أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41058
الغارديان: ماذا حصل للاجئين السوريين في تركيا؟!
18.03.2021

نشرت صحيفة الغارديان تقريرا تناول أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا، في ذكرى ثورتهم العاشرة ضد نظام الأسد.
تقول الصحيفة إنه عند التجول في مدينة غازي عنتاب جنوب تركيا، تكون اللغة العربية هي الطاغية، لوجود نسبة كبيرة من السوريين.
قال علاء الدين شاشو البالغ من العمر 52 عاما، والذي تخلى مؤخرا عن متجر البقالة الخاص به في الشارع ليبدأ عملا تجاريا في التكييف والتبريد كالذي كان يديره في حلب قبل هجرته: "لقد تغير الشارع من نواح كثيرة. اخترنا البازار الإيراني والأحياء المحيطة به، في الأصل، لأن الإيجار كان رخيصا. معظم أصحاب المتاجر سوريون الآن. إنه المركز الرئيسي بالنسبة لنا".
قالت لبنى حلي، التي تملك مطعم لازورد، على بعد بضعة شوارع: "يذكرنا السوق بسوريا، ولكن على وجه التحديد أسواق حلب.. عندما تذهب إلى هناك، يتحدث الجميع العربية، ومعظم أصحاب المتاجر من حلب وهو مليء بالسوريين، إنه شبيه بالوطن.. الدجاج والبقوليات والخضروات والتوابل لدينا، كلها من البازار الإيراني".
غازي عنتاب أقرب إلى حلب من أي مدينة تركية، على بعد 60 ميلا فقط، ويشترك المركزان التجاريان القديمان في العديد من الروابط الثقافية والتاريخية. لكن بالنسبة لمعظم الجالية السورية هنا، قد تكون حلب الآن كوكبا آخر.
عندما فر السوريون من بلادهم هربا من أهوال الحرب المستمرة منذ 10 سنوات، تسببوا لأوروبا بأكبر أزمة لاجئين لها منذ الهولوكوست. فقد استقر حوالي مليون سوري في القارة منذ ذلك الحين، غالبيتهم في ألمانيا والسويد والنمسا وهولندا.
ولمنع تكرار ذلك، أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقا مع تركيا في العام التالي في مقابل 6 مليارات يورو (5.1 مليارات جنيه إسترليني) كمساعدة، وافقت أنقرة على وقف عبور اللاجئين والمهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط والمشي الطويل عبر أوروبا الشرقية. السوريون وغيرهم ممن وصلوا عبر البحر إلى اليونان منذ الصفقة محتجزون الآن في الغالب في معسكرات.
ونتيجة لذلك، تعد تركيا أكبر دولة مضيفة للاجئين في العالم، حيث يوجد 3.7 ملايين سوري مسجل بالفعل، ويتواصل نمو عددهم – فقد ولد حوالي 500000 طفل سوري هنا منذ بداية الأزمة.
غازي عنتاب هي مركز هذا الواقع الجديد لكل من السوريين والأتراك. تستضيف المدينة حوالي نصف مليون سوري، بينما يوجد في إسطنبول عدد مماثل.
وتم استيعاب الوافدين الجدد إلى إسطنبول في مدينة عدد سكانها أصلا 17 مليون شخص، مقارنة بغازي عنتاب التي كان عدد سكانها قبل الحرب 1.5 مليون نسمة.
تقول "الغارديان" إنه لا تزال الحياة غير سهلة بالنسبة للسوريين في تركيا، لكنها أفضل من الأردن أو لبنان، حيث يُحرم اللاجئون في الغالب من حق العمل أو الاندماج في المجتمع، ولا يزال مئات الآلاف يعيشون في المخيمات.
بالنسبة لحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان في أنقرة، فإن تدفق السوريين – والذين حصل 110 آلاف منهم على الأقل على الجنسية التركية - يمثل كتلة جديدة واعدة من الناخبين المحتملين.
ويُشاد بسلطات غازي عنتاب على وجه الخصوص لجهودها في مساعدة المجتمعين على الاندماج، وتهدئة المخاوف بشأن ارتفاع الإيجارات، وركود الأجور والضغط الإضافي على البنية التحتية للمدينة حيث أوجدت "نموذجا من التسامح والبراغماتية".
لكن لم يعتقد الجميع أنه سينتهي بهم الأمر هنا.
أحمد الطويل، مصمم رسوم من دمشق، فر إلى تركيا في عام 2013. أراد أن يعيش حياة جديدة في بلجيكا، محاولا عبور البحر الأبيض المتوسط من إزمير على ساحل بحر إيجة خمس مرات قبل أن يستسلم ويستقر في غازي عنتاب.
وقال الشاب البالغ من العمر 32 عاما: "كنت حريصا على الذهاب إلى أوروبا. وبعد عام من المحاولة في تركيا، اعتقدت أنني لن أتمكن من العثور على عمل أو إنهاء دراستي هنا. لكن القارب غرق ثلاث مرات. إحداها قام خفر السواحل بإغراقه عن قصد. فبعد الفشل مرات عديدة اضطررت إلى الاستسلام حيث اعتقدت أنني سأموت إذا واصلت المحاولة".
وقال: "أنا سعيد في تركيا الآن. لقد تعلمت اللغة، ولدي دخل لائق، وتزوجت مؤخرا من امرأة تركية. لقد بنيت لنفسي حياة جيدة".
وأضاف: "اللاجئون الذين علقوا في مخيمات في اليونان وأماكن أخرى في ظروف إنسانية مزرية، وآلاف الأشخاص الذين غرقوا... لقد غيرت أزمة اللاجئين رأيي بالحكومات الأوروبية، لأكون صادقا. شعرت بخيبة أمل لرؤية وجههم الحقيقي، وهو قبيح".
كثيرون ليسوا محظوظين مثل الطويل. يعمل مليون سوري في تركيا دون تصاريح مناسبة، مما يجعلهم عرضة للابتزاز من قبل أصحاب العمل. قالت مؤسسة بروكينغز إن حوالي 40% من الأطفال ما زالوا خارج المدرسة، و64 بالمئة من الأسر السورية في المناطق الحضرية تعيش بالقرب من خط الفقر أو تحته، مما يهدد بخلق "طبقة دنيا معزولة ومنبوذة".
أدى الانكماش الاقتصادي في تركيا في عام 2018 إلى رد فعل عنيف ضد السوريين بلغ ذروته في حملة ترحيل غير قانونية في الصيف التالي. حاول عشرات الآلاف من الأشخاص السفر إلى أوروبا مرة أخرى في أوائل عام 2020 بعد أن قال أردوغان إن تركيا لم تعد تمنع مرورهم في محاولة للضغط على الاتحاد الأوروبي.
ويُنظر على نطاق واسع إلى خطط أنقرة لإعادة توطين اللاجئين في "المناطق الآمنة" التي انتزعتها من المناطق الحدودية في سوريا التي كانت تخضع سابقا للسيطرة الكردية على أنها محاولات للهندسة الديموغرافية.
وتبقى العودة إلى ديارهم غير واردة بالنسبة للغالبية العظمى من 5.6 ملايين شخص فروا من سوريا ما دام بشار الأسد مسيطرا في دمشق.
قالت حلي، صاحبة المطعم: "أرغب في العودة إلى سوريا، لكن هذا مستحيل الآن".
وأضافت السيدة البالغة من العمر 43 عاما: "لقد بدأت تجارتي هنا وأطفالي في مدرسة تركية. ربما أتمكن من توسيع عملي بمطعم في إسطنبول، فحياتي أصبحت هنا الآن".
بالنسبة لعزام الأحمد، فلا يزال يحلم في أوروبا تلوح. لقد أُجبر الشاب البالغ من العمر 29 عاما على ترك دراسته الجامعية في كلية الحقوق عندما بدأت الثورة. وقد عمل لساعات طويلة في مصانع النسيج في غازي عنتاب منذ ذلك الحين، ويكسب أقل من زملائه الأتراك، وبدون تأمين طبي، لإعالة أسرته الشابة.
ويقول: "كانت الخطة دائما أوروبا، للانضمام إلى إخوتي في ألمانيا. اضطررت إلى الادخار، وباعت زوجتي حليها، لأدفع للمهربين مقابل الرحلة. إذا تم القبض عليّ، فقد أفقد صفتي كشخص محمي أو يتم ترحيلي... لكن الأمر لا يزال يستحق ذلك".