أحدث الأخبار
الثلاثاء 24 كانون أول/ديسمبر 2024
1 2 3 45600
ماكرون يبدأ “جولة المخاطر” في أفريقيا لتجديد الروابط ومواجهة التحدي الروسي- الصيني!!
26.07.2022

يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الإثنين، زيارة إلى عدد من الدول الأفريقية، بحثا عن تعزيز النفوذ الفرنسي والأوروبي في ظل منافسة قوية بين الدول الكبار حول القارة السمراء.وتعمل الحرب الروسية ضد أوكرانيا على تسريع وتيرة تعزيز عدد من دول المنطقة علاقاتها مع أفريقيا كحال روسيا والصين وتركيا.وتشمل زيارة ماكرون كلا من الكاميرون وبنين وغينيا بيساو. وتأتي بعد إعادة انتخابه رئيسا للجمهورية الفرنسية. وكان قد تعهد خلال حملته الانتخابية بإعطاء أفريقيا أولوية في أجندة الدبلوماسية الفرنسية والأوروبية، وهو ما أكده بيان الإليزيه مجددا مع بدء هذه الزيارة.وتتضمن زيارة ماكرون إلى الدول الثلاث التركيز على الأزمة الغذائية الناتجة عن الحرب الروسية- الأوكرانية، التي رفعت الأسعار بشكل كبير في العالم. وتتضرر الدول الأفريقية جراء صعوبة تصدير أوكرانيا وروسيا الصادرات الغذائية مثل الحبوب. ستركز الزيارة أيضا على الاستثمارات الفرنسية في هذه الدول، وأخيرا الملف الأمني لمواجهة تمدد حركات مسلحة إرهابية مثل بوكو حرام.وتحدثت جريدة “ويست فرانس”، الإثنين، عن كيف حاول ماكرون في ولايته الرئاسية الأولى تعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية الأنجلوسكسونية مثل نيجيريا وإثيوبيا، وأهمل الدول الأفريقية الفرنكفونية مثل الغابون والكاميرون، الأمر الذي دفع بدول منافسة مثل الصين وروسيا إلى ملء الفراغ والرفع من العلاقات. ولعل أبرز تحول في هذا الصدد، هو كيف جمدت مالي تقريبا العلاقات مع باريس، رغم دور الأخيرة في محاربة الإرهاب في الساحل لسنوات، وفضلت دولة مالي الرهان على روسيا. كما كان ماكرون قد استدعى الشباب الأفريقي لقمة فرنسا- أفريقيا في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، واستبعد الرؤساء، الأمر الذي خلف تساؤلات.
وعمليا، تعد القارة السمراء منطقة نفوذ تاريخي لباريس وذلك بسبب الإرث الاستعماري، والارتباط الثقافي في إطار الفرنكفونية، ويضاف إلى ذلك الاستثمارات الفرنسية الكبيرة، ووجود جالية أفريقية ضخمة في فرنسا. غير أن العلاقات فقدت الكثير من جودتها، فقد اعتبرت بعض الدول الأفريقية أن طريق التطور يبدأ بالخلاص من هيمنة فرنسا والفرنكفونية والانفتاح على قوى كبرى مثل الصين والولايات المتحدة. ومن جانبها، راهنت باريس على تطوير العلاقات مع دول أفريقيا الأنجلوسكسونية.وتعمل فرنسا على تطوير العلاقات مع المستعمرات السابقة عبر محورين. الأول، وهو الرهان كثيرا على الاستثمارات الفرنسية والمساعدات المالية والاستشارية لمساعدة الدول على تسطير برامجها التنموية وتمويلها. ويتجلى المحور الثاني في الرهان على تمويل الاتحاد الأوروبي للكثير من المشاريع. وكان الاتحاد الأوروبي قد صادق خلال ديسمبر الماضي على مشروع “البوابة العالمية” الذي تقدر ميزانيته بـ300 مليار يورو، ويرمي الى تأهيل البنيات التحتية لعدد من الدول. ونجحت فرنسا وإسبانيا في دفع الاتحاد إلى التركيز كثيرا على أفريقيا كرهان واستثمار للتقليل من الهجرة ومحاربة الإرهاب.وكتب الموقع الرقمي الروسي سبوتنيك، الاثنين، أن جولة ماكرون في القارة تأتي بعد أيام من جولة وزير خارجية موسكو سيرغي لافروف، التي بدأها الأحد الماضي من العاصمة المصرية القاهرة للتأكيد على عهد جديد في العلاقات الروسية- الأفريقية. وأبرز الموقع الرهان الجيوسياسي للقوى الكبرى على أفريقيا.وارتباطا بهذا، كتبت جريدة لوموند في عدد الإثنين مقالا بعنوان مثير وهو “ماكرون في الكاميرون وبنين في جولة المخاطر”. وتشير لوموند إلى أن هذه الجولة تجري في وقت يشهد فيه النفوذ الفرنسي في القارة السمراء أدنى مستوى له خلال العقود الأخيرة، بل وتتعرض فرنسا لانتقادات وتساؤلات. وتبرز لوموند كيف حاولت باريس لعب دور الوسيط في النزاع بين روسيا وأوكرانيا، الذي تحول إلى الحرب، لكن الآن ماكرون يريد تجديد الروابط الفرنسية مع أفريقيا بعد قرار سحب القوات الفرنسية من مالي، والتحدي الذي تشكله روسيا لنفوذ باريس في القارة السمراء.وكانت فرنسا تعاني في الماضي من منافسة من بعض الدول الغربية في القارة السمراء مثل بريطانيا والولايات المتحدة، وكان يجري احتواء هذه المنافسة بحكم انتماء الجميع إلى كتلة الغرب، غير أنها الآن تواجه منافسة من دول تهدف إلى تعزيز نفوذها الدولي.وإضافة الى روسيا، تعمل الصين على اكتساح القارة، وبدورها انخرطت تركيا في لعبة النفوذ في القارة السمراء لاسيما بعدما نجحت في عقد قمة “تركيا- أفريقيا”، وقدمت مساعدات ضخمة، وأنجزت استثمارات كبيرة في عدد من دول المنطقة.وبينما تركز فرنسا على العلاقات مع أفريقيا الفرنكفونية، لا تمر علاقاتها بفترة من الحوار مع معقلها الحقيقي منطقة المغرب العربي، إذ تمر العلاقات مع الرباط بأزمة مفتوحة وشائكة منذ سنة نتيجة ملف التجسس بيغاسوس. وتتحفظ باريس على التعامل المفتوح مع تونس بسبب التطورات غير الديمقراطية التي يشهدها البلد نتيجة قرارات الرئيس قيس سعيد، في حين تضع الجزائر شروطا قوية لتطوير العلاقات ومنها الاعتراف بمآسي الاستعمار. وكان ماكرون قد أعلن عن نيته زيارة الجزائر في القريب العاجل. وتحولت الجزائر الى البلد الأفريقي الأكثر أهمية في أجندة باريس بسبب الغاز.

1