حين تجتمع رائحة الفحم مع أصالة التراث، ينتج عن اجتماعهما لونٌ فريد متلألئ تَزيّنَ بحبيبات الفستق الحلبي الخضراء، يرغبها معظم الناس ويبالغ في مدحها الآخرون، نابلسية الأصل عالمية المذاق، مكوناتها برغم بساطتها واختلاف نكهاتها إلا أنها حين امتزاجها تتحد لتكوّن قالباً متكاملا للوصف، إنها كنافة الفحم بأصولها النابلسية.وفي مدينة نابلس التي ارتبط اسمها بصناعة الكنافة، برزت محاولات عديدة من شيبها وشبابها لإحياء التراث القديم من خلال صناعة الكنافة على الحطب، ومن بينهم الحاج أبو حمدي القدومي من سكان البلدة القديمة بمدينة نابلس، الذي أمضى من عمره 51 عاماً في مهنة صناعة الكنافة النابلسية.ويقول القدومي: “لقد تعلمت صناعة الكنافة منذ أن كان عمري 12 عاماً، حيث ورثت هذه المهنة عن والدي، فكما هو معروف مهنة الآباء يتوارثها الأبناء”.ويعمل القدومي في حلويات الأقصى الشهيرة، وينتهي عمله عند المغرب، لذا قرر هو وزملاءه ممن يعملون معه أن يعملوا على إحياء تراث نابلس القديم، من خلال إعادة الحياة للكنافة على الحطب، إلى جانب عملهم في صناعة الكنافة على فرن الغاز في ساعات النهار.ويقول: “قديماً لم تكن الأفران متوفرة، فكنا نصنع الكنافة على الحطب، واليوم قررنا أن نعيد هذا التراث الذي ساعد بإعمار البلدة القديمة ليلاً، فهناك الكثيرون يأتون من مختلف الأماكن إلى البلدة القديمة ويطلبون الكنافة على الحطب”.ويضيف: “استطعنا عمل جو رائع وجميل وكأننا في شهر رمضان المبارك، فكما هو معروف عن مدينة نابلس أنها أصل التراث والأصالة وهي الشام الصغرى”.وبحسب القدومي، فإن الفرق بين الكنافة العادية والكنافة على الحطب يشبه الاختلاف بين الفرن العربي والغاز، فالكل متفق على أن أي شيء يتم إعداده على الفرن العربي يكون له نكهة أخرى، ويكون بلون واحد، ويزيد من شهية الشخص.وحول طريقة إعداد الكنافة على الحطب يقول أبو حمدي: “ندهن الصينية بالسمن، ثم نضع العجين ونضيف بعدها الجبن، ثم نضعها على الفحم، وهنا يجب أن نعرف كيف نتعامل مع الحطب والنار كيف تعطينا اللون الصحيح.ويؤكد أبو حمدي أن صناعة الكنافة على الحطب ليس بالامر السهل ولا يستطيع أي شخص أن يصنعها، فكل من يرغب بهذه المهنة يجب أن تكون لديه الخبرة الكافية، حول كيف تصنع الكنافة، وكيف يكون الجبن والعجين وكمية السمن، وكيف يتم التعامل مع الحطب، حتى يتم تحميرها على الأصول.ويردد القدومي بفخر مثلا شعبيا يقول: “مو كل مين صفّ الصواني قال أنا حلواني”، ويوجه هذا المثل لكل من يدعي أن لديه الخبرة بعمل الكنافة!!
الكنافة على الحطب.. مبادرات خلّاقة لإحياء نابلس القديمة!!
30.05.2021