يمسك الحاج سليم عبد القادر بإحدى السمكات المملحة (الفسيخ) المعروضة على بسطة (طاولة) وسط سوق الزاوية في مدينة غزة، ويقلبها قبل أن يطلب من البائع وزنها وتجهيزها لتكون الوجبة الرئيسية على مائدة إفطار عائلته في أول أيام عيد الأضحى المبارك، فهذا العيد لن يتمكن من ذبح الأضحية بسبب ظروفه الاقتصادية الصعبة.وكما الحاج عبد القادر، توافد العشرات من الفلسطينيين الذين لن يستطيعوا ذبح الأضاحي في عيد الأضحى على باعة ‘السمك المملح’ في أسواق غزة ليكون وجبة افطارهم لذلك اليوم بدلاً من اللحم الذي يمثل الوجبة الرئيسية لمعظم الغزيين.ويقول الفلسطيني الكهل لمراسل ‘الأناضول’: إن ‘عائلتي اعتادت على تناول اللحم والكبدة والطحال في إفطار أول أيام عيد الأضحى المبارك عندما كنا نضحي في الأعوام السابقة ولكن هذا العام ظروفي الاقتصادية صعبة ولن أستطيع ذبح الأضحية لذلك سأضطر لشراء السمك المملح ليكون طعام فطورنا ليوم العيد’.ويضيف: ‘كما أن نسبة الأملاح العالية الموجودة في الفسيخ ستعوض الأملاح والطاقة التي فقدناها خلال صيام الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة، ولكن هذه الوجبة لن تشعرنا بأجواء العيد الحقيقية كما كانت في الأعوام الماضية’. ويعد طبق السمك المملح (الفسيخ) من أهم الأكلات الشعبية التي تزين موائد الغزّيين في الأعياد كعادة توارثوها منذ القدم، ويرافقه دومًا طبق البندورة المقطعة صغيرًا والمقلية والمضاف إليها الفلفل والبصل.‘والفسيخ’ عبارة عن سمك مملح يتم تخزينه بعيداً عن الهواء الطلق لمدة شهر أو يزيد حسب نوعه، ويعد سمك ‘البوري’ و’الجرع′ الأكثر استخدامًا في صنعه، وتعود أصول تلك الوجبة إلى عهد الأسرة الخامسة من الفراعنة المصريين، والتي ما زالت تؤكل لدى المصريين إلى الآن أثناء احتفالهم بيوم ‘شم النسيم’ (عيد الربيع المصري).وتختلف طريقة اعداد ‘الفسيخ’ بين الفلسطينيين في غزة والمصريين، وتقول الفلسطينية أم سعيد التي عاشت في مصر سبعة أعوام قبل أن تستقر في غزة قبل عامين: إن ‘معظم المصريين لا يقومون بقلي الفسيخ وإنما يكتفون بوضع الملح والشطة عليه وتخزينه لفترة طويلة تزيد عن ثلاثة أشهر ويتم تقشيره وتنظيفه بعد انتهاء فترة التخزين وأكله مباشرة’.أما الفلسطينيون في غزة فبعد انتهاء فترة تخزينه يتم غسل ‘الفسيخ’ من الملح ووضعه في وعاء من الماء ليلة كاملة وحشيه بعد ذلك بالبصل المفروم والثوم والفلفل ثم غمسه في طبق الطحين ليتم بعدها قليه بالزيت، وفق الفلسطينية أم سعيد .وفي وسط سوق ‘الزاوية’ التاريخي شرق مدينة غزة تفوح رائحة ‘الفسيخ’ المميزة حيث يتمركز باعته قبيل يوم عيد الأضحى بأسبوع. الفلسطيني سليمان الدبش (57 عاما)، من أشهر باعة ‘الفسيخ’ في سوق الزاوية، ويتوافد على محله العشرات من الفلسطينيين يومياً قبيل عيد الأضحى حيث يجهز قبيل هذه المناسبة أكثر من 500 كيلو جرام من السمك للبيع.ويقول الدبش لمراسل ‘الأناضول’: ‘في موسم عيد الأضحى يكون الاقبال على شراء الفسيخ بنسبة 30′ على ما هو عليه في موسم عيد الفطر حيث تغني لحوم الأضاحي الناس عن شراء السمك المملح’.ويوضح الدبش أن سعر كيلو الفسيخ في موسم عيد الأضحى يتراوح ما بين 15 إلى20 شيقل إسرائيلي (4 إلى 6 دولار أمريكي) وهو سعر منخفض ومناسب للفقراء الذين لا يستطيعون ذبح الأضاحي الأغلى سعرا بفارق كبير.وحول طريقة صنع الفسيخ وفق الطريقة الفلسطينية يقول: إن ‘صنع الفسيخ يتم من خلال تمليحه بالملح الخشن ووضع بهار الكركم الذي يمنحه لوناً أصفر، ثم يخزن ثلاثة أشهر أو أقل حسب نوع وحجم السمك’.ورغم الاقبال الجيد نسبياً على شراء ‘الفسيخ’، إلا أن البائع الدبش يؤكد أن نسبة البيع انخفضت إلى 50′ عما كان عليه الحال قبل 6 أعوام حيث كان يبيع أكثر من 1000 كيلو جرام خلال موسم عيد الأضحى.وتفرض إسرائيل حصارًا على قطاع غزة منذ سبعة أعوام، إثر فوز حركة المقاومة الإسلامية ‘حماس′ في الانتخابات البرلمانية عام 2006!!
غزه..فلسطين:الفسيخ…بديل الاضحية على موائد فقراء غزة!!
15.10.2013