بيت لحم- تناول معهد الأبحاث التطبيقية “أريج” في تقرير مفصل بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، الذي يصادف الخامس من حزيران من كل عام، ممارسات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، مشيراً إلى أنه “بالرغم من أن فلسطین تمتاز بتنوع المشھد الطبیعی، وتعد مصدراً فریداً بمكنوزھا الحیوي، فإنھا تواجه أزمة فعلیة في الحفاظ على النظام البیئي واستدامته نتیجة ممارسات الاحتلال وغیاب السیادة الفلسطینیة الكاملة”.
وذكر التقرير أنه منذ عام 2000 صادرت سلطات الاحتلال ما یقارب 206 آلاف دونم من أراضي الضفة الغربیة، وذلك لبناء مستوطنات جدیدة، وتوسیع تلك القائمة، إضافة إلى إقامة قواعد عسكریة وشق طرق التفافیة وبناء جدار العزل العنصري، مشيراً إلى أنه “نتيجةً لذلك، نجد أن القواعد العسكریة والمناطق العسكریة المغلقة والمستوطنات تشغل ما یقارب 22٪ من مساحة الضفة الغربیة المحتلة البالغة 5661 كم2، فيما تحتل القرى والمدن الفلسطینیة ما لا یزید على 6.6٪، وكذلك الحال في قطاع غزة، فإسرائیل تسیطر سیطرة كاملة على جمیع معابر القطاع”.
وأشار التقرير إلى أن المستوطنات الإسرائیلیة تحتل ما نسبته 5.3٪ من مساحة الضفة الغربیة، فيما تزایدت مساحة المستوطنات منذ اتفاقیات أوسلو من77 كيلومتراً مربعاً في العام 1992 إلى 201 كيلومتراً مربعاً في العام 2020، والیوم ھناك 199 مستوطنة إسرائیلیة في الضفة الغربیة المحتلة یقطنھا ما یزید عن 826 ألف مستوطن إسرائیلي، إضافة إلى 220 بؤرة استعماریة تمت إقامتھا خلال سنوات الاحتلال الإسرائیلي.
وبحسب التقرير، یبلغ طول الطرق الالتفافیة التي شقت في أراض فلسطینیة مصادرة لربط المستوطنات الإسرائیلیة ببعضھا وبإسرائیل، إضافة إلى تلك قید الإنشاء، ما یقارب 938 كم، إضافة إلى شبكة جدیدة من الطرق الالتفافیة تخطط إسرائیل لاقامتھا في الضفة الغربیة المحتلة، والتي من شأنھا أن تزید من الفصل الجغرافي بین التجمعات الفلسطینیة، إلى جانب تخصیص ھذه الطرق للاستخدام الإسرائیلي المطلق. فھذه الطرق التي ھي بمثابة حلقة وصل بین المستوطنات، عملت على تجزئة الأراضي الفلسطینیة، وفصل التجمعات السكانیة الفلسطینیة المقامة داخل رقعة جغرافیة واحدة، كونھا تخضع للسیطرة الإسرائیلیة، كما أن وجود ھذه الشبكة إلى جانب شبكة الطرق الفلسطینیة ساھم بخنق البنیة التحتیة الفلسطینیة.
واكد اريج في تقريره أن سلطات الاحتلال الإسرائیلي عملت على تطبیق سیاسة الفصل أحادي الجانب بین إسرائیل والضفة الغربیة، حیث بدأت في عام 2002 ببناء جدار العزل الذي یخترق الضفة الغربیة بعمق یصل إلى 23 كم من الخط الأخضر، ویمتد جدار العزل بطول 771كم لیعزل الضفة الغربیة من جھاتھا الشمالیة والغربیة والجنوبیة، وھو یضم 107 مستوطنات إسرائیلیة ویلحقھا بإسرائیل، إضافة إلى عزله 97 تجمعاً سكنیاً فلسطینیاً عن باقي التجمعات السكنیة، مشيراً إلى أن ھناك أجزاء من ھذا الجدار تلتف حول تجمعات سكنیة فلسطینیة، محولة إیاھا إلى معازل كما ھو حال مدینة قلقیلیة التي عزلت تماماً عن قراھا المجاورة، وبالتالي يلتهم جدار العزل 565 ألف دونم، أي ما یقارب 10٪ من مساحة الضفة الغربیة، ما زاد من وتیرة غیاب التكامل الجغرافي بین التجمعات الفلسطینیة داخل الضفة الغربیة، وما یحد من إمكانیة التخطیط التنموي الشامل فیھا.
وقال التقرير: كما أن ھذا الجدار یشكل عائقاً أمام الحفاظ على الأنظمة البیئیة والمعالم الطبیعیة والترابط بین المناطق المحمیة، وله آثار سلبیة على تنقل الحیوانات البریة نتیجة لتجزئة الأنظمة البیئیة بین إسرائیل والضفة الغربیة من جھة، وغیاب التواصل بین الممرات البیئیة الطبیعیة من جھة أخرى.
واشار إلى أنه وفي الآونة الأخیرة تمادت إسرائیل في الاستیلاء على الأراضي الفلسطینیة، من خلال إصدار العدید من الأوامر العسكریة الإسرائیلیة التي بموجبھا تم الإعلان عن عشرات الآلاف من الدونمات من أراضي الضفة الغربیة كمحمیات طبیعیة في عام 2020، ولكن تعمد إسرائیل إلى إصدار مثل ھذه القوانین العنصریة لتسھیل عملیة مصادرة الاراضي الفلسطینیة في الضفة الغربیة المحتلة، كالأمر العسكري الاسرائیلي رقم 363 للعام 1969، الذي یخول ما تسمى “الإدارة المدنیة الإسرائیلیة” بالإعلان عن أیّ منطقة في الضفة الغربیة المحتلة “محمیة طبیعیة” أو “مناطق طبیعیة” بموجب أوامر تصدرھا. وعادة یتم فرض قیود صارمة على البناء واستخدام الأراضي على ھذه المناطق للمطالبة بحمایة البیئة، حیث یتم استخدام ھذه الأراضي لبناء المستوطنات علیھا لاحقًا.
ونوه الى إن الأراضي الفلسطینیة التي تنجو من المصادرة تذھب ضحیة التجریف من قبل قوات الاحتلال دون مراعاة كونھا أراضي زراعیة تقدم لأصحابھا دخلاً یمكنھم من إعالة أسرھم، ولقد اشتدت ھذه الظاھرة مع انطلاق الانتفاضة الثانیة، وتطبیق خطة الفصل والتجزئة. ففي الضفة الغربیة، بلغ عدد الأشجار التي تم اقتلاعھا منذ العام 2000 وحتى نھایة العام 2020 ما یزید على 557 ألف شجرة، وھو یمثل خمسة أضعاف عدد الأشجار التي اقتلعت خلال الأعوام السبعة التي سبقت الانتفاضة (1993 – 2000) والذي بلغ 81279 شجرة.
*المياه لتحقيق الأطماع
وتطرق التقرير إلى الوضع الميداني، حيث أشار إلى أن الإسرائیلیين أ”دركوا دوماً أھمیة توافر المیاه لتحقیق أطماعھم الرامیة لإنشاء دولتھم في فلسطین، وھكذا شرعت دولة إسرائیل منذ تأسیسھا في العمل على خطوات عملیة كفیلة بضمان تحكمھا بمصادر المیاه في المنطقة. فمازالت تستأثر بمعظم میاه نھر الأردن، كونھا صاحبة النفوذ في المنطقة، وتنتھك بذلك الحقوق المائیة للدول المشاطئة لنھر الأردن، خاصة الحقوق الفلسطینیة، كما أن إسرائیل تقوم باستنزاف ما یقارب 82٪ من كمیة المیاه المتجددة سنویاً في الأحواض الجوفیة في الضفة الغربیة، وذلك لسد ربع احتیاجاتھا المائية، فيما تشكل كمیة المیاه التي یستھلكھا الفلسطینیون نحو 17٪ من ھذه الكمیة المتجددة.
وأضاف التقرير: إن الھیمنة الإسرائیلیة على مصادر المیاه الفلسطینیة لا تقف عند ھذا الحد، فھي تتضح أیضاً من خلال الإخلال بالاتفاقات الموقعة بین الجانبين الفلسطیني والإسرائیلي.
*كميات المياه تعكس التباين
ویتجسد التباین الكبیر في توفر مصادر المیاه بین الأراضي الفلسطینیة المحتلة وإسرائیل من خلال الكمیة المیاه التي یستھلكھاالفرد الإسرائیلي، التي تقدر بنحو أربعة أضعاف الكمیة التي یحصل علیھا المواطن الفلسطیني، فنصیب الفرد الفلسطیني من المیاه لا یتعدى 80 لتراً الذي یعد متدنیاً مقارنة بالحد الأدنى الموصى به عالمیاً (150 لتراً للفرد في الیوم)، فیما بلغ معدل نصیب نظیره الإسرائیلي 300 لتر في الیوم.
ومن ناحیة أخرى، وبينما یملك الإسرائیلیون بنیة تحتیة جیدة، یعاني الفلسطینیین من أجل الحصول على مستوى أدنى من البنیة التحتیة والخدمات الأساسیة، فما زالت ھناك تجمعات فلسطینیة، خصوصاً في المنطقة التي تسمى (ج) تفتقر إلى شبكات المیاه العامة، حیث یعتمد سكان ھذه التجمعات على الوسائل التقلیدیة للحصول على المیاه، مثل شراء المیاه بالصھاریج أو جمع میاه الأمطار أو استخدام الینابیع المجاورة.
*اعتداءات المستوطنين على الينابيع وسياسة الدمار
وأشار التقرير إلى اعتداءات المستوطنین المتكررة على أكثر من 50 نبعاً من ینابیع المیاه الفلسطینیة في الضفة الغربیة، ما يشكل خرقاً واضحاً للقانون الدولي وانتھاكاً للحقوق المائیة الفلسطینیة، إذ أصبح الفلسطینیون غیر قادرین على الوصول إلى غالبیة ھذه الینابیع التي استولى علیھا المستوطنون.
أما سیاسة الدمار التي تتبعھا دولة الاحتلال تجاه البنیة التحتیة للفلسطینیین، فتتجلى بشكل واضح في العدوان المتكرر الذي تشنه على قطاع غزة، خصوصاً العدوان الأخیر الذي تسبب بأضرار جسیمة لحقت بقطاع المیاه والصرف الصحي.
أريج: تدمير إسرائيلي ممنهج للبيئة الفلسطينية ووضع كارثي يزداد سوءاً!!
06.06.2021