أحدث الأخبار
السبت 30 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1214 215 216 217 218 219 2201135
سلواد أرض التين و"القطّين" في فلسطين !!
12.09.2019

يفخر عبدالرحيم حامد بأن بلدته سلواد شرق رام الله، زرعت العام الماضي 200 شجرة تين، وهذا الصيف بدأت تحصد ثمار ما زُرِع، بعد عدة سنوات من إهمال الأرض.
وتعرف بلدة سلواد، التي تعد واحدة من أكبر بلدات محافظة رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية، ببلدة “التين والقُطين”، لكثرة إنتاجها لهذه الثمرة.
حامد (50 عاما) لم يغب عن أرضه منذ أكثر من 30 عاما، يسترزق من خيرها وما تنتجه على مدار العام، لكن هذا العام كان مختلفا، وشجر التين يملأ البلدة بشكل كبير، فيصول ويجول بين أشجار التين بحثا عن الثمار الذابلة والتي يطلق عليها اسم “الذُبيّل” ليحوّلها إلى “قطّين” بعد التجفيف.
وعن صناعة التين المجفف يقول إن “الأمر لا يحتاج إلى الكثير من الجهد، نجني الثمار كثيرة النضج، ونعرضها للشمس لمدة ثلاثة أيام، ثم تحفظ في أكياس قبل البيع”.
ويضيف “بعد فترة زمنية، غير محددة، يمكن بيع القُطين بعد تنظيفه بمسحه بالزيت، وشبكه بخيوط كالقلائد”.
عملية تجفيف التين تبدأ بجمع الثمار التي تسقط بعد أن تذبل، يتم فرشها على التراب تحت أشعة الشمس لتصبح جاهزة للاستهلاك
وكان التين مصدر رزق رئيسي لمعظم الأهالي، والكثير منهم يستخدمونه لأغراض مختلفة، كالمربّى، والقطين، الذي أصبح إنتاجه محصورا بين قلة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، ومن بينهم عبدالرحيم حامد، الذي ما زال يحفظ هذا الموروث منذ ثلاثة عقود.
أشجار التين الكثيفة التي كانت تشتهر بها سلواد اختفت تدريجيا، بعد أن أصبحت الأراضي تعج بالمنازل الفارهة، والعمارات السكنية، وشق الطرق، الأمر الذي أدى إلى تقليص مساحة الأراضي الزراعية.
يقول حامد “كنت في السادسة من عمري عندما بدأت بالخروج إلى الحقول الزراعية من أجل جمع ثمار التين التي تسقط من الشجر بعد أن تذبل، حيث كنت أذهب بها إلى أمي التي كانت تفرشها على التراب لمدة 4 أيام حتى تجف تماما، وتصبح قطّينا”.
ترك حامد جني ثمار التين في سنوات المراهقة، واتجه نحو العمل في ورش البناء، حتى تعرض إلى حادث عمل أقعدته نحو شهرين في الفراش.
بعد ذلك قرر عدم التوجه مجددا إلى ورش البناء، وألّا يعمل عند أحد، وعزم على العودة إلى الأرض التي عاش على خيرها.
ويعمل حامد مزارعا موسميا، بحسب قوله، حيث يبيع ثمار التين والزيتون والسمسم والخضروات البعلية، “التي لا تحتاج لمياه الري”.
كرس حامد، وهو أب لستة أبناء، حياته للأرض، حيث يعمل فيها على مدار العام.
وفي هذا الوقت من العام يسترزق من بيع التين المجفف “القطين”، حيث ينتج في الموسم الواحد أكثر من 50 رطلا، يبيع الرطل الواحد ما بين 50 إلى 80 شيقلا .
ويسوِّق حامد القطّين في الأسواق المحلية، لكنه يقول، إن “منتجه هدية قيِّمة للمغتربين”.
وتابع “هناك مغتربون فلسطينيون في الولايات المتحدة ودول أخرى يطلبون المنتج، كونه منتجا يدويا وبلديا”.
وتعلم حامد منذ أن كان في سن السادسة من عمره، مهنة صناعة القُطين، وقال “إنها مهنة قديمة، كان غالبية أهالي البلدة يعملون بها، لم يتبقَ أحد اليوم سوى أنا وأخي”.
شقيقه تيسير، أشار إلى أن عملهما في صناعة “القُطين” تقليد سنوي في فصل الصيف.
ويقارن عمله اليوم بالسنوات السابقة قائلا “كانت عائلات كاملة تعتاش من شجرة التين وصناعة القُطين، حيث يتم مبادلة القطين بالقمح والشعير والخضروات مع بلدات أخرى في الضفة الغربية”.
ويضيف “اليوم لا أحد يهتم، الناس يعملون في الوظائف والتجارة”. وقال “سابقًا، وفي فصل الصيف، كانت تخرج نحو 30 حافلة محملة بالتين لقطاع غزة”، في إشارة إلى كمية الإنتاج الوفيرة.
وتمر مرحلة تجفيف التين بعدة مراحل، تبدأ بجمع الثمار التي تسقط من الشجر بعد أن تذبل، ثم يتم فرشها على التراب لمدة تصل إلى أربعة أيام تحت أشعة الشمس، حيث يتغير لونها إلى البني الغامق، وتصبح جاهزة للبيع.
وحسب حامد، فإن التين المجفف “القطّين” له أنواع مختلفة، ومنها: السباعي، والبياضي، والغزيلي، والحمري، والشناري.
ولفت إلى أن منتجهم يواجه منافسة القُطين المستورد للأسواق الفلسطينية، متابعا،”لكن ما يميز المنتج المحلي جودته، وقدرته على البقاء سليمًا لنحو سبع سنوات بعد تجفيفه”.
ويميِّز المتسوق الفلسطيني المنتج المحلي من المستورد، من طريقة بيعه، حيث يباع المحلي على شكل “قلائد” (الثمار مشكوكة بخيوط معا).
ويخشى أن تفرغ أراضي سلواد من شجر التين خلال السنوات المقبلة، لذلك أخذ على عاتقه أن ينقل حب الأرض وعشقها إلى أبنائه وأبناء بلدته، وهذا ما حصل، حيث بدا مشهد غرس أشجار التين يعود تدريجيا للبلدة التي كانت مشهورة بتينها.

1