*المرأة في السواد الأعظم من مناطق البلاد، لا تزال "عورة"، وتواجه صعوبات كبيرة في المنافسة ضمن سوق العمل.
بغداد – تدخل قضايا المرأة العراقية وحقوقها في خانة “المنسيات”، ضمن دائرة السجال المحلي، إذ يندر إطلاق مشروع حكومي للنهوض بواقعها. وبينما تبذل منظمات دولية فاعلة جهودا كبيرة في هذا الملف، فإنها لا تلقى استجابة من الجهات الرسمية، ما يعرقل جهودها.
وبالرغم من أن معدل حضور المرأة العراقية في سوق العمل الحكومي، تطور كثيرا منذ العام 2003، بسبب الزيادة الكبيرة التي شهدتها رواتب الموظفين الحكوميين، إلا أن منظمات دولية تقول إن هذا المؤشر ما زال دون مستوى الطموح.
وفي مارس الماضي، قالت الأمم المتحدة، إن “3.3 مليون امرأة في العراق بحاجة إلى مساعدة إنسانية”، فيما دعت السلطات المحلية إلى “الاستثمار الجدي في إمكانات النساء في العراق لتعزيز اقتصاد البلاد وتنمية المجتمع″، مضيفة أن “النساء في العراق عانين مآسي كثيرة نتيجة النزوح المستمر، وكن قد عانين الصدمات النفسية وأشكال العنف المختلفة بسبب الأزمة المزمنة التي أثرت سلبا في قدرتهن على بناء مستقبل أفضل لأنفسهن وعائلاتهن ومجتمعاتهن”.
وبالرغم من أن المنظمة الدولية أشادت بـ”الخطوات الكبيرة” التي اتخذتها السلطات العراقية لدعم حقوق النساء، إلا أنها أقرت بأن “الحاجة قائمة لإعطاء النساء والفتيات الفرصة للمشاركة بصورة فاعلة في وضع السياسات وإجراء التغييرات خاصة وأن العراق الآن يحاول أن يتعافى من آثار النزاع الذي استمر لمدة 3 سنوات”.
ومنتصف الشهر الماضي، حثت المسؤولة القطرية في هيئة الأمم المتحدة لشؤون المرأة في العراق، دينا زوربا، السلطات العراقية على “زيادة التنسيق بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، لتأمين الحوار والتشاركية تجاه مأسسة وتعظيم دور المرأة في العراق”.
وباستثناء مظاهر الحرية الظاهرية، التي تتمتع بها النساء اللائي يسكن الأحياء الراقية في بعض المدن العراقية، فإن المرأة في السواد الأعظم من مناطق البلاد، لا تزال “عورة”، وتواجه صعوبات كبيرة في المنافسة ضمن سوق العمل.
وفي مناطق واسعة من العراق، تستخدم النساء مادة لتسوية خلافات عشائرية، من خلال إدخالهن في صفقات زواج قسري، لقاء الصلح بين عشيرتين بينهما ثارات دموية.
وتسمى المرأة التي تجبر على الزواج من رجل في عشيرة أخرى لتسوية خلافات، بـ”الفصلية”، نسبة إلى “الفصل العشائري”، الذي يدفع لتسوية نزاع. وفي هذه المناطق، لا يسمح لعدد كبير من النساء بالتعلم، فضلا عن العمل، إلا في مهنة الزراعة.
وتشكل مساهمة المرأة في سوق العمل ضمن القطاع الخاص في العراق، نسبة ضئيلة، وتقتصر هي الأخرى على سكان الأحياء الراقية، إذ ينظر إلى النساء العاملات في الاستثمارات الخاصة، بريبة.
ولعل المفارقة، أن المقاهي والمطاعم في المناطق الراقية من العراق، استقطبت عددا كبيرا من العاملات، وهي وظيفة قد تقود إلى اتهام المرأة بالدعارة، بالنظر لمتطلبات هذا النوع من العمل، الذي يتطلب احتكاكا مستمرا بالشبان.
وتقول منظمة حقوقية دولية إن النساء العراقيات يتمتعن “بقدر قليل من الحماية القانونية لحمايتهن من العنف الأسري”، وتشير إلى أن قانون العقوبات العراقي، يتضمن “أحكاما تجرم الاعتداء الجسدي، ولكنه لا يتضمن أي إشارة صريحة إلى العنف الأسري”.
وتضيف المنظمة الدولية، “في حين أنه جرّم الاعتداء الجنسي، تنص المادة 398 على إسقاط هذه التهم إذا تزوج المعتدي من الضحية، وبالرغم من غياب دراسات وطنية حديثة حول العنف الأسري، أفادت منظمات حقوقية نسائية أن معدل العنف الأسري مرتفع جدا”.
وشكلت عملية اختيار أعضاء لجنة المرأة في البرلمان العراقي، خلال دورته الحالية، فضيحة من العيار الثقيل، عندما تهرب النواب، لاسيما النساء، من الانضمام إليها، لأنها بخلاف اللجان الأخرى، لا تتعاطى مع جهات تنفيذية مؤثرة، ما يحد من فرص حصول أعضائها على عمولات أو عقود من الدوائر الرسمية.
وسخر مدونون وصحافيون من تهافت النائبات النساء في البرلمان العراقي على لجان تتيح التأثير في مصير عقود ومقاولات وتوفر سفرات كثيرة على نفقة الدولة إلى خارج البلاد، وهي منافع لا توفرها لجنة المرأة.
وباعتراف العشرات من الناشطات النسويات في مجالات المجتمع المدني، فإن الدعم الحكومي للمرأة العراقية، يقتصر على إطلاق الشعارات خلال مؤتمرات تعقد لغرض الاستهلاك الإعلامي.
وحتى على مستوى التمثيل السياسي في البرلمان، قدمت الأحزاب السياسية نماذج وصفت بـ”السيئة” للمرأة العراقية. وبالرغم من أن نساء البرلمان يجري استخدامهن لتزيين واجهات الأحزاب السياسية في البرلمان، فإنهن في أفضل الأحوال ضعيفات في الأداء السياسي، وتكون أصواتهن مجرد أصداء لقادة الأحزاب التي ينتمين إليها.
وحتى وقت قريب، كانت للمرأة وزارة من دون حقيبة في الحكومة العراقية، لكنها كانت أولى ضحايا التقشف الذي ضرب البلاد بفعل انهيار أسعار النفط، إذ جرى إلغاؤها، لعلم الجميع بأنها لا تمارس دورا يذكر.
وفي دليل صارخ على ثانوية ملف المرأة في أجندات الأحزاب العراقية، تخلو حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي من أي وزيرة امرأة. وباستثناء المرشحات اللائي عرضهن زعيم المشروع العربي خميس الخنجر، لشغل حقيبة التربية، التي ما زالت شاغرة حتى الآن بسبب الخلافات السياسية، لم يقدم أي حزب عراقي مرشحة امرأة لشغل حقيبة وزارية من حصته!!
السجال السياسي يضع قضايا المرأة العراقية في خانة المنسيات !!
بقلم : الديار ... 08.07.2019
*المصدر : العرب