنحن بحاجة إليهم أكثر مما هم بحاجة لنا”، كما يقول هابيمون جاكوب، من جامعة جواهر لال نهرو بدلهي.وكانت قطر أول دولة احتجت، وهي أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال للهند، ومقصد مهم للعمالة الهندية المهاجرة.
كانت قطر أول دولة احتجت على التصريحات المسيئة للإسلام، وهي أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال للهند، ومقصد مهم للعمالة الهندية المهاجرة.وتوفر دول الخليج ثلثي احتياجات الهند من النفط، وتستضيف 9 ملايين عامل هندي. ولدى هذه الدول القدرة المالية وربما الجاهزية لإلحاق الأذى بمصالح الهند. وطالما نظرت الدول الإسلامية بنوع من القلق للطريقة التي يحاول فيها بي جي بي تحويل الهند إلى دولة هندوسية. لكن هذه أمور محلية، وظلت السياسة الهندية الخارجية محوراً متحرراً من الدين.
وعمل ناريندرا مودي، رئيس الوزراء، على بناء توازن حساس بين أجندته القائمة على مصالح الأغلبية الهندوس وبناء علاقات دافئة مع الدول الإسلامية، باستثناء باكستان.ومع تصاعد الخطاب العام في الهند، والذي قدمت من خلاله شارما تعليقات شوهدت بشكل واسع، وأصبح أنصار الحزب ناقدين بشكل واسع، فقد بات من الصعب الحفاظ على التوازن الحساس هذا.
وظلت الدول الإسلامية على الهامش فيما يتعلق بمعاملة الهند لأقليتها المسلمة خشية توبيخها واتهامها بأنها تتدخل في الشؤون الداخلية. ولكن “الهجوم على عنصر أساسي في الدين هي جريمة من فئة مختلفة”، كما يقول جاكوب. وتحاول الحكومة التخفيف من الضرر بدون الظهور بمظهر الضعيفة. وحاولت نفي الاتهامات من منظمة التعاون الإسلامي التي قالت إن التعليقات هي تمثيل للتمييز المنظم ضد المسلمين في الهند. لكنها حاولت التواصل، وبشكل منفصل مع أعضاء في المنظمة لنزع فتيل الغضب. وبدلاً من اختفاء الغضب زاد. وانتشر الاحتجاج من دول الخليج إلى بقية العالم الإسلامي. وعبّرت 20 دولة، بمن فيها تركيا وأندونيسيا، وحتى طالبان أفغانستان، عن عدم ارتياحها. وتم نشر بيان قيل إنه من القاعدة يعدّ فيها بعمليات انتقامية في كوجرات واوتار براديش وكلاهما معقل لبي جي بي وكذا مومباي ودلهي.
ويأمل مسلمو الهند، وعددهم 200 مليون نسمة، أن يؤدي الغضب لدفع الحكومة معاملتهم بمزيد من الاحترام، ولكن سيخيب رجاؤهم. فتراجع بي جي بي لحفظ ماء الوجه في الخارج لن يترك أي أثر على الوضع المحلي، كما يقول هارش ماندر، الناشط في مجال الحقوق المدنية. ويقوم الكثير من أعضائه بالتحريض المستمر على العنف ضد المسلمين، ولا يستبعد ظهور حادث مثير للجدل كهذا.!!
صحافة : إيكونوميست: مودي حاول استرضاء دول الخليج لنزع فتيل الغضب وأنصاره سيواصلون التحريض على مسلمي الهند!!
11.06.2022