انتقد نائب رئيس حزب «اتحاد بيت نهرين» جوزيف صليوا، تدخل بعض رجال الدين من المسيحيين في العمل السياسي، وأشار إلى تقاسم الشيعة والأكراد، مقاعد «كوتا» المسيحيين في مناطق نفوذهم شمال العراق.وقال في حديث لـ«القدس العربي» إن «المسيحيين في العراق منذ ألف سنة لم يكسبوا شيئا، سوى أنهم شردوا وهجروا وقتلوا على الهوية، وغُيّرت مناطقهم جغرافياً، وتعرضت مدنهم لتغيير ديمغرافي، وزهقت أرواحهم سواء كان من خلال المعارضة أو من خلال جعلهم حطباً للحروب التي أقامتها الحكومات المتعاقبة على الحكم».وعلى المستوى السياسي، قال: «كان هنالك توحيد في بعض المراحل تحت قبه البرلمان من قبل كتل المسيحيين بدرجة وبأخرى. أقصد هنا التوحيد في المواقف، ولكن ليس هذا السبب فيما وصلنا إليه، فالتنوع غنى وأحد معايير الديمقراطية. أن تكون هنالك تعددية فهذا سينسحب على جميع مكونات الشعب العراقي، بمن فيهم المسيحيون».وأكد أن «المسيحيين في العراق لم يتصارعوا فيما بينهم عبر التاريخ ولم يستخدموا السلاح تجاه بعضهم بعضا، ولم يتناحروا مع بعضهم. والاختلاف ضروري بين كل مكونات الشعب العراقي».
تدخل رجال الدين
ولم يخف، وجود «تدخل من قبل رجال الدين في السياسة، ومن ضمنهم بعضٌ من رجال الدين المسيحيين، وهذا انعكس سلبا وبدرجة سيئة جدا على واقع المسيحيين في العراق» مبيناً أن «بعض منهم (رجال الدين) أخذ في التدخل بالسياسة وهو ليس رجل سياسة ولا يجيدها».وزاد: «منذ الثورة الفرنسية تم الفصل بين السياسة والدين.في الإنجيل هنالك تأكيد على فصل الدين عن الدولة وعن السياسة، فحينما سُئل السيد المسيح عما إذا كان على المسيحيين أن يدفعوا الضريبة للقيصر أم لرجال الدين، فهو أكد أن مال القيصر لقيصر ومال الله لله، وهذا يعني الفصل بين الدين والسياسة بكل وضوح».وأضاف: «للأسف الشديد، بعض رجال الدين تدخلوا في السياسة، وكانوا أحد أهم أسباب، ما وصلنا إليه في العراق سيما بخصوص حال المسيحيين».وتحدث أيضاً عن موقفه من قانون الانتخابات «المثير للجدل» وكيف يستعد المسيحيون إلى خوض الانتخابات المحلية المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، قائلاً: «في الانتخابات، إذا كانت هنالك فسحة لإبداء الرأي وأن تكون الإرادة الحرة هي من تقرر، فالمسيحيون يميلون إلى بعضهم البعض، ويميلون إلى الأطراف التي تؤمن بالديمقراطية وبعلمانية الدولة وبهيبتها واستقلاليتها».
ومضى يقول: «إذا كنا نتحدث داخليا هم (المسيحيون) يميلون إلى بعضهم البعض، وأن يكون هنالك قائمة موحدة، ولكن للأسف الشديد، إلى هذه اللحظة تم تقسيم مقاعد الكوتا بين السلطة الشيعية والكردية، من خلال القانون الجديد، حيث قسم الدوائر الانتخابية لمحافظات أربيل ودهوك، دائرة واحدة، وبغداد وكركوك والموصل دائرة أخرى، فبالتالي تم تقاسم مقاعد الكوتا بين سلطة الشيعة والأكراد» معرباً عن أمله بأن «يكون هناك طعن بهذا القانون وإعادة النظر بهذه الفقرة».
وعقب تصويت البرلمان الشهر الماضي، على «التعديل الثالث» لقانون الانتخابات، واعتماد العراق قائمة انتخابية واحدة، ونظام «سانت ليغو» 1.7 في توزيع المقاعد، خرج النواب المسيحيون، ببيان صحافي، وجّهوا فيه انتقاداً لاذعاً لزعيم الحزب «الديمقراطي» الكردستاني، مسعود بارزاني، ورئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، محمليهما مسؤولية «التحايل» على حصّتهم في محافظة نينوى.
وجاء في نصّ البيان حينها: «لما كان واجبنا أن نكون واضحين مع أهلنا وشعبنا وناخبينا والمسيحيين في بلادنا، خاصة، وأننا انتخبنا بعملية حرة لتمثيل المكون المسيحي في البرلمان، ولما كان التمثيل المسيحي مهمشاً ومنسياً من قبل، ويعطى ويؤخذ كأنه بند للتفاوض بين القوى الأكثرية، ولما كان الحزب الديمقراطي الكردستاني، مستأثراً بالمسيحيين في إقليم كردستان وتمثيلهم في الماضي، ولما كانت حركة بابليون قد صدت وحدها العدوان الداعشي عن المسيحيين وقراهم في سهل نينوى، بينما تركهم وباعهم البارزاني لبرابرة العصر، ولما كنا استطعنا أن ننمو ونكبر بين أهلنا بالعمل الدؤوب المتواصل ما بعد الحرب لإعانتهم وإعادتهم، ولما كانت مشاكل السياسة العراقية فرضت علينا أن ندعو للتوحد والمحبة وتشكيل ائتلافات سياسية وتشكيل حكومة للاهتمام بشؤون الناس، قبلنا بالمصيبة والمصيبة لم تقبل بنا».وأضافوا: «صافحنا نوري المالكي ومشينا في السياق الجامع للكل ومن ضمنه ائتلاف دولة القانون، وما كان منهم إلا أن قابلونا بالغدر السياسي والوطني والإقصاء. وباعونا عند أول مفرق. وبصرف النظر عما فعلوا، وما نعانيه، من إعطاء الحزب الديمقراطي الكردستاني من جديد، سطوة وسلطة على التمثيل المسيحي ومحاولة لاستحواذهم على مقعدين من المقاعد المخصصة للمكون المسيحي. لكنهم أيضاً وللأسف خرقوا القانون والمادة الثانية من الدستور بوقاحة. في غفلة الليل».وتابعونا: «سنجعل من القانون حكماً بيننا وبين المالكي والبارزاني. وإذا ظننتم أن المسيحيين لا ظهر لهم وتلعبون بوجودهم وتمثيلهم كما تشاؤون فنذكركم جيداً أننا نوع وليس عددا. وإننا وأرضنا والحق أكثرية».
سهل نينوى
وبشأن الأسباب التي تدفع إلى اضطراب الأوضاع في مناطق سهل نينوى – ذات الغالبية المسيحية، رأى صليوا أن «سهل نينوى يعد منطقة جغرافية استراتيجية، فهي تُطلّ على السنجار وتربط بين أربيل ونينوى، وبين نينوى وبغداد، وفيها تركيبة سكانية غنية، وكذلك هي غنية بالثروات، ولهذا، نرى عليها صراعات بين الدول الإقليمية (تركيا وإيران) وكذلك تناحراً بين أطراف السلطة الشيعية والكردية» موضحاً أن «من يؤججون هذه المشاكل هناك هم أدوات السلطة الشيعية والكردية في المنطقة، وكذلك أدوات لبعض الدول المحيطة».
وطالت لواءي 30 الشبكي، و«بابليون» المنضوية في «الحشد الشعبي» اتهامات بمنع الأهالي من البناء والإعمار في مناطقهم في محافظة نينوى، في وقت تطالب فيه جهات رسمية الحكومة الاتحادية في بغداد، بالتدخل لحل الموضوع.السياسي المستقل المعارض مصطفى الدليمي، كتب في «تغريدة» له، إن «قوة من الحشد الشعبي مدججة بالأسلحة، لواء بابليون المسيحي، تمنع أهالي حي الكندي في الموصل من أي نوع من أنواع البناء في الحي».وأوضح أن «جميع السيارات تحمل شعار الحشد الشعبي لواء بابليون» لافتاً إلى أن «لواء 30 الشبكي شرق الموصل انتهج الفعل نفسه بمنع الأهالي من البناء في المنطقة».وسبق لصليوا أن ذكر في «تدوينة» له متحدثاً عن الأوضاع في سهل نينوى قائلاً: «ما يحدث في بلدات سهل نينوى (القوش، تلكيف، بغديدا) وبقية القرى والقصبات والبلدات الأخرى، (الظاهر منه) وما خفي أكبر بكثير من المضايقات والاعتداءات والاستهداف وفرض سياسات على شعبنا الكلداني السرياني الأشوري هناك».
موقف موحد
ودعا إلى «توحّد الاحزاب السياسية والسلطة الروحية المتمثلة بالكنائس ورؤسائها لاتخاذ موقف موحد لإخراج سهل نينوى من الصراعات السياسية وتشكيل تحالف وقوة عسكرية، خاصة بشعبنا تابعة للدولة الاتحادية العراقية، مرتبطة بمؤسساتها الرسمية وبتنسيق مع التحالف الدولي لا تخضع لأي جهة سياسية حزبية منفردة لاستغل وتوجه لاحقاً وفق أجندات معينة» محذّراً في الوقت عينه من قرب إفراغ القرى والمدن في سهل نينوى «في غضون الأشهر القليلة المقبلة».
كما تحدّث صليوا، عن مدى تأثر المسيحيين بما تشهده البلاد من «تضييقٍ على الحريات» حسب التقارير الدولية، موضحاً أن «أحد السمات التي يتسم بها المسيحيون في بلاد ما بين النهرين من الكلدان والسريان والآشوريين، هي إيمانهم بالحريات وبالدولة والقانون، وبالتالي، نعم التضييق على الحريات يُسحب على الجميع، ولكن إذا غاب القانون والحريات التي تربّى عليها المسيحيون وترعرعوا عليها، هذا يعني فقدان الحياة بالنسبة لهم» معتبراً أن «التضييق على الحرية بالنسبة للمسيحيين في العراق، هو سلب الحياة منهم بالكامل».
«ترسيخ العنصرية»
يتزامن ذلك مع نشر صليوا «تدوينة» له اتهم فيها رئيس الوزراء الاتحادي، محمد شياع السوداني، بـ«الإصرار على ترسيخ العنصرية».وقال: «بعدما اكتفى الشياع بتغريدة عبر حسابه الخاص على التويتر، بتقديم تهنئة بمناسبة عيد (أكيتو) رأس السنة البابلية الآشورية التي تخص حضارة بلده وبكلمات خجولة، دونما يوجه بإقامة احتفالية بهذه المناسبة التي تخص جميع العراقيين. قرر مجلس الوزراء (الثلاثاء الماضي) أن يكون عيد القيامة أيام عطل (للمسيحيين فقط!)».وأضاف: «لا أعلم هل هذه السياسة العنصرية والمفرقة للشعب الواحد التعددي مقتنع بها شخصياً أم أنها تفرض عليه ممن أوصلوه إلى هذا الموقع؟ يفترض أن يقلل من مساحة التفرقة السائدة !؟ علماً (إنه) إعلامياً ومن خلال منهاجه السياسي الذي طرحه، يؤكد أن أهم ما يعمل عليه هو التقريب بين العراقيين، وأنا أقول لك يا رئيس مجلس الوزراء (الذي) يفترض أن تكون لجميع العراقيين أنك تدعي شيئا وتفعل شيئا لا يمت بعلاقة لما تدعيه، علماً أن مجلس قيادة الثورة الذي يعتبره ديكتاتوريا كان يتخذ القرار المماثل لما اتخذ اليوم فيما يخص عطل الأعياد المسيحية». على حدّ وصفه.
الشيعة والأكراد تقاسموا مقاعد المسيحيين شمال العراق!!
08.04.2023