داكا: لا تقتصر معاناة اللجوء على الظروف الإنسانية الصعبة والحرمان من المواد الأساسية اللازمة بما في ذلك الغذائية، فالأمراض التي يسهل انتشارها في بيئة مناسبة كالمخيمات، تعدّ من أخطر التداعيات التي تواجه اللاجئين.تستضيف بنغلاديش حاليا نحو 1.2 مليون من الروهينجا، فرّ معظمهم من حملة عسكرية وحشية في ولاية راخين غرب ميانمار في أغسطس/ آب 2017.وبالفعل، اجتاحت حمّى الضنك مخيمات لاجئي الروهينجا في منطقة كوكس بازار الساحلية جنوب شرق بنغلاديش، أكبر مخيمات اللاجئين وأكثرها ازدحاما في العالم.وفق خبراء في الصحة، فإن “سوء إدارة الصرف الصحي” حوّلت المخيم إلى “موطن خصب” لبعوض حمّى الضنك، خصوصًا خلال موسم الأمطار. وعبّر أنصار علي أحد قادة مجتمع الروهينجا، عن شعوره بالقلق من انتشار حمى الضنك في منزله.وأوضح أن شقيقه الأصغر مصاب بالفيروس وتتم معالجته حاليًا في مستشفى للاجئين.وأضاف: “أسكن في غرفة واحدة مع عائلتي المكونة من 5 أفراد، بينما يتقاسم أخي غرفة مع أربعة لاجئين آخرين”.وتابع: “نشعر جميعًا بالقلق من الإصابة بحمّى الضنك وغيرها من الأمراض، لأننا لا نستطيع الحفاظ على الخصوصية والنظافة في مثل هذه الظروف المعيشية المزدحمة”.ويعيش في مخيم “كوكس بازار” بين 7 إلى 8 أشخاص في غرف صغيرة ضمن منزل مجهّز بنظام رديء للصرف الصحي، ما يجعل المخيم أرضية خصبة لانتشار البعوض الذي يحمل فيروس حمّى الضنك.وبحسب بيانات وزارة الصحة البنغالية، أصيب نحو 10 آلاف من الروهينجا بفيروس حمّى الضنك حتى منتصف أغسطس الجاري، بالإضافة إلى 7 وفيات.كما تسبب المرض العام الماضي بمقتل 105 أشخاص وإصابة 28 ألفا و429 آخرين.يعزو اللاجئون الوضع السيء في المخيمات إلى البيئة غير الصحية وسوء إدارة النفايات.وقال خين موانغ أحد اللاجئين في المخيم رقم 13، إنهم قلقون من ارتفاع عدد حالات حمّى الضنك.وأوضح أن “النفايات والقمامة تتناثر في أنحاء المخيمات، كما تغطي المياه مساحات كبيرة في المخيم نتيجة لسوء إدارة أنظمة الصرف الصحي.. الوضع يزداد سوءا خلال موسم الأمطار”.وأضاف: “هناك مستشفيات داخل المخيمات وخارجها، لكنها غير كافية للتعامل مع العدد المتزايد من مرضى حمى الضنك”.أكد رضا الكريم شودري، رئيس الجمعية الساحلية للتحوّل الاجتماعي، وهي منظمة غير ربحية تعمل لصالح الروهينجا، أن “مدينة كوكس بازار أصبحت واحدة من أكثر المناطق تلوثًا في بنغلاديش، ما يسبب مخاطر صحية جسيمة لسكانها”.وأضاف أن “مخيمات اللاجئين في المنطقة هي أسوأ ما في المدينة”.وتنفذ الحكومة حاليًا عشرات المشاريع التنموية في المركز السياحي لمدينة كوكس بازار، ما أدّى إلى تلوّث بيئيّ إضافي.وتابع شودري: “تحولت بعض القنوات المائية القديمة اللازمة لتدفّق المياه بشكل طبيعي خلال موسم الأمطار، إلى طرق موصلة لأماكن الإنشاءات”.وأوضح أن “التلوث وتدمير المسطحات المائية تسبّبا في تكدّس المياه في كوكس بازار، ما يشكل تهديدًا محتملاً لتكاثر حمّى الضنك”.تراكم المياه في مناطق مختلفة من المخيمات، دفع خبراء الصحة إلى التحذير من أن انتشار حمّى الضنك “آخذ في الازدياد”، حيث أكدوا “الحاجة إلى جهود جماعية” للسيطرة على الوضع.وقال شودري إنهم “حثوا السلطات المعنية مرارا على حظر استخدام البلاستيك، وتطوير آليات لتحويل النفايات إلى طاقة في مخيمات اللاجئين”.وأوضح أن مرافق الرعاية الصحية للاجئين “جيدة”، مستشهداً بالمعدلات المنخفضة لانتشار فيروس كورونا بينهم، مقارنةً بعددهم الهائل.قال الدكتور أبو توحه، كبير المنسقين الصحيين في مكتب مفوضية الإغاثة وإعادة اللاجئين، إن معدل الإصابة بحمى الضنك “ليس مقلقًا”، بالنظر إلى العدد الكبير في المخيمات المكتظة.وأشار إلى أن الظروف المعيشية في العديد من خيام اللاجئين “غير نظيفة”، مؤكدًا أن هذا هو أحد أسباب تكاثر بعوض حمّى الضنك.وبيّن أن انتشار الأمراض الجلدية في مخيمات اللاجئين “تتفاقم بسبب الاكتظاظ السكاني”.وتتعاون الحكومة البنغالية والمنظمات الأممية والمنظمات الدولية غير الحكومية، على تقديم الرعاية الطبية للاجئين، بما في ذلك الرعاية التي يقدمها المستشفى التركي في المنطقة.ومؤخرًا، أنشأت “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”، مستشفى للاجئين يحوي وحدة للعناية المركزة، كما يساهم موظفو الصحة والصرف الصحي في الحفاظ على نظافة المخيمات.وقال أبو توحه: “عملت في العديد من مخيمات اللاجئين في أنحاء العالم، وما أراه في بنغلاديش أفضل بكثير مما رأيته في أماكن أخرى”.
لاجئو الروهينجا.. معاناة لا تعرف الحدود!!
25.08.2022