أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الخطاب السياسي للقائمة المشتركة ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة!!
بقلم : د. ابراهيم ابو جابر  ... 09.03.2015

ترجم مرشحو "القائمة العربية – اليهودية المشتركة" في خطابهم السياسي والإعلامي روح ما توصّلت إليه الأطراف المشاركة في هذه القائمة. هذه الوحدة التي ركّعت فيها "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" غالبية الأحزاب والحركات العربية في الداخل الفلسطيني بحملهم على احترام نهجها وفلسفتها وبرنامجها السياسي القاضي بضرورة الشراكة العربية اليهودية، وكونها حتميّة لا يمكن التنازل عنها مهما كان الثمن؛ وهذا في حدّ ذاته إنجاز تاريخي للجبهة ولفكرها ورؤيتها العامّة للصراع. فرافضو الأمس القريب فكرة الشراكة معها لوجود يهود فيها، هرولوا اليوم إليها دون شروط، بل لم يمانعوا في رئاسة الجبهة للجسم السياسي الجديد، ما دام ذلك سيضمن جلوسهم على كرسي الكنيست.
والمراقب للخطاب السياسي والإعلامي لمركّبات "القائمة العربية اليهودية المشتركة"، يصاب بالدهشة، وهم يروّجون لما قيل، بل ويبرّرون مشاركتهم في ائتلاف من هذا النوع المستهجن من قبل كثير من فلسطينيي الداخل. فهؤلاء –مع احترامي وتقديري لهم- غدا مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" شعار عملهم، فتراهم يصنّفون اليهود إلى صهاينة وغير صهاينة، مبرّرين انضمامهم إلى قائمة مشتركة عربيّة–يهوديّة، متناسين في الوقت نفسه أنّ من يجالسهم ويشاركهم من أعضاء القائمة من اليهود، كانوا قد خدموا في صفوف جيش الحرب الإسرائيلي، ويحمل بعضهم رتبا عسكرية عليا، وأن آباء بعضهم كانوا من طلائع الحركة الصهيونية، وشاركوا في نكبة الشعب الفلسطيني عام 48.
والسؤال المطروح في هذه المناسبة لمن يسوّق للكنيست الإسرائيلي، ويبرّر من كبار مرشحي "القائمة العربية اليهودية المشتركة"، هو: "هل الكنيست مؤسسة صهيونية أم لا"؟؟ ثم: "هل المؤسسة الإسرائيلية دولة صهيونية أم لا؟؟ فإذا كان الجواب بالسلب (أي الكنيست ليس مؤسسة صهيونية وليست الدولة صهيونية)، فأين إذن هي المؤسسات الصهيونية والدولة الصهيونية، التي جاءت ثمرة للمشروع الصهيوني المعروف؟؟؟
إذن، المشاركة في انتخابات الكنيست هي مشاركة في الكنيست الصهيوني. أليس كذلك؟؟ وما دام الكنيست مؤسسة صهيونية، فأنصار المشاركة في الانتخابات يدعمون المشاركة في كنيست صهيوني، وهذا طبعا له دلالاته الخطيرة.
وعودا على مسألة الخطاب السياسي والإعلامي للقائمة العربية-اليهودية المشتركة.. المهم في الأمر في هذا السياق ضعف الخطاب السياسي، وفشل المرشحين العرب حتى الآن في تسويق أنفسهم وقضايا المجتمع العربي بصورة صحيحة، واكتفاؤهم بالتركيز على العدالة الاجتماعية داخل المؤسسة الإسرائيلية، والمساواة مع اليهود أيضا، متناسين أو متجاهلين القضايا الأساسية، أي لبّ الصراع، وهذه طبعا ضريبة المشاركة في الكنيست الصهيوني.
إذن، الخطاب السياسي والإعلامي للقائمة العربية-اليهودية المشتركة هو خطاب تسويق للذات وللمرشحين أنفسهم، وهو مليء بالمغالطات السياسيّ والأيديولوجيّة، بل والتمويهيّة لجمهور المصوّتين، وينطبق عليه مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" لضمان فوزهم بمقاعد في الكنيست الإسرائيلي، عفوا! الصهيوني، ويعتمد على قاعدة التبريرات لإيهام المستمعين أو المشاهدين أو القراء بصدق ما ينظّرون له، في حين كانوا في الأمس القريب يستعيذون بالله من بعض شركاء اليوم، ويتطيّرون من البعض الآخر، بل غدا بعض أعداء الشعب الفلسطيني ومن ولغوا في دماء أبنائه، وانتهكوا حرمة نسائه وحرائره، وهدموا قراه ومدنه، وهجّروا مئات الآلاف منه، واغتالوا كبار قادته، غدا هؤلاء يساريين ومؤيدين للحق الفلسطيني، وغير صهاينة! ثم غدا الكنيست الصهيوني برلمانا ومؤسسة تشريعيّة، في حين هو من سنّ كل القوانين العنصرية، ومنح الحكومات الإسرائيلية المتتالية الضوء الأخضر لشن الحروب على الفلسطينيين والعرب! فالخطاب السياسي لهذه القائمة المشتركة، خطاب تسويقي، مبني على مبدأ "الغاية تبرّر الوسيلة" ليس إلّا!!

1