بقلم : عبد الستار قاسم ... 07.01.2010
لغزة حق على كل العرب والمسلمين ليس بالإغاثة فقط، وإنما بمواجهة إسرائيل بكل قوة وبأس، ولها حق على كل أحرار العالم، لكن حقها أولا عند شعب فلسطين، وبالأخص عند الضفة الغربية. لا شك أن فلسطينيي الشتات يبذلون جهودا كبيرة من أجل إغاثة غزة، ولو كان الأمر بأيديهم لجيشوا لغزة، ولقدموا لأجلها كافة أنواع التضحيات، ولا شك أن الفلسطينيين في الأرض المحتلة/48 يقدمون ما يستطيعون ضمن الظروف القاسية التي يعيشونها تحت الاحتلال.
الناس يهبون لنجدة غزة من أمريكا اللاتينية إلى اليابان إلا الضفة الغربية التي تغرق في البحث عن تبريرات تافهة لأعمال مخزية. بدل القيام بأعمال مجدية، وخطوات وطنية نحو التخلص من الانحدار الرهيب الذي وصلت إليه، تنشغل بمحاولات فاشلة لفلسفة الهبوط وتزيينه وتبريره، وربما لدى البعض، للهروب منه وهميا. طوابير من الناس تهرب نحو إيهام نفسها بأنها تقوم بأعمال وطنية خالدة عجز عنها الأولون والآخرون، وإن استمعت إليهم ظننت أن الوطنية المشرقة العظيمة قد توقفت عندهم دون غيرهم.
المجرم يدور حول جريمته، والذي يقوم بفعل مشين لا يكل من البحث عن أساليب ووسائل لتغطية فعلته، والذي يفشل لا ييأس من قذف الآخرين، ولا يجد في الآخرين إلا شماعة يعلق عليها خيبته. الضفة مشغولة جدا في تزيين التنسيق الأمني مع إسرائيل، وأن المسألة ليست دفاعا عن الأمن الإسرائيلي، وإنما دفاع عن الأمن الفلسطيني، ومشغولة في تبرير وجود دايتون، والإسهاب في الفضائل التي يقدمها طاقمه من أجل أمن الفلسطينيين وراحتهم، وفي تبرير تغلغل عناصر المخابرات الأمريكية في المجتمع الفلسطيني وتركيزهم على أريحا لتصبح مقرا تخريبيا لهم ولأعوانهم في المنطقة. والتزيين يشتد مع كل كمشة دولارات تُنعف، أو شحنة سيارات تُرسل.
انشغل العالم هذه الأيام في ذكرى الحرب على غزة، وفي قافلة شريان الحياة، والضفة ما زالت تبحث عن عناصر جدلية لإثبات أن غزة قد هزمت في حرب الفرقان، أو حرب الكوانين، وأن إسرائيل قد انتصرت لأن الصواريخ التي كانت تنطلق من غزة قد توقفت. الضفة مشغولة برفض تصريحات بعض قادة الصهاينة بأن هدف الحرب كان تغيير الوضع السياسي في غزة، وأن هدفها انحصر فقط بوقف إطلاق الصواريخ، الأمر الذي حققته إسرائيل. الضفة هي التي تقرر أهداف حرب إسرائيل على غزة، وهي وحدها التي تقرر أن غزة قد هُزمت. هذا علما أن الجميع قد بات يعرف بأن أمريكا تقيم الجدار الفولاذي في سيناء لأن المقاومة الفلسطينية قد تمكنت من تهريب كميات لا بأس بها من الصواريخ والأدوات القتالية الأخرى، ولأن غزة قد استعصت على الحصار.
الضفة الغربية قد فقدت دورها التاريخي الآن، وقناعتي أنه فقدان مؤقت. لقد تحولت الآن إلى عبء على المسيرة الفلسطينية نحو التحرير، وتمارس أدوارا خارجة عن تاريخ هذا الشعب، ولا يملك الفلسطيني إلى أن يتقلص أمام مهازل تُقترف، وخدمات للعدو تُقدم.
وإذا كان لدولة الدكتور سليم الحص أن يعيد جزئيا الضفة إلى حضورها كرئيس للجنة الدولية لكسر الحصار على غزة، فإنه بإمكانه أن يُشرك متطوعين من الضفة الغربية في جولة الإغاثة القادمة.