أحدث الأخبار
الأربعاء 25 كانون أول/ديسمبر 2024
1 2 3 45601
لماذا لم تغادر قوة حفظ السلام جزيرة تيران؟
22.12.2022

كان من المفترض أن تغادر قوة حفظ السلام متعددة الجنسيات، بقيادة الولايات المتحدة، جزيرة تيران نهاية الشهر الحالي، تمهيداً لتسليمها إلى السعودية، بموجب اتفاق نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى المملكة، والذي وافق عليه البرلمان المصري في يونيو/حزيران 2017، والمحكمة الدستورية العليا في البلاد في مارس/آذار 2018. لكن ذلك لم يحصل، فيما رجّحت مصادر أن يكون ذلك بسبب "طلبات" مصرية.وكانت اتفاقية ترسيم الحدود لنقل سيادة الجزيرتين، قد احتاجت إلى موافقة من دولة الاحتلال الإسرائيلي بسبب معاهدة السلام الإسرائيلية - المصرية عام 1979 (كامب ديفيد)، والتي نصّت على أن تكون تيران وصنافير منطقة منزوعة السلاح وأن تنتشر فيها قوة متعددة الجنسيات من المراقبين بقيادة الولايات المتحدة.لكن مغادرة قوة حفظ السلام تلك لم تحصل حتى الآن، ولن تحصل في نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي مثلما هو منصوص عليه في الاتفاق وملحقاته، بحسب ما يؤكده تقرير للصحافي الإسرائيلي باراك رافيد، نُشر أمس الأربعاء، في موقع "أكسيوس" الأميركي.ورجحت مصادر دبلوماسية أميركية في القاهرة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن يكون سبب ذلك "طلبات معيّنة للقاهرة تأخرت واشنطن في تنفيذها، ومنها تسليم معدات عسكرية تقنية خاصة بالطائرات أف 16 الأميركية التي تمتلكها مصر".أصرّت مصر على المشاركة في مراقبة مضيق تيران باستخدام كاميرات نصّ عليها الاتفاق، وهو ما رفضته إسرائيل وأوضحت المصادر أن "المساعدة العسكرية التي يتلقاها الجيش المصري من الولايات المتحدة لا تشتمل فقط على المعدات والأسلحة والذخائر، لكنها تشمل أيضاً تحديثات ضرورية للبرمجيات التي تعمل بها المعدات الأميركية التي تملكها مصر، ومنها الطائرات".وبحسب المصادر نفسها، فإن "المسؤولين المصريين أصروا على المشاركة في أعمال مراقبة الجزر ومضيق تيران باستخدام الكاميرات التي نصّ عليها الاتفاق بعد انسحاب القوة متعددة الجنسيات من الجزر، وهو ما رفضته إسرائيل، وبالتالي تعطل تنفيذ الاتفاق".وبحسب التفاهم، كان من المفترض أن تغادر قوات حفظ السلام التابعة للقوة متعددة الجنسيات، بما في ذلك الجنود الأميركيون، تيران، والانتقال إلى مواقع جديدة في شبه جزيرة سيناء ومراقبة الوضع في الجزر عن بعد باستخدام الكاميرات، وذلك بحلول نهاية الشهر الحالي.ومنتصف يوليو/تموز الماضي، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال مؤتمر صحافي على هامش زيارته للسعودية حينها، أن قوات حفظ السلام الأميركية التي تتمركز في تيران وصنافير ستغادر الجزيرتين، بعدما استقرت هناك أكثر من 40 سنة بحسب اتفاقية "كامب ديفيد".وكان الصحافي الإسرائيلي باراك رافيد قد نقل عن "أربعة مسؤولين إسرائيليين ومصدر أميركي"، أن مصر "أوقفت تنفيذ اتفاق بشأن تيران وصنافير، الجزيرتين الاستراتيجيتين في البحر الأحمر، مهّد الطريق للسعودية لاتخاذ خطوات نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل".وأشار رافيد في تقريره على موقع "أكسيوس"، إلى أن تنفيذ الاتفاقية، التي تتكون من سلسلة من التفاهمات بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل ومصر، "يُعد إنجازاً مهماً للسياسة الخارجية في الشرق الأوسط لإدارة بايدن"، مضيفاً أن صفقة نقل جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية "توقفت الآن".أعرب مسؤولون إسرائيليون عن اعتقادهم بأن مصر تُعطّل الصفقة بسبب قضايا ثنائية بينها وبين الولايات المتحدة، بما فيها المساعدة العسكريةوبحسب التقرير، فإن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا "أكسيوس" أن مصر "بدأت خلال الأسابيع الأخيرة في رفع تحفظات، معظمها ذات طبيعة فنية، بما في ذلك تركيب كاميرات في الجزر التي كانت جزءاً من الاتفاق".وكان من المفترض بحسب الاتفاق بين مصر والسعودية والولايات المتحدة وإسرائيل، أن تراقب الكاميرات النشاط في تيران وصنافير، وكذلك في مضيق تيران.والتقى مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان الأسبوع الماضي، بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي كان في واشنطن لحضور القمة الأميركية الأفريقية. ونقل تقرير الموقع الأميركي نفسه عن مصادر قال إنها أميركية وإسرائيلية، أن سوليفان "أثار قضية صفقة جزر البحر الأحمر وأكد أن إدارة بايدن تريد تنفيذها".كما نقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن "الاتفاق، بما في ذلك انسحاب القوة متعددة الجنسيات من الجزر، لن يتم تنفيذه بحلول نهاية ديسمبر بسبب التحفظات المصرية".وبحسب التقرير، فقد "قال مسؤولون إسرائيليون كبار لأكسيوس إنهم يعتقدون أن مصر تُعطّل الصفقة بسبب قضايا ثنائية بينها وبين الولايات المتحدة، بما في ذلك المساعدة العسكرية الأميركية".وبسبب مخاوف متعلقة بحقوق الإنسان، جمّدت إدارة بايدن مرتين 10 في المائة من نحو 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية التي تخصصها لمصر سنوياًوقال التقرير الأميركي إنه "عندما زارت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، باربارا ليف، القاهرة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أخبرها المسؤولون المصريون أنهم يتوقعون من الإدارة تحويل المبلغ الكامل للمساعدة العسكرية إذا كانت تعتبر العلاقات استراتيجية بالفعل".وأضاف التقرير أنه "وفقاً لمصادر مطلعة على القضية، حثّت ليف نظراءها المصريين على العمل بشكل أكثر منهجية في الضغط على الكونغرس بشأن المساعدات العسكرية، لكن المسؤولين المصريين أوضحوا أنهم لا يعتزمون بدء جهود للضغط كل عام، وشدّدوا على أنه عندما تكون هناك قضية مهمة للإدارة، فإنها تعرف كيفية إنجازها في الكونغرس".ولفت الموقع الأميركي إلى أن إسرائيل "أعطت موافقتها المبدئية على إعادة الجزيرتين إلى السعودية، بانتظار اتفاق بين القاهرة والرياض بشأن عمل القوات متعددة الجنسيات وحرية الملاحة في المضيق. لكن الصفقة توقفت بسبب رغبة السعودية في مغادرة المراقبين الدوليين للجزر، وهو ما خلق الحاجة إلى ترتيب جديد يشمل إسرائيل والسعودية ومصر".وذكّر التقرير بأنه "في سبتمبر/أيلول 2021، بدأت إدارة بايدن التوسط بين السعودية وإسرائيل ومصر بشأن هذه القضية. وقبل يوم واحد من وصول بايدن إلى المملكة العربية السعودية في يوليو/تموز الماضي، تم الانتهاء من الصفقة".وأظهر المفاوضون الإسرائيليون استعدادهم للتخلي عن القوة متعددة الجنسيات، لكنهم طلبوا ترتيبات أمنية بديلة. ووافقت الرياض على إبقاء الجزر منزوعة السلاح، كما عرضت التزاماً بالحفاظ على حرية الملاحة الكاملة للسفن عبر مضيق تيران.ويعد مضيق تيران الممر المائي الوحيد للاحتلال الإسرائيلي من إيلات إلى البحر المفتوح، ما يسمح بالشحن من وإلى أفريقيا وآسيا دون الحاجة إلى المرور عبر قناة السويس، وكذلك المرور من قناة السويس وإليها.وتستخدم سفن البحرية الإسرائيلية الممر المائي للوصول إلى البحار المفتوحة، وقد كان الحصار المصري له أمام الشحن الإسرائيلي في عام 1967 سبباً لاندلاع الحرب.وسبق للمملكة أن سمحت لشركات الطيران الإسرائيلية باستخدام مجالها الجوي للرحلات المتجهة شرقاً إلى الهند والصين، وقالت إنها ستبحث الرحلات الجوية المباشرة من إسرائيل إلى جدة لشركات الطيران المعتمدة للحجاج المسلمين في إسرائيل الراغبين في الحج. من جهته، قال دبلوماسي مصري سابق، إن "تعطيل مصر للاتفاق، يمكن أن يكون نوعاً من المساومة يمارسه المسؤولون المصريون مع الأطراف الثلاثة الأخرى، أميركا والسعودية وإسرائيل، من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب". وتابع الدبلوماسي، أنه "بالنسبة لإسرائيل، فيمكن أن يكون صعود حكومة يمينية متشددة بقيادة بنيامين نتنياهو، سبباً في تعطيل مصر الاتفاق الخاص بالجزر".كما قال ضابط مصري سابق، إن "حجب الإدارة الأميركية جزءاً من المساعدات العسكرية التي تقدمها إلى مصر سنوياً، ليس سببه قضية حقوق الإنسان فقط، لكن هناك أمور أخرى في التفاصيل، منها أنها أحياناً تحجب أشياء أخرى غير الأموال، مثل البرامج اللازمة لتشغيل المعدات العسكرية المصنوعة في الولايات المتحدة، وهو ما يجعل مصر تلجأ إلى سياسة تنويع مصادر السلاح، وهو ما دفعها إلى محاولة عقد صفقة مع روسيا من أجل تزويدها بطائرات (سوخوي 35)، وهي الصفقة التي أوقفتها الولايات المتحدة بعد ذلك مع وعد للقاهرة بتزويدها بمقاتلات "أف 15".

1