بتكليف من الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، جال مساعده السفير حسام زكي على الرؤساء الثلاثة في بيروت ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب لاستطلاع آفاق الأزمة بين لبنان ودول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لدراسة سبل تطويق هذه الأزمة والجهد الذي بالإمكان بذله لتقريب وجهات النظر وحل الإشكال على أن يحمل معه حصيلة المشاورات.وفي ظل تراجع التوقعات بنتائج إيجابية فورية لجهد الجامعة العربية في ظل تمسّك وزير الإعلام جورج قرداحي برفض الاستقالة إلا مقابل ضمانات بتغيير في الموقف السعودي ومنها استقبال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في المملكة، فإنه سيتم تقييم نتائج الزيارة فور عودة زكي إلى القاهرة والتحدث مع الأمين العام على أن يتم تقرير الخطوة المقبلة.وقد تبلّغ الأمين العام المساعد للجامعة العربية من رئيس الجمهورية ميشال عون أن “لبنان حريص على إقامة أفضل العلاقات وأطيبها مع الدول العربية الشقيقة، لا سيما منها المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ولم يترك مناسبة الا وعبّر عن هذا الحرص”، لافتاً الى “ضرورة الفصل بين مواقف الدولة اللبنانية وبين ما يمكن أن يصدر عن أفراد أو جماعات، خصوصاً إذا ما كانوا خارج مواقع المسؤولية، آخذين في الاعتبار مقتضيات النظام الديموقراطي الذي اختاره اللبنانيون والذي يضمن حرية الرأي والفكر ضمن ضوابط القانون”.وأكد عون “وجوب معالجة ما حدث مؤخراً بين لبنان والمملكة العربية السعودية، من خلال حوار صادق مبني على أسس الأخوة العربية والتعاون والتنسيق بين مؤسسات الدولتين الشقيقتين، نظراً لما يجمعهما من علاقات تاريخية كانت دائماً وستبقى لمصلحة الشعبين”، مرحّباً “بأي مسعى تقوم به جامعة الدول العربية لاعادة العلاقات الأخوية بين البلدين الى سابق عهدها لا سيما وان لبنان لا يكن للمملكة الا الخير والتقدم والازدهار”، ومعتبراً ان “المصارحة في مثل هذه الأوضاع هي عامل أساسي لتقريب وجهات النظر ورأب أي صدع، ولن يتردد لبنان في اتخاذ أي موقف يساعد في تهيئة الأجواء لمثل هذه المصارحة التي تأخذ في الاعتبار السيادة الوطنية والحرص المتبادل على مأسسة العلاقات بين الدولتين الشقيقتين لضمان ديمومتها وعدم تأثرها بأي احداث فردية وعابرة”.من جهته، لفت زكي إلى أز زيارته هي “جهد من الجامعة العربية للتعرف على الموقف أولاً، وإذا ما تبيّن أن هناك إمكانية أن نبذل جهداً كي نتمكن من تقريب وجهات النظر بين الجانبين وحل هذا الإشكال، فذلك يكون امراً طيباً”، مؤكداً “أن المصلحة اللبنانية والمصلحة الخليجية هي هدفنا وسبيلنا للتوصل الى مخرج لهذا الوضع”.وعن إمكانية زيارته للسعودية، قال: “اذا احتاج الأمر زيارة للمملكة فهذا وارد. إننا نزور المملكة العربية السعودية في كل الأوقات، وهذا امر مطروح دائماً. لكن يجب أولاً ان نشعر ان هناك حلحلة في الأزمة حتى يمكن ان نأخذها الى مرحلة مقبلة”، مطمئناً حول موضوع اللبنانيين المقيمين في دول الخليج.وكما رئيس الجمهورية كذلك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أكد خلال استقباله السفير زكي في السرايا الحكومية “أن لبنان حريص على عودة علاقاته الطبيعية مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وسيبذل كل جهد ممكن لإزالة ما يشوب هذه العلاقات من ثغرات ومعالجة التباينات الحاصلة بروح الأخوة والتعاون”، وأبلغه “ان الجامعة العربية يمكنها القيام بدور أساسي في هذا المجال، ونحن نشدّد على اضطلاعها بمهمة تقريب وجهات النظر، وإزالة الخلافات والتباينات حيثما وجدت”. وجدّد “التزام لبنان بكل قرارات جامعة الدول العربية تجاه الأزمة اليمنية، المنطلقة من قرار مجلس الأمن الدولي والمبادرة الخليجية ومبدأ الحوار بين الأطراف المعنية”.وعكس زكي بعد اللقاء الإيجابية التي لمسها لدى الرئيس ميقاتي إزاء حل الأزمة وحرصه على إقامة علاقات صحية وجيدة مع كل الأشقاء العرب والمحيط العربي للبنان وفي مقدمته السعودية. وقال: “كان الحوار جيداً جداً، ووضعت الرئيس ميقاتي في صورة الفكرة التي تجمعت لدى معالي الأمين العام بالتواصل مع الأخوة في لبنان للتعرف على ما يمكن ان يكون لديهم في هذا الموضوع لنتجاوز هذه الأزمة ونستطيع الوصول الى مخرج يناسب الجميع، ويصل بنا الى بر الأمان في شكل من اشكال التوازن بين تحقيق المصلحة اللبنانية والمصلحة السعودية والخليجية عموماً”.وشدّد على”ان العلاقات بين الدول العربية لها أسس تقوم عليها وهناك ميثاق جامعة الدول العربية والجميع ملتزم به”. ولدى سؤاله إن كان يحمل مبادرة أو مجرد محادثات أجاب: “أعلم شغف الإعلام بالمسميات وأتابع الإعلام، انا لست معنياً بالمسميات بل معني بالجهد. قبل قدومنا لم يكن هناك جهد مبذول لرأب هذا الصدع، ونعتقد ان هذه الزيارة في حد ذاتها مبادرة لوضع هذه الأزمة في موضعها الصحيح والتواصل مع لبنان وقياداته”.واذا كانت هذه المبادرة تحلّ مكان المبادرة القطرية أو لا علاقة لها بها، قال: “ليست لها علاقة. وكل جهد عربي يساهم في حل هذه الأزمة نحن نرحّب به وندعمه بالكامل، والتحرك الذي نقوم به الآن هو تحرك نابع من مسؤولية الأمين العام ومتابعته منذ اللحظة الأولى للوضع”.واذا كان الحل باستقالة وزير الإعلام قال”هذا واضح. الجميع يعلم أن هذا الأمر كان يمكن أن يحل الموضوع منذ البداية، الآن حصلت تطورات وتصريحات، واخذت الأزمة منحى آخر. نأمل ان يجد الجميع، لديه الحس الوطني الكافي ليتعامل مع هذه الأزمة بما يليق بها من أهمية، لأننا لا نريد ابداً اضافة أزمة جديدة الى هذا المسار الذي صار معقداً بين لبنان والخليج. لا نريد لهذا الوضع أن يستمر بل نريد تحقيق انفراج واسترخاء في هذه العلاقة، ولن يحدث ذلك والأزمة موجودة”.وبعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، أوضح السفير زكي “أن الهدف من الزيارة ليس طرح حل لعلاقات دول فيها جانب سيادي وأمور كثيرة تتعلق بقرارات عالية المستوى، ولكن همّنا عندما نجد مشكلة بهذا الحجم أن نسارع الى محاولة احتواء الأزمة حتى لا تتفاقم وتأخذ اشكالاً عديدة تعقّد الموقف فيما بعد” .ونفى أن يكون قد طرح أمام المسؤولين احتمال اتخاذ المملكة خطوة بترحيل فئة معينة من اللبنانيين وقال “هذا الكلام ليس فقط عارياً عن الصحة لكن أعتقد انه يسعى لإيذاء المهمة التي أقوم بها ، لم يحدث أن تحدثت بهذا الأمر ولا مع أي طرف ولا أي طرف تحدث معي بهذا الموضوع، وأرجو من الإعلام أن يركّز على ما أقوله. وما صدر عن القيادات اللبنانية من بيانات صحافية بهذا الشأن أم التفسيرات الأخرى فلا تلزم أحداً وأقول بشكل واضح لا علاقة لهذا الموضوع بما تناولناه لا من قريب ولا من بعيد ، بل اخشى أن يكون الهدف منه ضرب المهمة للاسف”.وتحدث زكي في موضوع استقالة قرداحي عن “تعقيدات سواء من الجانب الشخصي للوزير المعني أو من الجانب الدستوري الذي يتضمن بعض التعقيدات حيث تقيّد صلاحيات رئيس الحكومة في هذا الصدد، ونحن نحترم كل هذا وسنرى اذا كانت تصح هذه النقطة لنبدأ منها لحلحلة الأزمة”.وعن مطالبة البعض بإعتذار من السعودية أجاب”التقيت قيادات لبنان الرسمية ولم اسمع منهم ان المطلوب من السعودية إعتذار هذا امر ربما يقال من مسؤولين أدنى وغير رسميين ومن الإعلام الله أعلم ، لكن انا ملتزم باللقاء مع الرؤساء الثلاثة”.!!
تعقيدات أمام جهد الجامعة العربية لحل الأزمة اللبنانية-الخليجية تتمثّل برفض قرداحي الاستقالة !!
09.11.2021