أحدث الأخبار
الأربعاء 16 تشرين أول/أكتوبر 2024
1 2 3 41044
صحافة : تحليلات :اغتيال نصر الله يضع حزب الله أمام اختبار مصيري: الرد أو الانكفاء!!
29.09.2024

بعد استشهاد أمينه العام حسن نصر الله، يرى محللون أن حزب الله يواجه مفترق طرق حاسم، فإما أن يقوم برد غير مسبوق على إسرائيل، أو يواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على صورته كقوة قادرة على مواجهة إسرائيل وحماية نفسه وقاعدته الشعبية، وفقدان معادلة الردع طويلة الأمد التي خلال عقود على ترسيخها، وفق ما يقول محللون.
ولطالما شكل نصر الله، الذي يعدّ حزبه القوة العسكرية والسياسية الأبرز في لبنان والمنطقة، ، منذ توليه منصبه عام 1992، اكتسب هالة بوصفه قاد حزبا خاض منازلات عدة مع اسرائيل وخرج منها بمظهر المنتصر.
وبعد قرابة عام من فتح حزب الله جبهة إسناد لقطاع غزة من جنوب لبنان ضد إسرائيل، جاء استشهاد نصر الله بغارة إسرائيلية في معقله في ضاحية بيروت الجنوبية، الجمعة، بعد خسائر غير مسبوقة تلقاها تباعا في الأسبوعين الأخيرين.
وبعد نحو عام من بدء المواجهات الحدودية مع إسرائيل، بوتيرة ارتفعت حينا وتراجعت حينا آخر، حوّلت إسرائيل تباعا ثقلها العسكري من غزة إلى لبنان، حيث أسفرت غارات كثيفة تشنها منذ الإثنين الماضي عن استشهاد المئات وتشريد نحو 120 ألف شخص. وجاءت الضربة الأخيرة، التي أدت إلى استشهاد نصر الله، بعد سلسلة غير مسبوقة من الهجمات في الأسبوعين الأخيرين.
ويرى مدير ملف سورية والعراق ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية هايكو فيمن، أنه "إذا لم يرد حزب الله في هذه المرحلة بضربة إستراتيجية مستخدما ترسانته من الصواريخ الدقيقة البعيدة المدى، فيمكن عندها افتراض أنه ببساطة غير قادر على فعل ذلك".
وأضاف، في تصريحات لوكالة "فرانس برس"، أنه "إما أن نرى رد فعل غير مسبوق من حزب الله... أو ستكون الهزيمة الكاملة".
وقال الباحث في مؤسسة "سنتشري"، سام هيلر، إن امتناع حزب الله عن ردع إسرائيل بعد قتلها زعيمه قد يشجعها على المضي بشكل أكبر في هجماتها ضده.
وخلال نحو عام من التصعيد عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية، يرى هيلر أن حزب الله لم يستنفد بعد القدرات العسكرية التي لطالما لوّح بامتلاكها "وافترض معظمنا أنه يحتفظ بها"، حتى عندما كثّف خصمه الغارات ضده ونفذ عمليات متقدّمة.
ولا يستبعد، بحسب "فرانس برس"، أن تكون قدرات حزب الله "مبالغ فيها" أو أنه جرى تدميرها بالكامل من إسرائيل.
ومنذ حرب صيف 2006 التي خاضها حزب الله مع إسرائيل، و"هزم فيها الإسرائيليين"، كرّس حزب الله، وفق هيلر، "معادلة الردع طويلة الأمد" مع إسرائيل، لكن "يبدو واضحا اليوم أنه لا يستطيع حماية نفسه".
ومع خسارة قائدهم والرجل الأكثر نفوذا في لبنان، فإن أنصار زعيم حزب الله الذين شرّدتهم الغارات الإسرائيلية وحرمتهم أفرادا من عائلاتهم، سيتوقعون أكثر من رد رمزي، وفق محللين.
وترى الأستاذة المحاضرة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون حزب الله، أمل سعد، أن الحزب الذي بات بلا قائد بعد الضربة الهائلة، سيحتاج إلى تحقيق توازن دقيق في اختيار رده.
وتتوقع أن يسعى الحزب من جهة إلى تفادي دفع إسرائيل لشنّ "حملة قصف شامل ضد بيروت أو أنحاء لبنان"، بينما يتعيّن عليه في الوقت ذاته "رفع معنويات" أنصاره ومقاتليه.
وسيتعيّن على حزب الله أيضا أن يُظهر أنه قادر على حماية شعبه، والانتقام من إسرائيل، مع الحفاظ على السلام بين مختلف المكونات الطائفية في لبنان، المنقسمة حول قضايا رئيسية بينها تحكّم حزب الله بقرار السلم والحرب.
وتدفّق عشرات الآلاف من مناصري الحزب من جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية إلى مناطق أخرى ذات مكونات طائفية مختلفة، بحثا عن مأوى من الغارات الإسرائيلية.
واعتبر الباحث في معهد "كارنيغي" للشرق الأوسط، مهند حاج علي، أن خسائر حزب الله الأخيرة أصابته بـ"شلل" محذرا في الوقت عينه من استبعاد الحزب عن المشهد تماما.
وقال: "يتطب الأمر قيادة جديدة، ونظام اتصالات، واستعادة سرديته والتواصل مع قاعدته الشعبية"، لكنه سيكون من "الصعب جدًا تخيل زوال التنظيم بهذه السرعة".
ولطالما أكد كبار قادة حزب الله أن استهداف أو مقتل قياديين من صفوفهم لا يؤثر على بنية الحزب العسكرية وقدراته الميدانية.
وتشرح سعد في هذا السياق أن بنية حزب الله كمجموعة مسلحة "مصمّمة لاستيعاب صدمات مماثلة"، مشيرة على سبيل المثال إلى مقتل القائد العسكري البارز في الحزب عماد مغنية بتفجير سيارته في دمشق عام 2008.
وأضافت: "عندما ينقشع الغبار، فإن أداء حزب الله لا يعتمد على شخص واحد"، مضيفة أن نصرالله في نهاية المطاف "ليس شخصية أسطورية، بل انسان" عادي.