أحدث الأخبار
الجمعة 29 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1183 184 185 186 187 188 1891135
أم صبحي:لاجئة سورية تطعم الأتراك وجبات شهية في إسطنبول !!
31.03.2020

أم صبحي، سيدة سورية حوّلت واقعها الصعب إثر لجوئها لتركيا، إلى قصة نجاح قلّ نظيرها، ولم يمنعها عمرها من رعاية أبنائها وأحفادها، لتقيم مشروعا ناجحا للطبخ من منزلها في مدينة إسطنبول.
ولم تكن أم صبحي الأولى التي تعيش من العمل في تقديم المطبخ السوري إلى الأتراك، فلقد سبقتها خبرات عديدة وخاصة من الرجال في هذا المجال وافتتحوا مطاعم عديدة في أرجاء تركيا كأبي محمد الذي افتتح محلّ شوارما في غازي عنتاب، ونجح في منافسة الشوارما التركية الذي يلبّي أيضا بعض الوجبات المنزلية من صنع زوجته، التي تعمل معه في المطعم.
وانتشرت ظاهرة قيام بعض النسوة بطهي الطعام السوري في منازلهن وإيصالها للمنازل التركية على شكل طلبات خاصة، وهذه الطريقة تفيد النساء العاملات على إعالة أسرهن في الغربة.
غادة العابو، أو كما ترغب في مناداتها بـ“أم صبحي”، عانت كغيرها من السوريين مرارة الحرب والفقد، وابنها لا يزال مفقودا حتى الآن، وعليها رعاية أبنائه وبقية أحفادها، ولم تسعفها أجور عملها لدى شركات مختلفة في سدّ حاجتها.
ومن أجل كسب رزقها، أطلقت أم صبحي مشروعا للطبخ في منزلها المتواضع، وبيعه إلى المطاعم العربية المنتشرة بإسطنبول، مقدمة لها ما لذّ وطاب مقابل أجر مادي.
ولا تكتفي بصناعة مختلف أنواع المأكولات وحسب، بل تقود دراجة كهربائية لتلبية طلبات المطاعم، وتتنقل عبرها في مختلف شوارع إسطنبول، لتدير أعمالها وسط تشجيع كبير.
تروي أم صبحي قصتها بالقول، “كنت أعيش في سوريا، لدي 6 أولاد ربيتهم أيتاما، ومن ثم زوّجتهم، كنت أعمل طباخة في فندق الميريديان بدمشق، ولديّ شهادة في ذلك، وربيت أبنائي دون مساعدة أحد”.
وتضيف، “كنّا في الغوطة الشرقية عند اندلاع الأزمة، خرجنا خوفا على حياتنا عام 2015 مع الأطفال والأحفاد إلى تركيا، وبدأت أعمل مع ابني في إسطنبول، ولم نكن نعرف أحدا”.
وتستطرد، “استأجرنا منزلا في منطقة الفاتح، ساعدنا جيراننا الأتراك بداية في تأمين المستلزمات، حينها لم أشعر بالغربة، خاصة أنهم يشاركوننا تأثرهم وانزعاجهم مما حصل ويحصل في سوريا”.
أم صبحي تصف ما حصل معها لاحقا بالقول “جئت ولم أكن أعرف شيئا عن الأتراك، بعدها شعرت كأنهم إخوتي، وعملت في شركة بمنطقة تقسيم، كنت أطبخ للعمال مدة عام، وضعت خلالها الأطفال في المدارس، ومعاهد حفظ القرآن”.
وتردف، “يعمل ابني في إصلاح الدراجات، والإخوة الأتراك استأجروا له دكانا عندما وجدوه صادقا وأمينا، ما جعلنا نشعر أننا في بلدنا، الحمد لله، جئنا إلى بلد محافظ تسوده المحبة والأخوة”.
وتوضح السيدة السورية، “تعرّفنا في بداية عملنا إلى شخص تركي اسمه مصطفى، أخبره ابني بأني مريضة، وأنه سيجلب لي دراجة، فاشترى مصطفى الدراجة، وقسّط لنا ثمنها”. وحول
مشروعها في الطبخ، تقول أم صبحي، “بدأت بمبلغ 500 ليرة تركية فقط (أقل من مئة دولار)، اشتريت البرغل واللحوم، وباشرت عمل الكبب وبيعها في السوق”.
وتضيف، “عملت أولا وجبة ووزعتها على المطاعم، والحمد لله تقبّلوا المشروع وبدؤوا بطلب الكبب، وهناك مطاعم عديدة تتعامل معي”.
وتلفت أم صبحي، إلى أنه “مع الاهتمام الإعلامي بحالتها زاد الطلب عليها، وتعيش حاليا في نعم مع أولادها، فالسوريون بينهم طيبون والشعب التركي أيضا، وهم يساعدوني ويشجعوني ويلتقطون معي الصور”.
وتبيّن، “لا أشعر بالغربة في تركيا، وأتمنى أن أبقى مطمئنة في هذا البلد، وأن تستمر حياتي فيه، لأني لم أعد قادرة على العودة إلى بلدي في مثل هذه الظروف”.
وعن آلية عملها تشرح أم صبحي، “الطلبات تأتيني عبر الهاتف، وغالبا هي الكبة واليبرق واليالانجي والأكلات الحلبية والمحاشي، يبلغوني قبل يوم أو يومين، ثم أحضر المستلزمات وأجهزها”.
وتتابع، “أغلب عملي في الليل، وبالنهار أبدأ الطبخ والتوزيع. مطبخي صغير، لذلك لا يمكن شراء كميات كبيرة، ولدي 9 أحفاد، ونحن 13 شخصا نقيم في البيت، وهي من الصعوبات التي تعيقني”.
وتضيف، “أعمل من الساعة 11 إلى صباح اليوم الموالي لأنهي أعمالي، وأتمنى من الله لو تصدر لي بطاقة الحماية المؤقتة في إسطنبول، لكي أشعر بالأمان والاطمئنان هنا”.
وتختم أم صبحي بالقول، “من فضل الله أن إخواننا الأتراك يتقبّلون المشروع ويرفعون معنوياتي بالكلام والأفعال، وهم من جعلوني جريئة بالعمل والاستمرار، والجيران يتحملون كل شيء، ومعاملتهم لي جيدة، كما ساهموا في تشجيعي، وهم يحترمون المرأة العاملة”.
يذكر أن المطبخ السوري انتشر في أنحاء دول العالم مع انتشار اللاجئين السورين خارج حدود بلادهم، وساهموا في زيادة شهرة الطعام والحلويات السورية بعد أن قرّبوها من عشاق الطعام في مختلف مناطق أوروبا وأميركا وحتى الدول العربية المجاورة.

1