كريم بخش (باكستان) - كشفت تقارير إعلامية باكستانية، أن قرى كاملة محاصرة بسبب الفيضانات في باكستان.وتسببت الأمطار المستمرة في باكستان منذ يونيو في أعنف فيضانات في أكثر من عقد أغرقت ثلث مساحة البلاد وأودت بـ1191 شخصاً، بحسب حصيلة نُشرت الأربعاء. كما جرفت مساحات من المحاصيل الزراعية الأساسية ودمرت أو ألحقت أضراراً بأكثر من مليون منزل.وأصبحت قرية كريم بخش في جنوب باكستان غارقة بشكل شبه كامل في المياه الموحلة بعد هطول الأمطار الموسمية الكارثية… لم يبق أي مبنى مستقرا لاتخاذه مأوى فيما صوامع القمح فارغة والثعابين السامة منتشرة في كل مكان.لكن بخلاف عشرات الآلاف من الأشخاص الذين فروا من منازلهم وقراهم ومدنهم التي غمرتها مياه الفيضانات في كل أنحاء البلاد، رفضت العديد من العائلات المغادرة.ومن دون صكوك الملكية الرسمية، يشعر العديد من السكان بالقلق من استيلاء انتهازيين على أراضيهم وممتلكاتهم حيث عاشت عائلاتهم لأجيال.وقال انتظار أحمد وهو مزارع يبلغ 55 عاما الأربعاء فيما يقف على قطعة أرض مرتفعة قرب منزله المغمور بالمياه في إقليم السند “حصلنا على أوراق ملكية من الحكومة الاستعمارية البريطانية”.وأضاف “لكننا فقدناها قبل سنوات عدة في فيضانات مماثلة… بالإضافة إلى ذلك ليس لدينا أي مكان نذهب إليه”.وقال آخرون إنهم قلقون بشأن مصير ماشيتهم، وهي مورد ثمين جدا بالنسبة إلى القرويين الفقراء ليتركوها وراءهم.وأوضح شاه محمد البالغ 35 عاما “لدينا جواميس وأبقار ورؤوس ماعز… إذا تركنا الماشية خلفنا ستُسرق”.ويعاني محمد وآخرون من أجل العثور على طعام، ليس لأنفسهم فحسب بل أيضا لماشيتهم.وأشار محمد إلى أن هناك ما يكفي من طعام للحيوانات في الوقت الحالي، لكن سرعان ما سيبدأ القمح في النفاد.وتقدر الحكومة الباكستانية أن البلاد بحاجة إلى أكثر من عشرة مليارات دولار لإصلاح وإعادة بناء البنى التحتية، وخصوصا الاتصالات والطرقات والزراعة.لكن الأولوية تكمن الآن في الوصول إلى آلاف العالقين في الجبال والوديان في الشمال وفي القرى المعزولة في الجنوب والغرب.وتمثّل المساعدات التي تقدمها الجمعيات الخيرية عن طريق القوارب شريان الحياة الوحيد لأولئك الذين لا يستطيعون مغادرة كريم بخش أو لا يريدون مغادرتها.والقرية غارقة في مياه الفيضانات الموحلة التي تمتد في بعض المواقع لأكثر من كيلومتر.وحذرت منظمة الصحة العالمية من مخاطر ظهور أمراض بسبب المياه (إسهال، أمراض جلدية، التهابات الجهاز التنفّسي، الملاريا، حمى الضنك، إلخ) في بلد يواجه أضراراً تلحق بالبنية التحتية الصحية، ونقص الكوادر الصحية والمعدّات الصحية المحدودة.وتجمع قرويون على البقع الجافة الوحيدة المتبقية في انتظار قارب تديره مؤسسة “الخدمة فاونديشن”، وهي منظمة إنسانية مقرها في باكستان، فيما كان يقترب ببطء في الشوارع التي تغمرها المياه.وكانت هذه أول عملية توصيل إسعافات منذ أيام.توقّف القارب مرات عدة في القرية حتى يتمكن عمال الإغاثة من تسليم الخيم والمواد الغذائية والإمدادات الأخرى للسكان.وقال عامل إغاثة إن المؤسسة الخيرية قررت إجراء عمليات التسليم بعدما أدركت أن بعض العائلات لا تريد المغادرة.وفي كل محطة، كان هناك دليل على الدمار الذي أحدثته السيول والفيضانات، وهو الأسوأ منذ عقود.وقد دُمّر معظم المنازل والمباني، وكان القرويون في حاجة شديدة إلى أي مادة قد تساعد في بناء مأوى مؤقت من المطر والشمس الحارقة، عند ظهورها.وروى غول بادشاه البالغ 70 عاما “انهارت منازلنا… قطعنا الأشجار واستخدمنا هذا الخشب لدعم ما تبقى من جدراننا”.في غضون ذلك، قام مقبول أحمد، وهو من السكان المحليين أيضا، بكل الاستعدادات لمواجهة تهديد محلي مختلف شائع خصوصا أثناء الفيضانات يتمثل في الثعابين السامة، فقد شبك مصباحا صغيرا ببطارية سيارة ثم وضعه على كومة تراب.وقال، “نضيئه في الليل لحماية أنفسنا من الثعابين”مضيفا، “في بعض الأحيان، تتسلل إلينا الكوبرا والأفاعي”.وألقى المسؤولون الباكستانيون باللائمة على التغير المناخي الذي يضاعف وتيرة وشدة ظواهر الطقس في أنحاء العالم.في وقت سابق من هذا العام، واجهت البلاد جفافا وموجة حر تجاوزت فيها الحرارة 50 درجة مئوية في بعض الأحيان، وحرائق الغابات والفيضانات المدمرة الناجمة عن الذوبان السريع للجبال الجليدية.بتسجيلها 1 في المئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، تحتلّ باكستان المرتبة الثامنة على قائمة مؤشّر الخطر المناخي العالمي الذي تضعه مجموعة “جرمان ووتش” غير الحكومية للبلدان الأكثر هشاشة في ظلّ الظواهر المناخية القصوى الناجمة عن التغير المناخي.انتقدت الحكومة الدول الصناعية الكبرى لدورها في الاحتباس الحراري، متهمة إياها بإثراء نفسها من خلال الوقود الأحفوري دون الاكتراث بالعواقب.تعتمد باكستان بشكل كبير على الزراعة، وتتوقع أن يتضرر بشدة اقتصادها المنهار أصلا. ارتفعت أسعار بعض المواد الغذائية المهددة بالنقص بشكل حاد في الأيام الأخيرة.ووعد شريف بأن ينفق كل قرش من المساعدة الدولية “بشفافية” وأن يذهب كل قرش “إلى الذين يحتاجون إليه”.أعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء إرسال أول شحنة من المساعدات الإنسانية بقيمة 30 مليون دولار. وبدأ وصول شحنات من الصين وتركيا والإمارات.انتشرت مخيمات مؤقتة في كل مكان لإيواء النازحين الذين يضطرون إلى تحمل القيظ ويفتقرون إلى مياه الشرب والطعام.!!
قرويون في باكستان يواجهون الجوع والأفاعي السامة!!
03.09.2022