بقلم : ريم عبيدات ... 23.02.2009
هل النجاح وصفة سحرية، أم مصادفة؟ لماذا ينجح البعض ويفشل آخرون؟ ولماذا تفرز البيئة الواحدة عشرات بل مئات الاختلافات؟
في عالم الاستشارات والتدريب اليومي، نواجه مواقف كثيرة لأسئلة من هذا القبيل، وكم يشعر المرء بالحزن، حين يصادف أناساً في مقتبل العمر، يعتقدون أنهم فشلوا وفاشلون، لأنهم لم يدخلوا الكلية الفلانية، أو لأنهم أخفقوا في خطبة أو عمل ما، ويسقطون في فخ “أن النجاح هبة أو حظ”، أو أنه فطرة يولد عليها الناس، أو الظروف المختلفة هي التي تجعل كائناً ما ناجحاً وأخرى تجعله فاشلاً.
فيما القراءات والدراسات المختلفة تؤكد أن النجاح قرار شخصي بامتياز، والناجحون لديهم حلم يتمدد إلى عدة أحلام تفرد نفسها على عالم صاحبها. فكم مرة نسمح لأنفسنا بالحلم فيما نرغب في عالم مملوء بالمخاوف؟ والحلم هذا الكائن المستحيل بدوره يحفزنا على تحمل مسؤولياتنا عن أفعالنا وبالتالي سوية حياتنا واتجاهها. فالناجحون حسب التجارب المختلفة دائمو البحث عن حلول للمشكلات، بمعنى أنهم جزء من الحل وليس المشكلة، ويعتمدون على أنفسهم ولا يخشون الفشل، ولديهم الشجاعة على الاعتراف بأخطائهم، والأهم أنهم يركزون على أهدافهم وغاياتهم الرئيسية، لا تشغلهم صغائر الأمور.
ومن القصص العميقة من تراثنا العربي التي رويت لنا عشرات المرات: أن نسرين يتشابهان في كل شيء وتعلما الطيران معاً، وفيما يحلقان، دب الخمول في أحدهما، فصار يحلق ببطء، ويعبث غير عابئ بالأمر ويتحرك يمنة ويسرة بصورة لا مبالية، بينما باشر التفكير في زميله الذي كان يحثه على المضي وقد غدا بعيداً وعالياً، فما كان من الأول إلا أن غمرته الوساوس ليتركها تدير دفته بالكامل، منشغلاً تماماً بالكيد لزميله، باحثاً عن أسباب تفضيل الآخرين: ويقول منذ صغري وهم يفضلونه، الحياة كئيبة في وجهي، الأمور ميسرة له، كلهم يحبونه ويدعمونه، حتى الهواء يدفعه أعلى مني. وفيما يتزايد انشغاله برثاء نفسه، جاءته فكرة جهنمية ليوقف بها تسارع تحليق زميله، الذي يناديه ليسرع، وبدأ ينزع ريشه ويضرب زميله به. وبعد محاولات عدة اكتشف أن ذلك غير ممكن لأن الرمي إلى أعلى يعيد الريش إليه. فكّر في النزول إلى الأرض ليضربه بحجر قوي من علو لكن الفكرة صعبة. وفيما انشغاله بأفكاره السوداء على أشده وجد نفسه يهوي الى الأرض، فلا ريش يساعده على الطيران، ولا قوة روح أو فكر تشد من أزره، ومع سقوطه كان يردد عبارة وحيدة “ألم أقل لكم إن الظروف دوماً ضدي؟”.
أليست قصة بسيطة كهذه تحمل في طياتها أعمق نظريات الإدارة والقيادة الكفؤة للنجاح والحياة؟ فكيف يمكن أن يتم النجاح من دون انفتاح تام على الآخر وعلى المستقبل من دون مخاوف؟ وكيف يمكن لنا أن ننجح إذا لم نحدد الطرق التي نسلك والأهداف التي عبرها نصل؟