أحدث الأخبار
الخميس 12 كانون أول/ديسمبر 2024
دمشق..سوريا : «السيدة زينب» اسم تردد كثيرا في السنوات الاخيرة.. ذوبان «الصبغة الإيرانية» وعودة المكان الى اهلة!!
11.12.2024

تبدل المشهد كثيراً في منطقة «السيدة زينب» التي كانت تعدّ المعقل الرئيس لإيران في جنوب دمشق، عقب سيطرة قوات المعارضة على العاصمة السورية وسقوط حكم الرئيس الفاشي بشار الأسد.فالمنطقة تخلصت خلال ساعات، وبفرح «كبير» من الصبغة الإيراني التي ألبست بها خلال سنوات كانت توصف خلالها بأنها «مدينة إيرانية» وليست سورية. في غضون يومين اختفى منها النفوذ الكبير الذي رسخته فيها إيران وميليشياتها و«حزب الله» اللبناني، وانتهت سيطرتهم عليها؛ وهو ما ترك ارتياحاً واسعاً لدى أهلها؛ لأن منطقتهم «عادت إلينا»، وفق ما قال بعضهم.في سوق «بهمن»، التي تعدّ من أكبر وأهم الأسواق في «السيدة زينب»، لا يخفي صاحب محال تجارية سعادته بتبدل الأوضاع خلال ساعات، ويقول بفرحة كبيرة بدت واضحة على وجهه: «إسقاط الأسد تم بسواعد أولادنا الذين أعادوا (السيدة زينب) إلى أهلها الطيبين، وفرحتنا عارمة». ويضيف: «لقد اختفت إيران، وأغلب عائلات من جلبتهم ترحل والباقي منهم منزوٍ في منازله»، مؤكداً أن الوضع في المنطقة الآن «أفضل بكثير».في قلب سوق «بهمن»، بدا التغيّر في مشهده جلياً؛ إذ أُزيل حاجز «حزب الله» من بدايتها، واختفت بشكل شبه تام منها المظاهر المسلحة واليافطات التي كانت تُكتب عليها عبارات مذهبية، وكذلك صور الخميني وخامنئي وأمين عام «حزب الله» الراحل حسن نصر الله الذي استشهد في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت تلك الصور تعلق بشكل مكثف في السوق وعلى واجهات المحال التجارية.رجل ستيني يروي وهو جالس أمام واجهة أحد المحال المختصة ببيع السكاكر، جانباً من تاريخ المنطقة: «أنا من أهالي المنطقة الأصليين، وقد خٌلقت وعشت فيها، وإيران منذ ما قبل اندلاع الثورة (السورية في 2011)، وهي تعمل للسيطرة عليها بحجة وجود مقام (السيدة زينب) فيها».ويضيف: «زاد ذلك بعد نشوب الثورة؛ إذ جلبت إيران إليها آلاف المقاتلين التابعين لها من كل الدول وشكلت منهم ميليشيات وملّكتهم ووطنتهم فيها، وقد استولوا على أملاك مقاتلي المعارضة بعد تهجيرهم قسراً من منطقتهم. كما غيرت إيران أسماء الطرق والحارات والأسواق والمحال والفنادق وانتشرت صور رموزها ورفعت أعلامها ورايات ميليشياتها في كل مكان حتى تغيّر وجه المنطقة بشكل كلي وباتت كأنها (إيرانية)، وأصبحنا نحن أقلية والغرباء أكثرية، وباتوا يتحكمون فينا بالصغيرة والكبيرة، ويفرضون ما يريدون ويضيّقون علينا لشراء أملاكنا بأرخص الأسعار، والنظام البائد الذي ولّى، لم يكن يقوم بأي شيء لإيقاف ذلك لأنهم ساعدوه على شعبه».ويذكر الرجل أن وفداً من فصائل المعارضة عقد الأحد الماضي اجتماعاً مع وجهاء المنطقة في مقر البلدية، أوضح خلاله أن مقام «السيدة زينب» الذي تحججت إيران في بداية الثورة بحمايته، وجلبت بتلك الحجة آلاف المسلحين إلى البلاد، فسيتم الإشراف عليه من أهل المنطقة، بعدما كانت الميليشيات الإيرانية، خصوصاً «حزب الله» يقومون بذلك.ويضيف: «سنقدم له كل ما يحتاج إليه وسنطوّره، وأهلاً وسهلاً بكل من يريد زيارته من سوريا وغير سوريا. نحن لسنا ضد (أتباع) أي طائفة أو مذهب، بل نحن ضد كل من يريد سلبنا أملاكنا ومدننا وتغيير طبيعتها، ونحن ضد الظلم والاستبداد».«مشهد (السيدة زينب) حالياً ترك راحة نفسية كبيرة لدى أهلها»، بهذه العبارة عبّر عما حدث صاحب محل آخر، وهو أيضاً من أهل المنطقة الأصليين، ويقول «لقد أساءوا جداً إلى المنطقة وأهلها، ومن دونهم (السيدة زينب) ستكون بخير وأهلها أفضل بكثير».ويضيف الرجل: «كنا نقدم الخدمات لهم، ونتجنب الاحتكاك بهم، ورغم كل ذلك كانوا يدخلون إلى محالنا بحجة الشراء ويتحدثون بعبارات مسيئة استفزازية. تصور أننا كنا نقدم لهم الخدمة وفي اليوم التالي يعتقلون أولادنا بحجج كاذبة، وكل ذلك من أجل تطفيشنا، لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، فقد استيقظنا صباح الأحد ولم نرهم». وتوقع صاحب المحل، أن يقوم أصحاب المحال التجارية المسماة بأسماء مذهبية، بتغيّر تلك الأسماء.ومع الوصول إلى مدخل مقام «السيدة زينب» الشرقي والواقع في نهاية السوق من الجهة الشرقية، يوجد أشخاص سوريون بلباس مدني غير مسلحين ينظمون الدخول إلى المقام، بعدما كان مقاتلو «حزب الله» يقومون بذلك وهم مسلحون.وفي قلب المقام، تمت إزالة صور الخميني وخامنئي ونصر الله والرموز المذهبية، التي كانت تنتشر في أرجائه كافة، بينما كان رجال دين شيعة يتبادلون الحديث مع وفد من «إدارة العمليات العسكرية» عند مدخل أحد الأقسام، ويٌعتقد أن الحديث كان يدور حول الترتيبات الجديدة للإشراف على المقام وعملية الدخول إليه.ويتم الدخول إلى «السيدة زينب»، الواقعة على بعد نحو 8 كيلومترات جنوب شرقي العاصمة دمشق، عبر طريقين رئيستين: الأولى «مفرق المستقبل» على الجانب الغربي من طريق مطار دمشق الدولي، والأخرى من داخل دمشق، ويبدأ من حي القزاز على المتحلق الجنوبي، ومن ثم بلدة ببيلا فـبلدة حجيرة، وصولاً إلى «السيدة زينب».وبخلاف ما اعتاد عليه أهالي المنطقة وزوارها طيلة سنوات الحرب الـ13 كانت الطريق الممتدة من مفرق المستقبل حتى مدخل «السيدة زينب» الشرقي والبالغ طولها أربعة كيلومترات، خالية من حواجز «حزب الله» و«الفرقة الرابعة» التابعة لجيش الأسد والتي كان ينتشر فيها العشرات من عناصرهم، وكذلك من صور الأسد الفار.على طول هذه الطريق شوهد عدد من السيارات التابعة لفصائل المعارضة متوقفة على جانب الطريق وتفصل بين كل واحدة وأخرى مئات الأمتار، وكذلك مقاتلون منها ومن أهل المنطقة، وذلك من أجل حماية الطريق والسيارات والمارة فيها، من دون إزعاجات، وتحسباً لأي طارئ قد يحدث.ويلاحظ عند الوصول إلى مشارف «منطقة الروضة»، وهي المدخل الشرقي لـ«السيدة زينب»، رفع عَلم الثورة السورية في منتصف «دوار الروضة»، في حين أُزيلت صور الخميني وخامنئي ونصر الله التي كانت تعلق بكثافة في المنطقة.وينتشر عند ذلك المدخل بشكل مكثف مقاتلون من فصائل المعارضة، على مسرب الخروج منها المنطقة، ويقومون بعمليات تفتيش دقيقة للسيارات الخارجة منها.وأوضح مقاتل من المعارضة، أن عمليات التفتيش تهدف إلى ضبط أي أشياء تم «تعفيشها» خلال حالة الفوضى التي حدثت ليلة سقوط الأسد.وأكدت مصادر أهلية من المنطقة، أنه وبمجرد انتشار خبر سقوط حكم الأسد وفراره ودخول فصائل المعارضة ليلة السبت - الأحد الماضية، علت تكبيرات «الله أكبر» من مآذن المساجد، وسُمعت أصوات الزغاريد فرحاً بالخلاص من نظام الظلم والاستبداد، وذلك بعد أن كانت إيران وميليشياتها أخلوا مقارهم قبل يوم أو يومين.!!


1