أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
أهالي عين الحلوة في الأغوار يُواجهون مخططات الاقتلاع بصمودٍ وثبات!!
بقلم : علي سمودي ... 27.03.2020

يحاصر الخطر حياة سكان خربة "عين الحلوة " في الأغوار الشمالية، بسبب سياسات الاحتلال والمستوطنين الذين يستخدمون كل الأساليب لتضييق الخناق عليهم وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة، ضمن مخطط التهجير القسري والتطهير العنصري لسكان الأغوار الذين يخوضون يومياً معركة البقاء والتحدي في مواجهة قرارات الهدم والمصادرة والملاحقة، فمن منع البناء والتدريبات العسكرية إلى إعلان مساحات واسعة مناطق عسكرية مغلقة، مع حرمان المنطقة من كافة الخدمات واحتياجاتهم المعيشية الرئيسية.
تُعد عين الحلوة من التجمعات البدوية التي تتبع منطقة وادي المالح، وتبعد عن محافظة طوباس 20 كيلومتراً، ويوضح ممثل منطقة الحلوة وعضو مجلس قروي وادي المالح مهيوب فقها أنّ الأصل في تسميتها يرتبط بموقعها الذي يتميز بالمناخ الدافئ ووجود عين ماء حلوة فيها، إضافة إلى وفرة المياه فيها التي جعتلها من المناطق الزراعية والرعوية المرغوبة عند كثير من المزارعين في محافظة طوباس، مبيناً أن سكان هذه المنطقة ينحدرون من عائلات من مدينة طوباس وبلدة طمون، مثل بشارات وضبابات وضراغمة وغيرها، الذين يملكون أوراق طابو رسمية بملكيتهم الأراضي المستهدفة دوماً من الاحتلال.
بعد نكسة حزيران عام 1967، وبدء الاحتلال بمخططات ضم وتهويد أراضي طوباس والأغوار الشمالية ببناء المستوطنات والمعكسرات، كانت منطقة عين الحلوة ضمن دائرة الاستهداف، ويوضح فقها: إن الاحتلال عمل على تعزيز وجوده كاستيطان ومعسكرات ومراكز تدريب في المنطقة حتى أصبحت محاصرة بالمستوطنات، فيحدها من الشمال الفارسية وعين غزال ومنطقة الحمة، ومن الشرق مستوطنتا "مخولا" و"مسكيوت "، ومن الشمال الشرقي مستوطنة "روتن" وعدة معسكرات للتدريب.
*حملات مستمرة ..
رغم وجودهم قبل الاحتلال، يعيش سكان المنطقة حياة بائسة وسط ظروف بدائية وبسيطة، بسبب سياسات الاحتلال الذي يفرض قيوداً مشددةً عليهم، ويقول فقها: "العائلات المقيمة في عين الحلوة تعتبر مالكةً للأراضي، ولديها أوراق ثبوتية، لكننا نتعرض مراراً وتكراراً لحرب مسعورة من الاحتلال الذي يمنعنا من البناء في المنطقة حتى لو كانت خيمة يتم هدمها ومصادرتها".
ويضيف: "بعد أن نجح الأهالي في إجبار الاحتلال على إخلاء خيمة أقامها المستوطنون بالقرب من بيوت التجمع في عين الحلوة قبل سنوات، أقدم الاحتلال على تنفيذ إجراءات انتقامية كرد على هذه الخطوة، فسلم الاحتلال الأهالي إخطارات وبلاغات لتحويل المنطقة إلى عسكرية مغلقة، كما حذر الجميع، خاصة سكان التجمع، من التجول فيها وحتى الاستفادة من أراضيها".
ويتابع: "القرار التعسفي يعني إغلاق ومصادرة 3000 دونم من أراضي الأغوار في منطقة عين حلوة وتشريد سكانها، على الرغم من أنهم يمتلكون وثائق رسمية تثبت ملكيتهم للأراضي الزراعية في المنطقة قبل وجود الاحتلال".
*معركة طويلة ..
رفض الأهالي الخضوع لإجراءات الاحتلال التي تحدّوها بالصمود والثبات في المنطقة، بالرغم من الخطوات العملية لفرض الأمر الواقع، ويقول فقها: "أصبحت لدينا حالة ترقب وانتظار لخطوات الاحتلال والمستوطنين، لإدراكنا الأهداف الحقيقية لهذه الإجراءات التي تُعدّ مقدمةً للسيطرة على منطقة عين حلوة بكاملها بهدف زرع بؤرة استيطانية تتبع مستوطنة "مسكيوت" التي لا تبعد عنا سوى مسافة 100 متر".
ويضيف: "قررنا الصمود مهما كان الثمن، فصعّد الاحتلال من انتهاكاته وممارساته التعسفية، فاستهدف رعاة الأغنام لمعرفته أن الأهالي يعتمدون بمعيشتهم على تجارة وتربية الثروة الحيوانية، فمن ملاحقتهم والتنكيل بهم ومنعهم من استخدام المراعي إلى طلاق النار عليهم".
ويكمل: "قبل فترة، وخلال قيام أحد المواطنين برعاية أبقاره قرب المستوطنات المحيطة بنا، أطلق الجنود الأعيرة النارية على الأبقار، ما أدى إلى نفوق 4 منها دون سبب، ما كبّد صاحبها خسائر فادحة، علماً أنه يعيش وعائلته من رزقها وإنتاجها وتسويق منتجاتها، فالاحتلال يستهدف الأرض والشجر والحجر والماشية والإنسان الذي لا يريد السماح له بالعيش بأمان وسلام".
ويتابع: "الاحتلال يُطلق بشكل مستمر الكلاب البوليسية لتهاجم بيوت الأهالي ومنعهم من الخروح من منطقتهم إلى السفوح الجبلية، وذلك للضغط عليهم لدفعهم للرحيل عن المنطقة، بحجة أن وجودهم في المنطقة هو إرهاب على مستوطنة "مسكيوت".
ويستدرك: "على الرغم من أننا نعيش في المنطقة منذ أكثر من 70 عاماً، لكن الاحتلال ما زال يحاول مساعدة المستوطنين لطردنا وإخلاء عين الحلوة، غير أنّ صمود السكان في التجمع البدوي، بدعم ومساندة التجمعات البدوية المجاورة، أفشل كل هذه المخططات التي لن تمر مهما كان الثمن".
*واقع الحياة ..
في المعركة المستمرة رغم اختلال المعايير والتوزان والقدرة والكثافة السكانية، يخوض سكان الخربة الذين لا يتجاوز عددهم الـ50 مواطناً، ورغم افتقارهم لكل مقومات الحياة، معركتهم اليومية لتستمر حياتهم، ويقول فقها: "عائلات المنطقة تتمتع بروح وطنية كبيرة وانتماء وولاء وحب وارتباط بالأرض، فالأمر لا يتعلق بالعد والعدة، فهم لديهم كل مقومات الحياة والرفاهية وخيرات أرضنا وجيش مدجج بكل أنواع الأسلحة، ولدينا إيمان وعزيمة وثبات وتمسك بالأرض التي لن نتخلى عنها، فحتى أطفالنا رغم المخاطر نصر على تعليمهم وضمان حق الجيل القادم في المستقبل، ويتعلمون في مدارس تياسير وعين البيضاء".
ويوضح فقها أن الاحتلال يمنع البناء في عين الحلوة، وما زالت العائلات تعيش في خيامٍ من الخيش وشوادر البلاستيك التي لاتقيهم برد الشتاء وحر الصيف، وكذلك أغنامهم وأبقارهم".
ويضيف: "نعيش حياة بدائية وبسيطة جداً، فما زالت 80% من النساء تطهو على الحطب، والباقي يستخدمن الغاز، ونواجه المخاطر والتهديدات من الاحتلال والمستوطنين بإحضار الحطب من المناطق المحيطة التي ينتشرون فيها بشكل دائم".
ويُكمل: "كباقي خرب وتجمعات وادي المالح المهمشة والمغلقة عسكرياً، نعاني من افتقارٍ للبنية التحتية بشكلٍ كامل، فالكهرباء تعتمد على الخلايا الشمسية التي تتوقف خلال فصل الشتاء ، بينما مياه الشرب ما زلنا نشتريها عبر صهاريج المياه التي تبلغ تكلفة الواحد منها 250 شيكلاً، ولا تكفي سوى 3 أيام".
*إهمال صحي ..
بالرغم من بُعد المسافة، تفتقر عين الحلوة لكافة الخدمات الصحية، ويضطر المرض لاستئجار مركبة خاصة بتكاليف باهظة للسفر لمدينة طوباس للعلاج، ويقول فقها: "أدنى متطلبات الرعاية الصحية معدومة، لا توجد في المنطقة عيادات ثابتة أو للطوارئ، وحتى العيادات المتنقلة توقفت منذ فترة حتى بعد انتشار فيروس كورونا".
ويضيف: "نلجأ إلى محافظة طوباس لعلاج مرضانا، لكننا لا نملك سوى الصبر، فرغم كل ممارسات الاحتلال وتهديداته سنبقى صامدين في أرضنا التي نعتبرها أرواحنا وحياتنا، ولن نتركها".
*حماية ووقاية ..
وبخصوص مكافحة فيروس "كورونا"، أوضح مهيوب أنّ طاقماً من محافظة طوباس واتحاد لجان العمل الزراعي قدم مجموعةً من المعقمات لحماية المواطنين في تلك المناطق المهمشة، كما نظم مجلس وادي المالح حملات توعية وإرشاد للمواطنين، موضحاً أن من أهم خطوات الوقاية توقف عمال المنطقة عن العمل في المستوطنات الاسرائيلية للحفاظ على صحتهم وسلامتهم.
وأشار إلى تأثر الحياة والظروف المعيشية بسبب فيروس كورونا الذي أثّر على دخل المواطنين لعدم قدرتهم على تسويق منتجات الثروة الحيوانية التي تعتبر مصدر دخلهم الرئيسي.

*المصدر : القدس
1