أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41058
صحافة : أوبزيرفر: الكشف عن محاولات روائية غير مكتملة للناقد الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد!!
21.02.2021

نشرت صحيفة “أوبزيرفر” تقريرا أعدته دونا فيرغسون، قالت فيه إن المفكر والناقد الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، حاول دائما كتابة رواية لكنه لم ينجح.
وكشفت سيرة ذاتية جديدة له، أعدها تيموتي برينان، أحد طلاب سعيد السابق ويدرس الأدب المقارن بجامعة مينسوتا، إن تدريس سعيد للأدب جعلته يرفض الرواية كنوع أدبي في عام 1992 من ناحية قدرتها على تغيير الكون.
واستطاع برينان الوصول من خلال موافقة عائلة سعيد إلى أوراق الناقد ونصوصه غير المكتملة في كتاب صدر عن دار بلومزبري بعنوان: “أماكن العقل: حياة إدوارد سعيد”. وكان الناقد الفلسطيني يعتقد وبشكل واضح أن عمل الناقد الأدبي أهم من العمل الذي يقوم به الشعراء والروائيون، لأن النقاد في الحياة العامة هم الكتاب الذين لديهم القدرة على تحدي السلطة وتغيير العالم. ولكن برينان يكشف أن سعيد كانت له محاولات شعرية وروائية مع أنه لم يذكرها لأصدقائه.
وخلّف سعيد الذي توفي في 2003 نصين روائيين غير منشورين وقصة قصيرة رُفضت و20 قصيدة. ويقول برينان للصحيفة: “أعتقد أنه عانى من صعوبات كبيرة في كتابة الرواية”، مضيفا: “وجد أن هناك فشلا في مشروع الرواية لو كنت تريد تغيير العالم”.
ويُعتقد أن الناقد سعيد توصل إلى نتيجة وهي أن “من يشعرون برغبة في إحداث تغيير سياسي، فالرواية ليست الأداة لعمل ذلك”، وهي نتيجة كانت نتاجا لتجاربه ومحاولاته غير الناجحة في كتابة الرواية. واكتشف سعيد بشكل مباشر التحديات التي تواجه الكتاب الذين يحاولون التدخل السياسي عبر كتابة الرواية. ولكنه قرر أن يبقي على هذه النظرة الشخصية المحرجة لنفسه إلى جانب عدة نصوص غير منشورة.
وعندما كان أصدقاؤه من الروائيين يكتبون له رسائل إعجاب ويدعونه لكتابة رواية، كان يتجاهل الرسائل أو يسأل بطريقة مراوغة عما يمكنه الكتابة عنه. وقال برينان: “كان يحاول قدر الإمكان أن يخفي محاولاته عن الناس وكان يضللهم”. ويقول برينان للصحيفة إن هناك شخصا أو شخصين “ربما” كانا يعرفان بمحاولات سعيد الروائية. وقال: “أكثر من مرة عندما قابلت أشخاصا عرفوا سعيد طوال حياتهم كانوا يقولون إنهم لم يعرفوا هذا”.
ويعلق برينان أن الروايتين تحملان رؤية سياسية وشخصية وتدور أحداثهما في الشرق الأوسط. الأولى وهي ثلاثة بعنوان “المرثية” وتتكون من 70 صفحة وتدور أحداثها في القاهرة التي قضى سعيد فيها طفولته أثناء حقبة الأربعينات من القرن الماضي، وبدأ بكتابتها عام 1957، عندما كان في سن 22 عاما، وقبل عشرين عاما من كتابه “الاستشراق” الذي قدّم فيه تحليلا مهما ونقدا للغرب وطريقة تصويره “الشرق”.
ويعتقد برينان أن سعيد كان يحاول البحث عن طريقة سهلة لشرح وضع وجد أنه كمواطن أمريكي يعيش في الولايات المتحدة لا يعرفه الكثير من الناس، وهو أن “هناك ثقافة عربية مستقلة وحاولت بنجاح البحث عن طرق ومقاومة التأثير الأجنبي الذي فرض على أماكن مثل القاهرة”.
وقال برينان إن قصائد سعيد متجذرة أيضا بـ”العروبة” وكتب بعضها في الخمسينات من القرن الماضي، وتعبر عن “مواقف واضحة معادية للاستعمار”، وتعطي صورة عن “العيش بين عالمين” ومعنى أن تنشأ في المشرق. حيث يقول في واحدة من راويتيه: “رأس كل واحد فيه متجه مثل اتجاه الريح نحو الغرب”. وهناك قصائد تعبر عن رؤية شخصية عميقة “وأفضل قصيدة لي هي جنسية ومخيفة، وأعتقد أنه كتبها عن علاقته الإشكالية مع زوجته الأولى في 1962”. وفي هذه القصيدة “تحول قليل” ونشرتها الصحيفة: “هناك كشف مفاجئ عن المشاعر الغريبة والمخيفة من الشخص الذي كنت قريبا منه. وتعبر عن الشكوك من الولاء تجاه امرأة تحبها”.
وفي أثناء البحث اكتشف برينان أن سعيد كان “مهووسا” بشعر جيرار مانلي هوبكنز، وكان يقرأ شعره لزوجته بشكل مستمر. أما عنوان العمل الروائي الوحيد الذي أكمله فقد أخذ عنوانه من قصيدة هوبكنز “تابوت للمستمع” وهي قصة قصيرة حول رجل شاب من بيروت أجبر في النهاية على التعرف على ما عانته عائلة فلسطينية صديقة عندما أجبرت على الخروج من بيتها. وبعد رفض مجلة “نيويوركر” لهذه القصة في 1965 توقف سعيد عن الكتابة الروائية لمدة 25 عاما.
ويرى برينان أن أعمال سعيد الأدبية الأولى تظهر أنه لم يكن بعيدا عن السياسة كما قيل والتي لم يهتم بها إلا بعد حرب الأيام الستة في 1967. مؤكدا: “هذه أسطورة، وبطرق عدة قبل وبعد، فقد استثمر في أمور شكلت مسيرته الأدبية لاحقا”.
وفي عام 1987 بدأ سعيد عمله الروائي الثاني والذي كان عبارة عن رواية إثارة سياسية عن الخيانة وتدور أحداثها في بيروت عام 1957 وحافلة بالتجسس. ومثل رواية من روايات جون لوكاريه و”كانت عن التآمر السياسي المحيط بغزو أمريكي والقوى المختلفة المشاركة فيه”.
وكتب سعيد 50 صفحة منها ولكنه تركها من أجل التفرغ لكتابة مذكراته بعد أن اكتشف إصابته بمرض سرطان الدم. وحينها اقتنع أكثر بأن المثقفين أهم من الكتاب “فهم الذين يغيرون الأجندة ويتحدّون السلطة”.