نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمراسليها في الشؤون الأفريقية، جيسون بيرك وأحمدو غاري من نيامي، قالا فيه إن حلفاء الرئيس المعزول محمد بازوم، رحّبوا بقرار الرئيس إيمانويل ماكرون، سحب سفيره من العاصمة النيجرية، والقوات الفرنسية بنهاية العام.
وقالوا إن هذا سيحرم النخبة العسكرية الحاكمة من “كبش الفداء” والتخفي وراء فشلهم.
وتدهورت العلاقات مع فرنسا بعد ذلك مباشرة، حيث وقفت الدولة التي استعمرت هذا البلد سابقا مع بازوم، الذي لا يزال تحت الإقامة الجبرية مع ابنه وزوجته. وأخبر ماكرون المشاهدين الفرنسيين في خطاب متلفز يوم الأحد، أن العمليات العسكرية في النيجر “قد انتهت”، وأن القوات الفرنسية ستنسحب بنهاية العام. وقال: “قررت فرنسا سحب سفيرها، وفي الساعات القادمة سيعود سفيرنا وعدد من الدبلوماسيين إلى البلد”.
وينهي الإعلان على ما يبدو، شهرين من التحدي الذي ظل فيه السفير الفرنسي بمقر السفارة، رغم مطالبة الانقلابيين برحيله الفوري. وأعلن ماكرون عن توقف التعاون العسكري مع النيجر، وأن القوات الفرنسية ستنحسب في “الأسابيع والأشهر المقبلة”.
ولدى فرنسا حوالي 1500 جندي كجزء من حملة واسعة ضد المتشددين الإسلاميين في منطقة الساحل، مع أن عددهم زاد في الفترة الماضية منذ إجبار القوات الفرنسية على الرحيل من مالي، بعد الانقلاب العسكري هناك. وأجبر انقلاب ثالث في بوركينا فاسو، القوات الفرنسية على الرحيل من البلد أيضا.
وفي النيجر كما في مالي، تحدث المسؤولون الفرنسيون عن فيضان من الدعاية الروسية المضادة لباريس، والتي كانت سببا في الاضطرابات وعدم الاستقرار. ويقوم الكرملين بحملة للتأثير والحضور في دول الساحل والصحراء، على حساب فرنسا في غالب الأحيان. وحاولت منصات التواصل الاجتماعي المرتبطة بالدولة الروسية في آب/ أغسطس، استغلال الانقلاب في النيجر، على أمل الحصول على فرص للتدخل.
وأكد ماكرون في خطابه، أن القوات الفرنسية لن “تكون رهينة بيد الانقلابيين” والذين وصفهم بـ”أصدقاء الفوضى”. إلا أن المحللين وصفوا القرار بأنه يشبه الكارثة للسياسة الفرنسية بمنطقة الساحل. وقال جان هنري جيزكويل، مدير برنامج الساحل في مجموعة الأزمات الدولية، إن الأحداث في النيجر أشارت إلى “بداية النهاية لسلسلة انسحابات فرنسا من وسط الساحل”، مضيفا: “هذا فشل مهما قالت فرنسا. لم يوقفوا تقدم الجهاديين، بل دمروا علاقاتهم مع المستعمرات السابقة، وهي ليست كارثة كاملة لفرنسا ولكن قريبة منها”.
وقاد إعلان ماكرون لاحتفالات فورية في العاصمة نيامي، وعلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث نشر المستخدمون منشورات اتهموا فيها فرنسا بدعم المتطرفين كمبرر للتدخل والسيطرة على يورانيوم البلد، واعتبروا خروجها انتصارا ضد “الإمبريالية الجديدة”.
ورحب القادة العسكريون في النيجر بالقرار الفرنسي، وأصدروا بيانا قالوا فيه: “نحتفل اليوم بعهد جديد، وهذه لحظة تاريخية تظهر عزيمة وإصرار الشعب في النيجر. لن نرحب بالإمبرياليين الجدد والقوى الاستعمارية على أراضي النيجر”.
ولم تعترف فرنسا بالنظام العسكري الجديد في النيجر، ولا تزال تعترف ببازوم كرئيس شرعي للبلاد، وتدعو لعودته إلى السلطة. ويقول أندرو ليبوفيتش، الخبير في معهد كلينغديل الهولندي، إن النخبة العسكرية استطاعت استغلال العداء الشعبي المستحكم ضد فرنسا و”أساءت باريس تقدير مستوى عدم الثقة لفرنسا. وهناك ميل لنسبة كل هذا للروس وحملات التضليل والدعاية. ورغم أن هذا عامل، إلا أن فرنسا وجدت صعوبة في فهم سبب انتشار الدعاية الروسية في أرض خصبة”.
وتعتبر النيجر ساحة مهمة للغرب، وقاتلت لسنين جماعات جهادية على أراضيها، الذين استمرت هجماتهم منذ الانقلاب، مثل الهجوم في 15 آب/ أغسطس، حيث قتل 17 جنديا نيجريا. ويواجه سكان المدن مثل نيامي، عقوبات فرضتها الدول الأفريقية وزيادة في الأسعار منذ الانقلاب.
وقال مستشار بازوم، محمد عبد الدر: “الآن وفي طريقها للخروج، سيكتشف النظام أنه بحاجة لحماية السكان. ولن يكون لدى الانقلابيين أي كبش فداء، وعليهم مواجهة الواقع”.
وقال مستشار ثان للرئيس المعزول، إن الشعب في النيجر سيكتشف “محدودية الشعبوية، لقد كانت فرنسا هي السلعة الوحيدة المتوفرة لدى النخبة العسكرية وجذبت كل الاهتمام وأخفت كل التناقضات الداخلية. وبانسحابها، فقد سحبت فرنسا الجدل الدعائي لدى النخبة العسكرية، وهو قرار براغماتي واستراتيجي وعمل مسؤول ووضوح سياسي”.
وفرضت المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (ايكواس) عقوبات اقتصادية على النيجر، وهددت بالتدخل العسكري مع أن قلة شككوا في مصداقية التهديد.
وقال جيزكويل إن النخبة الحاكمة تشمل مسؤولين بارزين وجنود مرتبطين بالحكومة السابقة وغير الشعبية، والذين استخدموا السخط على فرنسا “لإعادة خلق أنفسهم كقادمين جدد”، والسؤال “ماذا بعد؟ من سيكون كبش الفداء القادم بعدما طردتم فرنسا؟”، مضيفا أم “المنظور لدول الساحل قاتم” ويعني بوركينا فاسو والنيجر ومالي.
وأعلنت النخبة العسكرية يوم الخميس عن 20 عضو سابق في حكومة بازوم كمطلوبين، وكانت النخبة التي بررت سيطرتها على السلطة بسبب الفساد والتدهور الأمني، قد أعلنت أنها ستحاكم الرئيس المعزول بتهمة الخيانة العظمى. وطالب محامو بازوم “إيكواس” بتحرير موكلهم المعتقل “تعسفيا” و”انتهاك حرية الحركة” وإعادة النظام الدستوري.
صحافة : الغارديان: حلفاء بازوم يرحبون بانسحاب فرنسا من النيجر وباريس تكبدت شبه كارثة!!
26.09.2023