أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
145 46 47 48 49 50 511135
فرقة توقظ الناس للسحور في غزة بالأناشيد الدينية!!
28.03.2023

غزة - كانت الرغبة في إضفاء البهجة على قطاع غزة خلال شهر رمضان هي ما دفع محمد مصران، طالب التمريض البالغ من العمر 20 عاما، إلى أداء الترانيم والأناشيد الدينية في كل ليلة من أجل إيقاظ الناس لتناول السحور قبل بدء الصيام. وتتكون فرقة المسحراتية في رمضان من خمسة أعضاء، وتقوم بدور المسحراتي التقليدي نفسه الذي يستخدم الطبلة لإيقاظ الناس. وهذا العام هو الثاني على التوالي الذي تتنقل فيه الفرقة في أنحاء قطاع غزة قبل السحور.يقول مصران “نحن نخرج من أجل إيقاظ الناس لتناول السحور في ظل الحصار والفقر والأجواء الكئيبة… نخفف عنهم قليلا ونفرحهم ونحسسهم بأجواء رمضان بالأناشيد والابتهالات الدينية”.من جهته يقول أحمد دحلان البالغ من العمر 23 عاما إن “المجموعة تضيف لمسة إلى المسحراتي التقليدي الذي يقرع الطبلة، من خلال ترديد الأناشيد الدينية أيضا”.
ويضيف “نحن بدأنا بأسلوب غير تقليدي؛ يعني عوض أن ندق ونقول ‘اصحى يا نايم وحد الدايم’ أصبحنا نردد أناشيد دينية وابتهالات، وتركنا بصمتنا في كل مكان زرناه، وأحبنا الناس وصاروا يطلبوننا، والحمد لله يكفي أن ننشد لرسول الله”.وجلست تهاني شبير، وهي من سكان خان يونس، في حارة قرب منزلها لتناول وجبة أخيرة قبل يوم طويل من الصيام. وقالت إن رمضان مختلف هذا العام في مدينتها، مشيرة إلى الأنوار التي تزين الشوارع وتجمع الناس من الحي.
وأضافت “شعرت بأن رمضان هذا العام مختلف عن سابقيه؛ الناس قاموا بالتحضيرات قبل أيام واستعدوا بالإنارات والتجهيزات والإضاءة وتهيأوا لشهر رمضان جيدا، وهم يتجمعون في الشوارع والحارات تجمعات تضفي بهجة على أجواء رمضان”.
وفي شهر الصيام يتجول العديد من الطبالين التقليديين، الذين يُعرفون باسم المسحراتية، في شوارع رفح جنوب قطاع غزة من أجل إيقاظ المسلمين لتناول وجبة السحور التقليدية قبل طلوع الفجر.
ويقوم عبدالخالق عطوان، الذي يعمل مسحراتيّا منذ سنوات، بتحضير نفسه قبل التوجه إلى إيقاظ المسلمين للتسحر؛ حيث يتجول في الشوارع ويقرع الطبل وينادي على السكان بأعلى صوته من أمام أبواب منازلهم إيذانا بموعد السحور.
وقال عطوان “أنا مسحراتي منذ 11 عاما وأجد قبولا من الناس فهم ينتظرونني من أجل إيقاظهم لتناول وجبة السحور، ويرون أنني أخلق جوًا من الراحة والعطف داخل المخيمات”، مضيفا “المنبهات نظام روتيني وطبيعي، لكن الأطفال والناس ينتظرون قدوم المسحراتي. وعندما نأتي يستيقظ الأطفال، وتستقبلنا الأمهات وكبار السن ويقدمون لنا العصائر والحلويات”.
وعادة ما يبث المسحراتي الشعور بالفرح في نفوس أفراد العائلات، وهو ما يعبر عنه عبدالخالق عطوان بقوله “نخلق الفرح في شهر رمضان للأطفال والأمهات وكبار السن. كبار السن في بعض الأحيان لا يستطيعون سماع الأذان أو صوت المنبه، لذلك نأتي إليهم كمنبه. نأتي بشكل روتيني كل يوم ونقوم بذلك بحماس، وأنتظر اليوم التالي للقيام بذلك. نحن نقوم بذلك دون الحصول على عوائد أو أموال”.
وقال زياد شيخ علي، من سكان رفح، “إن رمضان دون مسحراتي ليس له أي طعم”، مؤكدا أنه “إذا لم نسمع صوت المسحراتي في رمضان فهذا يعني أن شيئا ما ناقص، فالفرح بسماع صوت المسحراتي من طقوس رمضان”. وأضاف “إنهم يعملون على تطوير أنفسهم من خلال الأغاني والظهور الجديد. فقد رأيت أن المسحراتي كان يحمل فانوسا مضيئا على ظهره وطبلا كبيرا وصوتا مميزا وعدة أشياء تحمسك لعيش أجواء رمضان”.
ويضفي المسحراتي على شهر رمضان مسحة خاصة في أزقة المدن التاريخية، ولكنه في مدينة القدس المحتلة محفوف بالمخاطر بسبب إجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي. ورغم إجراءات الشرطة الإسرائيلية ضد المسحراتية، فإنهم يحرصون على الاستمرار في عملهم إحياءً للتراث الفلسطيني القديم.
وقال محمد حواش “نستيقظ دائما في الساعة الثانية فجرا، ونتجمع معًا، وإذا لم يستيقظ أحدنا نتواصل معه هاتفيا أو نذهب إلى بيته، فجميعنا جيران وإخوة، ونحن مسحراتية باسم حارة السعدية”. وأضاف “نحن فرقة مكونة من أربعة شبان، نقوم بهذا الجهد كمتطوعين، فنحن لا نأخذ دعما من أحد”.وتابع حواش “نحن نشتري الزي والطبل قبل شهر من حلول رمضان، فنتحدث عن لون الزي الذي سنشتريه ونوع الطبل الذي سنستخدمه، ويدفع كل شخص من جيبه الخاص ثمن زيه ومساهمته في شراء الطبل، وتعتبر ظاهرة المسحراتي جزءا من التراث الفلسطيني الذي يعود إلى مئات السنين”.وقال الباحث المتخصص بشؤون القدس عزام أبوالسعود إن “المسحراتي بالقدس بدأ في العصر المملوكي بغرض تنبيه الناس وإعطائهم فرصة كافية لتناول السحور”.
وأضاف أبوالسعود وهو جامع للتاريخ الشفوي بالقدس أن كل حارة في المدينة المقدسة كانت تختار شابا أو رجلا ذا صوت جميل ليقوم بتسحير الناس خلال رمضان، ومع نهاية الشهر يقوم الناس بإكرام المسحراتي بالمال وأحيانا بالأرز والطحين والسكر، وتُبدي الفرقة الفلسطينية اهتماما بالغا بالإبقاء على ظاهرة المسحراتي في القدس باعتباره جزءا من التراث.

1