أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41058
صحافة : أوبزيرفر: هل تصبح ميانمار سوريا جديدة؟ الإشارات تؤكد ذلك!!
05.04.2021

قال المعلق سايمون تيسدال في صحيفة “أوبزيرفر” البريطانية، إن الأحداث الأخيرة في ميانمار تؤذن بأنها قد تتحول إلى سوريا جديدة، فالعنف المتزايد هناك يهدد بتكرار المأساة التي حدثت في سوريا.وقال تيسدال إن وزير الخارجية التركي السابق أحمد داوود أوغلو قام بمهمة سريعة لإنقاذ سوريا في آب/ أغسطس 2011 عندما ذهب إلى دمشق، وناشد شخصيا الرئيس السوري بشار الأسد بالتوقف عن قتل الناس والحوار مع المعارضة بعد خمسة أشهر من الاحتجاجات المعادية لنظامه. وتحدث أوغلو نيابة عن تركيا وبطريقة غير مباشرة عن الولايات المتحدة، وتشاور قبل الرحلة مع وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون. وكانت رسالته: “لم يتأخر الوقت عن التوقف لأن الحرب الأهلية هي البديل”، ولكن الأسد رفض النصيحة.وفي تلك المرحلة من الأزمة، قتل 2000 شخص، ولكن أوغلو لم يفقد الأمل وظل يحاول، ذلك أنه كان يتوقع الأسوأ، ونصح الولايات المتحدة وبريطانيا وبقية الدول للعمل معا ومنع “كارثة” إنسانية. وأخبر أوغلو الكاتب بأن ملايين السوريين في خطر “إلى متى سيستمر الوضع؟ وأعني في البوسنة، لدينا الآن بان كي مون (الأمين العام للأمم المتحدة في حينه) يعتذر بعد عشرين عاما، فمن سيعتذر عن سوريا بعد 20 عاما؟”.وبعد عشرين عاما، لدى أوغلو الجواب، وهو أن الغرب فشل في التحرك وبشكل حاسم، 500 ألف أو أكثر قتلوا في الحرب الأهلية، وشُرد نحو 13.3 مليون نسمة، وأصبح كل البلد مدمرا، ولم يعتذر أحد عما جرى.وفي الوقت نفسه، وفيالنصف الآخر من العالم، التاريخ يعيد نفسه. فهل ستكون ميانمار سوريا الجديدة؟ فالاحتجاجات وملامح التشابه مثيرة للقلق. وتنذر بمأساة إنسانية على قاعدة واسعة، لكن يمكن تجنبها. وبدلا من ذلك فمن يستطيعون وقفها يتماحكون ويحاولون الحصول على منافع.ومرة أخرى تدق الأمم المتحدة أجراس الخطر حول “حمام دم محتوم”. وقالت المبعوثة الأممية الخاصة كاثرين شرينر بيرغينغر، إن الطغمة العسكرية التي سيطرت على السلطة في انقلاب شباط/ فبراير تشن حربا ضد شعبها.وأضافت أن فشلا جديدا بالالتزام بالقانون الدولي وتطبيق المسؤولية الإنسانية “للحماية” قد تؤدي إلى كارثة متعددة الجوانب في قلب آسيا، حيث أبلغت في الأسبوع الماضي مجلس الأمن الدولي. وكما هو الحال مع سوريا فقد انقسم المجلس.وفي موضوع ميانمار، فالصين وروسيا هما من تحملان السوط، وتلعب كل من موسكو وبكين لعبة مزدوجة. ويقول السفير الصيني جانغ جون، إن بلاده تدعم الاستقرار والحوار في ميانمار، وما أطلق عليه بدون صدق عملية “التحول الديمقراطي”. لكن الصين هي من تقف أمام العقوبات الدولية والتحركات الأخرى من الأمم المتحدة للحد من تصرفات الطغمة العسكرية. وهي مثل روسيا في سوريا، مخلصة القتلة. ولا شك أن موقف الرئيس شي جينبينغ سيكون واضحا لو خُيّر بين الديكتاتورية والديمقراطية.ويقول الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، إن حقوق الإنسان هي عماد سياسته الخارجية، لكنه يبدو ضعيفا في ميانمار، حيث تعرف بكين أنه لن يفعل شيئا. أما بريطانيا، المستعمر السابق، فتحاول بقوة في الأمم المتحدة. حيث تقود النقاشات لفرض العقوبات وتوفير المال لتسجيل انتهاكات حقوق الإنسان. واكتفت الدول الجارة لميانمار بالتصريحات الرسمية دون أن تفعل أي شيء.وكل هذه الجهود بدون فائدة، ولا تفي رغبة جماعات بورما مثل حملة بورما في بريطانيا التي تطالب بحظر دولي على تصدير السلاح وإحالة الطغمة العسكرية للمحكمة الجنائية الدولية. ولا شك أن الجنرال مين أونغ هالينغ والزمرة حوله قد ارتكبوا جرائم يومية ضد الإنسانية. وهالينغ مطلوب للعدالة الدولية لمسؤوليته عن إبادة المسلمين الروهينغا عام 2017.ويقول تيسدال إن هؤلاء القتلة بالزي العسكري والسفاحين معهم يعولون على الحصانة وانقسام العالم. وكما يظهر، فهناك إمكانية أن يفلت الجنرال مين أونغ هالينغ وجماعته من العدالة كما أفلت الأسد.وحسب سجلات الأمم المتحدة، فقد قُتل مئات المدنيين حتى الآن، واعتقل الآلاف أو غُيبوا قسرا. وأصبحت المداهمات الليلية والاعتقالات الجماعية والقتل أمرا يوميا. ولجأت السلطات العسكرية الفعلية لاستخدام الأسلحة الثقيلة مثل القنابل الصاروخية والرشاشات والقناصة التي تقتل المتظاهرين بأعداد كبيرة. والأدلة متزايدة عن تشدد المتظاهرين الشباب، ذلك أن الحركة تحظى بدعم واسع من الطبقة المتوسطة. وهناك حديث بينهم عن حمل السلاح للدفاع عن النفس وبناء جيش فدرالي للمعارضة، وهو ما يعيد الذاكرة إلى سوريا عام 2011.وبدأت الحكومة الموازية المكونة من نواب حزب رئيسة المعارضة أونغ سان شو تشي باقتراح دستور يعترف بحقوق الأقليات. ولو حصلت عسكرة للاحتجاجات، فستنضم إليها الجماعات المسلحة مثل جيش التحرير الوطني في كارين، والذي قاوم الجيش المعروف باسم “تادمادوا”. بالإضافة للتحالف الشمالي الذي يضم جيش أراكان، وجيش كاتشين المستقل وجيش التحرير الوطني في تانغ، وجيش التحالف الديمقراطي الوطني في ميانمار التي شجبت الطغمة العسكرية، وتعهدت بالدفاع عن الشعب.كما أن الجيش الذي زعم أنه هو القادر على حماية البلد يتداعي بشكل تدريجي كما حدث في سوريا. ويعتبر تدفق اللاجئين إلى تايلاند والهند كما فعل الروهينغا عندما فروا إلى بنغلاديش خطاً أحمر للمجتمع الدولي الذي لا يزال يكافح لاحتواء أزمة النزوح السورية. صحيح أن تدفق اللاجئين من ميانمار إلى أوروبا مستبعد، لكن مسألة نزوحهم الجماعي تظل أمرا أخلاقيا وسياسيا وإنسانيا على العالم التعامل معه، إلا إذا كان يريد التسامح مع سوريا جديدة. ورغم فشل مهمة الإنقاذ التي قابها داوود أوغلو في بداية الأزمة السورية، لكن التدخل المبكر هو الأمل الوحيد لقلع النزاع من جذوره في ميانمار.