أحدث الأخبار
الثلاثاء 10 كانون أول/ديسمبر 2024
1 2 3 47763
مجزرة مدرسة «رفيدة»: غزاويات يبكين شقيقهن… وأم تجد ابنها في غرفة العمليات!!
10.10.2024

غزة ـ كتب حنين حمدونة ومحمد عيسى: استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح الخميس، مدرسة “رفيدة” وسط مدينة دير البلح جنوبي غزة، بصاروخ من طائرة طراز أف 16 أثناء تجمع نازحين للحصول على طعام التكية الذي يقدم لهم كمعونات، الأمر الذي أدى الى استشهاد 28 بينهم نساء وأطفال.وعلى باب ثلاجة الموتى في مستشفى شهداء الأقصى كان جثمان شهيد ممدا على الأرض وأمه بجانبه تصرخ. وتقول للمتجمعين: “لا تبكوا ابني بخير”.وعلى الناحية الأخرى، اصطفت عشر فتيات يصرخن ويبكين، كانت أصواتهن تتعارض مع بعضهن البعض. إحداهن قالت: “ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به”، وأخرى تقول “أبوي صلى صلاة الشكر، يا رب أخوي الوحيد، أبوي تعب لما جابه وتعب لما رباه، لا حول ولا قوة إلا بالله”. أما الأب الذي صلى صلاة شكر واحتساب لاستشهاد نجله الوحيد جاء صامتاً احتبس الدمع في عينيه، وحاول تهدئة روع بناته، ونظر إلى زوجته وابنه بحزن وحسرة.وقال عبد السلام مصباح قاسم والد الشهيد لـ ” القدس العربي”: “ما حدث فظاعة كبيرة، فقد كان فريق المدرسة يحضر لتقديم طعام التكية للنازحين، وتم استهداف غرفة الإدارة بصاروخ مباغت. سقط الصاروخ مخترقاً الطابق الثاني والطابق الأول، وأنا فقدت ابني الوحيد الذي أنجبته على عشر بنات، وهو أب لأربعة أطفال وعمره لا يتجاوز 27 سنة، هو شاب وأطفاله صغار حرم من الحياة وأبناؤه حرموا من والدهم بسبب جريمة الاحتلال فقد استهدفوا مركز إيواء نازحين من دون تحذير، ولا نقول الا ما يرضي الله إنا لله وإنا إليه لراجعون وحسبي الله ونعم الوكيل”.وفي ناحية أخرى سيدة تجلس على الأرض تبكي على زوجها برفقة ابنها الكبير، وتلح على توديعه، وتارة أخرى تقول “لا أحد يخبر أبنائي لا تقولوا لهم بأن أباهم قد مات وتركني وأنا لا أعلم كيف سأربيهم”، ومن ثم تصرخ وتقول “دغري موتوه ما يمكن فيه الروح، يمكن عايش بس انتوا مش عارفين”، ومن ثم تصرخ من جديد “دعوني أودعه أريد أن أراه هذه أخر مرة سأشاهده لآخر مره أريد أن أراه وجسده ما يزال ساخناً”، وبينما آخرون يمنعونها من الذهاب إليه فإن أحد أقربائه يصر على أن تحافظ على الصورة المرسومة له في ذاكرتها، ويخبرها بذلك مباشرة ويقول لها “يا أختي اصبري واحتسبي لم يتبق من زوجك سوى رأسه حافظي على ما تذكرينه منه ولا تودعيه”.
في ساحة المستشفى تجمع عشرات الأشخاص يدورون من ثلاجة الموتى إلى قسم الطوارئ يبحثون عن أحبائهم، فكانت هماك أم تبحث عن ابنها وابنتها وهي تبكي، وتصرخ هل شاهدتم ابني، تخبر جميع من تراهم أمامها أن يبحثوا لها عن أبنائها، وتقول “هل تعلمون إن كان ابني بخير أنا لا أعلم أين هو ولا أين ابنتي؟”.وبعد انقضاء نحو ساعة من الوقت وتوقف الإسعافات عن جلب الجثامين والجرحى، تفقدت السيدة جميع الأكفان التي وصلت الى المستشفى، وجاء أحد الرجال وقال لها “علاء عايش بس في العمليات اطمئني”، وما كان من الأم إلا أن تضع يدها على رأس الرجل وتستحلفه بدينه وبما يعبد إن كان صادقاً وأن ابنها بخير، ليرد عليها “أصيب بشظية توقفت بجانب القلب وهو الآن في العمليات وسيكون بخير”، في تلك اللحظة لم تذهب الأم إلى باب غرفة العمليات لتنتظر إخراج ابنها، إنما خرجت مسرعة باتجاه البوابة وقالت سأذهب لأجد ابنتي، يقولون بأنه من الممكن أن تكون نقلت إلى المستشفى الأمريكي، سأذهب إلى هناك وأبحث عنها.
ومثلها كانت السيدة زينب الأسمر والدة المصابة سحر الأسمر (14 عام)، الطفلة خرجت من مقر إقامتها في خيام النازحين في مخيم النخيل باتجاه مركز إيواء مدرسة رفيدة لانتظار الحصول على طعام التكية لتجلبها لأسرتها التي تعتمد عليه كمصدر أساسي في غذائها اليومي، وتقول الأم “أمضيت ساعتين وأنا أبحث عن ابنتي ولم أجدها، فأنا من اللحظة الأولى عندما سمعت صوت الانفجار خرجت مسرعة باتجاه المدرسة ولكنني لم أجد ابنتي بين الشهداء ولا بين الجرحى، غالبا تم جلب ابنتي إلى المستشفى في أول سيارة اسعاف وصلت للمكان”.وأضافت: “استمررت بالبحث لساعتين وأنا مرعوبة وأسال أي شخص جاء من المستشفى وفي نهاية الأمر أخبروني بأن إصابة ابنتي في دماغها وهي الآن توجد في العناية المركزة ولا أستطيع الاطمئنان عليها”.أما محمد زكريا الزميلي الذي أصيب بحروق في جسده وأصيب في رأسه، فكان يقف في طرقات قسم الطوارئ في مستشفى شهداء الأقصى ويحمل في يده محلولا ألصق بيده، وأرغم على تلقي علاجه واقفاً بسبب الاكتظاظ الشديد في القسم نتيجة وصول كم هائل من الإصابات في آن واحد، وقال “كنت متعاونا مع جمعية لإعداد طعام للنازحين، وأثناء وجودنا في المدرسة لإعداد الطعام توجهت إلى غرفت الإدارة لشحن هاتفي ودون إنذار تفاجأت بالمبنى ينفجر بنا”.وأضاف: “لا أستطيع أن أجزم إذا كانت الضربة صاروخا أو صاروخين فأنا شاهدت الانفجار ومن ثم استفقت ووجدت نفسي في سيارة الإسعاف”؛ وعن حالاته الصحية أوضح أنه مصاب بكسر وحروق وإصابة في في الرأس، موضحاً أن عائلته تسكن في المدرسة ذاتها التي تم استهدافها وانه فور استيقاظه بدأ بالاطمئنان على سلامتهم.أما محمد الكفارنة فيقول “كنا في الغرفة المجاورة لغرفة الإدارة في المدرسة وتفاجأنا بركام ينهار على رؤوسنا وأصبح المكان أسود، وأصيب كل من كان في الغرفة التي كنت موجودا فيها، واستشهدت زوجتي، وأصيبت والدتي، وأنا سقط عليّ حزام باطون، ولكن قلبي يتقطع على فقداني لزوجتي، نحن كنا جالسين في أمان الله تفاجأنا بالضربة في المكان”.وأوضح أنه شاهد أشلاء نساء وأطفال ورجال في كل مكان في المدرسة، فالانفجار كان كبيرا والمدرسة مكتظة بالنازحين، فهذا يدل على استهداف للمدنيين فقط، مردداً “حسبي الله ونعم الوكيل”.أما الطفلة سارة أبو صبرة التي كانت تجلس على الأرض في قسم الطوارئ وترتجف برداً وخوفاً بعد احتراق ملابسها عليها واحتراق نصف وجهها وأجزاء من جسدها فقالت “أنا عمري 14 سنة وأعمل بائعة خبز وأعتقد بأن ثمن الخبز الذي بعته لا يزال في جيبي أو قد يكون احترق، وكنت قد سمعت بأن المعبر قد فُتح لإدخال المساعدات لقطاع غزة، وكنت على اتفاق مع إدارة المدرسة بأنه عندما تدخل المساعدات للقطاع سيتم منح أسرتي مساعدات غذائية وتوجهت الى المدرسة للمراجعة”.وأضافت: “منذ أسبوع أنتظر المساعدات، ولم أقف سوى دقيقة وتفاجأت بالقصف وبعد ذلك جلبوني إلى هنا ولا أحد من أسرتي يعلم بأني مصابة فأنا لا أعيش داخل المدرسة”، مشيرةً إلى أنها خائفة على صديقتها التي أصيبت برفقتها فهي تعتقد أنها على قيد الحياة ولكنها لا تعلم أين هي وما طبيعة إصابتها.
*المصدر : القدس العربي

1