بقلم : ... 24.07.2013
* المدارس تتزود بالكهرباء من مولدات خاصّة وبشكل محدود لا يكفي لتشغيل الإضاءة، الحواسيب والتكييف، كما يؤدي لمخاطر بيئية وجسديّة ..* مدارس قرى النقب هي الوحيدة في إسرائيل المحرومة من الربط بشبكة الكهرباء..قدّم مركز عدالة اليوم الأربعاء، 24 تمّوز 2013، التماسًا للمحكمة العليا باسم أولياء أمور طلاب من سبع مدارس في النقب، يطالب فيه بربط المدرسة بشبكة الكهرباء القطريّة. حتى يومنا هذا، لا تزال هذه المدارس تُزوَّد بالكهرباء عن طريق مولدات خاصة، ويكون تزويد الكهرباء جزئيًا ولساعات قليلة في اليوم. كميّة الكهرباء المحدودة وانقطاعها المتعاقب يسبب مشاكل تقنيّة في المولدات تحول دون تشغيل مكيفات الهواء كما يجب، كما تحول دول تشغيل غرف الحاسوب، خدمات الانترنت، المختبرات والاحتياجات الحيويّة الأخرى. وجاء في الالتماس الذي قدمته المحاميّة سوسن زهر من مركز عدالة أن مكان مولدات الكهرباء وعبوات الوقود كبيرة الحجم هو في ساحات المدارسة، وفي كثير من الحالات لا يوجد أي عزل يمنع وصول الأطفال إلى المولدات وعبوات الوقود، وذلك يشكل خطرًا كبيرًا ومباشرًا على سلامة الطلاب وأمنهم. تشغيل المولدات الكهربائية الكبيرة يرافق أيضًا بضجيج عال يعطّل التعليم ويتحوّل الخروج إلى ساحة المدرسة غير محتمل البتة. من وجهة نظر الخبير التي قدّمها مركز عدالة في الالتماس، يقول مهندس الكهرباء عنان بطحيش على سبيل المثال بأن "مدرسة أبو كف في قرية أم بطين، لديها مولد كهرباء صغير نسبيًا، ويمكنه أن يزوّد الكهرباء لـ8 غرف فقط لكنه يخدم 26 غرفة في المدرسة. لذلك، يتم تقصير يوم التعليم بشكل متكرر لأنه لا يمكن الاستمرار في التدريس من دون تكييف للهواء أو من دون إنارة." ويضيف المهندس بطحيش بأن " المولّد قديم جدًا، وقد أدى أكثر من مرّة إلى إعطاب واحتراق للحواسيب في المدرسة. مدير المدرسة يقول بأنهم في أيام الصيف يدرّسون لمدة ساعتين يوميّات فقط بالمعدل."يُذكر أن المدارس السبع التي يتحدّث عنها الإلتماس، يُضفن إلى عشر مدارس أخرى في القرى البدويّة غير المعترف بها في النقب. هذه المدارس هي المدارس الوحيدة في إسرائيل التي لم يتم ربطها بعد بشبكة الكهرباء القطريّة. ويقول المدّعون في الالتماس بأن هذا الوضع الذي يحول دون إمكانيّة تشغيل الأدوات التكنولوجيّة الحيويّة للمدرسة، يؤدّي إلى انقطاع التعليم بشكل دائم، ولذلك إسقاطات كثيرة تؤدي لتدهور التحصيل العلمي لهذه المدارس. فعلى سبيل المثال، نسبة الحاصلين على شهادة البجروت عند البدو في النقب هي 28.2% فقط، بينما هي 66.4% بين المواطنين اليهود. وتقول المحاميّة سوسن زهر في الالتماس بأن خسارة ساعات التعليم على أثر عدم ربط المدارس بالكهرباء، يمس بحق الطلاب الأساسي في التعليم وفي المساواة وفي التربية. كما أن المخاطر والتلوّث الناجم عن تشغيل المولدات تمس بحق الطلاب وطاقم المعلمين بالصحة والحياة وسلامة الجسد، وتشكّل تمييزًا صارخًا ضدهم في مقابل باقي جهاز التعليم في الدولة. منذ العام 1998، التمس أهالي قرية أبو تلول البدويّة مطالبين بربط المدرسة بشبكة الكهرباء. في قرارها وجّهت المحكمة نقدًا لاذعًا للدولة وأجبرتها على ربط المدرسة بالكهرباء. على أثر قرار المحكمة هذا، تم تزويد الكهرباء للمدارس عن طريق المولدات، مع الالتزام بربط المدرسة بشبكة الكهرباء خلال فترة زمنيّة قصيرة كما أقرّت المحكمة، إلا أن تطبيق ذلك لم يتم إلا بعد التماس جديد قُدم للمحكمة في العام 2010!!
بقلم : د.فيصل القاسم ... 13.05.2012
يتساءل الكثيرون بطريقة لا تخلو من السذاجة أحياناً: لماذا هذه اللامبالاة الدولية تجاه محنة السوريين؟ لماذا هذا التقاعس والتخاذل والمماطلة؟ لماذا يعطي المجتمع الدولي النظام السوري المهلة تلو الأخرى؟ لماذا يرسلون مراقبين لا حول ولا قوة لهم مما يطيل في عذابات الشعب السوري؟ لماذا تتآمر الأسرة الدولية على السوريين وتتركهم وحيدين؟ لماذا لا يتحرك حلف الناتو لإنقاذهم؟ لماذا تختبئ أمريكا والغرب عموماً وراء الفيتو الروسي والصيني اللذين يمكن تجاوزهما بسهولة؟ ألم يقم حلف الناتو بقصف القوات الصربية دون العودة إلى مجلس الأمن، مع العلم أن صربيا كانت جوهرة النفوذ الروسي في البلقان؟ ألم تقم أمريكا وبريطانيا بغزو العراق وإسقاط نظامه رغم الاعتراضات في مجلس الأمن الدولي؟ هذه الأسئلة وغيرها تتكرر يومياً بكثير من السذاجة في الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية في أماكن كثيرة.
لا شك أن من حق الجميع أن يتساءل عن هذا البرود الدولي تجاه الوضع في سوريا، وأن يتعجب أيضاً. لكن لو عُرف السبب لبطل العجب. فقبل أن يسأل البعض لماذا لا يسارع الخارج، خاصة الغرب إلى مساعدة الشعب السوري ومؤازرته، لماذا لا يسأل الأسئلة التالية: هل لدى جزء كبير من المنظومة الدولية مصلحة في إيجاد حل سريع للأزمة السورية سلماً أو حرباً؟ هل يتألمون لمعاناة الشعب السوري؟ متى كان الخارج يغار على أي شعب عربي إلا إذا كان له مصلحة؟ ألا تعتبر أمريكا وإسرائيل السوريين مثلاً من أكثر الشعوب العربية معاداة لهما، وبالتالي هل من مصلحتهما إنقاذهم وتحريرهم؟ ألا تعمل بعض القوى الخارجية وفق المثل الإيراني الذي يقول: "لا تقتل الأفعى بيدك بل بيد عدوك"؟ فبدلاً من التصدي للشعوب التي تعاديك لكسر شوكتها، من الأفضل أن تدع غيرك يقوم بهذه المهمة نيابة عنك كحكوماتها مثلاً دون أن تطلق رصاصة واحدة من جانبك، ثم تجلس تتفرج على المشهد الدموي بارتياح شديد. وحتى لو لم يكن الشعب السوري عدواً تاريخياً لأحد، متى كانت القوى الكبرى تهتم بدماء الشعوب وحقوق الإنسان دون مقابل؟
هل هناك بالنسبة لأعداء سوريا أجمل من أن يروا الجيش السوري يستنزف نفسه في مواجهة الشعب السوري من أقصى الجنوب في درعا إلى أقصى الشمال في إدلب؟ أليسوا سعداء بأن تكون معركة الجيش السوري ضد الشعب الثائر هي أكبر وأوسع وأطول حروبه منذ نشأته؟ ألا تطرب آذانهم عندما يسمعون أن الديزل قد نفد من سوريا، وأن الشعب يعاني من البرد القارس في الشتاء، لأن دبابات الجيش قد استنزفت حتى المخزون الاستراتيجي من الوقود في حربها ضد الثورة؟ هل هناك أجمل من أن يروا الهوة وقد اتسعت بين حماة الديار وأهل الديار؟ ماذا يريد أعداء سوريا أكثر من ذلك؟
أليست إطالة أمد الأزمة السورية إذن مصلحة مشتركة لأعداء سوريا؟ ألم يتوقع أحد الخبراء الاقتصاديين أن تحتاج سوريا إلى خمسة عشر عاماً لتعود إلى الوضع الاقتصادي السيئ الذي كانت عليه قبل اندلاع الثورة؟ وكلما احتدم الصراع بين النظام ومعارضيه أدى ذلك أوتوماتيكيا إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في البلاد. وكلما زادت نسبة الدم المسفوك طال أمد الصراع بين الشعب والسلطة وتعمق. وربما أدى ذلك إلى ما هو أسوأ، لا سمح الله، ألا وهي الحرب الأهلية التي يمكن أن تحول سوريا إلى عراق أو صومال أو أفغانستان أخرى. هل هناك أجمل من أن يرى أعداء سوريا هذا البلد مدمراً وضعيفاً بدلا من أن يكون حصناً حراً أبياً؟ أليس في دمار سوريا راحة لأعدائها؟ أليس من مصلحة الأعداء أن تنكفئ سوريا على نفسها لعقود، كما حصل للعراق، وأن تنشغل بتضميد جروحها السياسية والشعبية والاجتماعية والاقتصادية إلى ما شاء الله؟ حتى لو أراد أعداء سوريا أن يتدخلوا عسكرياً، أليس من الأفضل لهم أن ينتظروا كي تتدمر البلاد داخلياً، بحيث يدخلونها وهي مستسلمة ومنهارة ومتوسلة لمن ينقذها من كارثتها، كما حصل في العراق من قبل، حيث حاصروه وجوعوه وأنهكوه، ثم غزوه ودمروه؟ أليس كل من يعتقد أن القوى الخارجية مهتمة بإطفاء النار في سوريا واهماً إذن.لا مصلحة لها أبداً في إطفائها، بل في تأجيجها حتى ينهار كل شيء ثم تتدخل بعد خراب مالطا. أكاد أسمع الأعداء يهمسون بالمثل الشعبي: "من إيدو الله يزيدو".
يقول نابليون بونابرت:" إذا رأيت عدوك يدمر نفسه، فلا تقاطعه". وليس هناك أدنى شك بأن أعداء سوريا يعرفون هذه المقولة جيداً، ويعملون بموجبها بطريقة لا تخطئها عين. وليس كل من قدم لك حبلاً يريد إنقاذك، فقد يريدك أن تشنق نفسك به. ربما قد ظن النظام أن المهل التي يحصل عليها ستمكنه من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء دون أن يعلم أنها مجرد إجازة خبيثة للإمعان في تدمير البلاد كي يكون سجله مثقلاً بالجرائم والاتهامات عندما يقرر الآخرون التحرك ضده بحجة انتهاك حقوق الإنسان. فهل انتبه السوريون نظاماً وشعباً ومعارضة إلى لملمة الجروح فوراً، ووقف سفك الدماء، ورأب التصدعات الخطيرة التي أحدثتها الأزمة، والبدء في إعادة بناء البلد وإصلاحه فعلياً، لا ضحكاً على الذقون، على أسس ديمقراطية ترضي الشعب بالدرجة الأولى مهما تطلب ذلك من تضحيات وتنازلات لقطع الطريق على كل الذين لهم مصلحة إستراتيجية في إنهاك سوريا ومن ثم إنهائها؟