أحدث الأخبار
الاثنين 07 نيسان/أبريل 2025
1 2 3 41145
مسجد روما الكبير تحفة يزيّنها التراث المغربي!!
07.04.2025

مسجد روما الكبير ليس مجرد مكان للعبادة، بل هو نقطة التقاء ثقافية ودينية، تجسدت فيها الحرف اليدوية المغربية الفاخرة على مر العصور، في قلب مدينة كانت وستظل مركزًا للفن والعمارة والحضارات.
روما - يعد مسجد روما الكبير واحداً من أبرز المعالم الدينية والثقافية في العاصمة الإيطالية، حيث يعكس جوهر التعايش والتبادل الثقافي بين الشرق والغرب. ففي داخل هذا الصرح المعماري، يهيمن الفن الزخرفي المغربي التقليدي، مثل الزليج، الجبس، النحاس والخشب المنقوش، ليضفي على المكان طابعًا فنيًا فريدًا. إذ ينقل الزائر في رحلة حسية إلى قلب التراث المغربي الأصيل، وكأنه يقف في أحد المساجد أو المدارس العتيقة في مدينة فاس، التي تعد العاصمة الروحية للمملكة المغربية.
يشكل مسجد روما الكبير أكبر مسجد في أوروبا، وهو يبرز في قلب “المدينة الخالدة” روما، التي كانت عبر العصور مصدر إلهام للفنون وقلعة للعمارة ومهداً للحضارات. وفي هذا السياق، يقول عبدالله رضوان، الكاتب العام للمركز الثقافي الإسلامي في إيطاليا، والمشرف على إدارة المسجد، إن اختيار المغرب لتزيين المسجد لم يكن اعتباطيًا. فهذه المعلمة المعمارية تجمع بين التقاليد الإسلامية والجمالية الإيطالية في تناغم رائع.
ويوضح رضوان قائلا “تولى المهندسون الإيطاليون تصميم المسجد المعماري، بينما أوكل تنفيذ الزخارف الفنية، من الزليج والنقوش الجبسية والمشربيات والثريات النحاسية، إلى الصناع التقليديين المغاربة الذين يمتلكون مهارات حرفية ودراية فنية أصيلة لا تضاهى”.
ويضيف، أن كل ركن من أركان المسجد يحمل بصمة مغربية أصيلة، بدءًا من القاعة الكبرى للصلاة وحتى المكتبة وقاعة الاجتماعات. من بين الفضاءات المفضلة لدى رضوان، يذكر النافورة التي تذكره بنافورة النجارين الشهيرة في المدينة العتيقة لفاس.
ويستحضر لحظات افتتاح المسجد قائلاً “لا زلت أستحضر تلك اللحظات، حيث فرشت الزرابي الرباطية لاستقبال الضيوف، وقدمت الحلويات التقليدية، والشاي بالنعناع، وأطيب الأطباق المغربية الأصيلة”. ويعتبر أن المسجد الكبير في روما يمثل رمزًا للتعايش والتناغم، وفضاءً لا غنى عنه للجالية المسلمة في إيطاليا، حيث تؤدى فيه الصلاة وتُقام فيه الاحتفالات الدينية والمناسبات الكبرى.
تم افتتاح مسجد روما الكبير في عام 1995، ومنذ ذلك الحين أصبح مركزًا ثقافيًا ودينيًا حيويًا، يشكل مرجعية للمسلمين في إيطاليا. كما يضم المسجد مقر المركز الثقافي الإسلامي في إيطاليا، الذي يحتوي على مكتبة، ومدرسة لتعليم اللغة العربية، ومركزًا للمؤتمرات، بالإضافة إلى القاعة الكبرى للصلاة التي تتسع لأكثر من 12 ألف مصلٍ. ويوفر المسجد أيضًا مجموعة من الخدمات الثقافية والاجتماعية للمسلمين، مثل عقد القران، تنظيم حفلات الزفاف، إقامة الجنازات، ودروس تفسير القرآن والسنة النبوية. كما يُستضاف فيه العديد من المؤتمرات الدينية.
ولا يقتصر دور مسجد روما الكبير على الوعظ الديني فحسب، بل يمتد ليشمل تقديم خدمات طبية مجانية على يد أطباء متطوعين، في خطوة تعكس اهتمامه بالجانب الاجتماعي للجالية المسلمة. مسجد روما الكبير هو تحفة فنية من تصميم المهندس الإيطالي باولو بورتوجيزي، ويعتبر تجسيدًا فنيًا للتراث المعماري الذي يجمع بين التقاليد الفنية لروما والجماليات الروحية للإسلام، وهو مستوحى من العمارة المغربية.
واستغرق بناء المسجد أكثر من 20 عامًا، وقد صممه أربعة مهندسين معماريين، أبرزهم بورتوجيزي، والمهندس التقني فيتوريو جيجليوتي، والمهندس المعماري العراقي سامي الموسوي. وأحد أبرز معالم المسجد هو مئذنته التي يتجاوز ارتفاعها 40 مترًا، وتعلوها أهلة فضية. ويتكون المبنى من حجر الترافرتين والطوب الوردي الفاتح، وتمتد المساحة على حوالي 30 ألف متر مربع، مغطاة بأشكال هندسية من الفسيفساء التي تزين الأعمدة وجدران قاعة الصلاة والمنبر.
والمسجد مقسم إلى ثلاثة أجزاء رئيسية: قاعة الصلاة مستطيلة الشكل التي تحتوي على 16 قبة، والمئذنة المبنية على الطراز الأندلسي، وهي واحدة من السمات المميزة للمسجد.
ويحتوي الطابق الثاني على معهد للدراسات الإسلامية، بالإضافة إلى مجموعة من المكاتب الإدارية، في حين يُخصص الطابق الثالث للمناسبات. وتعلو المبنى قبة رمادية كبيرة مغطاة بألواح من الرصاص، بينما يغطى السطح بالحجر الجيري والطوب. وتتميز قاعة الصلاة الكبيرة بفسيفساء مغربية وزخارف كتب عليها آيات قرآنية باللغة العربية، بينما يتم استخدام النوافذ الملونة لإضفاء جو تأملي وروحاني على أركان المسجد.
ما يميز التصميم الداخلي للمسجد هو فن التوريق أو الزخرفة النباتية التي تزين القاعة الرئيسية، على الطراز المغربي التقليدي. وتغطي أشكال الفسيفساء الجميلة الأجزاء السفلية من الأعمدة وجدران قاعة الصلاة والمنبر، لتضفي على المسجد طابعًا فنيًا لا ينسى.

1